تمصير مدينة الحلة do.php?img=9981

د. عبد الرضا عوض
كثر الاستفسارعن كيفية نشوء مدينة الحلة ، وفي هذه المناسبة نقول: انها مصرت في أوائل شهر محرم عام 495هـ/1101م ، والتمصير يعني اكمال مستلزمات المدينة من(مدرسة وجامع وتنظيم الحياة العامة) فالحلة كانت مأهولة قبل هذا التاريخ ، فمنذ (943) سنة هجرية يقابلها (919) سنة ميلادية بتمامها وكمالها كانت عاصمة الإمارة المزيدية في أرض النيل شرق مدينة الحلة حالياً ، واشتد الخلاف بين الأمير المزيدي الخامس سيف الدولة صدقة بن منصور الاسدي مع السلطان بركيارق بن ملكشاه السلجوقي ، في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله (ت512هـ) ، فأرسل له خيراً مفاده: ((لقد تخلّف عندك لخزانة السلطان ألف ألف دينار وكذا ديناراً لسنين كثيرة فإن أرسلتها وإلا سيرنا العساكر إلى بلادك وأخذناها منك)) ، فامتنع صدقة من تسديد رسوم بذمة إمارته الى السلاجقة فأرسل الوزير (أبو المحاسن عبد الجليل الدهستاني (ت495هـ)) مندوباً عنه هو الأمير(أياز) الى الأمير صدقة في النيل يطالبه بالمبلغ، واشتد الجدال بينهما وخرج صدقة من الخيمة التي دار فيها الكلام وأمر معيته بقطع أطناب الخيمة على رأس الأمير (اياز) ومن معه فسقطت الخيمة على من كان حاضراً ، وغادر القوم النيل فأرسل الأمير اياز شعراً الى الأمير صدقة،فيه تهديد ووعيد واضح ، إذ قال:
(لا ضربت لي بالعراق خيمة*** ولا علت انامــــــــــــلي على قلم)
(ان لم أقدها من بلاد فارسٍ*** شعث النواصي تحتها سود العمم)
(حتى ترى لي في الفرات وقعة ***يشرب منها الماء ممزوجاً بدم)

فلما وصلت الأبيات الى الأمير صدقة علم ان السلاجقة سيشنون حرباً كاسحة ضده ، فقرر في أوائل شهر محرم عام 495 للهجرة النبوية الشريفة الانتقال بجيشه ومعيته من أرض النيل ليعبر فرات الحلة وليكون النهر مانعاً لمن يريد الهجوم عليه وحط رحاله في أرض الجامعين التي كانت تحت ولاية ابن عمه شبيب بن حماد الأسدي ليسجل التاريخ حدثاً مهماً ويؤرخه لتمصير الحلة الفيحاء ، وتجدر الإشارة الى أن الحرب لم تجرِ ، ولم يصب الأمير صدقة بسوء بسبب مقتل الوزير الدهستاني في أصفهان في شهر صفر 495هـ ، ولذلك تطورت الحلة وبنيت فيها المساكن وأماكن الدرس وأُطلق عليها تمييزاً (السيفية) نسبة لسيف الدولة الأمير صدقة بن منصور و(المزيدية) نسبة لآل مزيد الأسديين، وغدت الحلة من أشهر وأجمل مدن الدنيا . — ‏في ‏الحله شارع الجمعيه‏.‏