نوفل الحمداني : في مسقط رأسي مدينة جبلة do.php?img=7339

في مسقط رأسي مدينة جبلة وزيارة سريعة لها متذكرا دوما ومرددا قصيدة كتبتها حين فارقتها منذ أكثر من اثني عشر عاما... مع الحبيب الشيخ عقيل الحمداني والحبيب ابو انور الحمداني في ضيافة اخي الحبيب ابو حيدر Khalid Hadi

ما تبقى ...هو القلب (1)
لغاباتها..
والتلال التي حضنتها
ونوح الأزقةِ ذات مساءٍ بعيدٍ...بعيدٍ
يلفلفها بالمطر...
لحلمِ صبيٍّ
يفتش في آخر البوح عن درب مدرسةٍ
أدمنته خطاه الصغيرة
عن كتبٍ
مزقتها شجاراتُ أصحابهِ حين وقت الخروج
عن موعدٍ يتلضّى بحرّ الظهيرات
عن شارعٍ للهوى وسط (حيّ المفاليس) (2)
يفتش عن صحبةٍ كبروا
أكلتهم أزقتها وهي تنمو
أو مزقتهم حروبٌ لتطعم أبناءها
تركوا غصةً ماتزالُ
وغابوا وراء الأهلّة
لنهرٍ يمدُّ جذور القرى بالحنين
وتغفو على جانبيه الحكايات مقهىً فمقهى
لعمرٍ..
على حلوهِ ..مرّهِ...
وجنونِ حكاياتهِ
نزلتْ دمعةٌ - رغم كرّ السنين – على خدّه
كان يصعدُ سيارة الشحن
يُصعِدُ أحلامه وهي تذبلُ
حكاياهُ..ممزوجةً بالدموع
تصاويرَ أصحابهِ الراحلين
وطعمَ ترابِ الأزقةِ في رئتيه
ضحكاتِ الصبايا اللواتي تربعنَ في القلب
أشياءه المستحيلة والممكنة..
ويربطها
والرحيل خيوطٌ تُلفُّ على جسدِ الأمكنة
كان يبكي بصمتٍ
حينما دقّ بوق الفراق,
ليرسمَ في خلدهِ وطنا مرهفاً
ونحيب..
إنّهُ وطنٌ من حنين
مزقت وجنتيه الحروب
وغالت بقيةَ أقماره
حيتانُ جيرانهِ الآبقة
ياطالما عاش يحضنُ أخطاءَهُ واحداً واحداً
ويغض العيون له من هوىً
ياطالما من هواه إليهِ أراد الهروب..
***
هو القلبُ,
أيُّ المواويلِ تغني عن البوح
أيُّ المواويلِ تبدلُ سمرتَهُ
وانقباضَ حجيراتهِ كلّما ذكروه بهِ
كلّما لمّ أطراف أحزانه
همهمت فاخته
لتكسرَ أغصان صفصافهِ
وتحطمَ أسواره واحداً واحداً
-أيا جارتا لو تعلمين- (3)
هو القلب..
كيف يبدّلُ دقّاته
ويغني لربٍّ سواه
كيف يبدل أحزانه..والثواني الحميمة
ماكان..أو مايكون
هو القلب,
لن ينتمي لسواه
ودقّاته لن تخون
............................................
1- القصيدة كتبتها بعد اضطراري للمغادرة بسبب الأوضاع الأمنية من مسقط رأسي مدينة كوثا على بعد 55 كم شمال شرق الحلة وهي مدينة تضم آثار (كوثا الروابي) من العهد البابلي و(تل العقير) وهو من حقبة طور العبيد والتلال هي مواقع أثرية تحيط بها غابات من الأثل واليوكالبتوس والنخيل والزيتون وتنام المدينة الحالية بقربها على ضفاف نهر متفرعٍ من الفرات.
2- (حي المفاليس) أحد أحياءها ويعني حي الفقراء الذين لا مال لهم وفيه ولدت وترعرعت.
3- شطر بيت للشاعر العربي أبي فراس الحمداني.