البردويل اول بناء زقوري في كربلاء do.php?img=7497

البردويل .. اول بناء زقوري في كربلاء

تقع قلعة او ملوية "البـردويل " شمال قضاء عـين التمـر القضاء التابع لمدينة كـربلاء المقدّسة، بالقـرب من مـرقد السـيد أحمد بن هاشم- علـى يمـين الشّارع العام- شفاثة–أحمد بن هاشم بنحو(6كلم)، بالقـرب من السّاحل الجاف لبحـيـرة الـرزّازة، والبـردويل من الآثار القديمة التـي يـرتقـي بناؤها إلـى الأزمان المسـيحـية الأولـى قبل الإسلام بزمن طويل، ويمكن اعتبار البـردويل أول بناء زقوري تمّ اكتشافه فـي كـربلاء. وبردويل كلمة سريانية تعني الرجل الطويل،لأن القلعة شيدت على شكل بناء عمودي طويل .

والبـردويل عبارة عن بـرج لولبـي يـرتفع عن الأرض المجاورة له أكثـر من(50م) خمسـين متـراً–علـى التقـريب. ويتألّف من بناء حلزونـي يلتف حول بـرج يبلغ قطـر قاعدته نحو (30م) –علـى وجه الاحتمال–ويبلغ عـرض مدرجه الحلزونـي ما يزيد علـى(1.5م) تقـريباً. ويتـربع فـي أعلـى البـرج بناء هندسـي غاية فـي الـروعة والإتقان، يتألّف من عدة حجـرات– تهدمت أغلبها بفعل عوامل التعـرية والإهمال، كما يتخلل البناء ردهات مسقوفة بطـريقة الأقواس حادة الزوايا، أو ما يعـرف بمصطلح(العقد المدبّب)والتـي تنفـرج سقوفه حتـى تتصل بالجدران. وحجـرات البـردويل صغـيـرة نسبـياً– وجدت أصلاً لحـياة الـرهبان والتعبّد. وبالتالـي فإنّ مساحة البناء تصلح تماماً لنزل راهب أو راهبـين نظـراً لصغـر مساحة البناء فـي أعلـى البـرج الذي شـيد بالآجـر والجص.

وينفـرد البـردويل بموقعه المنعزل علـى الحافة الغـربـية لبحـيـرة الـرزّازة–مما يوحـي بكونه لـيس أكثـر من ديـر تعبّدي يشـرف علـى الصحـراء التـي تتـرامـى دونه فتتـيح للـراهب مكاناً نموذجـياً للتأمّل والتعبّد والعزلة ومزاولة الـرياضـات الـروحـية؛ لذا نـرجح أن يكون البـردويل صومعة نصـرانـية، شأنُه فـي ذلك شأن عشـرات الأديـرة والصوامع التـي تمتد من الحـيـرة وحتـى الأنبار، غـربـي الفـرات مع حافة الصحـراء الغـربـية.

ومما يثبت ذلك إنّه شـيد فـي مكان منعزل، ولـيس هناك أثار للسكنى بالقـرب منه إلّا مواقع عسكـرية ربما شغلتها قوات المـرابطة السّاسانـية فـي غـرب الإمبـراطوريّة المتـرامـية فـي أزمان متفـرقة، كموقع الكسـرويّة الذي يقع علـى بعد(4كلم)جنوب البـردويل، ويعتقد أنّه موقع عسكـري ساسانـي كما أشارإلى ذلك الأستاذ عدنان المسعودي في كتابه أضواء على تاريخ كربلاء.

إن قلعة بردويل تعود إلى العصر المسيحي في القرن الخامس الميلادي، وكانت هذه القلعة تستخدم للمراقبة والحراسة تتقدم التجمعات السكنية المسيحية في هذه المنطقة مثل مجمع كنائس القصير وقصر شمعون.

وجاء في كتاب (عين التمر) للاستاذ طالب الشرقي قوله: «و(البردويل) بناء قائم على مرتفع، يتألف من صفين من الغرف.». وقال أيضا: «لم أجد لهذا الأثر ذكرا في كتب الآثار والبلدان التي وقفت عليها، وقد قيل إنه كان صومعة لعابد مسيحي قبل الاسلام، ويلاحظ أن شكله الحالي يشبه صوامع الرهبان».

وقد تعرضت معظم اجزاء هذه القلعة إلى عملية الهدم نتيجة الظروف المناخية وكذلك عدم الاهتمام بهذه المباني التاريخية، وإن ما تبقى من مبنى هذه القلعة وجود بعض القاعات المسقفة بأقبية مدببة الشكل شيدت على الطرازالمعماري الحيري الذي كان سائدا في تلك الحقبة الزمنية ويحيط بالقلعة سور متين.

الشيخ عقيل الحمداني