نومان الحسيني

– يقول الراوي: نومان الحسيني، من بني حسين من الظفير، عاش في زمن حكم ابن عريعر ولم يرد من اسمه سوى اسمه الأول وقبيلته فقط واعتقد أنه لولا ذكره لاسمه بالقصائد التي نظمها لصعبت حتى معرفته نظرًا لطول الوقت فيما بيننا وبينه؛ إلّا أنه ذكر اسمه في إحدى قصائده حينما قال:

يا سابقي (1) ليلة قربنا للينه (2) = يا واهج بالصدر لو عنه تدرين
لو حط لك ذوب العسل ما تبينه = حيثك على حوض المنايا بتردين
حمرا (3) لنومان الحسيني ضنينه (4) = تسوى مطارد تالي النوم للعين
وأنا عليها دون ربعي رهينه = انطح شبا (5) المقبل وافك المخلين (6)
لعيون من يزهى وشامه جبينه = اللي هرج لي (7) ليلة الغزو ماشين (8)

– فقد ذكر اسمه وفرسه وامتدحها بأنها أغلى من النوم للعين. المهم أن نومان الحسيني كان من أقرب المقربين من ابن عريعر لما كان يتمتع به من صفات حميدة وأخلاق عالية وحديث جميل بالإضافة إلى فروسيته وشجاعته التي اشتهر بها، فأحبه ابن عريعر وقربه وأغدق عليه الهدايا وخصه بالجلوس بجواره.
– وكان هناك من ضمن حاشية ابن عريعر أناس يحسدون نومان ويستكثرون تقريب الأمير له، فكانوا يكثرون الكلام عنه ويصفونه بصفات ليست به لكي يبعده الأمير؛ ولكن دون جدوى، فقد كان الأمير يعرفه جيدًا. وفي ذات مرة وقعت حرب، أبلى فيها نومان الحسيني بلاء حسنًا أعجب الأمير وأخذ الأمير يمتدحه وهو غائب فقال الحساد أن الفعل الذي فعله نومان ليس شجاعة منه بل أن الفرس حشور ترمي به غصبًا على الأعداء!
– سكت ابن عريعر حتى حضر نومان فقال له أنهم يقولون أن فعلك ليس شجاعة منك يا نومان إنما لأن فرسك “حشور” ترمي بك على الأعداء فالفعل لها وليس لك. كان يقول هذا الكلام وهم جالسون، ضحك نومان لمقولتهم واستسمح الأمير ثم أنشد يقول:

قالوا حشور وقلت سووا سواتي (9) = ارخولهن (10) يا كاربين المصاريع (11)
قلايعي (12) عشر وهن مقفياتي = بالنافعي (13) قطعت روس المداريع
واليا رضى مضنون عيني شفاتي (14) = نازوع (15) للشردان (16) ضرابة الريع (17)

– فلما فرغ من شعره سكت حساده وأمر له ابن عريعر بهدية جزلة جزاء لشعره وفروسيته.
...........................................................................

(1) السابق : هي الفرس التي تسبق الخيل .
(2) لينة : موقع في شمال السعودية ..
(3) حمرا : لون الفرس .
(4) ضنينه : حبيبة … عزيزة ..
(5) انطح شبا : أواجه وجه .
(6) افك المخلين : انتصر لمن خلوه جماعته .
(7) هرج لي : حكى لي ..
(8) ليلة الغزو ماشين : ليلة رحيل الغزاة ويقصد حبيبته أو زوجته .
(9) سووا سواتي : افعلوا كفعلي .
(10) ارخو لهن : اتركوا العنان .
(11) كاربين المصاريع : كناية على الجبن في كرب العنان للفرس .
(12) القلايع : الكسب الذي يقلع أهله منه .
(13) النافعي : السيف .
(14) مضنون عيني شفاتي : يقصد ابن عريعر .
(15) نازوع : كأن تقول قهراً أو تباً وخلاصة معنى البيت إذا رضي ابن عريعر فليذهب الآخرون للجحيم .
(16) الشردان : الجبناء كناية عن الهرب .
(17) ضرابة اريع : يهربون إلى الجبال ليتخفوا بها

منقول: ايمن حردان برهان