قراءة فى كتيب إلإ الجنة
المؤلف عمر السعدان وقد استهل الكتاب بذكر أن أهل المغرب كانوا يسيرون للحج من المغرب سنة إلا قليلا من مجىء موعده فقال:
"مما يدهش العقول .. ويخرج عن المعقول .. !
أن أهل المغرب الأقصى ..
كانوا يسيرون إلى بيت الله الحرام بعد عيد الأضحى المبارك بأيام ..
ليدركوا الحج القادم .. !
(في رحلة تطول .. لتقترب من العام الكامل)!!"
وتعجب من أهل الحاضر أنهم لو قيل لهم أن جزاء الحج شىء مادى دنيوى لتسابقوا للحج للحصول على الشىء المادى فقال :
"الله أكبر ..
(الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)
ولو قيل لأحدنا إن جزاء الحج المبرور بيت أو سيارة ..
أو أي أمر من أمور الدنيا ..
لرأيت التسابق!"
وقطعا أى حسنة يفعلها الإنسان ليس لها جزاء إلا الجنة وليس الحج وحده ثم حكى حكاية حكاية من حكايات العجائز فقال :
"ذكر لي أحد طلبة العلم، قال:
كنت مفتيا في إحدى الحملات، وكان معنا شاب حريص على السنن .. لأول مرة يحج!
استيقظ على رنين هاتفه .. في صباح العيد ..
ـ السلام عليكم .. ولدي عبدالله؟
ـ وعليكم السلام .. لبيك يا أماه ..
ـ في البارحة .. رأيتك في رؤيا ..
ـ وماهي؟
ـ رأيتك كأني حاملة بك ثم ولدتك مرة أخرى! أسأل شيخ ..
يقول فسألني عن تأويلها، فتبسمت وقلت:
(من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)"
وتحدث عن ثواب الحج مرة أخرى فقال :
"الله أكبر ..
لوكان على ظهرك دين بمليون ريال، وقال لك تاجر:
تعال لي في زيارة واحدة .. وأسدد عنك هذا المبلغ كله!
هل ستتردد في الإقبال عليه؟ كلا ..
قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ــ
(فلو كان عليك مثل رمل عالج ـ أي متراكم ـ أومثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك .. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك)"
وتعجب من تغافل الناس عن الحج مع قربهم من الحرم فحكة الحكاية التالية:
"أبعد قريب!
ألا تعجب ..
من بعيد قربه الله .. من قريب أبعده الله .. !
هاهو أحدهم .. قد تجاوز العقد الخامس من عمره ..
سألته: كم مرة حججت؟
(فتلكأ لسانه واستعجم بيانه):
الصراحة .. الصراحة .. لم أحج ولا مرة!
وبقي لك أن تعرف ..
كم بينه وبين مكة المكرمة .. ؟
(110 كيلو متر فقط أي ما يعادل ساعة واحدة فقط)!
ــ نعوذ بالله من الخذلان ــ
ولو التفتنا إلى ساحات الحرم ..
لوجدنا البعيد الذي لم يقعده بعده .. والكبير الذي لم يثقله كبره .. والعاجز الذي تناسى عجزه ..
هذا الفقير المعدم والمسكين البائس أقبل يجمع تكاليف الرحلة وقيمة التذكرة ..
وتلك المرأة الطاعنة في السن، اللاهثة الفؤاد، الدامعة
العين، المحدودبة الظهر، تحمل على الأكتاف ..
ذاك المشلول يجتر الخطى ..
وهذا الكفيف يتلمس الطريق .. !
لوقلنا لهم:
ـ أيها الحجاج ـ من أين أقبلتم؟!
فلن تجيبنا إلا (عجمتهم) .. وإشاراتهم .. !
الهند .. اندونيسيا .. الفلبين .. روسيا .. وغيرها
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتيك من كل فج عميق)
فكم بين مكة وبلدانهم؟
فسبحان ..
من قرب وأبعد .. وأبعد وقرب!"
ثم حكى حكاية أخرى عن فرد من البوسنة حج ماشيا فقال :
"من البوسنة .. على قدميه
يقول، سناد:
عجزت عن مصاريف الحج، فقررت السير على أقدامي من البوسنه إلى مكة المكرمه ..
وهاآنا قد وصلت بعدما، قطعت سبع دول و (6000) كيلو متر في عام تقريبا!
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا .. ) أي: سيرا على الأقدام
يقول:
(خرجت ولم يكن في حقيبتي طعام وشراب ولكني أحمل الإيمان)
صورة
حبيبي في بيتي .. !"ثم حكى حكاية أخرى عن نوم أحدهم فى الكعبة فقال :
"نام أحد السلف بجوار الكعبة ــ بعد حجه ــ ..
فسمع قائلا يقول له في المنام:
(أنت) لا تدعوا إلى بيتك إلا من تحب ..
(ونحن) لا ندعوا إلى بيتنا إلا من نحب .. !"
الحكاية لا تصح فالمساجد ليس للنوم وإنما لذكر الله كما قال تعالى:
" فى بيوت اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
ثم قال :
أخي الحبيب ..
فهل ربك يحبكـ ليدعوك إلى بيته؟
لو أن مسؤول ..
دعاك إلى بيته منذ شهر ..
لاستحت نفسك أن تؤجل الموعد!
أفلا تستحي من نفسك وربك يدعوك إلى بيته منذ سنوات؟!
يقول الله تعالى:
(إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم)
تأمل آخر كلمة في الحديث .. !
هذا من لم يحج كل خمس سنوات (لمحروم) ..
فكيف بمن لم يحج حج الفريضة .. !؟"
رواية الحج كل خمسة خاطئة فالحج حسب الاستطاعة وليس له مدة كما قال تعالى :
"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"
ثم تحدث عن موت الإنسان يهوديا أو نصرانيا إن لم يحج وهو مستطيع فقال "
أفلا يكون أولى بالحرمان .. !
وأعظم الحرمان .. هوما قاله عمر بن الخطاب:
(ليمت يهوديا أونصرانيا ـ رددها ثلاثا ـ ..رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله)"
والرواية لا تصح لأن الرجال عالم بالشرع ومن ثم سقول كافر ولن يحدد دينه كما قال تعالى
"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين"
ثم قال ما قاله الله من كفره دون تحديد لدينه :
"وكان سعيد بن جبير يقول:
(لو مات جار لي لم يحج وله ميسرة لم أصل عليه)
فظاهر الأدلة ..
أن من جحدها فقد كفر .. ومن تهاون بها فهو على خطر ..
(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)
فكن ــ أيها الحبيب ــ على حذر ..
فإن في تسويفك نظر .. !"
ثم حكى حكاية أخرى محذرا من تسويف نفس المستطيع له فقال :
"من المقبرة
هذا أحدهم .. في منى ـ قد تجاوز الخمسين عاما ـ ..
(ابتدئني بالحديث)، فقال: هذه أول حجة لي!
فقلت:
عجبا .. لماذا تأخرت .. بلدك قريبة!
قال: نعم ..
قلت: ـ صحيح ـ ربما أن المال لم يتوفر لك؟
قال: لا ..
قلت: إذا .. لماذا تأخرت .. وعمرك قد تجاوز الخمسين عاما؟!
فقال:
صراحة .. أقعدني التسويف .. وألهاني الشباب .. حتى عزمت بعد الخمسين!
انتهى حديثنا، على أن نلتقي ..
فجاء قدر الله على أن .. لا نلتقي!
ما لبثت إلا عدة أشهر .. !
حتى تسللت رسالة إلى هاتفي، تقول:
السلام عليكم ..
صاحب هذا الجوال (فلان بن فلان) .. توفي ..
وسيصلى عليه في الجامع (الفلاني) ..
لم أصدق عيناي .. أعدت قراءة الرسالة .. لأصدق .. !
فانخلع قلبي .. (وسقطت صورته المسوفة أمام عيني الدامعة)
وقلت لنفسي:
حج قبل موته بسنة ..
كيف لو أنه لم يحج تلك السنة ـ كعادته ـ .. !؟
ماذا سيقول لله ..
عن المال الذي أمده في يده .. ؟!
والسيارة التي تحت قدمه .. والعافية التي تملاء بدنه .. ؟"
ثم نصح الناس قائلا:
"أيها الحبيب ..
وهل ستكون أنت من الأحياء في العام القادم؟ لا تدري ..
قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (بني الإسلام على خمس .. )
فهل ترضى أن تقابل الله بأركان أربعة .. دون الخامس؟
هل ترضى أن تقابل الله ـ وأنت قادر ـ بدين ناقص ـ .. !"
حديث الأركان الخمسة يناقضه حديث أخر عن كونها وثلاثة والكل لا يصح فكل حكم أنزله الله فى مسألة هو ركن من أركان الإسلام يجب الإيمان فمن كفر ببعض فهو كافر يدخل النار كما قال تعالى :
"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرن ببعض فما جزاء من بفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب"
ثم أكمل قائلا :
"أخي ..
ليس لك في الدنيا إلا فرصة واحدة .. واحدة فحسب .. !
فلماذا المخاطرة!؟
أقبل .. أقبل .. ولا تؤجل .. !"
قال النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ: (من أراد الحج فليتعجل .. )
أسأل الله لك حجا مبرورا .. وذنبا مغفورا ..