[align=justify]قراءة فى رسالة إلى الطبيب
المؤلف عبد الوهاب بن ناصر الطريري وهى تدور حول توجيه النصح إلى من يمارسون مهنة الطب وقد استهلها بالقول:
"هذه الرسالة:
إلى الإخوة الكرام الذين أشعرونا بنشوة الزهو حين نلقاهم فنزهوا بهم حيث نراهم في مواقع عملهم فتقر بهم الأعين، وتبتهج بهم النفوس.
فإلى الإخوة الأطباء ...
الذين عالجوا بمباضعهم عقدة الأجنبي في القلوب، فانحلت في نفوس كثيرة عقدة أن التفوق في العلوم التطبيقية والمهارة في الميادين الطبية حكر على أجناس من أهل الأرض لسنا منهم.
إليكم حديث الإعجاب وحديث الوداد ...
إليك أخي الطبيب المسلم حديث الذي لا يعلمك بمسئوليتك ولكن يذكرك بما تعلمه."
وقد خاطب الرجل الطبيب مبينا له أنه يصغى له المرضى ما لا يصغون لغيره وقطعا هم يصغون له خوفا من الألم واستمراره فقال :
"أخي الطبيب ...
إنك تدرك الوظيفة التي تقوم بها، إنها تعامل مع الصحة والعافية، مع المرض والاحتضار، مع الحياة والموت ...
إنك ترى انقياد الناس للطبيب، فهو المفتي لهم في شأن صحتهم ومرضهم، ودوائهم وغذائهم ...
إنك ترى المريض يعطي للطبيب ما لا يعطي لغيره، ترى المريض يصغي إلى الطبيب ما لا يصغي إلى غيره، ويكشف له ما يعتبره سرا عند غيره.
إنك أخي الطبيب تعايش الإنسان في لحظات لا يعايشه غيرك فيها: لحظات الضعف، الألم، الحاجة، المعاناة، الاحتضار، الموت."
وبين للطبيب أن هذا يجب أن يجعله على قدر المسئولية وهى تسليم الناس أجسادهم له فيقول:
"إن ذلك كله وما قبله مع ما جعل الله في قلبك من إيمان بالله وتعظيم لحرمات المسلمين يوجب عليك الورع ومراقبة الله عز وجل، واستشعار هذه المسؤولية وذلك بتمام النصح، وشدة الحذر، وبذل الوسع، واستفراغه في التعامل مع حاجة المريض وتفهم معاناته، وأن تنفر بكل طاقتك إلى حالة المريض المرضية، وأنت ترى أنه لا توجد حالتان مرضيتان متشابهتان، وأن هذه حالة تستوجب منك النظر إليها بكل قدرتك وطاقتك، وأنت تذكر قول نبيك - صلى الله عليه وسلم -، لجرير بن عبد الله البجلي: «أبايعك على الإسلام والنصح لكل مسلم». فتبذل وسعك وترفع الطرف إلى الله عند كل وصفة طبية تكتب أو عملية جراحية تجري لتعلن لربك أن هذا كل ما في طولك ووسعك، ويبقى لطف الله ورحمته قبل ذلك وبعده."
وخاطب الطريرى الطبيب مبينا له أن عمله يجب أن يبنى على نية العمل الصالح وأن عمله هو قربة لله أولا وليس لتحصيل المال أو الشهرة فقال:
"أخي الطبيب ...
إن مهنتك في تخفيف الألم، وإغاثة اللهفة، ومعالجة أوجاع الناس، عمل تقلبه النية الصالحة إلى عبادة من أفضل العبادات، فهل احتسبت أنك بعملك تغيث لهفة إخوانك المسلمين، وتفزع إلى عونهم؟! «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
إن إحسانك إلى الناس بمداواة أوجاعهم، والربط على قلوبهم، وتطييب نفوسهم، حسنة تتقرب بها إلى بارئك.
وإن الاحتساب وتصحيح النية يقلب العمل إلى عبادة زاكية، فإذا رباطك في العيادة، وعكوفك في غرفة العمليات قربة تتقرب بها إلى الله، وعمل صالح ترفعه إليه {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} "
وحذر الطريرى الطبيب من التكبر على الناس لأن مهنته تعطيه مكانة اجتماعية خاصة عند الناس فقال :
"أخي الطبيب ...
أستأذنك في الحديث إليك .. حديث المحذر من بعض مزالق الفتن، والله أسأل أن يعصمك من مضلات الفتن.
أخي الطبيب ...
إن وظيفة الطب لها ثقل اجتماعي كبير أنت أعلم به عندما دخلت في الطب طالبا في السنة الأولى في كلية الطب، وأنت اليوم أعلم به أخصائيا كنت أو استشاريا، فاحذر أخي في الله من مخالطة الشيطان قلبك بخواطر العجب، ووساوس الكبر، ونظرات الاستعلاء، فربك لا يحب المستكبرين، وقد نعى على قوم فقال: {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه}
وحذرك منه نبيك، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»."
وهذه المكانة فى الإسلام غير مبررة فى المجتمعات الحالية نتيجة الخلل الخلقى فيها وليست موجودة فكل أصحاب المهن مثلهم مثل بعض كل له مهمته التى لا يستغنى عنه فكل واحد بمهنته حجر فى المجتمع لو هدم أو انكسر فهذا يعنى أن الجدار ككل سينكسر
وحذر الطريرى من الاختلاط فى المشافى الحالية فقال :
"أخي الكريم ...
غير خاف عليك الوضع الحالي في مستشفياتنا والذي لا يراعي ما أمر الله به من الفصل بين الرجال والنساء، فمهما حاول الطبيب جهده فلا بد أن يلتقي بالمرأة طبيبة أو مريضة أو ممرضة، ولذا فإن عليه أن يحمي نفسه من الوقوع في الفتنة أو التورط في حبالة من حبالات الشيطان، وذلك بحماية النفس من النظرة المحرمة، فضلا عن الخلوة، فضلا عما هو أكبر من ذلك فحبيبك محمد - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء»."
والكلام صحيح فالمجتمعات بقوانينها الحالية لا تراعى مصالح النساء فكيف تعمل الطبيبة أو الممرضة ليلا سواء كانت متزوجة أو بكر مع الرجال ومع مرضى رجال؟
والحديث لا يصح فالفتن كثيرة وبعضها أكبر من بعض فى نواحى والفتنة الكبرى فى كالقرآن هى :
طرد الفرد من بيته كما قال تعالى :
"والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله"
إن تنظيم العمل واجب فيجب أن تعمل الطبيبات والممرضات بسبب الاضطرار لذلك فى فترة الصباح عند كونهن متزوجات واما غير المتزوجة فليس هناك اضطرار فى حالتها لأنها لا تترك واجبا شرعيا وهو تربية الأبناء وعمل البيت فى تلك الفترة
وأما لو فصلت المشافى وخصص بعضها للنساء وبعضها للرجال تماما بحيث كل من يتواجد فى مشفى النساء نساء بلا رجل واحد وكذلك فى مشافى الرجال بلا امرأة فهذا أدعى لعدم حدوث ما لا تحمد عقباه بسبب كشف العورات بين الفريقين
ثم قال متحدثا عن عدم تفويت الصلاة بسبب العمل فقال :
"تذكر أخي الكريم إن للشيطان مدخلا على النفس بتحبيب العمل إلى درجة الاستغراق فيه حتى يبدأ الطبيب في التخلي عن نوافل العبادات، أو المشاركة في شيء من العلم أو التقرب إلى الله بورد من الذكر، ثم يستغرق حتى ربما فوت صلاة الجماعة، ثم ربما بلغ به الاستغراق إلى أن يؤخر الصلاة عن وقتها، فكن على حذر من أن يسول لك الشيطان أن ذلك من النصح في العمل والإجادة فيه، فإن ذلك من الإخلال بعهد الله وهو أوثق، والتفريط بحقه وهو أحق"
وهذا الكلام الطريرى فيع مخطىء فالصلاة يجب تفويتها عند وجود أى حالة مرضية ينبغى علاجها خاصة عندما يتعلق الأمر بموتها أو حياتها فالحفاظ على حياة الفرد أولى من تفويت صلاة وصلاتها فى غير وقتها لأنه لو ترك يموت فسيكون قد اشترك فى جريمة قتل خطأ
ثم قال مطالبا الطبيب بإتقان العمل:
"أخي الطبيب المسلم ...
هذه معالم في الطب أستأذنك في التذكير بها لأن إسلامك يميزك، وعقيدتك تحكمك، فلك من دينك منهجك الخاص وسلوكك القويم، وصراطك المستقيم، تذكر أنه مطلوب منك أن تكون في المقدمة، أن تحرص على التفوق وسرعة صعود السلم ما أمكنك السبيل لذلك «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».
ولذا فإن مما يؤسف جدا أن يرى الطبيب والشاب الصالح طبيبا مقيما في المستشفى سنين عددا، إن الذي ينتظر منك القفز بكل قوة إلى المقدمة تفوقا ومهارة ورسوخا عليما"
ثم تحدث مطالبا الطبيب برحمة المرضى فقال:
"أخي الطبيب ...
لتكن ممارستك للطب مبنية على ضوابط الشرع وليس على أخلاقيات الغرب، فضوابطنا منطلقة من ديننا، وأخلاقيتهم لها منطلقاتها عندهم، والتي لا نشاركهم فيها.
أخي الطبيب ...
إن المريض يأتي إليك في حالة ضعف بشري وقد وصفنا الله فقال: {رحماء بينهم} والرحمة بالمريض تكون بحسن التعامل معه ومراعاة نفسيته والرفق به «والراحمون يرحمهم الرحمن».
ثم تذكر أخي في الله أن المريض في وضع مهيأ لتلقي الدعوة، واستماع النصيحة، فلا يفلت هذا الموقف منك دون دعوة أو إرشاد.
تذكر قصة يوسف الذي استغل حاجة السجينين إليه في تعبير الرؤيا فاهتبلها فرصة وانبرى لهما ناصحا.
فعليك بتقوية الإيمان بالله عز وجل في نفس مريضك، وإرشاده إلى الدعاء، وإرشاده إلى الذكر، وربط أمله وقلبه وأسبابه بالله عز وجل."
ثم طالبه عند اكتشافه أن مرض الفرد بسبب ارتكاب معصية كالتدخين والزنى وشرب الخمر أن يكون داعية فينصح المريض بالكف عن ذلك فقال:
"عند اكتشاف معاص يدل عليها الفحص الطبي كشرب الخمر أو مقارفة بعض الفواحش فإن على الطبيب أن يكون طبيبا للأديان كما هو طبيب للأبدان، وأن يمد يده لأخيه أخا وداعية وناصحا."
وطالبه بتلقين المحتضر فقال :
"على الطبيب عندما يشهد المريض في لحظاته الأخيرة وهو يودع الدنيا أن يلقنه أعظم كلمة قالها إنسان وأشرف كلمة يودع بها الإنسان الحياة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» عليها نحيا وعليها نموت.
على الطبيب الربط على قلوب الأقارب عند الوفاة والتحذير من المخالفات الشرعية كرفع الصوت والنياحة ونحو ذلك."
والتلقين لا يفيد أحدا طالما لم يكن نيته سليمة وعمله قبل مرضه صالحا وصبره على المرض
ثم قال :
"أخي الطبيب ...
إنك تشرف على عظيم خلق الله في جسم الإنسان، وترى من إعجاز الخالق في خلقه ما لا يراه غيرك، فالطبيب يرى ويدرك ما لا يدركه غيره، يرى نظام المناعة العجيب في جسم الإنسان، ويعلم طريقة الجسم في لأم الجروح وإعادة بناء الأعضاء والأنسجة المتضررة، يرى طريقة الجسم في الموازنة الدقيقة للأملاح، والضبط الدقيق لمستوى الهرمونات، والتحكم الكامل لمستوى ما يدخل وما يخرج من الجسم، يرى كل ذلك وما هو أعجب وأعظم من ذلك فينبغي أن يستنطق ذلك الألسنة تسبيحا وتعظيما لله، ويشرب القلوب إجلالا وإكبارا لمن هذا خلقه وهذا صنعه."
وطالب الطريرى الطبيب بالتواصل مع فقه الطب حتى لا يرتكب ذنوبا فى ممارسة الطب فقال :
"أخي الطبيب ...
عليك مراعاة سلامة العقيدة في نفسك وفي مريضك فلا يظن الإنسان طبيبا كان أو مريضا أن العلاج هو الشافي، وإنما هو سبب وسبب ضعيف أيضا، يصيب حينما ويخطئ حينا، وينفع حينا ويفشل حينا، لقن نفسك ومريضك {وإذا مرضت فهو يشفين}
على الطبيب التواصل ودراسة ما يمكنه دراسته من فقه الطب وقرارات المجامع الفقهية، والكتب التي عالجت أمورا ونوازل وواقعات من أمور الطب، وتوجد كتب - أحسبك بها عليم - للدكتور محمد علي البار، والشيخ بكر أبو زيد، وغيرهما تعالج هذه المعاني معالجة فقهية متبصرة.
إن الإسلام دين دفع حضاري وليس دين تعويق علمي، ولذا فقد قال العلماء كلمتهم في وفاة الدماغ، وزراعة الأعضاء، والإجهاض، وغير ذلك وبقي عليك واجب التعرف.
وفي الختام أودعك وأنا أسأل الله عز وجل أن ينفعك وينفع بك، ويجري الخير على يديك، وأن يجعلك مباركا حيثما كنت، موفقا حيثما توجهت، والله يتولاني وإياك بما يتولى به الصالحين من عباده وهو حسبنا ونعم الوكيل.."
هذه الرسالة رسالة شبه صحيحة يجب أن يقرأها كل طبيب خاصة مع وجود كثرة من الأطباء والطبيبات لم تعد تراعى الرحمة ممن خلال رفع أسعار الكشف وأسعار العمليات ومن خلال عمليات الربط بين الطبيب والمعامل المختلفة وشركات الصيدلة ربطا نفعيا ماليا لا يراعى بالأساس سوى الحصول على أموال المرضى بالحق أو بالباطل [/align]