شيء عن مشهد رد الشمس في الحلة do.php?img=10142
د. عبد الرضا عوض
مشهد رد الشمس من المواقع التاريخية الموغلة في القدم في مدينة الحلة، وقد ورد ذكرهُ في العديد من المصادر والمراجع التاريخية ،أما من الناحية الجغرافية فإنه يقع على بعد ألف متر من الحافة الغربية لشط الحلة ،التي تقابل في الموضع نفسه مشهد الجمجمة ومسجدها، وقد أصبح موقعه اليوم وسط مركز مدينة الحلة بعد أن كان يُعدُّ في الطرف الشمالي الغربي خارج المدينة قبل نصف قرن ، فهو له ذكر قبل قدوم الإمام علي سنة 37هـ ، وذكرت بعض المصادر ان اصل المكان بقايا معبد بابلي..
وخلاصة القول وفق الروايات المدونة في الكتب : أنه عندما رجع الإمام علي(ع) من حرب النهروان سنة37هـ ، أستشهد ولده (عمر) الذي جرح في المعركة ، الذي يطلق عليه العامة تسمية(عمران بن علي) في المكان الذي حط رحاله على أطراف مدينة بابل التاريخية وواراه في الموقع نفسه، بعدها أراد عبور نهر الفرات(شط الحلة) من ذلك المكان فصلى صلاة الظهر فألتفت فإذا بجمجمة جلندي بن كركرة خرجت من بين الركام فنظر إليها وكلمها وأطال الحديث معها ، ففاتت صلاة العصر وقربت الشمس من المغيب وعبر النهر وحط رحاله في موقع رد الشمس الحالي فأومأ إليها فتوقفت في مكانها إلى أن أدى صلاة العصر،عندها نزلت الشمس وغابت.
وتذكر الوقائع التاريخية أن الشمس ردت في عالمنا هذا مرتين إلى الإمام علي (ع) أحداها في المدينة المنورة عندما ردت الشمس إلى علي بن أبي طالب(ع) في عهد الرسول محمد (ص)، وقد روتها أسماء بنت عميس وأم سلمة زوجا النبي وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري في جماعة من الصحابة وفي ذلك يقول السيد الحميريفي قصيدة مطلعها: (ردت عليه الشمس لمـا فــــاته *** وقت الصــلاة وقد دنت للمـغرب)
وقد أورد الهروي(ت611هـ) ما نصه: ( مدينة الحلة بها مشهد رد الشمس، يقـال ردت الشمس لحزقيل النبي(ع) ويقال لـ يوشع بن نون(ع) وقيل لـ علي بن أبي طالب عليه السلام وبها الجامعان ومشهد الإمام(ع).
في هذا المكان استقر الشاه اسماعيل الصفوي(ت930هـ) عند زيارته العراق سنة 914هـ واتخذه مقرا لإقامته في العراق ، وذكر الطهراني : (( إن متولي هذا مسجد رد الشمس سنة 1086هـ/1675م هو الشيخ عبد الله بن الشيخ حمزة بن الشيخ محمود الطريحي النجفي الحلي قد نسخ كتاب (جوابات المدنيات الأولى ) في مسجد " رد الشمس " بالحلة)) واقام به سادناً الشيخ حسن مصبح الحلي(ت1899م) ردحا من الزمن ، والتقى وجهاء الحلة يتقدمهم السيد محمد علي القزويني والوسيط (المزدوج) رفعت الجادرجي والتقوا مع السفاح عاكف سنة 1916م وبعد اللقاء حدثت الوقعة المشهورة بـ (وقعة عاكف ) ، وتبركاً وتيمناً بهذا المشهد المبارك فقد دأب الحليون على دفن موتاهم حول هذا المشهد ، ونظراً للتطور العمراني والتوسع في الأحياء السكنية فقد توقف الدفن فيها وازيلت هذه المقبرة سنة1966م تماماً وأنشئت مكانها عمارات سكنية .
والمشهد أمتد إليه التوسع العمراني للمدينة وأحاطته الدور السكنية، ويتكون بناؤُهُ من صحن فسيح تحيط به مزارع النخيل،تعلوه منارتان إحداهما منارة قديمة مقرنصة مخروطية تحاكي في تصميمها وبنائها منارة السيدة زمرد خاتون في جانب الكرخ ببغداد، ويعتقد أن تاريخ بنائها في القرن الثامن الهجري من قبل احد سلاطين الدولة الايلخانية. أما الثانية فقد بنيت قبل عقدين من السنين على الطراز المعماري الإسلامي الحديث، وفي المشهد صالة للصلاة ، ويقصده المسلمون من انحاء المدن كافة للزيارة والتبرك وإحياءً لذكرى رد الشمس وتكون خصوصية زيارته في: يوم الأربعاء من الأسبوع الأخير من شهر صفر كل سنة ويُعد من مزارات الحلة المهمة.