مع الشاعرة العراقية نازك الملائكة
--- منقول لكم ---

المستخلص

كانت نازك الملائكة تبحث عن السعادة و هي في ذروة تشاؤمها خاصة أنها تأثرت كثيرا بفلسفة تشاؤم الفيلسوف الألماني المتشائم" شوبنهاور"، زد على ذلك تنظر الشاعرة إلى القضايا المختلفة الفلسفية سطحيا ولا عميقا و كانت حائرة إزاء القضايا الكونية و أسرارها و قصائدها مليئة بأشعار تتحدث فيها عن موضع الإنسان من الكون و عن سر وجوده و عجزه عن معرفة الكون الغامض و ألغازه خاصة بحثت كثيرا عن السعادة و أتعبت نفسها للوصول إليها فلم تجدها في أي طبقات المجتمع فرجعت خائبة صفر اليدين فاشتد تشاؤمها . و لكن من أجل كثرة دراستها و قراءتها و غزارة مواردها الأدبية و نضجها الفكري- كما تصرح نفسها في مقدمة ديوانها مأساة الحياة- أدركت أنها ليست غير ممكنة الحصول فتغيرت نظرتها عن الحياة و الموت . و هذا التطور كان تمهيدا لفكرة عثور الشاعرة على السعادة و لو كان في مدى محدود، و قد زالت آراؤها المتشائمة شيئا فشيئا و حل محلها الإيمان بالله و الاطمئنان إلى الحياة. الكلمات الرئيسية: نازك الملائكة، السعادة، شوبنهاور، مأساة الحياة، التشاؤم.

المقدمة

كانت نازك الملائكة في قمة تشاؤمها و الكآبة الدائمة و ترى أن كل ما كان في حياة الإنسان جميعا قيود تغله، كأن الإنسان محق اللعنة الأبدية . والباعث على هذا التشاؤم العميق في نفسها كثرة المطالعة و القراءة في شعر الشعراء الذين عانوا هذه الأزمات قبلها، و كذلك القراءة في الآداب الغربية والتأثر بالشعراء الرومنسيين الذين أصيبوا بنفس الداء .

و لكن عندما بدأت بنظم المطولة الثانية " أغنية للإنسان" حوالي سنة الثانية و الأربعين حتى الخمسين تقللت حدة تشاؤمها و قد نظرت إلى الحياة بمنظار جديد فيه مسحة من التفاؤل و تغيرت نظرتها حول الحياة و رغم أنها كانت ترى السعادة بعيدة الحصول مستحيلة في المرحلة الأولى، أحست بأنها ممكنة و لو كانت في مدى محدود. وبعد خمسة عشر عاما ترجع إلى القصيدة و تنسخها للمرة الثالثة و بدأت تغير القصيدة لفظة هنا و عبارة هناك و اكتشفت أن التغييرات أخذت تتسع لتشمل الأبيات .في هذه المرحلة زالت آراؤها المتشائمة و زال جو مأساة الحياة تدريجيا و تحصل الشاعرة على السعادة التي شقيت كثيرا في البحث عنها في المطولتين الأولى و الثانية و حل محل آرائها المتشائمة التفاؤل و الإيمان بالله و الاطمئنان إلى الحياة – كما تصرح الشاعرة في مقدمة ديوانهاالأول-( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص12).في هذه المرحلة كما يعتقد الكتور " المهنا" بما أنها قد اغتربت مدة 15 سنة، هذه الفترة كافية أن تجعل الشاعرة جو مأساة الحياة يتلاشى تدريجيا من ذهنها و يحل محل آرائها الإيمان بالله و الاطمئنان إلى الحياة و أخيرا العثور على السعادة0( مجلة‌الشعر،مجلة فصلية مصرية، العدد14، يناير6198م، ص61). و كأن الإيمان دواء سحري خاتم اليأس والشقاء في قولها:

فلنلذ بالإيمان فهو ختام

اليأس و الدمع و الشقاء العاتي ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص623).

ونراها أن هذه النفسية القلقة بعد تشاؤمها المطلق تبدل إلى التفاؤل تدريجيا و تضع على تشاؤمها المرير بلسم التفاؤل الذي قبل أن تدركه و تؤمن بأن السعادة موجودة و تتفاءل بها. عكست نازك الملائكة الحياة كدرة قبيحة و نشرت جو الحزن و الكآبة حولها بما تصور لنفسها من سيئات الحياة و شرورها .و قد ذهبت تطلب السعادة عند مختلف الأوساط ثم الطبيعة و الفجر و الدجى وإلخ ، لكنها لم تفز منها بطائل فتركت عالم اليقظة إلي عالم الرؤى و الأحلام لعلها تراها في أطياف المنام و الأشباح و ذهبت تطلبها في الزمان و مروره وما وجدتها ، و كانت غافلة عن أن السعادة ينبوع يتفجر من القلب و لا مطر هاطل من السماء و يمكن أن يجدها في النفس الكريمة الراضية و البريئة من الأدران و الرزائل و مطامع الحياة حيثما كانت و أنى وجدت في القصر و الكوخ و المدينة و القريةو.....فمن أراد السعادة عليه أن يسأل عن نفسه التي بين جنبيه فهي منبع سعادته و هنائه إن شاء و مصدر شقائه وبلائه إن أراد . و أخيرا عرفت أنها لاتأتي من الخارج فهي موجودة في داخلها .

بعد أن آمنت الشاعرة بأن الإنسان ليس بقادر عن أن يكشف الأسرار، تسعى أن تجد السعادة أي الحقيقة المفقودة و هناك صراع للوصول إليها ولكن أخيرا تقنع بالجهل و تريح نفسها من عناء الصراع في سبيل وصولها و أن هناك لا يوجد أحد أن رآها، إذن تبقى كلغز:

فيم لاتيأسين؟ ما أدرك الأسرار
قلب من قبل كي تدركيها
أسفا يا فتاة لن تفهمي الأيام
فلتقنعي بأن تجهليها
نحن ندعوه بالسعادة لكن
ليس منا من ذاقه أو رآه
ذلك اللغز ذلك الحلم المحجوب
خلف الضباب أين تراه؟
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص22).
و تسمي السعادة الربة النحاسية الإحساس:

هذه الربة النحاسية الإحساس ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص307).
و ترى أن السعادة لغز غير واضح و لاتعرف ما هي ؟ أ في إمكانها أن تصل إليها أم لا؟ :

آه يا ضفة السعادة ما أنت
خيال أم واقع مشهود
أ ترى قلبي الطعين سيلقاك
أخيرا أم أنت حلم بعيد؟
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص30).
و أن الإنسان لا يحصل على السعادة و عليه أن يشقى لأن:
لن تذوقوا شهد السعادة
مادمتم أناسي من تراب و ماء
كتبت هذه الطبيعة للأحياء
أن يكرعوا كؤوس الشقاء

( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص48).
ولكن محنتها الكبرى معاناتها في البحث عن السعادة، و هي بحثت عن هذه الحقيقة المفقودة كثيرا متسائلة عنها في مختلف الأوساط و لكنها لم تجدها و كانت رحلتها في هذا المجال قد انتهت بالخيبة؛ لأنها سر الدنيا و لغز الدهور كما تكون القضايا الكونية الأخرى:

قد بحثنا عن السعادة لكن
ما عثرنا بكوخها المسحور
أبدا نسأل الليالي عنها
وهي سر الدنيا و لغز الدهور
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص66).

عبثا أرتجي العثور على الكنز
فلا شيء غير صمت الحياة
( الملائكة، نازك، ديوان، ص70).


ولايعرف أحد ما هي السعادة، و الشاعرة أيضا وقعت في التردد و الشك:
جهلتك الدنيا فلا أحد يعلم
ما أنت واقع أم خيال؟
كلهم يسألون عنك و لكن
لم تحدث بسرك الآزال ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص89).
و هي كنز يرتجيه هذا الوجود:
هاته رحمة بنا هات كنزا
هو ما يرتجيه هذا الوجود ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص96).

مع أنها لغز لكن الأمس و اليوم و الغد في الشوق إليها ، و هنا تجعل الشاعرة نفسها في دائرة الأزمان الثلاثة و تعتقد أنها لغز و لا يمكن لأحد أن يكشفه و لكن الإنسان في البحث عنها دائما:

هي ذاك اللغز المحير شوق
الأمس و اليوم و الغد المجهول
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص434).
و أول مرة تبحث عنها في قصور الأغنياء و لكنها لم تجد، لأن :

لم أجد في القصور إلا قلوبا
حائرات و عالما محزونا
ليس إلا قوم يضيقون بالأيتام
ضيق الجياع و البائسينا
ليس ينجيهم الغنى من يد الأشجان
ليست تنجيهم الكبرياء
ليس يعفو الممات عنهم، منهم
حزن و صمت و حيرة و بكاء
إن يكونوا نجوا من الجوع و الفقر
و لم يفتر سهم الحرمان
فلقد طالما أحسوا بجوع الروح
و استعبدتهم الأحزان
إن يكونوا يقضون أيامهم
بين الحرير الملون الجذاب
فغدا تعبر الدهور و هم موتى
على الشوك و الحصى و التراب
لم أجد ومضة السعادة فيها
لم أجد غير ظل يأس و حزن
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص75).

ثم تبحث عنها في الدير حيث الرهبان منقطعون للعبادة بعيدين عن الرغبات و الشهوات الإنسانية فتقول:

لم أجد في تلك الصوامع غير
الأوجه الشاحبات و الديجور
لم أجد غير وحشة تبعث اليأس
و صمت كمثل صمت القبور
هؤلاء الأشباح ماذا تراهم
آدميون أم بقايا طيوف
في بعيد الآفاق تحت دياجير
وجود تمشي الكآبة فيه
حيث مازالت الحياة كما
كانت على عهد آدم و بنيه
لا جديد فيه سوى موت حي
من بنيه ما بين حين و حين
لم أجد زهرة السعادة و الأفراح
عند الزهاد و الراهبينا
إنه الدير فيه ينتصر الموت
و في قبوه يعيش الآه
في خفاياه في ممراته السود
الحزينات لا يعيش الله
مسكن الصمت و الكآبة و الجدب
و مأوى الرغائب المدفونة
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص80).
و بعده تصل إلى الأشرار و تصف حالهم بقولها:
منهم البائسون تطحنهم أيدي
الليالي بما جنوا من ذنوب
و رأيت الطغاة يحيون محزونين
بين الأوهام و الأشباح
كيف ينجو الأشرار من شقوة
الروح و صوت الضمير بالمرصاد
لا ملاذ من حاكم يملك الروح
بما في كفيه من أصف
اد ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص89).

و عندما تدخل الريف و تصف مناظره و طبيعته تبحث عن السعادة فلا تجدها و تقول:
خيبت هذه القرى حلو أحلامي
فلا رسم للسعادة فيها
ليس يدري الراعي المعذب مأواها
و لا كان مرة من بنيها
خدعتني الأوهام ليس لدى الراعي
رخاء الحياة ليس لديه
فهو ذاك الكدود تصهره الشمس
و يقسو الحصى على قدميه ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص107).

و تقول في مأساة الشاعر إنه ليس سعيدا بما أنه يجب عليه أن يعكس آلام شعبه و مجتمعه و أن يفكر فيها وحيدا:
أيها الشاعر الذي يسهر الليل
وحيدا مستغرقا في الجمود ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص611).
و يرسم حياة الجياع و البائسين:
راسما للحياة صورتها المرة
بين الجياع و البائسين ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص611).
و هو ابن الشحوب و الآلام:
خاطبته الحياة: يا شاعري الملهم
يا ابن الشحوب و الآلام ( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص120).

ولا يمكن أن يذوق السعادة لأنه يصف الشحوب و الآلام و هي منبع شره:

أفليس الشحوب و الألم العاصر
نبعا للشعر و الألحان
أ و لا تقنع الحياة من الشاعر
باللحن في حمى الحرمان
ذلك الشاعر الذي كان يحيا
عمره باكيا على كل باك
ذلك العاطف النبيل على
الأحزان ذلك الملقى على الأشواك
هكذا في العذاب تمضي حياة
الشاعر الملهم الرقيق و تنسى
هكذا يملأ الوجود جمالا و
يذوق الآلام كأسا فكأسا
هكذا كل شاعر فارحلي بي
يا سفيني عن عالم الشعراء
ولندعهم في ذلك الشجن العاطف
بين الآهات و الأدواء
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص129).
و تذهب عند العشاق فتبحث عن السعادة عندهم و تشاهد:
كيف يحيون في جحيم من الشك
و ليل من الضنى و الشحوب
إن تعنت بالحرمان أيامهم
عاشوا حزانى معذبين حيارى
يشتكون الأقدار و الزمن
العاتي و يحيون أشقياء أسارى
فالسعيد السعيد من دفن الحب
وعاش الحياة غير سجين
لن ينال العشاق يوما سوى
أدمع حب حفت سناه المنايا
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص138).
و تصف عالم الحب بأنه:
عالم سافل يضج من الإثم
و يحيا بين الهوى و الظلام
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص441)
ثم تريد من الشعراء أن يبعدوا عن آثام الحب لئلا يدنسوا عالم الفن:
ابعدوا ابعدوا عن الحب و انجوا
بأغانيكم من الآثام
اهربوا لا تدنسوا عالم الفن
بهذي العواطف الآدمية
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص155)
و لكن لا فائدة في بحثها عن السعادة في الأزض،لأنها:
ضاع يا أرض فيك معنى الأماني
و تبقّى الشقاء و الأكدار
و خبت في كآبة الموت أصوات
الأغاني و استسلم القيثار
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص155).
و تصف شقاء الأشقياء و تبكي على كل قلب حزين:
قد وصفت الشقاء في شعري الباكي
و صورت أنفس الأشقياء
و شدوت الحياة لحنا كئيبا
ليس في ليلة شعاء ضياء
أنا أبكي لكل قلب حزين
بعثرت أغنياته الأقدار
و أروي بأدمعي كل غصن
ظامئ جف زهره العطار
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص157)

و يبلغ التشاؤم ذروتها حيث أنها ترى كل شيء كئيبا حزينا حتى فصول السنة و كل ما فيها من النبات و الحيوان والفصول و السنوات عندها ظلام كلها:

و غدا ترسم الظلال على قبري
خطوطا من الجمال الكئيب
قد عبرنا نهر الحياة حيارى
في الظلام الفصول و السنوات
و ثبتنا على أسانا خريفا
و ربيعا فيا جمال الحياة
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص261).
ثم ترى الكآبة حتى على الغصون و الزهور:
كيف لا و الكآبة المرة الخرساء
قد رفرفت على كل غصن
و غصون الأشجار مصفرة
الأوراق و الزهر ذابل مكفهر
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص361).
و الشتاء أكثر كآبة لياليه و أيامه:
آه ما أكأب الشتاء لياليه
و أيامه ما أقساه
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص661).

و كل شيء في الشتاء كئيب حتى ساعتها الصماء التي تصاحبها في الفرح والشقاء:

كل شيء في الكون حولي كئيب
في ليالي الشتاء ذات الرعود
كل شيء حولي سوى ساعتي
الصماء في صمت عزفتي المعهود
إيه يا ساعتي الكئيبة يا من
صحبتني في فرحتي و شقائي
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص761).

ولا فائدة من مجيء الصيف لأن كل شيء فيه قسي و الرياض تجف دون زهرة و يموت العشب:

كل شيء في الصيف ينطق
بالقسوة والشمس شعلة و لهيب
فلقد جفت الرياض الجميلات
فلا زهرة و لا أشذاء
و انطوت فرحة الربيع و مات
العشب في أرضها و جف الماء
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص178).
و كذلك لا فائدة لمجيء الربيع ،لأن:
آه لو لم يكن مقامك في
عالمنا المكفهر حلما قصيرا
ليس يبقى الربيع إلا قليلا
ثم يخبو الجمال و الأوهام
هكذا يرحل الربيع سريعا
و تعود الحياة للأحزان
و تموت الآمال في كل قلب
و تعيش النفوس للحرمان
( الملائكة، نازك، ديوان،ج1، ص173).

وكان التشاؤم بلغ فيها إلى حد ترى أن الحياة كلها مأساة من البداية حتى النهاية:
ما أفظع المبدأ و المنتهى
ما أعمق الحزن الذي نحمل (ديوان، ج 2،ص652).
و الحياة الإنسانية شقاء دائم:
عالم كل من على وجهه يشقى
و يقضي الأيام حزنا و يأسا
عبثا فالحياة سنتها الحزن
وحكم الآهات و الدمع جار (ديوان،ج2، ص864).

و أخيرا تنفر من كل شيء و تحس بالسآمة حتى في التفكيرو البقاء و الواقع و إلخ ولا تريد أن تعيش روحها مثل الناس:

و أنفر من كل ما في الوجود
و أهرب من كل شيء أراه (نازك الملائكة، ديوان ، ج 1، ص 45)
روحي لاتعشق أن تحيا مثل الناس
أنا أحيانا أنسى بشرية إحساسي (نازك الملائكة، ديوان، ج 1، ص 98)
قد سئمت التفكير يا ليلي الساحي
و ألقيت بالكتاب الحبيب
قد سئمت الأمل المر الكذوبا
أيها الغادر لا تنظر إليّا (نازك الملائكة، ديوان ، ج 1، ص 570)
قد سئمت الواقع المر المملا
ولقد عدت خيالا مضمحلا
ففيم أعيش ؟ سئمت البقاء
و شاق حياتي صمت العدم (نازك الملائكة، ديوان ، ج 1، ص 599).

و لكن بعد أن تبدد جو مأساة الحياة شيئا فشيئا قررت الشاعرة أن تجد السعادة فقد عبرت عن تمسكها بالحياة في هذه الحياة الدنيا؛ لأن حب الحياة أمر لاينفصل عن الحياة نفسها و أن الإنسان يجد لذة كبرى في أن يحياها مهما كان طبعها و آمنت بأننا يجب أن نستسلم للقدر خاضعين و تعلم الإنسان طريق التسلط على الحزن و الألم حيث نراها في قصيدة " خمس أغان للألم" تثير فكرة‌ صراع الإنسان في سبيل الغلبة و الاستعلاء على آلامه بأية وسيلة يستطيعها؛ حيث تقول:

أليس في إمكاننا أن نغلب الألم؟
نرجئه إلى صباح قادم؟ أو أمسية؟
ننقله؟ نقنعه بلعبة؟ بأغنية؟
بقصة قديمة منسية النغم؟ ( الملائكة، نازك، ديوان،ج2، 574)