كارثة الانتحار
قد أخبرت الصحف عن حالات الانتحار في مدينتين من بلد إسلامي، إحداها ثلاثمائة والأخرى سبعمائة حالة انتحار في سنة واحدة، وفي مدينة ثالثة من ذلك البلد ألف انتحار في عام واحد، كما سمعت في مدينتي[1] بانتحارات عديدة وبكيفيات مختلفة.
فما هي أسباب هذه الكارثة؟
وهذا أمر مهول ليس له سابق عهد في البلاد الإسلامية، وإني لا أتذكر حتى انتحاراً واحداً حدث خلال عشرات السنين، يوم كنا في العراق.
والانتحار من أشد المحرمات وقد قال سبحانه: ((ولا تقتلوا أنفسكم))[2]؟

الانتحار لدى الأطفال والشباب
قد ازدادت حالات الانتحار في العالم حتى بين الأطفال كما ورد في التقارير:
في بريطانيا
قالت: (مجموعة الأطباء والمرضى) البريطانية: إن نسبة الانتحار بين أطفال بريطانيا ازداد بمقدار 80% ما بين عامي 1980و1992م.
كما يُقدم حوالي أربعة عشر شخصا من كل مائة ألف على الانتحار في بريطانيا.
في الكويت
وأشارت إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية الكويتية، إن معدل الانتحار في الكويت ارتفع منذ غزو الكويت، وأظهرت الإحصائية ارتفاع عدد حالات الانتحار من 27 حالة عام 1991م إلى 43 حالة عام 1992م و56 في العام الثاني ووصل العدد في عام 1997م إلى 51 حالة انتحار.
في الكيان الصهيوني
أعلنت وزارة الصحة في الكيان الصهيوني عن ارتفاع حالات الانتحار في صفوف الشباب الإسرائيلي، إذ بلغ عدد محاولات الانتحار المبلغ عنها عام 1991 (1204) محاولات، في حين وصل العدد في عام 1997 إلى (2000) محاولة.
وقررت الوزارة أن الانتحار هو سبب الموت الثاني من حيث الانتشار والترتيب في وسط الشباب الإسرائيلي التي تتراوح أعمارهم ما بين15 و24 عاماً.
في فرنسا
40ألف مراهق فرنسي يحاولون الانتحار سنوياً.
800 نفر من هؤلاء لاقوا حتفهم لحظة الانتحار.
23% من المراهقين الذين أقدموا على الانتحار بسبب الخلافات مع الأبوين.
في أمريكا
18526 حالة انتحار في أميركا في العام الواحد.
في الصين
أما في الصين فإن الانتحار أكثر شيوعاً بين النساء عنه بين الرجال في الصين
وفي دراسة قام بها باحثون أمريكيون وصينيون: إن الانتحار هو المسؤول عن أكبر عدد من الوفيات بين الشباب في الصين.
وقد أظهرت الإحصاءات أن عشرين بالمائة من عدد الوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والرابعة والثلاثين عاماً، يموتون منتحرين.
ووصلت النسبة إلى ثلاثة وثلاثين بالمائة بين نساء الريف من نفس الفئة العمرية.
ويذكر أن الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي يزيد فيها الانتحار بين النساء عنه بين الرجال.
وذكر الباحثون أن الانتحار أصبح يمثل مشكلة اجتماعية ضخمة في الصين.
وقال الباحثون: إن من الأسباب التي ساعدت على انتشار تلك الظاهرة عدم تجريم القوانين للانتحار، وغياب الرادع الديني، ونقص سبل الرعاية النفسية للفئات الأكثر انتحاراً، إضافة لسهولة الحصول على المبيدات السامة في المناطق الريفية.
أسباب الانتحار
ثم إن للانتحار أسباب، نشير إلى بعضها باختصار:
قلة الإيمان
الأول: نضوب المعنويات وعدم الخوف من الله سبحانه وعدم الإيمان بالمعاد، وقد كثر ذلك في المسلمين بصورة لم يسبق لها مثيل في بلادنا.
أما الإنسان المؤمن فهو بعيد عن الانتحار كل البعد، حيث يرى «الدنيا مزرعة الآخرة»[3]، وهو يتحلى بالصبر عند المشاكل، ويخاف يوم المعاد، وكله رجاء وأمل بالله عزوجل للفرج وتحول الأحوال.
قال تعالى: ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب))[4].
وقال سبحانه: ((الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون))[5].
وقال عزوجل: ((والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون))[6].
وعن الصادق (عليه السلام) قال: «ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده فيركع ركعتين فيدعو الله فيها أما سمعت الله يقول: ((واستعينوا بالصبر والصلاة))[7] »[8].
وقال الصادق (عليه السلام): «ما أنعم الله على عبد أجل من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره»[9].
وعن الصادق (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله): «من أكثر ذكر الله أحبه الله»[10].
وعن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «يا علي ما من دار فيها فرحة إلا تبعها مرحة، وما من هم إلا وله فرج إلا هم أهل النار، إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعا، وعليك بصنائع الخير فإنها تدفع مصارع السوء»[11].




يتبع