هل فعلآ ان الأنساب ظنية .؟
----------
مقولة جديدة أخذت تظهر على الساحة وبين بعض الاوساط يُرددها العوام وبعض المُنتسبين للعلم (!)
وهي مقولة لم يَعرفها السلف من أئمة أهل الحديث وأهل النسب قديماً ، لاسيما أنها مقولة تفتح الباب للتشكيك في أنساب العرب الصريحة وتُطيح بنسب من يُرددها ويُشيعها من حيث لا يدري ، ولهذا وجب صد هذه الفئة من الوالجين إلى عِلم الأنساب دون معرفة منهج أهل الصنعة في صيانة الأنساب وحمايتها .

ولمن يُروج لهذه العِبارة ( الأنساب ظنية ) !
نقول له : هل نسبك ظني وغير ثابت قطعاً ؟!!
لا أعلم عن ردة فعله وتعصبه لنسبه كيف سيكون .؟
نعم سوف يقول (نسبي ثابت قطعاً )
فلماذا تُروج لهذه العِبارة ولا تُطبقها على نفسك ونسبك ؟ ( فلماذا يكون الإنسان من المُطففين ؛ لا يحتج لغيره كما يحتج لنفسه ، ولا يقبل لنفسه ما يقبله لغيره )
أما أنساب الناس عنده ظنية غير مقطوع بها ونسبه هو الثابت والمقطوع به فقط ؟
ومن يُردد هذه العبارة لا يُطبقها على نسبه أبداً لأن من المُحال أن يطرح نسبه في دائرة ( الشك أو الظن) وإذا كان الظن مرجوحاً كان وهماً وتخميناً ولا يقصدون بـ ( الظن ) المفيد للعلم واليقين والذي ذكره الله عز وجل في وصف المؤمنين قائلاً : ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ويصف المؤمنين أيضاً : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) والظن هُنا بمعنى اليقين ، وأصحاب هذه العبارة (الأنساب ظنية ) لا يقصدون هذا المعنى ، لأنهم إذا قصدوا هذا المعنى فلا حاجة لهذه العبارة الماسخة أصلا ، وإنما أرادوا ( الظن المذموم ) وهو التردد في النسب وعدم القطع به ، فأنتبه .
فإن الأنساب تنقسم إلى :

1ـ نسب ثابت : وهو النسب الذي ثبت بالطُرق الشرعية .
2ـ نسب غير ثابت : وهو النسب الذي لم يثبت بالطُرق الشرعية .
3ـ نسب متوقف فيه : وهو النسب الذي توقف فيه أهل النسب لعدم ثبوته .

1ـ نسب ثابت : ساق أئمة الحديث والنسب أنساب كثيرة من الأعلام والقبائل ولم يتكلموا فيها لثبوتها وشهرتها ، قال ابن سعد في ترجمة عامر بن ربيعة بن مالك في ( الطبقات ) ( 3/359) : ( وهو صحيح النسب في وائل ) والأمثلة كثيرة جداً قديماً وفي هذا الزمان على الأنساب الثابتة في كتب الأنساب المشهورة ولا يسع المقام لذكرها .

2ـ نسب غير ثابت : تكلم العلماء في نسب ابن المارستانية " عبيد الله بن علي بن نصر بن حمزة بن علي ، أبوبكر بن أبي الفرج التيمي " قال ابن النجار في ( ذيل تاريخ بغداد ) ( 2/96 ) : ( ورأيت المشايخ الثقات من أصحاب الحديث وغيرهم ينكرون نسبه هذا ويقولون : إن أباه وأمه كانا يخدمان المرضى بالمارستان ، وكان أبوه مشهوراً بفُريج تصغير أبي الفرج عامياً لا يفهم شيئاً ، وأنه سئل عن نسبه فلم يعرفه وأنكر ذلك ، ثم إنه ادعى لأمه نسباً إلى قحطان ) وهذا مما يُبين لك أخي القارئ انعدام الشهرة العلمية لنسبه وتوفر الناقض والجرح المُفسر ، ذكر الخطيب البغدادي في ( تاريخه ) ( 7/ 80 ) عند ترجمة زيد بن رفاعة أبو الخير : ( سمعت القاضي أبا القاسم التنوخي ذكر زيد بن رفاعة ، فقال : أعرفه وكان يتولى العمالة لمحمد بن عمر العلوي على بعض النواحي ، ولم نعرفه بشيء من العلم ولا سماع الحديث ، وكان يذكر لنا أنه يذهب مذهب الفلاسفة ، قلت له : أكان هاشمياً ؟ قال : معاذ الله ما عرفناه بذلك قط ، أو كما قال ... ) فقد ذكر الخطيب البغدادي إنكار القاضي التنوخي هاشمية زيد بن رفاعة وبَيّنَ عدم شهرته بهذا النسب المُحدث له ، حيث قال: ( معاذ الله ما عرفناه بذلك قط ) .

3ـ نسب متوقف فيه : قال الأزورقاني في ( الفخري ) ( ص 16 ) : ( لست أقبله ولا أنفيه ، فلو يسر الله لي اليقين عن أمره والتونس عن حاله أحكم عليه حينئذ بما يقتضيه الشرع والدين والاحتياط ) وقال أيضاً ( ص 104 ) : ( وكنت قبل أن رأيت نسبه في القند لا أعتقد نسبه ، ثم لما رأيت ذلك الكتاب توقفت فيه ... ) وقال في ( ص 155 ) : (وانتمى إلى ابنه من جهة الحسين بن يحيى السرخسيين ، ولا أحكم الساعة عليه بالنفي ولا بالإثبات ، وأنا من وراء البحث عن حاله ) وهذا من أمثلة التوقف في الأنساب عند أهل الصنعة .

غازي النفاشي