السؤال: الله نور السماوات والارض
((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ))(النور (24): 35) هل معناها أنّ الله منوّر السماوات والأرض بما خلق كالشمس؟
أو الله له نور غير الشمس، أي الله بذاته نور مظهر لكلّ شيء، ونوره مظهر للشمس، وغيرها؟
أو أنّ النور هو خلق أو أمر كالروح، والله غير النور؟
الجواب:

إنّ معنى النور هو ما يظهر به الأجسام الكثيفة للأبصار, فهو ظاهر لذاته ومظهرٌ لغيره؛ هذا هو النور المحسوس المعروف. فكأنّ النور بطبيعته يَظهَر بذاته ويُظهِر الأشياء الأخرى والتي كأنّها معدومة في ظلمتها، فإيجادها يعني إظهارها إلى الوجود بعد اعدامها في حوالك الظلمة.
هكذا هو الله تعالى؛ فإيجاده للموجودات بعد اعدامها كالنور الذي يوجد الأشياء بعد اعدامها في حوالك الظلمة.
فالله تعالى موجودٌ بذاته، موجد لكلّ ممكن.
فالتمثيل بالنور من هذه الجهة, وليس من جهة بيان معنى نورانية الله تعالى, تعالى الله عن كلّ مثل، وعن كلّ شيء، وعن كلّ مخلوق, كيف نجعل الله تعالى كأحد مخلوقاته, فالنور هو مخلوق من قبله تعالى، فكيف يكون الخالق عين مخلوقاته؟ إذ بالإمكان إيجاد النور وإعدامه، والله تعالى لا تعترض عليه هذه الأحوال من الإيجاد والاعدم. فلا يحقّ ولا يجوز أن نقول: أنّ نور الشمس مثلاً أو نور القمر هو من نوره تعالى.
نعم، نقول على سبيل المجاز: من نوره، بمعنى إيجاده وخلقه، إذ بقدرته دلّ عليهما بعد ما كانا معدومين. على أنّ نور الله تعالى لا تدركه عقولنا ولا حواسّنا،ولا يمكن لأحد أن يبلغ كنه نوره, فنوره ذاته, وذاته محجوبة عن خلقه، فتعالى الله ربّنا أحسن الخالقين.