تدوين الحكايات

[المحقق وادي الحسني]

تدوين الحكايات

تدوين الحكايات
بقلم : وادي حمد الحسني
كنا سابقا نتملح ببعض النوادر التي حفظتها ذاكرة الآباء والأجداد عن القبائل العراقية الأصيلة متماهين مع أبطالها وما صنعوه من مأثر تمثل القيم العربية الأصيلة كالشجاعة والكرم والوفاء. وبمنطق تفرد به الحاذقون ممن صقلتهم التجارب كنا نستمع بشوق لتلك الحكايات والنوادر المشفوعة ببلاغة وايجاز يعرفه أبناء الريف بــ (الحسجه) وهي الالية أو الاسلوب الذي يستخدمه أبناء الريف في حواراتهم إذا ما أرادوا إيصال معنى معين بطريقة تلميحية بليغة. والمقصود بها استعمال التورية والتلميح لمعنى يبدو خارج السياق لكنه غي صميم الحوار ، وهذا الاسلوب يجعل المتلقي في حالة تيقظ وانتباه مستمرين وهو عامل مهم في رسوخ الحكاية واستقطابها .
لقد أسهمت تلك الحكايات الحاذقة في ترسيخ القيم الأصيلة إضافة إلى حفظ مواريث النسب وسلاسل الأجداد لأنها كثيرا ما تقترن ببعض الأسماء التي تحث الراوي أو المتلقي على الإطنان في الحديث عن الأسماء الواردة في الحكاية وعلاقتها بالقبيلة ومن يتصلون بها بشكل مباشر وهذا الأمر كان مدعاة للتفاخر فالعربي مجبول بطبعه على المفاخر بمآثر الأجداد . وقد بقيت هذه المرويات متداولة شفاها إلى عهد قريب محفوظة بشكل لا يرقى إليه الشك إلا في بعض المواطن التي يتخللها الخبر الأسطوري لكنه لا يقدح في متنها الأصيل الذي تدور حوله الحكاية أو سلسلة النسب خصوصاً وان العرب لهم باع طويل بالأسلوب الحكائي لان ثقافتهم التي درجوا عليها كانت شفاهية بامتياز.
ومن يتتبع كتب الأنساب يجد بان معظم النسابين اخذوا تلك الحكايات بنظر الاعتبار معتمدين بسردها وتدوينها على النابهين من القبيلة. ومثل هذا الأمر نجده عند عباس العزاوي وعند يعقوب سركيس وغيرهم من الباحثين الذين أسهمت كتاباتهم بتدوين المؤتلف والمختلف من الأنساب .لذلك نرى من الوفاء أن ندون تلك الحكايات التي ضاع معظمها في زحمة الحداثة وانتشار الوسائط الثقافية الحديثة.

المصدر: منتديات عراق الخير والمحبة - من قسم: منتدى المواضيع العامة