عَفَتْ الدِّيَارُ
بقلم الأديب :طه الظاهري
عَفَتْ الدِّيَارُ واوحشت أَرْكَانِهَا
وَنَعَت مَحَارِيب الْهُدَى قِوَامُهَا
دُور لِآلِ مُحَمَّدٍ فِي يَثْرِب
مستوحشات فَارَقَت أَعْلَامُهَا
أَوَلَم تَكُن تُحْيِي التِّلَاوَة لَيْلُهَا
وملائك الرَّحْمَنِ مِنْ روامها
ويشع مِنْها النُّورَ وَهِي مَنَارَة
وَتَعُمّ بِالْبَرَكَات مِن يعتامها
فَغَدَت تَحِنُّ إِلَى قَدِيمِ زَمَانِهَا
تَشْكُوَا إلَى الرَّحْمَنِ مِنْ ظلامها
تَشْكُوَا إلَيْه مَيّال آلِ مُحَمَّدٍ
ورحيلهم عَنْهَا وَهَجَر مَقَامَهَا
رَحَلُوا إلَى أَرْضِ الطفوف وفارقوا
أَرْضِ الْحِجَازِ وَحَلُّهَا وَحَرَامُهَا
فُلَان سَأَلْتُم كَرْبَلاء وَأَرْضُهَا
وَعَنِ الْحُسَيْنِ تجيبكم بِكَلَامِهَا
أَنَّ هَاهُنَا انْكَدَرَت نُجُوم للورى
كَانَت تُزِيل عَنْ النُّفُوسِ سقامها
فَهُنَا الْإِمَامُ أَبُو الْأَئِمَّة ضامئ
شخصت إلَيْهِ مِنْ الْعُتَاة طغامها
الْقَوْم ضمأى وَالْفُرَات إمَامُهُم
تَمْنَعُه أَجْنَادٌ بِحَدّ سهامها
وَهُنَا ابْنُ سَعْدٍ قَدْ أَحَاطَ بِخَيْلِه
ثَقُل الْحُسَيْن مُضَيَّقًا آكَامِهَا
وَهُنَا مَصَارِع فِتْيَةٌ قَد أَخْلِصُوا
لِلَّه ذادت عَنْ حِيَاضِ أَمَامَهَا
أَقْمَار هَاشِم بِالدِّمَاء تَضَرَّجَت
وَتَقَطَّعَت فِي عِزَةٍ أجْسَامِهَا
وَهُنَا رَضِيعٌ هَدَّة طُول الضماء
مِنْ قِبَلِ أَنْ تَرَقَّى إلَيْه سهامها
وَهُنَا الْحُسَيْنِ يَقُولُ هَلْ مِنْ نَاصِرٍ
فتجيبه بِالْمُرْهَفَات طغامها
شَرَعَتْ إلَيْهِ أَسِنَّة خَطَئِه
وتخطفته مِن السُّيُوف حسومها
وَطِئَتْه خَيْل الْقَوْمِ حَتَّى قَطَعْت
أَوْصَالُه مَرْضُوضَة بعظامها
وَبَنَات فَاطِمَة سُبِين وَوَلَدِهَا
وَالنَّار تَضَرَّم فِي جَمِيعِ خيامها
رَحَل الْحُسَيْن مرملا بِدِمَائِه
أَحْيَا لِأَمَتِه بِه إسْلَامِهَا
لَوْلَا الدِّمَاء الْجَارِيَات بكربلاء
لانحرفت الْأُمَّة وَسَاء خِتَامُهَا