اشهر المتيمين :  قيس بن الملوح وليلى do.php?imgf=14559868

قيس بن الملوح وليلى



جُن بليلى ... وقد شغفها حب قيس !

إنه مجنون بني عامر الشاعر الذي قتله العشق.

قيل عنه ‘كان مجنونا يهوى ليلى بنت مهدي،وقد تربا معا مذ أن كانوا يربون الإبل معا ، حتى كبرا فحجبت عنه فأنشأ يقول:

تعلقت ليلى وهي ذاتُ ذؤابةٍ ولم يبدُ للأترابِ من ثديها حجمُ

صغيرين نرعى البَهم ياليت أننا إلى اليوم لم نكبر،ولم تكبر البهمُ

سبب عشق المحنون ليلى!

قالت: تشاغلتُ عنه ذات يوم بغيره، وجعلت تعرض عن حديثه ساعة، وتحدث غيره لتعرف مدى صدقة في حبه ؛ فإذا وجهه قد تغيّر وإذا لونه قد انتقع، وشق عليه فعلها، فأنشأت تقول:

كِلانا مُظهرٌ للناس بُغضا وكلٌ عند صاحبه مكينُ

تُبلغنا العيون بما أردنا وفي القلبين ثم هوى دفينُ

فما سمع ذلك حتى شهق شهقة شديدة، وأُغمي عليه، فمكث على ذلك ساعة، ونضحوا الماء على وجهه حتى أفاق ! وتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه حتى بلغ منه كل مبلغ!

وهكذا بلغ به العشق!

بلغ العشق من مجنون بني عامر أن أخرجه إلى الوسواس والهيمان،وذهاب العقل، وكثرة الهذيان، وهبوط الأودية وصعود الجبال، والوطء على العوسج،وحرارة الرمال ، وتمزيق الثياب ، واللعب بالتراب ، والرمى بالأحجار ، والتفرد بالصحارى، والاستيحاش من الناس، والاستئناس بالوحش، حتى كان لا يعقل عقلا، فإذا ذكرت له ليلى ثاب إلى عقله، وأفاق من غشيته، وتجلت عنه غمرته، وحدثهم عنها أصح الرجال عقلا، وأخلصهم ذهنا، لا ينكرون من حديثه شيئا، فإذا قطع ذكرها رجع إلى وسواسه وهذيانه، وتماديه في ذهاب عقله0

حكي عنه في أول ابتداء وسواسه أنه قيل لأبيه : لو أخرجت قيسا أيام الموسم، وأمرته أن يتعلق بأستار الكعبة، ويقول اللهم أرحني من حب ليلي) ، لعل الله كان يريحه من ذلك ففعل، فلما طاف بالبيت تعلق بأستار الكعبة، و قال: اللهم زدني لليلى حبا إلي حبها ، وأرني وجهها في خيرٍ وعافية، فضربه أبوه فأنشأ يقول:

ذكرتك والحجيج له ضجيج بمكة والقلوب لها وجيب

فقلت ونحن في بلد حرام به لله أُخُلصت القلوب

أتوب إليك يا رحمن مما عملت فقد تظاهرت الذنوب

وأما من هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوب

وكيف وعندها قلبي رهين أتوب إليك منها وأنيب

وهام بعدها على وجهه في البرية مع الوحش، ولم يكن يأكل إلا ما ينبتُ في البرية من بقل، ولا يشرب إلا مع الظباء إذا وردت مناهلها، وطال شعره وألفته الظباء والوحوش فكانت لا تنفر منه.

وجعل يهيم حتى بلغ حدود الشام، وكان كل مرة يعود فيها لعقله يسأل الناس عن طريق نجد..ومن ثم يضل وهكذا..وقد سأله أحد المارة يوما عن سبب وصوله لهذا الحال فبكى المجنون ثم قال:

كان القلب ليلة قيل يُغدى بليلى العامرية أو يراحُ

قطاة عزها شرك فباتت تجاذبه. وقد علِق الجناح

إن قصة قيس بن الملوح هي قصة المتيم المكبول الذي يقضي دهره أسيرا لهوى واحد إلى أن يصاب بالجنون !

وهكذا عاش المحبان على أمل اللقاء