قصر «ناماسكار» بمراكش.. حلم بلا حدود 1372114520225666500.

تحولت بعض الفنادق الفاخرة، في مراكش، إلى وجهات سياحية قائمة بذاتها، إلى درجة يتباهى معها السائح، حين عودته إلى بلده، بقضائه أياما من راحة البال والاستجمام في فندق «المامونية»، مثلا، قائلا لمعارفه: «لقد كنت في (المامونية)»، من دون أن يكون في حاجة إلى ذكر مدينة مراكش أو المغرب. ويمكن القول إن «سوق» الفنادق الفاخرة في مراكش هي سوق سياحية لها عالمها الخاص وزبائنها، الذين يبحثون عن المتميز والمتفرد من الخدمات، حيث يبحث بعض السياح عن الفنادق الفاخرة التي تحولت إلى علامات تجارية معروفة عبر العالم، يتباهون بالنزول فيها، تماما، كما يفعلون حين يتبخترون في الملابس الموقعة من أشهر دور الموضة العالمية. ولأن مدينة مراكش تقبل بالجميع، حيث يجد كل زائر نفسه فيها، فإن سياح مراكش أنواع وطبقات، إذ هناك أغنى الأغنياء، وهناك الأغنياء، كما أن هناك الآخرين: «الآخرون» تعريف وتصنيف يمكن أن نجمع تحته السائح المتوسط الدخل الذي يقتل أغلب شهور السنة في «جمع» و«توفير» مصاريف ومتطلبات السياحة في أرض الله الواسعة، كما ندخل ضمنه السائح الذي يأتي إلى مراكش، وجيبه في مستوى اللون الأحمر، لذلك تجده يقتصد في كل شيء، ابتداء من مكان الإقامة، وصولا إلى الهدايا، مرورا بالمأكل والمشرب.
من حسن الحظ أن مراكش توفر للجميع فرصة لزيارتها والاستمتاع بسحرها، وإن بدرجات متفاوتة. الأثرياء ينزلون بـ«المامونية» و«السعدي» و«غولف بالاس» و«تاج» و«فور سيزونز»، مثلا، حيث يمكن أن يصل مقابل ليلة مبيت واحدة إلى 10 آلاف يورو، أما متوسطو الدخل فينزلون بفنادق الأربع نجوم، التي قد لا يتعدى ثمن المبيت في غرفها المائة يورو. وإلى هؤلاء، هناك فئة يصعب تصنيفها، تنزل بفنادق مصنفة بين نجمتين أو ثلاث، دون أن يتعدى ثمن المبيت فيها الـ50 يورو. وحدهم «ضعفاء الحال» ينزلون بفنادق من نجمة واحدة أو غير مصنفة، يتراوح ثمن المبيت فيها بين 10 و20 يورو.
* الإقامة في مراكش
* هكذا هي «سوق» الإقامات السياحية في مراكش: أنواع وأشكال. ذلك يعتمد على اختيارات وجيب السائح. وما بين الإقامة في الفنادق الراقية، كـ«المامونية» و«السعدي» و«فور سيزونز»، وغيرها من الفنادق التي صارت تطلق في مناطق سياحية بعيدا عن ضجيج المدينة، والفنادق الشعبية، التي ينتشر معظمها في محيط وعمق المدينة القديمة، تتأكد المسافة بين الغنى والفقر، إذ في الوقت الذي يجد فيه الغني في الفنادق الراقية كل ما تشتهي نفسه، من مأكل ومشرب ومختلف وسائل الراحة، بداية من الحمام والمسبح، وصولا إلى مسالك التريض وقاعات الرياضة والتدليك وملاعب التنس ومسالك الغولف، حتى أن السائح يستطيع أن يصل إلى هذه الفنادق، مباشرة، من المطار، ليغادرها، مباشرة، إلى بلاده، من دون أن يكون في حاجة إلى زيارة المدينة، تكاد تنعدم في كثير من الفنادق غير المصنفة، حتى «بيوت الراحة». وفيما تقترح الفنادق الفاخرة على السائح كل ما يحلم به من خدمات، تكتفي الفنادق غير المصنفة باقتراح غرف نوم «حافية» على نزلائها.
في مراكش، لا يكاد يمر شهر دون أن يعلن عن افتتاح وحدة فندقية راقية. الواقفون خلف هذه المشاريع يعرفون أن للمدينة الحمراء عشاقها من الشخصيات المؤثرة في العالم ومن كبار رجال السياسة والاقتصاد ونجوم الفن والرياضة، الذين يعشقون الفخامة، التي لا يمكن أن توفرها إلا فنادق استثنائية ومدهشة. ومن بين الإقامات السياحية الفاخرة التي عززت بنية مراكش، قبل أقل من سنتين، نجد قصر «ناماسكار»، الذي يصنف ضمن خانة الفنادق الفاخرة والاستثنائية، وهو تابع لمجموعة «أوتكر» الفندقية العالمية، وعضو في «ليدينغ هوتيل أوف ذي وورلد». وهو تحفة معمارية ابتكرها الملياردير الفرنسي فيليب سولييه، أحد كبار المستثمرين في الملاحة البحرية واللوجستيك على الصعيد العالمي، فيما توفق المهندس عماد رحموني في منح زبائنه الرفاهية فضاء مدهشا يبدو كما لو أنه صممه لكي يكون، في مختلف تفاصيله، عملا فنيا راقيا، على شكل واحة حقيقية، بحدائق وبحيرات تضمن الاسترخاء والانتعاش في آن.
ورغم أن عمره لم يتجاوز السنتين، فقد استطاع القصر أن يؤكد حضوره البارز في عالم الضيافة العالمية بالفوز بعدد من أرقى الجوائز والتنويهات، حيث نال جائزة فندق السنة، التي تقدمها مجلة أوروبيان هوسبيتيلتي أواردز، كما أنه صنف ضمن الـ101 أفضل فندق في العالم حسب مجلة «تاتلر»، وتم تصنيفه كأفضل فندق للعام ضمن قائمة أبرز فنادق عام 2013 من طرف هاربرز بازار، وأفضل فندق لعام 2013 من طرف مجلة «روب روبرت» الأميركية.
* زوار القصر
* وإضافة إلى الجوائز، فقد استطاع القصر أن يضمن لنفسه مكانا في خريطة السياحة العالمية الراقية، إذ سجل خلال النصف الأول من هذه السنة نسبة إشغال عالية، أما النزلاء فهم مشاهير ونجوم عالم الرياضة والاقتصاد والفن والسياسة، من روسيا إلى أميركا، مرورا بمنطقة الشرق الأوسط. وختمت زينب زنان، من فريق عمل التواصل والتسويق بالقصر، تقديمها لقصر «ناماسكار»، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، بسرد عدد لا يكاد يحصى من المشاهير ونجوم العالم الذي نزلوا بالقصر، منتهية بذكر اسمي مسعود أوزيل وسامي خضيرة، لاعبي الفريق الإسباني لكرة القدم، ريال مدريد. أما عن عالم الفن والموسيقى فذكرت ماك جاغر، عضو الرولينغ ستون، فرقة الروك الإنجليزية الشهيرة.
ويقع قصر «ناماسكار» في منطقة النخيل، الواقعة ضمن امتداد جبال الأطلس وتلال الجبيلات. ويتراوح سعر المبيت فيه لليلة الواحدة بين 5 آلاف يورو، بالنسبة للقصور، و500 يورو، بالنسبة للغرف. ويقترح ضمن الخدمات، التي يوفرها لزبائنه، سيارات ليموزين وطائرة خاصة. وهو يبعد عن مطار مراكش المنارة بنحو 30 دقيقة بالسيارة، وعن ساحة جامع الفنا بـ25 دقيقة. ويمكن الوصول إليه عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، بعد 30 دقيقة بالطيران، على متن طائرة فالكون 900 إل إكس التابعة للقصر.
* الوهلة الأولى
* أول شعور ينتاب الزائر وهو يلج بوابة قصر «ناماسكار» هو الفخامة التي تميزه، إضافة إلى هندسته التي تذكرك بأبرز البنايات الرومانية، لكن بلمسة هندية، كما أن الخضرة طاغية والبرك والمسارات المائية في كل مكان، أما أشجار النخيل والزيتون فباسقة، فيما تنقل زقزقة العصافير لهدوء جميل.
زبائن القصر، حسب فرانك مارينباخ، الرئيس التنفيذي لمجموعة «أوتكر» الفندقية الألمانية، المفوض لها تسيير القصر، هم «زبائن مراكش وعشاقها: الشخصيات المؤثرة في العالم والمشاهير وكبار رجال السياسة وعشاق الفخامة. قصر ناماسكار هو فندق استثنائي له زواره من أوروبا ومختلف أنحاء العالم وحتى المغرب»، قبل أن يضيف: «قصر ناماسكار هو أكثر من فندق. إنه وجهة متكاملة ورؤية فريدة للفخامة، وتجربة أصيلة، ونقطة جذب أخرى لاستقطاب مزيد من هؤلاء الذين يتعقبون كل شيء استثنائي ومدهش وثمين».
ويمتد قصر «ناماسكار» على مساحة 5 هكتارات، وهو يتصل بحدائق تم تنسيقها بشكل رائع. وفيما تبقيك الفنادق غير المصنفة مرتبطا بالأرض التي تمشي عليها، يرفعك قصر «ناماسكار» إلى مستويات من الحلم، ضمن مساحة يتداخل فيها التاريخ بالجغرافيا، فتبدو كما لو أنك في بلاد الهند، أو بإحدى جزر الشرق الأقصى، أو في بغداد، زمن هارون الرشيد، وليس في مراكش، في بداية القرن الواحد والعشرين، حيث تحول الخضرة القصر إلى حديقة بهية الأوصاف، مكسوة بمختلف الأشجار والنباتات، مع امتداد مائي يغطي حيزا بحجم هكتار ونصف من البرك والأحواض والمسابح، بحيث يبدو للزائر كما لو أن كل شيء في القصر قد بني فوق الماء، عبر هندسة تبرز فيها عناصر مستوحاة من مفاهيم «فانغ شوي» مع لمسات أندلسية، ممتزجة بخطوط شرقية وعصرية في تناغم جذاب، فيما تزيد القباب المذهبة، التي تعلو الأبنية، القصر غموضا، يلف العين والقلب.
* تفاصيل القصر
* يتكون قصر «ناماسكار»، من ثلاثة قصور و10 فيللات و18 غرفة وجناحا، تم تجهيز عدد منها بجاكوزي خارجي ومسبح خاص. للقصور أسماء تعبر عن المكان، كالقصر الجبلي والقصر المائي، فيما التكنولوجيا الحديثة لا تغيب عن الغرف والأجنحة والقصور.
وتبقى خدمة المأكل والمشرب من بين مميزات القصر، حيث يطل مطعم «لو ناماسكار» على بركة السباحة الرئيسية، فضلا عن فضاء الشاي، ومقهى السطح المتميز بإطلالته الساحرة على المناظر الرائعة التي توفرها جبال الأطلس وتلال منطقة الجبيلات.
كما يضع القصر رهن نزلائه صالة للألعاب الرياضية مزودة بأحدث التجهيزات، ومسار تريض بطول كيلومترين، مع مختصين في التدريبات الرياضية واليوغا، فضلا عن حمّامات تقليدية راقية. ويتيح موقع القصر فرصة الاستمتاع بعدد من النشاطات الرياضية والترفيهية، الأخرى، كركوب الدراجات الرباعية والهوائية، وركوب الجمال والخيول، والقيام بجولات في الطبيعة، أو ممارسة رياضة الغولف.
فيليب سولييه، مالك الفندق ومبدعه، كتب أن قصر ناماسكار «هو تجربة استثنائية، إنه نمط حياة. كان هدفي من بنائه هو ابتكار جنة لأعيش فيها وأنفصل من خلالها عن العالم الخارجي»، قبل أن يضيف: «عندما كنا في مرحلة الإعداد لمختلف تفاصيل قصر ناماسكار سألني عماد رحموني: كم حجم الميزانية المحددة للمشروع؟ أجبته: إنها ميزانية بلا حدود من أجل حلم بلا حدود».
منقول