عرض وتقديم : صباح البغدادي

عن دار الغمامة للنشر والتوزيع صدر حديثآ الطبعة الثانية من الكتاب الوثائقي (( ظاهرة الديمقراطائفية في العراق ـ تجليات عراقية )) للباحث والكاتب الصحفي السيد اّسر عبد الرحمن عباس الحيدري ... يتناول فيها الكاتب بإسهاب أهم الأحداث التي مرت بالعراق بعد سقوط بغداد سنة 2003 وما تخللها من رفع شعارات طائفية عنصرية ومذهبية فاسدة دخيلة ليس لها أي أساس أو وجود في تشيعنا العربي المحمدي الأصيل ودون خجل أو حياء أو حتى مراعاة لمشاعر الآخرين من المذاهب الأخرى وللمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث حيث كان الهدف من نشر وبث تلك * الشعارات الطائفية الزائفة , تمزيق وتفرقة فسيفساء وحدة الصف المتراص كالبنيان المرصوص للمجتمع العراقي والذي طالما أفتخر وعرف عنه طيلة القرون الماضية ... وما حمله الكتاب من تجليات عراقية في صميم المجتمع العراقي ومتاجرة الأحزاب (( الإسلامية )) الطائفية بكافة تنوعاتها وفصائلها وفروعها الإرهابية بصورة رخيصة ووقحة بمأساة وواقع الحال الذي يعيشه اليوم الشعب العراقي المغلوب على أمره , وهو يرزخ بين مطرقة الإحتلال وسندان ميليشيات الأحزاب الطائفية المتقاتلة فيما بينها على غنيمة العراق الدسمة وكراسي الحكم وخصوصآ في محافظات الجنوب العراقي , وما ترفعه هذه الأحزاب بين الحين والأخر من شعارات خرقاء هدفها تضليل المتلقي عن عمد والعبث بعقله وغسل أدمغتهم ومنها الموجهة بصورة مباشرة للقاعدة الجماهيرية التي يمثلها البسطاء والفقراء من عامة الناس والذين يرون في العمامة الشيطانية وصاحبها سبب رئيسي ومهم لدخولهم الجنة بدون حساب ولا حتى عتاب , فقط أن تعلن لملك الموت أنك من أتباع آل البيت ؟؟؟ حتى ولو كنت من أصحاب الموبقات والسوابق ومشهور بالجرائم التي ارتكبتها بحق الأسرى العراقيين في سجون ومعتقلات دولة الملالي الصفوية , هذا كله لا يهم ... ولك أن تتخيل أيها القارئ الكريم حجم المأساة التي يعيشها شعبنا العراقي اليوم من قبل هؤلاء تجار وسماسرة الدين والمذهب وحتى وصل بهم الأمر من وقاحة وصلافة بحيث يعتبرون أنفسهم وكلاء الله جل جلاله على الأرض , وإنما هم في حقيقة الأمر وكلاء الشيطان على الأرض , وحتى الشيطان نفسه أصبح يبرأ إلى الله عز وجل من هؤلاء المعممين الشواذ لكثرة جرائمهم وأعمالهم القبيحة الغير أخلاقية بحق الإنسانية والمجتمع ككل .....

تأتي في مقدمة الكتاب ـ التجلية العراقية ـ المهمة بقلم المؤلف السيد اّسر الحيدري حيث يذكر لنا فيها (( لقد قلنا ولا زلنا نقول , أن المجموعات الطائفية والمذهبية العنصرية , والمتسيدة الآن للمشهد العراقي , وبغفلة من الزمن الرديء , على أجزاء من ربوع عراقنا الجريح , لا يمكن لها أن تقيم مشروعآ حضاريآ لأبناء هذا البلد على مختلف مكوناتهم , فاقد الشيىء لا يعطيه , وحقيقة أن هذه المجموعات المشبوهة الطائفية , لا يوجد حوار بينها وبين الجماهير , وذلك لسبب بسيط وهي النظرة الإستعلائية لقيادات هذه المجموعات , لإتجاه صوت الجماهير (الديمقراطية) . فهذه المجموعات الطائفية وقيادتها , لا تؤمن ولا ترى في الديمقراطية إلا وسيلة من أحدى وسائل الوصول إلى السلطة , فمتى ما تمكنت من السلطة أطاحت برؤوس الجماهير ( الديمقراطية ) بكل سهولة ويسر وتحت شتى المسميات والحجج الواهية والفتاوى الجاهزة والمعلبة .

يقول الخميني الهالك , وهو الزعيم الروحي والعقائدي لهذه المجموعات الطائفية الإرهابية (( إن الراد علينا هو كالراد على الله !!! )) . إن ما يحدث الآن في العراق من تقتيل على الهوية والمذهب والطائفة , لهو أكبر دليل وبرهان على ظلم وجرائم هذه المجموعات الطائفية المتسيدة الآن وبغفلة من الزمن على أجزاء من ربوع العراق الجريح ... لقد ماتت العدالة إلى غير رجعة وأندثر العدل بين جنبات بيوتات أهل العراق , عندما تسيدت هذه الأحزاب (( الإسلامية )) الطائفية الأجنبية المشهد السياسي العراقي بفضل سياسة المحتل , لذا على العقلاء من أبناء هذا البلد الواحد الموحد بكافة مكوناته الإجتماعية وقومياته ودياناتهم المختلفة الإتحاد فيما بينهم , لأن في إتحادهم وعملهم فيما بينهم بكل أخلاص وجد هو الخلاص الأكيد من سطوة هذه الأحزاب الطائفية ((الإسلامية )) الإرهابية والقيام بكل جد وحزم لفضح مثل هؤلاء , وإلا أصبحنا أمثولة العالم الأولى , بحجم الدماء التي سوف تسيل والتي ما زالت هذه الدماء الزكية الطاهرة تسيل في الشوارع والأزقة لغرض أرضاء شهوة هؤلاء بكراسي الحكم وأدامتها على جماجم العراقيين ... قال الشاعر :

وإنما الناس بالملوك وما ... تصلح عرب ملوكها عجم

لا أدب عندهم ولا حسب ... ولا عهود لهم ولا ذمم

بكل أرض وطئتها أرجل العجم ... ترعى عبيد الله كأنهم غنم

وقد تضمن الكتاب الوثائقي كذلك في مقدمته ثلاث مقدمات مطولة مهمة جدآ لثلاث من أبرع الكتاب العراقيين الذين تناولوا تدخلات نظام ملالي قم وطهران في العراق قبل وبعد الغزو الأمريكي الإيراني الصفوي وسقوط بغداد ... فيكتب لنا الباحث والسياسي العراقي الدكتور محمد مكرم في مقدمته (( قد يسأل سائل عن واقع السياسة في العراق . كيف يتحالف الليكوديون الصهاينة مع الصفويين القوميين الفرس في العراق ؟؟؟ في الوقت الذي يتكلم فيه البيت الأبيض بلهجة متشددة اتجاه إيران يقابلها على الطرف الأخر أعلى درجات التشدد ... ما هو السر في متانة العلاقة بين الطرفين ؟؟؟ ينبغي أن ندرك أن تحالفات واشنطن مع غيرها من دول أو قوى إنما هي بالأساس تحالفات مصلحية نفعية أنية ضيقة أو تحالفات إستراتيجية لتحقيق أغراضآ معينة . فلا تشكل واشنطن تحالفات مع دول أو جماعات أو أحزاب من أجل سواد عيونها , بل هي تسعى وتصر من أجل تحقيق مصالحها السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية القريبة المدى والبعيدة ... فالتحالف هو بين من يسمون بالمحافظين الجدد داخل أورقة الحكومة الأمريكية وبين الصفويين القوميين الفرس المتحكمين الآن في بغداد ... الخ )) أما الكاتب والمحلل السياسي العراقي الأستاذ سمير عبيد فيكتب في مقدمته (( ستبقى إيران تنظر إلى العراق بعين الطامع وسيبقى التيار القومي الفارسي ينظر إلى العراق على أنه الحديقة الخلفية لإيران , وينظر كذلك إلى العربي في العراق على أنه غير مؤهل لقيادة البلد ... حيث يرى التيار الديني الراديكالي المحافظ , والذي يرى بمدينة النجف الأشرف العراقية مركزآ للإشعاع الديني الشيعي حول العالم والذي لا بد وأن يدار فقط من قبل المؤسسة الدينية الإيرانية الراديكالية المتطرفة , ولأجل هذا دعموا رجال الدين الإيرانيين ومن الجنس الفارسي الصفوي الساساني تحديدآ , لغرض الهيمنة المطلقة على الحوزة العلمية والمرجعية الشيعية في مدينة النجف الأشرف ... ونتيجة لهذا العمل الخبيث الواضح فقد تم تدمير التيار الشيعي العربي في العراق وحصلت بحقه الكثير من المكائد والدسائس الخبيثة والتي نالت من أرواح وعائلات العشرات من العلماء العرب العراقيين بالذات ..... في تصريح مهم للسيد أبو الحسن بني صدر رئيس الحكومة الإيرانية السباق وفي أحدى فقرات مذكراته ـ لقد تم طرد منافسي في الإنتخابات الإيرانية وذلك لأن أمه كانت من أصل أفغاني !!! ... لماذا لا يطبق هذا البند الآن في العراق أسوة بإيران ؟؟؟ !!! ... الـــخ )) أما الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ زاهر الجيزاني فيكتب في مقدمته (( يتعرض العراقيون الشيعة اليوم لأكبر عملية متاجرة سياسية بمشاعرهم الدينية , من قبل رجال الدين في محافظتي النجف وكربلاء وغيرها من مدن العراق , ممن يرتبطون بصورة مباشرة بالمصالح الوطنية القومية الفارسية الإيرانية , وليست بالمصالح الوطنية القومية العراقية , قبل ثمان سنوات كتبت مقالة مطولة حول القدر السيئ للعراقيين الشيعة العرب , الذين سقطوا بين نظامين إستبداديين . إستبداد نظام ملالي طهران , وإستبداد رجال الدين المعممين الذين تتجه مشاعرهم نحو إيران دائمآ , وليس نحو العراق ؟؟؟ . وهم لا يعبأون بالمصالح الوطنية العراقية إطلاقآ ... متى يدرك العراقيون الشيعة العرب أن عملية إقصائهم عن المشاركة في السلطة والثروة والأمان في وطنهم , سببه الرئيسي طاعتهم العمياء اللاشعورية للنداءات الخبيثة لرجال الدين المعممين الذين يأمرونهم دائمآ بالإنتحار السياسي . وللأسف أنهم يستجيبون وينتحرون ... لقد سرق الخط الإيراني الفارسي الصفوي مشاعر العراقيين الشيعة العرب , وتركوا علي والحسين وحيدآ , لقد أستبدلوا الإمام الحسين بالإمام القومي الفارسي الإيراني ... لذا يجب علينا أن نقوم بحملة توعية مكثفة , وأن يتضافر جهود المتنورين والمثقفين من كافة أطياف المجتمع العراقي لمساعدة هؤلاء البسطاء والضعفاء والمهملين , من العراقيين الشيعة , وتخليص هذا الجسم العراقي الكبير من فقدان ذاكرته , جراء عملية غسيل الدماغ الإيراني المستمرة لهم , فهذا الجسم الكبير من الشيعة العرب العراقيين مريض ومضطرب ومأزوم , وسيعكس أضطرابه على العراق كله دولة ونظامآ ووحدة وطنية وتنمية إقتصادية وبشرية مستدامة . فهم الركيزة الأساسية الأولى في أستقرار وأضطراب , بل في وجود أو لا وجود لدولة العراقية , أو العراق ... الـــخ )) ....



ويأتي هذا الكتاب المهم وما يحمله من ـ تجليات ـ في الشأن العراقي للباحث والصحفي الحيدري أبن البيئة الكربلائية العراقية الأصيلة المعروفة ليكشف لنا بكل وضوح وصراحة زيف وإدعاءات ما جلبته هذه التنظيمات الطائفية ((الإسلامية )) المشبوهة والعميلة منذ دخولها خلف بساطيل المحتل الغازي للتأجج الوضع الطائفي في العراق الدامي من قبيل أنشاء نظام الأقاليم والفدراليات الطائفية المذهبية العنصرية المقيتة وما نشاهده الآن من عملية غسل الأدمغة بإحترافية شيطانية غاية في الخباثة لغرض تهيئة الأرض لمثل تلك المشاريع المشبوهة , حقيقة أن الوضع العراقي المبهم للأخر الآن أصبح في قلب مراكز الأبحاث الإقليمية والدولية ويأتي هذا الكتاب اليوم لكي يسلط الأضواء ويكشف الخبايا عن ماهية الأحداث التي صنعت وأدت بالعراق إلى الوصول إلى ما هو عليه الآن من وضع مزري يغلف كافة جوانب الحياة بالنسبة للإنسان العراقي ... وقد تضمن كذلك الكتاب في صفحاته محاور مهمة تطرق لها السيد الحيدري ومن أهمها :

أولآ ـ لماذا بيت طارق عزيز بالذات دون غيره من المسؤولين العراقيين .

ثانيآ ـ الفعل الإيراني الصفوي في الجرح العراقي النازف .

ثالثآ ـ لعبة الإرهاب الميليشياوي السياسي في العراق .

رابعآ ـ أكذوبة الزرقاوي والمقاتلين العرب الأجانب ـ حيث يثبت أن لعبة الزرقاوي هي من البدع الإيرانية المبتكرة على الساحة العراقية .

خامسآ ـ الرسالة المهمة التي بعثها المؤلف السيد اّسر الحيدري إلى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش والتي تناول في رسالته حول حقيقة الوضع الطائفي في العراق وكيفية الخروج من هذا المأزق وإعادة العراق إلى ما كان عليه سابقآ حيث لا إرهاب ولا طائفية ولا إحتلال إيراني بواسطة أزلامها من جماعة أحزاب التشيع السياسي العراقي .

سادسآ ـ وكذلك رسالته المهمة إلى الشيعة العرب في العراق وكيفية التخلص من الهيمنة والتبعية الإيرانية الدينية والسياسية المزيفة والمغلفة بأكذوبة الدفاع عن شيعة أل البيت (ع) . والتي كانت على شكل أستفسارات وأجوبة عليها تدور دائمآ في مخيلة الشيعي العربي ...

وكذلك ندائه إلى أخيه العراقي والعربي للوقوف مع العراق وشعبه الجريح , وذلك من خلال :

1ـ السعي إلى إحياء عروبة ووطنية وعراقية قطاع واسع من الشعب العراقي , وأحدى الركائز المهمة للبيت العراقي , وهم الشيعة العرب .

2ـ العمل على إيجاد رابطة دينية ووطنية , وذات مرجعية عراقية صرفة , والعمل على فك إرتباطهم القسري مع المؤسسة الدينية الصفوية الإيرانية القومية .

3ـ تشكيل لجان فرعية لهذه الرابطة في كل مدينة ومحافظة من العراق وبالذات في الأقضية والنواحي والمدن في المحافظات الجنوبية ... الـــخ..... من النقاط المهمة والتي سوف نتطرق لها بصورة أكثر تفصيل في مقالاتنا القادمة .



توجد كذلك نسخة من هذا الكتاب في مكتبة الكونغرس الأمريكية العامة , وقد أطلعت عليه أحدى أهم دور النشر الأمريكية المعروفة وهي دار نشر (( dorrancepublishing )) لغرض ترجمته إلى اللغة الإنكليزية لما له من أهمية لرجل الشارع الأمريكي لشرح حقيقة واقع ومأساة الشعب العراقي الجريح والذي يحدث الآن في العراق ....


باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني

sabahalbaghdadi@maktoob.com

* هناك عدة وقائع وشواهد مهمة نقلت لي شخصيآ من معارف وأصدقاء رفعت فيها مثل تلك الشعارات الطائفية ناهيك عن العشرات من التصريحات التي تنطلق من فضائياتهم وصحفهم الصفراء الرخيصة ونشراتهم الدورية , حدث في أحدى التفجيرات التي طالت مناطق معينة في بغداد وأثناء نقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات أن قامت أحدى الميليشيات بدخول مستشفى بالأسلحة بالجهر بالقول علنآ أمام عامة الناس بقولهم (( يا لثارات الحسين من السنة )) وكذلك أثناء مهاجمة مدينة الفلوجة الباسلة من قبل قوى الإحتلال والمليشيات الإرهابية التابعة لفيلق بدر وحزب الدعوة وزمرة عصابة أحمد الجلبي وحزب الدعوة ـ تنظيم العراق , بحيث رفعت إعلام سوداء وخضراء على المركبات العسكرية مكتوب عليها (( يا أبا عبد الله الحسين )) و (( يا لثارات الحسين من النواصب السنة )) وصور بحجم كبير موضوعة على جانبي المركبة العسكرية وفي المقدمة أيضآ للشيخ علي السيستاني والشيخ القتيل محمد باقر الحكيم .... سوف نتطرق في المستقبل بالصور والوثائق لمثل تلك الشعارات الطائفية الرخيصة.