نقول يبدأ تاريخ ربيعة الحديثة بنـزول جدهم مخزوم بن عامر الشيباني البطائح حيث أقطعه الخليفة العباسي الناصر لدين الله البطائح من حدود نهر صالح إلى نهر الدير وذلك لأنه ساعده في حربه لأولاد شمله في عربستان وكان سنداً لجيشهِ الذي بعثهُ بقيادة وزيره مؤيد الدين ولما بعث الخليفة الناصر عساكره مع أبني ولده علي وهما الحسن المؤيد لدين الله والحسين الموفق بالله فوصلا عربستان في 2 محرم عام 613هـ وعزل عنها ياقوت فعاد الحسن المؤيد لدين الله مع الوزير إلى بغداد في شهر ربيع الأول وأقام الحسين الموفق بالله ملكاً على عربستان فأقطع الحسين بأمر من الخليفة الناصر البطائح من حدود نهر صالح إلى نهر الدير لمخزوم بن عامر الشيباني فسكن منطقة التيمار على نهر عنتر فعمرها وظل بعد الناصر مع الخلفاء العباسيين وحكم المنطقة هو وأبنائه إلى عهد الأمير صالح بن ولي الله الذي قتل في حرب ربيعة مع طي فضعف سلطان ربيعة وانحسر نفوذها إلى البصرة .
وكانت إلى الشمال منها في البطائح أيضا إمارة أخرى وهي إمارة عبادة ومركزها على شط الأخضر وبالتحديد كان مقر الإمارة إلى الشرق من مدينة الشطرة الحالية .. والأمراء فيها هم أعقاب أمير عبادة قبان بن مقبل الذي نزح من منطقة حديثة حيث مقر إمارة آبائه بنو مهارش بن المجلى ونزل بقومه في البطائح وكانت في المنطقة بعض عشائر عبادة فأقام إمارته هناك في حدود سنة 750هــ .
وفي تلك الفترة نزحت بعض عشائر تغلب من الجزيرة الفراتية إلى البطائح فأسسوا إمارات قبلية هناك .. ويبدوا أن اتساع نفوذ إمارة ربيعة في البصرة هو الذي دعا القبائل الربعية إلى التوافد على المنطقة ، وكان من ضمن من دخل المنطقة أعقاب عبيد الله بن نصر التغلبي وهو جد بعض العشائر الربعية المعاصرة ، وبعض بني حمدان، وجماعات من بني عتاب، ومعهم بيوت من أخوتهم من بني عتبة بن سعد، فسكنوا في المنطقة بين واسط والمذار والاحواز إلى جنب إخوانهم من بكر بن وائل ، ومن أمرائهم الذي عاصر قيام إمارة عبادة في المنطقة الأمير علي بن صباح بن راشد التغلبي إلى الشمال من واسط القديمة .
فكانت الإمارات الربعية تحيط بإمارة عبادة من ثلاث جهات فمن الجنوب الإمارة البكرية القديمة وهم أسلاف قبيلة مياح ، ومن الشرق والشمال إمارة علي بن صباح التغلبي .
وفي مطلع القرن الثامن الهجري ضعفت الإمارة البكرية وانحسر نفوذها إلى البصرة تلاها انحسار الإمارة التغلبية من الشرق نحو شمال واسط القديمة حيث يحكم علي بن صباح التغلبي فقام بستقطاب كل العشائر الربيعة بعد ضعف الإمارات الأخرى .
وكان أمير البطائح في حدود سنة 800هـــ هو الأمير مكن بن مصعب العبادي، وأمير ربيعة في عهده علي بن سلطان بن حبيب بن علي بن صباح التغلبي فحصل نزاع بين الأمارتين على النفوذ .. انتهى أخيرا إلى الصدام بين القبيلتين وكانت معركة شديدة انكسرت فيها ربيعة وقتل فيها جمع من فرسانهم .
أما علي بن سلطان فانه تحمل هو وقومه عن البلاد ورجعوا إلى حيث كانوا في الجزيرة الفراتية فاجتمعت ربيعة وسارت قاصدة البطائح وكانت لهم أيام مع قبيلة عبادة في كر وفر إلى أن تآمر بعض رجال الدولة العبادية على الأمير مكن بن مصعب العبادي واتصلوا بالأمير علي بن سلطان فاستعد بقومه . فاغتيل الأمير مكن وقامت ربيعة على عبادة فانكسرت عبادة وأقيم رجل اسمه حمادة من رجال البلاط العبادي وهو الذي تآمر على مكن فأقيم مقام مكن تابعا لعلي بن سلطان وهرب جعفر بن مكن مع أربعين صبيا من أبناء الأمراء والأعيان وبقي مدة يدربهم حتى كبروا وعاد ليثأر لأبيه وقتل حمادة ومن معه وأعاد سلطان أبيه فبقيت الإمارتين متجاورتين إلى أن قام العثمانيين بالقضاء على إمارة عبادة في أواسط القرن العاشر الهجري .
أما ربيعة فقد اتحدت قبائلها بفرعيها التغلبي والبكري تحت إمرة الأمير علي بن سلطان لتكون دعامة قوية لصد أي قوة تواجهها فكانت إمارة ربيعة الحديثة و تداخلت اغلب هذه القبائل فيما بينها فتجد بعض فروع هذه القبيلة ضمن تلك وكذا العكس وأصبح التشكيل الجديد والنظام الإداري للإمارة يتكون من قطب يمثله بيت الإمارة وثلاثة أجنحة وكالاتي :
1- الإمارة وهي قسمان :
أ‌- التغالبة وهم عشيرة الإمارة التي مركزها واسط وأميرهم هو أمير عموم ربيعة .
ب‌- البكريين وهم عشيرة الإمارة التي مركزها البصرة .
2- ثلث قريش وبني عمير واغلب عشائر هذا الثلث تغلبية من قريش تغلب وغيرها ومنهم بعض العشائر البكرية وعشائر أخرى متحالفة وليست من ربيعة أصلا .
3- ثلث آل سراي ويضم العشائر التغلبية برئاسة بيت كليب .
4- ثلث مياح ويضم العشائر البكرية برئاسة الشحمان .
أما القبائل الخارجة عن هذه الأثلاث فهي :
1- قبيلة العبودة وفي نسبهم قولان :
الأول : أنهم من عبد القيس .
الثاني : أنهم من بكر بن وائل ثم من بني عبودة بن مالك بن ثعلبة بن عامر بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
وهذا القول هو ما أثبته التحقيق ، وهذا لا يمنع وجود بعض الفروع منهم ترجع إلى عبد القيس دخلوا بالحلف مع إخوانهم من بكر بن وائل ، وعلى كل حال فهي قبيلة ربعية عريقة لها تأثيرها ومكانتها في البطائح ولكنها الأخرى كسابقتها لما انحسر نفوذ ربيعة عن الغراف وبعد استيلاء قبيلة المنتفق عليه أصبحت تعد من عشائر المنتفق وضمن ثلث الأجود . ومع ذلك ضلت متمسكة بانتسابها لربيعة. وتتمثل رئاستهم في بيت خيون .
2- قبيلة بني ركاب بطن من تغلب وهي من ابرز قبائل ربيعة إلا انه بعد انحسار نفوذ ربيعة عن الغراف واستيلاء المنتفق عليه أصبحت تعد من عشائر المنتفق وضمن ثلث الأجود . لكنها ضلت متمسكة بنسبها وتفتخر بانتسابها لربيعة . وتتمثل رئاستهم في آل حميدة .
3- قبيلة عتاب ، منهم في ذي قار كانوا سابقا في عداد آل حميد ضمن ثلث الأجود أيام إمارة المنتفق ، ومنهم في واسط وميسان كانوا سابقا في عداد إخوانهم آل سراي . أما اليوم فجميع عشائر عتاب يمثلون قبيلة واحدة وتحت رئاسة واحدة متمثلة بـ( البو رهن ) في ذيقار .
4_ قبيلة عتبة في الكوت والعزيزية والمدائن وبلدروز ....


بقلم غازي الشمري