نقد كتاب أحكام الله فوق كل شيء
المؤلف صادق الحسيني الشيرازي والكتاب كان عبارة عن محاضرة حولها تلاميذ الشيرازى لكتاب وقد استهله بآية تعذيب النبى(ص) لو كذب على الله في الوحى وفسرها فقال
مقدمة
"ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم قطعنا منه الوتين ما منكم من أحد عنه حاجزين"
بعض المشركين ادعي أن القرآن ليس من عند الله تعالي وأن النبي (ص)حاشاه جاء به من نفسه، فرد الله تعالي عليهم بهذه الآيات، وقلنا إنها من الآيات العجيبة في القرآن الكريم؛ لأن الله تعالي يتحدث فيها بشدة بالغة عن نبيه وحبيبه مع أنه من المحال أن يصدر عنه ذلك! فلم يقل الله تعالي مثلا: إن رسولنا صادق وأمين كما تعرفونه، فكما لا يكذب عليكم لا يكذب علي ربه، أو إن سبيله (ص)سبيل سائر الأنبياء، فلم يكذب علي ربه، بل قال إنه سيأخذه بهذه الشدة لو صدر منه أدني نسبة كذب حاشاه؛ وما ذلك إلا بيانا لعظمة أحكامه تعالي وعدم المحاباة فيها حتي مع أحب خلقه إليه
تفسير مفردات الآية
في اللغة: ((قال عن فلان))، أي نقل عنه قولا، و «تقول عليه» أي نسب إليه قولا لم يقله
إذن يكون تفسير قوله تعالي ولو تقول علينا : لو أن هذا النبي نسب إلينا قولا لم نقله، وليس شرطا أن يكون تقوله كل القرآن، بل لو تقول علينا بعض الأقاويل ، كأن يضيف آية واحدة مثلا علي آيات القرآن التي تعدادها ستة آلاف وستمئة وستة وستون آية
لأخذنا منه باليمين : اليمين في اللغة: اليمن والبركة، والقوة والقدرة، واليد اليمني أيضا؛ وذلك لأن أكثر الناس يعتمدون علي هذه اليد، ففيها إذا اليمن والبركة أي استمرار الحياة، وفي هذه اليد القوة والنشاط والعمل والمقصود بالآية اليد اليمني والقدرة والسيطرة فيكون المعني: لو فعل ذلك إذا لأخذنا منه يمناه وسلبنا عنه قدرته وجردناه من قوته
ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يقول تعالي بعد ذلك:
ثم لقطعنا منه الوتين أي قطعنا شريان حياته فإن الوتين هو حبل الوريد الذي ورد في آية أخري في قوله تعالي: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد
ولا يقف الأمر عند هذا الحد كذلك، بل يتعداه تعالي كما في تتمة قوله: فما منكم من أحد عنه حاجزين : أي لو أننا أردنا أن نفعل ذلك مع أشرف الأنبياء فإن أيا منكم - أيها المسلمون، يا أمة رسول الله ويا من تعتزون به - لا يتمكن أن يدافع عنه أو يكون حاجزا يمنعنا عن إنزال هاتين العقوبتين به لماذا؟ لأن أحكام الله تعالي بهذه المثابة من الأهمية"
والخطأ في تفسير الآية هو تفسير اليمين باليد اليمنى والوتين بالشريان الحياة فالذى كذب هو لسانه ومن ثم فاليمين يعنى اللسان الذى يشله الله عن الكلام عقابا له على الكذب وما دام الرجل كذب يكون الوتين هو الوحى الذى يمنعه الله نزوله عليه لكونه كذب عليه فهذا المعنى المطلوب :
الكاذب استعمل لسانه في الكذب وليس يده ومن ثم يتم شل اللسان أى منعه من الكلام
وطالما الرجل كذب على الله فالله يمنع نزول الوحى عليه لأن النبى(ص)لا يمكن أن يكون كاذبا في إبلاغ الوحى
وتحدث الشيرازى عن كون التلاعب بأحكام الله من أكبر الكبائر فقال :
"التلاعب بأحكام الله من أكبر الكبائر:
إذا كان هذا جزاء رسول الله (ص)فيما لو تقول علي الله تعالي تري فما حال غيره من الناس؟!
إذا كان رسول الله (ص)لا يستطيع أن يتصرف في أحكام الله تعالي، بل يكون مستحقا لهذه العقوبة الشديدة لو فعل ذلك مع أنه أشرف المخلوقات، فكيف الحال بغيره؟!
نستنتج من هذا العرض المختصر أن أحكام الله هي أهم شيء عند الله تعالي، وأن التلاعب بها يعد أكبر جريمة عند الله كما عبر عنها القرآن الكريم وتهون عندها كل الجرائم والمعاصي إلا الشرك بالله تعالي! فمن أكبر الكبائر أن يقول شخص: إن هذا حلال وهذا حرام كذبا علي الله ومن دون علم "
والخطأ في الفقرة هو أن التلاعب بحكم الله خلاف الشرك والحق أن التلاعب بحكم الله عمل من أعمال الشرك وهو الكفر وهو طاعة غير الله فالمتلاعب أى المحرف أطاع نفسه أى هوى نفسه كما قال تعالى:
"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه "
وبين الشيرازى أن الفقهاء لا يجب عليهم أن يفتووا إلا بعد الدراسة الكاملة للأمر فقال :
"الفقهاء لا يفتون إلا بعد استفراغ الجهد:
إن من يراجع كتب الفقه يدرك هذه الحقيقة بجلاء فهناك علي سبيل المثال أخذ وشد طويل وعريض ونقاش حاد بين فقهاء الإسلام منذ أربعة عشر قرنا وحتي اليوم حيال الإفتاء طبق رواية أحد رواتها مجهول الحال فمثلا لو وردت رواية عن المعصوم عبر عشرة رواة كان تسعة منهم ثقات ولكن يقع في هذه السلسلة شخص واحد مجهول الحال أي لا يعلم حاله هل هو ثقة أم لا؛ هنا يتوقف الفقهاء في الإفتاء طبق هذه الرواية، لأنه لا يجوز القول إن حكم الله في مسألة هو كذا أو كذا دون دليل ومستند فإذا كان الأمر كذلك فهل يحق بعد ذلك لمن ليس اختصاصه الفقه أن يعطي رأيا في أحكام الله فيحلل ما يشاء ويحرم ما يشاء؟!
لقد سمعت شخصيا من المرحوم الوالد أنه كانت هناك مسألة من مسائل الحج - لا يسعنا بيانها - وقعت مدارا للبحث بين مجموعة من المجتهدين، منهم مراجع للتقليد، وهم الوالد نفسه وآقا حسين القمي ومحمد رضا الإصفهاني وزين العابدين الكاشاني واستمر البحث لمدة ثلاثة أسابيع ولم يستطيعوا في نهاية المطاف أن يقطعوا فيها بالحرمة فأفتوا بالاحتياط؛ مع أنهم جمهرة من المجتهدين قضي كل منهم عشرات السنين من عمره حتي صار خبيرا في الفقه وصار استنباط الأحكام شغله واختصاصه، لكنهم مع ذلك توقفوا عندما أعوزهم الدليل ولم يتعجلوا في إصدار الحكم، فإن الجاهل وحده الذي يصدر الأحكام هكذا اعتباطا، أما المتخصص فهو يدرك أهمية الموضوع ولا يستهين بأحكام الله ويطلقها جزافا لأنه يعرف عظمتها وأنه سيكون مسؤولا أمام الله الذي تحدث عن نبيه بتلك الشدة، فقال: ولو تقول علينا بعض الأقاويل ، فكيف بغيره من الخلق؟!"
وما حكاه الرجل يعنى وجوب التورع عن الفتيا عند عدم وضوح الأمر ثم حكى حكاية أخرى فقال :
"الشيخ المفيد مثالا للخوف من الفتيا:
لقد كان الشيخ المفيد من كبار علماء الطائفة، عاش قبل أكثر من ألف عام ، وكان يحضر درسه في بغداد العلماء من مختلف الطوائف والملل من السنة والشيعة والنصاري واليهود والصابئة ورد في تاريخه أنه سئل يوما في حكم امرأة حامل ماتت والولد ينبض في رحمها، فقال: يشق الجانب الأيمن من البطن ويخرج الولد ثم تدفن الأم ثم تبين أنه أخطأ في جوابهم، فكان ينبغي أن يقول بشق الجانب الأيسر، فأسف علي إفتائه وقرر أن لا يفتي أحدا بعد ذلك
فمع أنه لم يثبت من الناحية الطبية وجود فرق في شق بطن الحامل الميتة سواء كان من الجانب الأيمن أم الأيسر، ومع أن الشيخ المفيد لم يكن عامدا بل صدرت منه الفتوي بخلاف الحكم الشرعي خطأ، وكل الناس معرضون للخطأ إلا المعصومين، إلا أن الشيخ المفيد تألم إلي درجة بحيث قرر ترك الإفتاء خشية الوقوع في الخطأ ثانية والقول بما لم يحكم الله - وإن لم يكن عامدا – "
الخطأ في الفقرة هو وجود معصومين من الخطأ وهو ما يخالف أن العصمة من ارتكاب الذنوب غير ممكنة وهى تتعارض مع بداية المحاضرة وهى عقاب النبى(ص) فيما لو افترى على الله فهذا معناه إمكانية ارتكابه الجريمة وككونه غير معصوم هو أو غيره بدليل أن الله بين أنه ارتكب العديد من الذنوب التى غفرها الله نتيجة استغفاره فقال :
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر"
ثم قال:
"هذا والشيخ المفيد بلغ درجة من العلم والفضل بحيث كان مرجعا ليس للشيعة وحدهم بل كان يرجع إليه المسلمون وغيرهم وينهلون من نمير علمه ولقد نقل أن الإمام الحجة نعاه بنفسه عندما توفي وكتب علي قبره:لا صوت الناعي بفقدك إنه يوم علي آل الرسول عظيم
عالم بهذه المنزلة يحذر من تكرر الخطأ منه فيجلس في بيته ويغلق عليه بابه ويقرر عدم الإفتاء، دون أن يجدي معه إصرار المراجعين، حتي بعث إليه علي ما ينقل - الإمام في أحد الأيام شخصا وقال له: يقول لك الإمام: أفد يا مفيد، منك الفتيا ومنا التسديد ثم اعلم أن الإمام بعثني علي الجماعة الذين استفتوك وقلت لهم: إن الشيخ يقول: "لقد أخطأت"، فشقوا البطن من الجانب الأيسر عندها أرسل الشيخ خلف الجماعة ليتأكد من الموضوع، فقال لهم: ماذا عملتم بالمرأة الحامل؟ قالوا: شققنا بطنها من الجانب الأيسر كما أخبرنا الشخص الذي أرسلته خلفنا بعد ذلك عاد الشيخ المفيد للإفتاء "
وحكاية أن الإمام الحجة أرسل للمفيد بوجوب أن يفتى كلام جنونى فكيف يفتى المفيد والإمام المعصوم عندهم موجود وعنده العلم كله كما يقولون ؟
وتحدث الشيرازى عن الشعائر الحسينية المزعومة فقال :
"العوام والإفتاء في الشعائر الحسينية!!:
إذا عرفنا هذا الاحتياط من العلماء في صدور الأحكام فلنلق نظرة علي واقعنا، وخاصة عندما يحل شهر محرم الحرام وذكري استشهاد أبي الأحرار الإمام الحسين تري العجب العجاب، في كثرة المتصدين للإفتاء من عوام الناس! فهذا يقول لبس السواد حرام، وذاك يقول بحرمة اللطم علي أبي عبد الله، وآخر يحرم التطبير، مع أن أحدا من المجتهدين لم يقل بحرمة أي من الشعائر الحسينية؛ لأن المجتهد لا يصدر الأحكام جزافا وبسرعة بل ربما أتعب ثلة من المجتهدين أنفسهم ثلاثة أسابيع - كما قلنا - دون أن يخرجوا بحكم قاطع في مسألة واكتفوا بالاحتياط، أما الجهلة من الناس فتراهم يتسرعون في إصدار أحكام ليس من شأنهم ولا من اختصاصهم دون أن يبالوا!
فكيف يمكن أن يكون اللطم علي الإمام الحسين حراما وهذا هو الشاعر دعبل الخزاعي ينشد أشعارا في رثاء الإمام المظلوم بمحضر الإمام الرضا ويقول فيها:
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا وقد مات عطشانا بشط فرات
إذا للطمت الخد فاطم عنده وأجريت دمع العين في الوجنات
والإمام الرضا لا يرده بل يستزيده فهل يمكن أن ينسب دعبل الخزاعي عملا محرما إلي فاطمة الزهراء ويسكت الإمام الرضا عنه؟!
ولقد سئل الإمام الصادق عن مسائل كهذه، فقال: وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات علي الحسين بن علي وعلي مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب ، فهل الفاطميات وزينب الكبري لا بل الإمام الصادق لا يعرفون الحرام، ويعرفه زيد من الناس أو عمرو؟
وهكذا الحال مع لبس السواد علي سيد الشهداء فلقد فعله المعصومون
اقرأ التاريخ ثم تكلم راجع كتب الفقهاء والرسائل العملية وبعد ذلك قل ما بدا لك
فها هو كتاب جواهر الكلام ذو الأربعين مجلدا، هذا الكتاب الضخم الذي لا يذكر صاحبه - وهو بحر من العلم - مسألة إلا ويذكر دليلها، وأصحاب الاختصاص يعرفون الجواهر وصاحب الجواهر هذا الرجل يستدل علي مسألة واحدة في باب من أبواب الفقه عبر عشر صفحات من كتابه ثم يناقش الاستدلال ويرد ثم يقول أخيرا: لا يمكننا أن نفتي والاحتياط سبيل النجاة!
تأمل جيدا: صاحب اختصاص يناقش مسألة في عشر صفحات ولا يقطع أخيرا، ثم يأتي رجل ليس بصاحب اختصاص وليس بمجتهد ويصدر حكما بسرعة، دون تفكير ودون دليل، ويقول لك إن العمل الفلاني حرام!
والعجيب أنه عندما تأتي مناسبة استشهاد الإمام الحسين وينصب عزاؤه يصبح كل شيء حراما وكل الناس فقهاء!! مع أن أحدا من المجتهدين لم يفت بحرمة أي من شعائر أبي عبد الله
إن الحكم بغير ما أنزل الله من أكبر الكبائر، حتي لقد تحدث الله عن رسوله وأحب الخلق إليه بتلك الصفة عندما تعلق الأمر بهذا الموضوع!
الفتاوي التي بها تحبس السماء ماءها"
حكاية الشعائر الحسينية كلام باطل فهى تتعارض مع روايات الشيعة أنفسهم ويكفى أنه أذى للفرد من خلال اللطم وجرح الجسم وهو حرج أى ضرر حرمه الله بقوله:
"وما جعل عليكم في الدين من حرج"
ثم لماذا يعاقب القوم أنفسهم على شىء إن كان قد حدث وهو لم يحدث هو أو غيره وهم لم يفعلوه ولا يمكن حتى ان يكون أبناء من ارتكبوه أو خذلوا الرجل موجودين في نفس المنطقة مع كثرة الحروب والمعارك فلو صدقنا حروب التتار فلا يمكن أن يوجد في العراق أحد ممن كانوا فيها لأنهم إما قتلوا أو هربوا مهاجرين لمناطق أخرى والنسل الحالى لا ينتمى لمن كانوا في القرن الأول
الأمر يتعارض مع قوله تعالى :
" ولا تزر وزارة وزر أخرى"
ثم حكى الرجل حكاية أخرى فقال :
"تنازع رجلان في عهد الإمام الصادق عند أبي حنيفة في كراء حيث اكتري أحدهما فرسا من الثاني للذهاب إلي مكان للقاء صاحب له ولكنه عندما وصل إلي ذلك المكان لم يلق صاحبه لأنه كان قد ذهب إلي نقطة أبعد منها، فاستمر في مسيره قاصدا إياه حتي بلغه، وهنا طالب صاحب الفرس أجرا أكثر لقاء المسافة الزائدة، لكن المكتري اعترض بأن الكراء كان بهدف الوصول إلي الصاحب وإن زادت المسافة، وحكم أبو حنيفة لصالحه استنادا إلي قاعدة فقهية أخطأ في فهمها، وهي «الخراج بالضمان» ولم يرض المكاري وطلب الاحتكام إلي الإمام الصادق ورغم أن الخلاف كان في دراهم معدودة وأن أبا حنيفة أخطأ في فهم القاعدة وأن الإمام الصادق وحفيد رسول الله فهو عنده علم رسول الله (ص) وكان أستاذا لأبي حنيفة، إلا أن الإمام لم يجب علي المسألة أولا بل قال قبل أن يجيب: بمثل هذا القضاء تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركاتها
أي أننا لو قلنا عن أمر إنه حرام مع أن الله لم يحرمه، أو إنه حلال وهو عند الله ليس بحلال، وكذا المكروه والمستحب والواجب فإن ذلك القول بغير ما أنزل الله يمنع الأمطار من النزول ويحبس بركات الأرض "
والهدف من الحكاية هو التقليل من شأن إمام محسوب على أهل السنة مع أنه في العديد من الكتب السنية والشيعية ينسب للشيعة وليس للسنة رغم شيوع كونه سنى وهو أبو حنيفة
الغريب أن رأى أبو حنيفة في الحكاية سليم وليس فيه شبهة خطأ بدليل أن الحكاية لم تذكر دليلا واحدا على الخطأ وكل ما قالته أنه مخالف للحق بلا دليل
وتحدث الشيرازى عن وجوب التورع عن الفتوى فقال :
"فلو سألك أحد: هل الشيء الفلاني حلال أم حرام؟ فلا تجبه من تلقاء نفسك بل سل مجتهدا وأعطه الجواب، فإن الله تعالي لم يجعل أحكامه بيد أي أحد، بل جعلها بيد نبيه (ص)وقال: وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
لقد قتل الأنبياء والأولياء في سبيل أحكام الله تعالي، وأخبر الإمام الحسين أخاه محمد بن الحنفية - لما أراد ثنيه عن الخروج إلي كربلاء - أنه رأي جده (ص)في المنام، فقال له:يا حسين اخرج فإن الله قد شاء أن يراك قتيلا!
فقال له ابن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون! فما معني حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج علي مثل هذه الحال؟
فقال له: قد قال لي إن الله قد شاء أن يراهن سبايا
لماذا شاء الله ذلك؟ لأن أحكام الله فوق الحسين وزينب وأم كلثوم "
حكاية أخرى لا يصدقها إلا مكذب بقوله تعالى :
" وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
ويكذبها عدم علم أحد بالغيب ككون الفرد يقتل بعد مدة وفيه قال تعالى :
"قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله"
وقطعا الحسين لم يقتل ولم تحدث كل تلك الأخبار التى فى الكتب الكاذبة فكلها يتعارض مع القرآن فى أن دولة المسلمين لا تتحول فى عهد الذين آمنوا برسول من رسل الله إلى دولة كافرة وإنما هذا يحدث هذا فى عهد الخلف وهم من بعدهم بقليل او كثير وفى هذا قال تعالى :
أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا"
ويتعارض أن من جاءوا أى اسلموا بعد المهاجرين والأنصار رضى الله عنهم وتعهد بدخولهم الجنة :
""والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم"
فكيف يرضى الله عن الكفار الذين خذلوا على والحسن والحسين وغيرهم ويدخلهم الجنة؟
قطعا تلك ألخبار لم تحدث فنحن نتعارك على تاريخ كاذب لم يحدث على الإطلاق فلا وجود وجود لمقاتل الطالبيين ولا لدولة بنى أمية وحتى بنى العباس فهى كتب فقط تم فرضها على الناس حتى يتفرقوا ويظلوا يتحاربون على شىء لا وجود له حسب كتاب الله
ثم قال :
"هل أنت أفقه من الإمام صاحب الزمان؟!
أما من يقول إن إخراج الدم علي الإمام الحسين حرام فنقول له: هل أنت أفقه أم صاحب الزمان وهو الذي يخاطب جده الحسين بقوله في زيارة الناحية المقدسة: لأندبنك صباحا ومساء ولأبكين عليك بدل الدموع دما فهل الدم الذي يخرج من العين أخطر أم الدم الذي يخرج من الرأس بالتطبير أو من الظهر بالسلاسل أو من الصدر باللطم؟ أم أن الإمام الحجة حاشاه- لا يعرف أن هذا العمل حرام ويعلمه فلان من الناس؟!
لقد نطحت زينب رأسها بمقدم المحمل حتي سال الدم من تحت قناعها فهل فعلت زينب حراما؟ ولماذا لم تندهش من فعلها؟"
حكايات أخرى لا أصل لها تتعارض مع نهى الله في كتابه عن الحزن بقوله :
"ولا تحزن "
فالمفروض أن يفرح المسلمون بموت أو استشهاد أحدهم لأنه دخل الجنة وليس أن يبكوا عليه
ألم يلاحظ الشيرازى كذب العبارة لأندبنك صباحا ومساء التى تعنى أنه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام فكيف سيعيش وكيف سيقضى حوائج الشيعة وكيف سيعلمهم وهو ليس عنده وقت لأى شىء سوى للبكاء والحزن ؟
ألم يلاحظ الشيرازى كذب العبارة لأبكين عليك بدل الدموع دما فلا يوجد بكاء ينتج عنه دم مهما طال ؟
ثم قال :
"الناس مسلطون علي أنفسهم
هناك حريتان موجودتان في الإسلام؛ حرية الفكر حيث يقول تعالي: لا إكراه في الدين وحرية العمل؛ للقاعدة المسلمة لدي الفقهاء «الناس مسلطون علي أنفسهم» ولقول رسول الله (ص)الذي أجمع المسلمون علي نقله وهو: الناس مسلطون علي أموالهم يتصرفون فيها بما يشاؤون أما الإضرار بالنفس فليس حراما في الإسلام إلا في موضعين واسألوا عن ذلك جميع الفقهاء؛ الموقع الأول هو الانتحار فهذا غير جائز في الإسلام، واستدل الفقهاء عليه بالآية الكريمة: ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ، وإن كانت في سياق آيات الجهاد لكن استدل الفقهاء بها؛ لاستدلال الأئمة بها في هذا المعني وكذلك لقوله تعالي: ولا تقتلوا أنفسكم
الموقع الثاني المستثني من جواز الإضرار بالنفس هو أن يتلف الإنسان أحد أعضائه أو إحدي قواه فلا يجوز للإنسان أن يعمي عينه أو يصم أذنه أو يقطع أنملة من أنامله هكذا عبثا وليس لعملية جراحية في ضرورة من الضرورات
كما لا يجوز للإنسان أن يشل قوة من قواه كالمرأة تقلع رحمها أو تشرب دواء يمنعها عن الإنجاب نهائيا - أما إذا كان شل القوة لفترة معينة فقال العلماء بجوازها - وكذلك الحال بالنسبة للرجل
أجل إن الإضرار بالغير غير جائز حتي لو كان بمقدار عود ثقاب، ولقد روي عن رسول الله (ص)قوله: ألا وإن الله عز وجل سائلكم عن أعمالكم حتي عن مس أحدكم ثوب أخيه بأصبعه ، فلو أن أخاك جلس إلي جانبك ووضعت طرف ثوبه بين إصبعين من أصابعك تريد أن تعرف نوع القماش مثلا وهو لا يعلم، فإن ذلك لا يجوز لك إن كنت تعلم أنه لا يرضي، ولسوف تسأل عن ذلك يوم القيامة بل يقول الفقهاء إن الإنسان مسؤول عن مثل هذا التصرف - لو كان غصبا - حتي مع زوجته كما لو كانت تستحي من ذلك ولا ترضي مثلا؛ فإن حق الرجل علي الزوجة لا يتعدي أمرين هما: الفراش وخروجها من البيت بإذنه، وليس له وراءهما أي حق عليها بعد ذلك، ولا يجوز له أن يلحق بها أدني ضرر
أما الإضرار بالنفس فكما قلنا هو جائز إلا في موردين هما قتل النفس أو تلف أحد الأعضاء أو القوي فهاهم الناس والتجار يسافرون في الحر والبرد وهم يتعرضون للأخطار وربما قللوا من نومهم أو غذائهم وربما مرضوا وهم في الفلك، وعلي هذا جرت سنة الناس ولم يبلغنا أن الأئمة منعوا أحدا رغم وجود احتمال للغرق والموت - غير الغالب طبعا – "
يوجد في الكلام خطأين :
الأول أن الإضرار بالنفس محرم إلا في موضعين الانتحار وجرح الأعضاء أو بترها او قلعها وهو ما يخالف أن الإضرار بالنفس واقع في الجهاد إما بالاستشهاد أو بالجروح
وأما أن سلطة الرجل على المرأة في أمرين الفراش وعدم الخروج من البيت إلا بأمره فيخالف أن له سلطات على أمور أخرى كاللباس المحتشم عند الخروج أو عند وجود أجانب في البيت أو تلبية طلبات الضيوف من الطعام والشراب كما قال تعالى :
"وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن"
وتحدث عن عدم تحريم القوم للتدخين مع ضرره اليقينى فقال :
"ولم ينه الفقهاء عن الضرر البالغ كالتدخين مثلا، فمع أن الأطباء مجمعون علي أن التدخين مضر بصحة الإنسان فهل سمعتم أن فقيها أفتي بحرمة التدخين؟ كلا بالطبع لأنه لا دليل لهم علي الحرمة بل الأصل «إن الناس مسلطون علي أنفسهم»
ومثل التدخين إدخال الطعام علي الطعام والنوم بعد الأكل مباشرة وأمور كثيرة أخري من هذا القبيل، واكتفي الشرع بكراهتها ولم يقل بحرمتها إلا في الاستثناءين المذكورين آنفا، وما ذلك إلا لأن الناس مسلطون علي أنفسهم " والخطأ التفرقة بين الحرمة والكراهية فالمكروه عند الله محرم كما قال تعالى :
"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها"
فهل الزنى والقتل ....وهم مكروهين عند الرب ليسوا محرمين ؟
ثم قال :
ولو كانت أحكام الله تعالي بيد الناس لأفتي كل واحد بها حسب أهوائه وتصوراته، ولانمحي الإسلام الذي بين أيدينا اليوم ولأصبح شيئا ثانيا! لكن جهاد المصطفي (ص)وإخلاصه في تبليغ ما أمر المولي تعالي به، وكذلك دماء أهل البيت سلام الله عليهم التي أريقت في سبيل ديمومة أحكام الله تعالي قد أبقتا علي الدين حيا نابضا إلي اليوم
إذن لو سئل أحد عن مسألة ولم يكن من أهل الاختصاص فعليه أن يحيل سائله إلي المجتهد الجامع للشرائط أو أن يسأله بنفسه وينقل عنه جوابه إليه، ولا يحق حتي لوكيل المجتهد أن يجيب من عند نفسه، بل عليه أن ينقل رأي مرجع التقليد فهو الحجة علينا، وقد علمنا كم يبذل المجتهدون من الوقت والجهد للوصول إلي استنباط حكم من أحكام الله تعالي، وربما لا يتوصلون إليه فيعملون بالاحتياط ولا يفتون "
وما قاله عن وجوب عدم افتاء من لا يعلم وإحالة السائل لمن يعلم أمر لا نخالفه فيه فهو واجب لقوله تعالى"
" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
وعاد مرة أخرى للكلام عن الشعائر الحسينية والتى لم يأمر بها الحسين أو غيره فهى أمر حادث بعد نزول الشرع فقال :
"لم يفت مجتهد بحرمة أي من الشعائر الحسينية
الأمر الآخر الذي ينبغي أن لا ننساه هو أن أيا من الشعائر الحسينية المعهودة لم يفت مجتهد بحرمتها، بل الفقهاء قاطبة أفتوا بجوازها بل استحبابها؛ فلا يجوز لغير الفقيه أن يفتي من عند نفسه بحرمة شيء منها، فيقول مثلا: إن اللطم علي الحسين أو التطبير أو التشبيه أو ضرب السلاسل حرام لأن فيها ممارسة لإيذاء الإنسان نفسه، مع أن كل هذه الممارسات لا تصل إلي حد خروج الدم من عين الإنسان، والإمام الحجة يمارسه، فلست أنا ولا أنت ولا غيرنا أفقه من صاحب الزمان ، وكلام غير المجتهدين ليس بحجة ولا يصح الأخذ به ولا يجوز نقله شرعا
يقول الله تعالي في آيات أخري: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وهذا الحكم إنما يكون طبعا بعد توفر الشروط الكثيرة المذكورة في الكتب الفقهية كشرح اللمعة والتبصرة وتسهيل الأحكام وغيرها وأول ما تقطع يمين السارق، ولا يكون القطع من الزند، بل تقطع الأصابع الأربعة فقط ويترك له الكف ليستعين به علي السجود؛ قال تعالي: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا
فمن قطع يد سارق من الزند فهو أعظم جرما عند الله من السارق نفسه، لأن السارق تحدي بصورة فردية حكما شرعيا واحدا، أما من طبق حكما من عند نفسه ونسبه إلي الله تعالي فقد ارتكب وزرا عظيما دونه السرقة بكثير "
وما قاله الشيرازى عن عدم تحريم علماء الشيعة للشعائر الحسينية يتناقض مع وجود فتاوى للقدامى والمحدثين بحرمتها