[align=justify]
نقد كتاب اللباب في تسلية المصاب
الكتاب تأليف أبو الحسن علي بن أيوب بن منصور المقدسي
وموضوع الكتاب هو الصبر على المصائب وتسلية أصحابها وفيه قال :
" فإن في الصبر على المصائب والبلايا والمحن والرزايا ما يعقب الأجر ويشرح الصدر وفي الجزع والتسخط بالقضاء ما يحبط الأجر ويعظم الوزر وقد ابتلي الرب سبحانه عباد في هذه الدار بالسراء والضراء وفرض عليهم الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء؛ ليجزيهم بذلك في دار البقاء بما كان منهم في دار الفناء وهذه كلمات سطرتها ترغيبا في تسلية مصاب؛ لأشاركه في الثواب"
والكتاب عبارة عن ذكر لروايات فى الموضوع مع فقرات من كلام المؤلف وألان لتناولها:
"عن عبد الله بن مسعود عن النبي(ص) قال: من عزي مصابا فله مثل أجره "
معنى الرواية صحيح وهو أن صبر المصاب على المصيبة بعشر حسنات مثل لأجر معزيه وهو من واساه فى المصيبة لقوله تعالى : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
"وعن أبي برزة عن النبي(ص) قال: من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة رواهما الترمذي وغيره"
"وعن عمرو بن حزم عن النبي(ص) قال: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة إسناده حسن رواه ابن ماجه"
والخطأ المشترك بين الروايتين كسوة المعزى يوم القيامة بحلل الكرامة أوبردا وحده ويتعارض هذا مع كسوة الله كل المسلمين بالسندس والإستبرق يوم القيامة وليس المعزى وحده وليس بما يسمى حلل الكرامة التى لا ذكر لها فى القرآن وفى هذا قال تعالى "عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق "و"وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " .
وقد عرف المقدسى التعزية فقال:
"واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة؛ فإنها أمر بمعروف ومعاونة على البر والتقوى والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "
وفى الفصل الأول ذكر آيات من القرآن فى الصبر فقال:
"الفصل الأول آيات في فضل الصبر:
قال الله تعالى: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"
وقال المفسرون: "يوفى كل عامل أجر عمله بحساب إلا الصابرين فإنهم يصب عليهم الأجر صبا بغير حساب"
وما فهمه المفسرون والذى نقله المقدسى خطأ فالصابرون هنا بمعنى المسلمين جميعا فلا يوجد مسلم إلا وهو صابر أى مطيع لله فى كل حال ولا يوجد مسلم يحاسب أى يعاقب لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ آمنون"
ثم ذكر الآيات التالية بلا تعليق فقال :
"وقال تعالى : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما
وقال تعالى: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم
وقال تعالى: وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور
وقال تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "

والمعنى العام للصبر فى القرآن هو طاعة أحكام الله وأما الصبر بالمعنى المعروف عند البشر وهو الصبر على الأضرار فقليلا ما ورد هذا المعنى كما فى أية سورة البقرة ومعناه طاعة حكم الله فى المصيبة وهى الضرر وهى تحمل الضرر مع الطاعة أيضا وقول ما يرضى الله ثم ذكر بعض الروايات فى الصبر فقال:
"الأحاديث الحاثة على الصبر:
"وقال (ص) والصبر ضياء وقال: الصبر نصف الإيمان و قال: واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا "
الخطأ أن الصبر نصف الإيمان ويخالف هذا أن الله لم يذكر شىء عن الإيمان بالصبر وإنما ذكر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والغيب كما أن الإيمان تصديق قلبى لقوله تعالى "ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم "بينما الصبر تصديق عملى بالأعمال والأقوال
"وقال (ص): وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر "
المعنى صحيح فليس هناك أعظم من طاعة حكم الله
"وفي صحيح مسلم عن صهيب قال: قال رسول الله (ص) عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "
المعنى صحيح وهو أن المسلم يطيع الله عند الخير وعند الضرر
"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) : ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة "

الخطأ فصر البلاء على الضرر هنا مع أنه يكون فى الخير والشر أى الضرر كما قال تعالى
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
"وقال : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب نوم ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط"
الخط ان عظم الجزاء مع عظم البلاء فأعظم الجزاء للمجاهد ومع هذا لو لو القاعد ابتلى بالضرر فى الولد والمال والأهل فصبر لن يبلغ منزلة المجاهد لقوله تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وفى الفصل الثانى ذكر روايات أخرى فقال:
"الفصل الثاني:
فيما يقوله من مات له ميت من الاسترجاع والحمد والشكر:
"في صحيح مسلم: عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله (ص) فأخلف الله تعالى لي خيرا منه؛ رسول الله (ص) "
"وفي سنن أبي داود عن أم سلمة أيضا زوج النبي(ص) قالت: قال رسول الله (ص) إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها وأبدل لي بها خيرا منها"
الخطأ أن دعاء الله عند المصيبة باخلاف خير منها مستجاب وهو أمر غير صحيح لأن هذا متوقف على مشيئة الله أى القضاء والقدر كما قال تعالى "بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء"

وهناك أمثلة فالله لم يعط نوح(ص)مثلا ولدا بعد ابنه الكافر الغارق ومثلا لم يعط محمد(ص) أولاد ذكور عاشوا حتى أصبحوا رجالا مع أن ولد ذكور ماتوا قبل بلوغ مبلغ الرجال كما قال تعالى " ما كان محمد أبا احد من رجالكم"
"وفي كتاب الترمذي وقال: إنه حديث حسن عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله (ص) قال: إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله سبحانه وتعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد "
الخطأ بناء بيت الحمد لوالد الميت وهو يخالف أن كل بيوت الجنة هى بيوت حمد لأن المسلمين كلهم يقولون فى الجنة كما فى قوله تعالى"الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذى أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب".
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة : أن رسول الله (ص) قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة"
معنى الرواية صحيح فالمؤمن المحتسب وهو الصابر جزائه الجنة
"وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد ما قال: أرسلت إحدى بنات النبي(ص) إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت فقال للرسول: ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولاه ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب وذكر تمام الحديث "

معنى الرواية هنا صحيح فالمطلوب من المسلمة هو الصبر أى طاعة حكم الله عند الأضرار
ثم ذكر روايات أخرى فقال:
"الفصل الثالث فصل في فضل من مات له أولاد صغار فصبر:
"عن أنس قال: قال رسول الله (ص) : ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحلم إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم "
"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) : لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم "
هذان الحديثان متفق عليهما وعن القسم قوله تعالى: وإن منكم إلا واردها والورود:هو العبور على الصراط وهو جسر منصوب على ظهر جهنم عافانا الله منها"
الخطأ خروج ناس من النار بعد دخولهم إياها وهو يخالف قوله تعالى "وما هم بخارجين من النار "وقوله "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم تكذبون "فهنا لا أحد يخرج من النار بعد دخوله لها كما أن المسلمين لا يدخلون النار لأنهم لا يصيبهم أى فزع يوم القيامة مصداق لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ آمنون "وقوله تعالى "لا يحزنهم الفزع الأكبر ".
والخطأ أن الصراط هو طريق الدخول للجنة أو النار بالسقوط من فوقه وهو يخالف أن الدخول يكون إما من أبواب الجنة أو النار مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين "و"وسيق الذين كفروا إلى جهنم إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها"
"وعن أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله (ص) ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما فنأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله قال: فائتين يوم كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن النبي(ص) فعلمهن مما علمه الله ثم قال: ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله (ص) : واثنين متفق على صحته"
الخطأ أن أولاد المرأة الذين يموتون وهم صغار يحمونها من النار فى الأخرة ويخالف هذا أن الأرحام والأولاد لا تنفع أحد يوم القيامة مصداق لقوله تعالى "لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة "
ثم ذكر فى الفصل الرابع النهى عن البكاء وغيره عند الموت فقالك
"الفصل الرابع:
في النهي عن البكاء جزعا وفي تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وتسخيمه بسواد أو رماد أو مداد وشق الجيب ونتف الشعر وحلقه أو نشره أو قطعه وعن الدعاء بالويل والثبور ودعوى الجاهلية
"في الصحيحين عن أنس قال مر النبي(ص) بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فلما ولى قيل لها: إنه رسول الله (ص) فأتت بابه فلم تجد عنده بوابين فقالت: يا رسول الله (ص) لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى"
ومعنى الرواية صحيح فتحمل الضرر يكون عند رؤيته أو سماعه أول مرة
"وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (ص) : الميت يعذب في قبره بما نيح عليه متفق عليه " وعن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة "

الخطأ المشترك تحمل الإنسان ثواب أو عقاب عمل غيره خاصة الميت وهو يخالف أن الإنسان ليس له إلا سعيه أى عمله وفى هذا قال تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى "كما أن لا أحد يأخذ ثواب أو عقاب أحد مصداق لقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى "
"وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص) : ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية متفق عليه أيضا
دعوى الجاهلية: مثل قوله: وإخلاه واكهفاه واعزاه ويا لقيس ويا لعامر ويا للمهاجرين ونحو ذلك"

معنى الرواية صحيح وهو حرمة ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية عند موت أحدهم
"وعن أبي بردة قال: وجع أبو موسى الأشعري ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت امرأته تصيح برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال: "أنا بريء من برئ منه رسول الله (ص) برئ من الصالقة والحالقة والشاقة" متفق عليه أيضا الصالقة: هي التي ترفع صوتها بالنياحة والندب والحالقة هي التي تحلق رأسها عند المصيبة والشاقة هي التي تشق ثوبها"
معنى الرواية صحيح وهو حرمة رفع الصوت بالنوح وحلق الشعر وشق الملابس سواء ظهرت العورة أم لا
"وعن أم عطية قالت "أخذ علينا رسول الله (ص) عند البيعة ألا تنوح" متفق عليه "
معنى الرواية صحيح وهو حرمة النوح
"وعن النعمان بن بشير ما: قال: أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته تبكي: واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي: أنت كذلك؟" رواه البخاري "
الخط أ فى الرواية هو سؤال غير المعروفين للمغمى عليه هل انت كما قالت وهو خبل لأن المغمى عليه يكون فاقد الوعى فلا يسمع شىء مطلقا
"وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله (ص) : النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب رواه مسلم "
الخطأ وجود الجرب كعقاب فى النار وهو ما يخالف عدم ذكر الله فى العقوبات الأخروية
"وقال : إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم متفق عليه"
الخطأ ان العذاب للمصيبة يكون بسبب اللسان وهو ما يناقض كونه بالقول والفعل مثل تحريم لطم الخدود وشق الملابس
"وعن أسيد بن أبي أسيد التابعي عن امرأة من المبايعات قالت: "كان فيما أخذ علينا رسول الله (ص) في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه: أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا ولا ننشر شعرا" رواه أبو داود بإسناد حسن"
معنى الرواية صحيح وهو حرمة جرح الوجه بخدشه بالأظافر والدعاء بالويل وشق الملابس وكشف الشعر
" وعن أبي موس لا يعذب بدمع العين ى أن رسول الله (ص) قال: ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: واجبلاه واسيداه ونحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه : أهكذا كنت؟ رواه الترمذي وقال: حديث حسن اللهز: الدفع بجمع اليد في الصدر"
الخطأ أن الملكان يعذبان وهو ما يخالف أن ملائكة العذاب كلهم 19 ملكا مصداق لقوله تعالى "عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة "وهو يناقض قولهم "إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب فى قبرها "رواه الترمذى فهنا العذاب ليس بسبب البكاء وفى القول سببه البكاء
"وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) : اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب والنياحة على الميت
والنياحة: رفع الصوت بالندب وكذا تعديد النادبة بصوتها محاسن الميت وقيل: هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه"

الخطأ هنا هو أن الناس مسلمين وكفار لا يتركون من أمر الجاهلية الطعن في النسب والنياحة على الميت وهو تخريف لأن الأمة لو لم تتركهم وغيرهم من المحرمات لن تكون أمة الإسلام وإنما أمة كافرة لإصرارها على عدم ترك المحرمات وقد وصف الله المسلمين بأنهم لا يصرون على فعل المحرمات فقال "ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ".
وبين المقدسى التالى:
"واجتمعت الأمة على تحريم النياحة وما ذكر معها عند المصيبة
والذي ينفع الميت قضاء دينه والترحم عليه والاستغفار والتصدق عنه وقضاء حقوق الله من حج وزكاة ونحوها ومما يلي عن الميت أيضا التأسي بالأكابر وكثرة من مات لهم ولم يجزعوا بل صبروا فأوجروا ورضوا وسلموا فرضي عنهم وسلموا من محبطات الأجور"

الخطأ هنا هو التصدق عن الموتى وهو ما يخالف أنه لا ينفع العمل الغير للإنسان لأن ليس له سوى عمله وهو سعيه كما قال تعالى "وان ليس للإنسان إلا ما سعى"
ثم ذكر المقدسى اخبارا كاذبة عن موت عشرات الأولاد لآباءهم فقال :
"فلقد مات في طاعون كان في زمن ابن الزبير في سنة تسع وستين من الهجرة ثلاثة أيام في كل يوم سبعون ألفا ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة فيه أربعون ابنا ومات فيه لأنس بن مالك ثلاثة وثمانون ابنا وقيل: ثمانية وسبعون ابنا فصبروا وشكروا وحمدوا واسترجعوا فسلموا وأجروا"
فرقم 40 لرجل ورقم 83و78 لرجل هو من ضمن الخبل فحتى لو كان كل واحد متزوج أربعة فلن ينجبوا هذا العدد خاصة أنهم كلهم بنين ولم يذكر البنات لو طبقوا حكم الله بسنة حمل وسنتين رضاعة فكل امرأة ستنجب حوالى عشرة
ثم ذكر الروايات التالية:
"وعن معاوية بن قرة بن إياس عن أبيه : أن النبي(ص) فقد بعض أصحابه فسأل عنه فقالوا: يا رسول الله (ص) بنيه الذي رأيته هلك فلقيه النبي(ص) فسأله عن بنية فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ثم قال: يا فلان أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لا تأتي غدا بابا من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي فلهو أحب إلي قال: فذاك رواه النسائي بإسناد حسن"
الخبل فى هو وجود الولد عند كل باب من أبواب الجنة لاستقبال والده وهو خبل فمن يدخل من باب لا يمكن أن يخرج ليدخل ثانية من باب أخر

" وفي الصحيحين عن أنس قال: كان ابن يشتكي لأبي طلحة فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت: أم سليم وهي أم الصبي: هو أسكن مما كان فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها فلما فرغ قالت: واروا الصبي فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله (ص) فأخبره فقال: أعرستم الليلة؟ قال: نعم قال: اللهم بارك لهما فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة أحمله حتى نأتي به النبي(ص) وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي(ص) فقال: أمعه شيء؟ قال: نعم تمرات فأخذها النبي(ص) فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في في الصبي ثم حنكه وسماه عبد الله"وفي رواية البخاري: قال ابن عيينة: فقال رجل من الأنصار: "فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن يعني من أولاد عبد الله المولود"
"وفي رواية لمسلم: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم فقالت: لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا قالت: فاحتسب ابنك قال: فغضب وقال تركتيني حتى تلطخت ثم أخبرتيني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله (ص) فأخبره بما كان فقال رسول الله (ص) : بارك الله لكما في غابر ليلتكما قال: فحملت" وذكر باقي الحديث"
الحكاية فى الروايتين الاستفادة منهما هى طاعة الله فى الضراء
"وعن جويرية بن أسماء عن عمه أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تستر فاستشهدوا فخرجت أمهم يوما إلى السوق لبعض شأنها فتلقاها رجل حضر تستر فعرفته فسألته عن أمر بنيها فقال: استشهدوا فقالت: مقبلين أو مدبرين؟ فقال: مقبلين فقالت: الحمد لله نالوا الفوز وحاطوا الذمار بنفسي هم وأبي وأمي الذمار: أهل الرجل وعشيرهم مما يحق عليه أن يحميهم؛ أي حفظوا ورعوا فحصلت لهم الشهادة"

المستفاد حمد الله على استشهاد الأولاد
" وعن ميمون بن مهران قال: عزى رجل عمر بن عبد العزيز علي ابنه عبد الملك فقال عمر: "الأمر الذي نزل بعبد الملك أمر كنا نعرفه فلما وقع لم نكرهه"
"وقام عمر بن عبد العزيز على قبر ابنه هذا فلما دفن قال: "رحمك الله يا بني قد كنت سارا مولودا وبارا ناشئا وما أحب أني دعوتك فأجبتني"
"وعن مسلمة قال: "لما مات عبد الملك بن عمر كشف أبوه عن وجهه وقال: رحمك الله يا بني لقد سررت بك يوم بشرت بك ولقد عمرت مسرورا بك وما أتت علي ساعة أنا فيها أسر من ساعتي هذه أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة"
هذه الحكايات عن ابن عمر بن عبد العزيز الذى يطلق عليه الراشد الخامس لم تقع لأن لا وجود له هو ودولة بنى أمية ولكن يمكن الاتعاظ بالكلمات فيها
"ومات ابن للشافعي فقال:وما الدهر إلا هكذا فاصطبر له رزية مال أو فراق حبيب وبلغ الشافعي أن عبد الرحمن بن مهدي مات ابن له فجزع عليه عبد الرحمن جزعا شديدا فبعث إليه الشافعي : يا أخي عز نفسك بما تعزي به غيرك واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك واعلم أن أمض المصائب فقد سرور وحرمان أجر فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ فتناول حظك يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبه وقد نأى عنك ألهمك الله عند المصائب صبرا وأحرز لنا ولك بالصبر أجرا وكتب إليه:
إني معزيك لا أني على ثقة
فما المعزى بباق بعد ميته
من الخلود ولكن سنة الدين
ولا المعزي ولو عاشا إلى حين"

هذه الحكاية الاستفادةن منها هى تعزية الأخرين والصبر عند المصيبة
"وكتب رجل إلى بعض إخوانه يعزيه بابنه: "أما بعد فإن الولد على والده ما عاش حزن وفتنة فإذا قدمه فصلاة ورحمة وهداية فلا تجزع على ما فاتك من حزنه وفتنته ولا تضيع ما عوضك الله عز وجل من صلاته ورحمته وهدايته "

أى كلمات تفيد المضرور تقال له حتى يتحمل الضرر
"وفي تعزية الخضر عليه السلام لبيت النبي(ص) وحين سمعوا الصوت ولم يروا الشخص وكانوا يرون أنه الخضر أبلغ تسلية وهي: "إن في الله عزاء من كل مصيبة و خلفا من كل فائت ودركا من كل هالك فبالله ثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب"
لا يوجد نبى اسمه الخضر ولا يمكن لأن يعيش لعصر النبى(ص) أو بعده لقوله تعالى " وما جعل لبشر من قبلك الخلد "
"ولله در قول بعض الأدباء الألباء: صبرا جميلا على ما فات من حدث والصبر أفضل شيء يستعان به فالصبر ينفع أقواما إذا صبروا على الزمان إذا ما مسك الضرر "
الأمر بالصبر نافع
"وعن أبي قدامة الشامي قال: كنت آمرا على الجيش في بعض الغزوات فدخلت بعض البلدان فدعوت الناس إلى الغزاة ورغبتهم في الجهاد وذكرت فضل الشهادة وما لأهلها ثم تفرق الناس وركبت فرسي وسرت إلى منزلي فإذا بامرأة من أحسن الناس تنادي: يا أبا قدامة فقلت: هذه مكيدة من الشيطان فمضيت ولم أجب فقالت: ما هكذا كان الصالحون فوقفت فجاءت ودفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية فنظرت في الرقعة فإذا فيها مكتوب: أنت دعوتنا إلى الجهاد ورغبتنا في الثواب ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما في وهما ضفيرتاي وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي فلما كان صبيحة القتال أخرجت الضفيرتين فقيدت بهما فرسي وباكرنا القتال فإذا بغلام بين يدي الصفوف يقاتل حاسرا فتقدمت إليه فقلت: يا فتى أنت غلام غر راجل ولا آمن أن تجول الخيل فتطأك بأرجلها فارجع عن موضعك هذا قال: أتأمرني بالرجوع وقد قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار وقرأ الآية إلى آخرها فحملته على هجين كان معي فقال: يا أبا قدامة اقرضني ثلاثة أسهم فقلت: هذا وقت قرض؟ فما زال يلح علي حتى قلت: بشرط إن من الله عليك بالشهادة أكون في شفاعتك قال: نعم فأعطيته ثلاثة أسهم فوضع سهما في قوسه وقال: السلام عليك فأنا قدامه ورمى به فقتل روميا ثم رمى بالآخر وقال: السلام عليك فأنا قدامه فقتل روميا ثم رمى بالآخر وقال: السلام عليك سلام مودع فجاءه سهم فوقع بين عينيه فوقع رأسه على قربوس سرجه فتقدمت إليه وقلت: لا تنسها فقال: نعم ولكن لي إليك حاجة إذا دخلت المدينة فائت والدتي وسلم خرجي إليها وأخبرها فهي التي أعطتك شعرها لتقيد به فرسك وسلم عليها فهي العام الأول أصيبت بوالدي وفي هذا العام بي ثم مات فحفرت له ودفنتهه فلما هممت بالإنصراف عن قبره قذفته الأرض فألقته على ظهرها فقال أصحابه: إنه غلام غر ولعله خرج بغير إذن أمه فقلت: إن الأرض لتقبل من هو شر من هذا فقمت فصليت ركعتين ودعوت الله عز وجل فسمعت صوتا يقول: يا أبا قدامة أترك ولي الله فما رحت حتى نزلت عليه طيور فأكلته فلم أتيت المدينة ذهبت إلى دار والدته فلما قرعت الباب خرجت أخته إلي فلما رأتني عادت وقالت: يا أماه هذا أبو قدامة وليس معه أخي وقد أصبنا العام الأول بأبي وفي هذا العام بأخي فخرجت أمه فقالت: أمعزيا أم مهنئا؟ فقلت: ما معنى هذا؟ فقالت: إن كان قد مات فعزني وإن كان استشهد فهنئني فقلت: لا بل مات شهيدا فقالت: له علامة فهل رأيتها؟ قلت: نعم لم تقبله الأرض ونزلت الطيور فأكلت لحمه وتركت عظامه فدفنتها فقالت: الحمد لله فسلمت إليها الخرج ففتحته فأخرجت منه مسحا وغلا من حديد وقالت: إنه كان إذا جنه الليل لبس هذا المسح وغل نفسه بهذا الغل وناجى مولاه وقال في مناجاته: "إلهي أحشرني من حواصل الطير" فاستجاب الله سبحانه دعاءه رحمنا الله وإياه
وفي ذكر الموت ونقص الأمل أعظم مصطبر ومزدجر وأحسن معتبر وأرجى مدخر"

هذه الحكاية من حكايات المصاطب لم تحدث وإنما هى من أجل ارضاء العامة فلا الضفائر تنفع والله لا يريد تعذيب العباد بتقييد الإنسان نفسه باعتبار ذلك عبادة بينما هو كفر
وحتم المقدسى الكتاب بآيات فى الموت وأن البقاء لله فقال :
"قال الله تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون
وقال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
"وقال تعالى لنبيه وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون
"وقال تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون"

وأنهى الكتاب بالرواية التالية:
"وقال : الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك "
الخطأ أن الجنة والنار أقرب للإنسان من شراك نعله وهو ما يعنى أنهما في الأرض وهو ما يخالف كونهما في السماء كما قال تعالى " وفى السماء رزقكم وما توعدون" فالموعود الجنة والنار وهما في السماء كما في قوله تعالى " علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى "
[/align]