من أغرب الجرائم ..
د. عبد الرضا عوض
كثيرة هي الجرائم ، لكن التي نستوقف عندها تلك التي يلفها الغموض ، وتحاط بالتعتيم ، فتبقى لغزاً يحير من يتتبع التاريخ..
أبان إشتعال الحرب بين العراق وإيران التي ابتدأت في أيلول سنة 1980م لجا كثير من الناس الى المدحتية كونها مدينة آمنه هرباً من مدن حدودية أخرى، وغدا الناس لايعرف فيها الصالح من الطالح ، فكان من بين الذين آوتهم مدينة المدحتية رجل من اهالي ديالي اسمه (غازي) حضر الى المدحتية التي تبعد مسافة (30) كم جنوب مدينة الحلة بصحبة رجل سوري يدعى (ابو مصطفى) مع ولده مصطفى وكان غازي متزوجا من احدى بنات ابي مصطفى السوري .
استأجر غازي مرآباً (كراجاً) في منطقة الحي الصناعي في المدحتية يعمل فيه لسمكرة السيارات ، وداراً للسكنى في منطقة الحي العسكري وغالباً ما كان مبيته في محل عمله في منطقة الحي الصناعي بعد قضائه ليلة ماجنة مع شلة من معارفه الذين هم خليط من أهالي المدينة أنفسهم أو ضباط الشرطة أو رجال أمن السلطة من الذين يعملون في المدحتية أو خارجها وكان غازي يظهر بمظهر الإنسان المتزن المهذب الكريم . وعلى هذه الصفات التي تحلى بها كسب غازي ود الآخرين من أهالي المدحتية وثقتهم ، ثم انه قوى علاقته برجال الشرطة والأمن وما يتصل بقوة الدولة أو إن الدولة هي التي أرادت ان تسير العلاقة هكذا.وحاز على مكانة وسمعة طيبة...
كان هذا الرجل يذهب بين آونة وأخرى الى بغداد العاصمة ويصطحب في عودته الضحية الى ناحية المدحتية موهماً إياها بطرق لا يعلمها أحد في وقت يكون مصطفى ووالده قد هيأوا حفرة في المرآب ، حتى إذا ما وقعت الضحية بالفخ يقوم بقتلها بالضرب بآلة من الحديد على الرأس دون استعمال طلق ناري ثم يستولي على ما بحوزته من نقود ويدفع به الى الحفرة بعدها يفكك سيارة الضحية ان وجدت ويبيعها في السوق بطريقة هادئة لا تجلب الشك .وعند القاء القبض عليه في نيسان 1992م اعترف بجرمه وبلغت جرائمه التي نفذها في ناحية المدحتية وحدها (12) اثنتي عشرة جريمة بينهم امرأة واحدة وجميعهم من مناطق بعيدة آخرى ، يعتقد البعض انهم رجال مخابرات من سوريا.. وسمعت ان خيوط مخابراتية سورية عراقية مشتركة شائكة تدخلت في عمل غازي الدموي ونشاطه، فمن الغريب ان جثث الضحايا التي وجدت في مرآب السيارات في المدحتية لم يتم التعرف على احد منهم لا في مدينة المدحتية ولا محافظة بابل ولا أي مدينة عراقية أخرى والغالب ان جميعهم من السوريين .
عند انتهاء مهمة غازي بعد قتله (12) ضحية في المدحتية صحت الدولة العراقية وحزمت أمرها فقد القت القبض على غازي في منطقة ديالي كي لا يفشى سر العمليات واحيل وأربعة من مساعديه في الجرائم الى محكمه الثورة وحكم عليهم بالإعدام ونفذ الحكم بالمجرمين علنا شنقا حتى الموت وعلقوا على منصة في منطقة الحي الصناعي بالمدحتية لمدة يوم كامل والناس غير مصدقين لما حدث..!!!
ويمكن القول بانها اول حالة اعدام علنية لمجرمين سفاحين شغلت قضيتهم الرأي العام وسط تعتيم وذهول مطبق ..

وفي رواية اخرى قال نذير الاسدي معلقا : القصه حقيقيه جدا وانا شاهد عليها لكن عمليه اعدامهم لم تكن شنقا....بل جيء بهم بسياره خاصه مع مجموعه من السيارات تابعه للامن والمخابرات...واذيع في المدينه عن موعد تنفيذ الاعدام بهم فهرع الناس الى مكان ساحه الاعدام وكنت ممن حضر وشاهد التفاصيل....حيث جيء بهم وقد عصبت عيونهم وتم ربطهم علة اعمده اعدت لهذا الغرض ..ثم تقدمت مجموعه من الشرطه مع اسلحتهم وتم قراءه منطوق الحكم الصادر...ثم اوعز قائد المفرزه باطلاق النار عليهم....وقد تم اطلاق النار وصرعوا جميعا في دقائق معدوده ثم حملوا في سياره بيك اب..وذهبوا بهم الة جهه مجهوله ....واسدل الستار علة قصه هذا المجرم.....
والطريف ما في الامر...
ان عائله المجرم تقدمت الى مؤسسه الشهداء لاثبات ان والدهم تحد ضحايا صدام...وتم احتسابه شهيدا وتستلم عائلته راتبا تقاعديا باعتباره شهيد وليس مجرم...وهذا من انجازات العهد الديمقراطي........


منقول بتصرف