.
كيف نعلّم الصدق لأطفال ما قبل المدرسة


الكذب مرض خطيريمكن أن يصيب الأنسان منذ الطفولة و يضل مرافقاً له حتي نهاية عمره، ومن المؤسف عدم اللإهتمام الجدي بهذا الداء الخطيرالذي يخرب الدنيا والأخرة،ويقف حجرة عثرة أمام التقدم والبناء والشعور بالسعادةو الإطمئنان،إذا أصيب الطفل بحمي في ليلة، او أخذ يعطس كثيراً، الأم والأب و
الأسرة...الكل يتألمون، لكنهم إما لا يعيرون أهتمام يذكر لكذبة الطفل،او يشعرون بخطورة الكذب، بل و يتألمون إذا وجدوا الطفل يكذب لكنهم لا يبحثون
عن طرق معالجة ذلك، و إذا بحثوا فلا يجيدون المعالجة، لابد من البحث عن طرق و وسائل لزرع الصدق، وقلع جذرو الكذب، ومعالجة داء الكذب، و منذ الطفولة ففي المثل:
(التَّعلم في الصغر كالنقش في الحجر).
و في الانجليزية:
What is learnt young is hard to lose)).
اي: العلم في الصغر يصعب نسيانه.
و الصدق و أداء الأمانة سرّ بعثة الانبياء كما في الرواية عن الامام جعفر الصادق(عليه السلام) :
(ان الله لم يبعث نبياً الا بصدق الحديث و أداء الامانة الي البر و الفاجر) (1).
فمن القيم التي يتحم علينا تعليمها للأطفال و في مختلف الأعمار هو الصدق
ولزرع و ترسيخ هذه القيمة علينا أن:
1- الإلتزام بالصدق مع الأطفال فبهذا نكون قد اثبتنا لهم امكانية تطبيق المبدأ
و حتمية الإلتزام به فالإجابة علي أسئلتهم المعقولة بصدق و صراحة يؤكد لهم
مدي تمسكنا بهذه القيمة، و يقدم لهم القدوة العلمية الميدانية الملموسة، و الناس و الأطفال جبلوا علي الإقتداء والتأسي، و في الحديث عن الامام جعفر الصادق
(عليه السلام ) :
( كونوا دعاة الناس بالخير،بغير ألسنتكم) (2) .
2- توضيح أو شرح الأسباب التي تدعنا الي عدم الإجابة علي أسئلتهم الخارجة
عن نطاق المقعول بكل أمانة و بساطة.
3- إتخاذ الحذر من السماع أي كذبة منّا صغيرة و بسيطة،قال عزوجل:
( لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) (3).
4- عدم المبالغة و التهديد بإداء شيء لا ننوي فعله.
5- تشجيعهم علي الصدق و السعي لضبطهم متلبسين بالصدق و مدحهم.
6- عدم السعي لضبطهم متلبسين بالكذب فعندما نشعر بأن احد أطفالنا بدأ يكذب
علينا ان نقاطعه في الكلام و نذكره ان الحقيقة هو المهم و بعد ذلك نمسح له بالكلام.
7- أن نوضح للأطفال عواقب الصدق و الكذب من قصص الحياة الواقعية. و خصوصاً النتائج الإيجابية للصدق اثاره مثل الثقة بالنفس وإحترام الذات.
وهناك طرق التعليم الصدق للأطفال في سن ما قبل المدرسة منها:
لعبة التعليم بالأمثلة
فهي تساعد الأطفال علي فهم المصطلحات والمفاهيم.
لابد أن تكون طريقة التعليم مناسبة مع السن ، فلكل فئة عمرية طريقة تناسب ذلك السن ، وطريقة لعبة التعليم بالأمثلة تعتبر من الطرق الناجحة المجربة
لزرع وتأصيل مفاهيم كالصدق في أطفال ما قبل المدرسة ، لأنها من الطرق
المبرمجة في شكل لعبة يشترك ويتواصل فيها الطرفان في إستكشاف القيم ونتائجها الإيجابية ، ومايرتبط بتلك القيم ، وبكل بساطة وسلاسة .
ماهي لعبة التعليم بالأمثلة
بإختصار في هذه الطريقة :
نسأل الطفل عن حقائق ملموسة وبسيطة ومسلمة ،أونطلب منه الإجابة بالصح
إنْ كان صحيحاً ، وبغيرصحيح إنْ كان خطأً.
مثلا نقول له :
السماء خضراء اللون!
ثم نسأل الطفل:
هل هذا صحيح؟
سيجيب الطفل: لا...
هل صدق من قال ان السماء خضراء اللون؟
سيقول الطفل: لا...
أو نقول للطفل:
إننا نمشي علي أيدينا!
هل هذا صحيح؟
سيقول الطفل: لا...
هل صدق من قال إننا نمشي علي أيدينا؟
سيجيب الطفل:لا...
أو نقول للطفل في هذه الفئة العمرية:
إننا نري بأذننا؟
هل هذا صحيح؟
سيجب الطفل:لا...
هل صدق من قال إننا نري بأذننا ؟
سيقول الطفل:لا...
و إضافة الفكاهة و الدعابة و المرح الي هذه الاسئلة تزيد فاعلية و تأثير هذه الطريقة في تعليم الصدق، مثلاً نقول:
النملة يمكن ان تحمل فيلاً و بيد واحدة؟
هل هذا صحيح؟
سيضحك الطفل مجيباً؟
لا...
هل صدق من قال ان النملة يمكن ان تحمل فيلاً و بيد واحدة؟
سيجيب الطفل:لا...
بعد ذلك نخاطب الطفل قائلين:
إذن انت تعرف فرق بين الصحيح و غير الصحيح و لكنك هل تعرف إن الصحيح هو الصدق و الخطأ هو الكذب و من ثم تفضيل الصدق علي الكذب.
هذا و إن الأطفال ما قبل المدرسة يكررون التصرفات التي يتبعها أو يترتب
عليها الإهتمام من قبل الوالدين سواء كان هذا الإهتمام سلبياً أو ايجابياً فعلية
يتحتّم علينا أن نمدحهم علي الصدق و خاصة في مجال الإعتراف بالخطأ من قبل الطفل و تقليل الإهتمام به عندما يكذب بل لا نجعله يعرف اننا قد عرفناه
و السرور بصدقهم (4) ، و علي هذا الطريق في الرواية:
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال:
قال رسول الله ( صلي الله عليه وآله و سلم):
رحم الله منْ أعان ولده علي بره
قال: قلت: كيف يعينه علي بره؟
قال: يقبل ميسوره. و يتجاوز عن معسوره. ولا يرهقه. ولا يخرق به(5).
المصادر :
(1) بحار الأنوار- الجزء(70) – الصفحة( 116).
(2) اصول الكافي- الجزء(2)- (104).
(3) سورةهود-الاية15.
(4) كتاب :
- كيف تعلمون أطفالكم مكارم الأخلاق- ليندا وريتشارد اير- ص ( 33-34 ) بتصرف .

- مختصر الطفل بين الوراثة والتربية – الشيخ محمد تقي الفلسفي ( ر) – ص ( 171) بتصرف
(5) الكافي- الجزء(6)-(50)
.