قراءة فى كتيب أفضل أيام الدنيا
المؤلف أحمد بن صالح بن إبراهيم الطويان وهو يدور حول الحج وأيامه وهو يستهل الكتاب بذكرى نزول القرآن فى مكة وأن منها خرجت الرسالة وهو قوله:
"على ثرى مكة الطاهر وبطاحها المقدسة، حيث البيت الحرام والكعبة الشريفة، حيث أحب البقاع إلى الله، نزل وحي السماء: نزل القرآن.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ..
كبر الله بالتوحيد والتقديس والتعظيم ..
فهو سبحانه الكبير المتعال المستحق للتكبير.
إن كل أحد، وكل شيء، وكل قيمة، وكل حقيقة صغير، والله وحده الكبير ..
ويتوارى كل شيء مهما عظم في الدنيا أمام جلال الله وعظمته فهو الكبير المتعال ..
الله أكبر كبيرا .. والحمد لله كثيرا .."
وتحدث عن أن الله أوجب الحج على المسلمين إن استطاعوا فقال :
"أوجب على عباده الإتيان إلى بيته الحرام، وجعل ذلك مكفرا للذنوب، وماحيا للسيئات والأوزار، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم» [رواه البزار (حسن)]"
والحديث الخطأ فيه هو القول وسألوه فأعطاهم فالله لا يعطى كل من سأله كل شىء وإنما يعطيه حسب ما شاء وهو ما قدر عفى لوح القضاء كما قال تعالى :
"بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء"
ولقد سأله إبراهيم(ص) فى مكة العهد على تكون ذريته كلها أئمة مسلمون فاستجاب له فى بعضهم ولم يستجب له فى الظالمين منهم فقال :
" قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"
وتحدث عن تمييز مكة فقال :
الله أكبر، ميز هذه البلاد ببعثة سيد المرسلين فيها ونزول الوحي في أرجائها، فهي حاملة لواء الإسلام ورسالته، يأتيها الناس من كل فج عميق، ويستقبلها المسلمون في كل صلاة، وتنجذب إليها قلوب المؤمنين الصادقين، فأي شرف أعظم من ذلك الشرف، وأي عز أعز منه؟!
لم تفخر هذه البلاد إلا بهذا الدين العظيم ولم تتشرف إلا بالانتساب إليه ..
فيها المنتدى الأعظم والمؤتمر الأكبر؛ حين يجتمع المسلمون من جميع البقاع في حج هذا البيت .. ويردد على ثراها الله أكبر ..
لقد فاقنا العدو عهرا، وكفرا، وإلحادا، وفسادا، واختلاطا، وانحلالا ..
فلم يجن من ذلك إلا الويلات والثبور ..
واقرأ في أخبار القوم لتعلم مصيرهم .."
والخطأ فى الكلام هو تمييز هذ البلاد ببعثة سيد المرسلين فيها ونزول الوحي في أرجائها والحديث به خطأين ألأول كون محمد(ص) سيد المرسلين مع أن المؤمنون اخوة كما قال الله ليس منهم سيد ومع أن لسان حال المسلمين فى القرى، يقول:
" لا نفرق بين أحد من رسله"
فلا تمييز لمحمد(ص) على الرسل(ص) ولا على المسلمين الأخرين لكونه مثلهم كما قال :
"قل إنما أنا بشر مثلكم"
الثانى تمييز بالبلاد بالرسالة ومكة لم تتميز بالرسالة وإنما بالبيت الحرام لأن الله أرسل الرسل لكل الأمم فى أنحاء الأرض فقال:
" وغن من أمة غلا خلا فيها نذير"
وقال:
" ولكل قوم هاد"
وتحدث حديثا لا لزوم له لكونه بائن العوار فقال:
"ونحن الذين كرمنا بالإسلام وبالانتساب إليه ماذا نريد منهم أن يقدموا لنا؟!
لقد أنعم علينا بالنعم فلم نشكر ..
إن تلك الأموال التي يخوضون فيها بغير حق، ويبذلونها في غير شرع ..
إنه مال الله الذي آتاهم فلم يشكروه ..
إن الصيد كله في جوف الفرا ..
إن الكرامة في هذا الدين، ولكن ليت قومي يعلمون ..
هل يظن السفهاء من الناس أن هذه البقاع المقدسة، والبلاد المباركة، عزها وشرفها لتخليها عن دين الله؟
هل هو بعرى نسائها واختلاطهن بالرجال؟!
هل هو بإعلان الفواحش والتفاخر بها؟!
هل هو بارتضاع اقتصاديات الكفار وأخلاقهم؟!
إنه والله بقوله تعالى: {وربك فكبر * وثيابك فطهر}.
كبر الله فهو الكبير، وتطهر من أدناس الجاهلية والشرك طهارة من أرجاس الشرك والفساد ..
طهارة كاملة تقتضي البعد عن كل ما يفسد الخلق والدين، والبعد عن أسباب الفساد والإفساد .."
هذا الكلام خطأ كبير فقد كان مكة واحد من أكبر بلاد الكفر فى عهد محمد (ص)وكانوا أعدائه كذبوه وحاربوه ومع هذا ظلت البلدة مكرمة طاهرة عند الله ومن ثم فكرامة البلدة ليست بأهلها سواء كفرة أو مسلمين وإنما التكريم لها من الله
وحدثنا عن كون العمل فى العشر المباركات أفضل من العمل فى كل الأيام الأخرى فقال :
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، في أيام العشر المباركات (أفضل أيام الدنيا عند الله؛ عشر ذي الحجة).
أفضل الأيام عند الله (ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر).
(العمل الصالح فيها أحب إلى الله .. ).
(ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى ... ).
هكذا نطق النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- بفضلها، فيها يكبر المسلمون في أيام معلومات ومعدودات شكرا؛ لله على هدايته لهم، وتعظيما له سبحانه وتعالى."
قطها هذا الحديث لم يقله النبى(ص) للتالى :
أنه مخالف لكتاب الله فى ثواب الأعمال وهى :
عشر حسنات للعمل غير المالى كما قال تعالى :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
سبعمائة حسنة أو ضعفها فى العمل المالى كما قال تعالى :
"مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء"
أن أيام الحج ليست عشرة فهذا العدد وهو الثلث الأول من الشهر يعنى أن أيام الحج الاثنين أو الثلاثة بعد العشر وهى أوكد أيام الحج ليس من أيام الحج وفيها قال تعالى :
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى"
وتحدث عن التكبير فقال:
"فيها العج والثج وأيام الحج ..
وحين تسمو النفوس، وتلازم التكبير في هذه الأيام المباركة، يضفي التكبير على النفوس السكينة والطمأنينة بذكر الله، ويستشعر المسلم مكانته الحقيقة التي ينبغي أن يكون عليها ..
الله أكبر، توحيد لله {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر من كل شيء، من كل قوة، ومن كل بطش، ومن كل جبروت، تتضاءل أمام المسلم قوة الجبابرة، وتهوى أمامه كل قوة تخيفه ..
فالله أكبر، الله أكبر ..
الله أكبر، الله أكبر .. قوة في قلب المؤمن فلا يتعلق قلبه بغير الله فلا يرجو أو لا يخاف إلا الله وحده ..
فالمسلم يستصغر كل كيد، وكل قوة، وكل عقبة،حين يتعلق بالله العلي الكبير فيتساقط أمام المسلم كل كبير يظنه في الدنيا ..
الله أكبر، الله أكبر، فما من قوة فوق الله ذي البطش الشديد، فعال لما يريد ..
الله أكبر فمن يرزقكم غير الله .. {أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور}.
فمن يرزق البشر إن أمسك الماء، أو أمسك الهواء، أو أمسك الحياة، أو أمسك الطعام والشراب، أو أمسك الصحة والعافية، أو أمسك النهار، أو أمسك الليل، أو أمسك الشمس أو القمر ..
{قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}.
الله أكبر .. فمن الذي يجترئ على محارمه، وينادي بالتخلي عن الفضائل والانغماس في الرذائل؟!
أما يخشى هذا وأمثاله غضب الله وعقابه؟! أن يشل الله أيمانهم ويخرس ألسنتهم ..
الله أكبر، وأجل وأعظم ..
وغيره ذليل وحقير، لا سلطان إلا سلطانه ولا قهر إلا له.
{وهو القاهر فوق عباده}.
الله أكبر، ليس في الوجود كلمة اعتزاز أعظم منها.
الله أكبر (الكبرياء ردائي والعز إزاري فمن نازعني في شيء منهما عذبته) ..
الله أكبر، كل شيء بقضائه وقدرته ..
الله أكبر، من الذي يضركم دون مشيئته؟!
الله أكبر، فمن الذي ينصركم من دونه؟!
حين يبقى المسلم حرا طليقا عزيزا ..
الله أكبر، حين يقولها من يهم بإثم أو معصية.
فيقشعر جلده ويرتدع عن معصيته ..
وليتذكر أن لله عينا لا تنام، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور {يعلم سرهم ونجواهم}، {وهو معكم أين ما كنتم}، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
الله أكبر .. يرددها الغني ويعلم أنه هو الغني الحميد، وأنه من أفقر الناس إن لم يتوصل بماله إلى رضى الله والجنة.
فلا يغتر بماله ولا تبطره ثروته وثراءه ..
الله أكبر، يرددها الفقير فيعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ..
فلا يذله الفقر لغير الله .. ويتذكر {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء}.
الله أكبر .. يرددها الصحيح السليم، المنعم عليه بالعافية والقوة والنشاط، فلا ينخدع بالصحة والعافية، وهو الذي يسلبها إن شاء، ويضع المرض والعلة مكانها.
فهو سبحانه الذي يبدل الصحة مرضا والقوة ضعفا ..
الله أكبر .. يرددها المريض فيجد فيها داء ناجحا، وبلسما شافيا، فهو سبحانه الذي تتعلق به القلوب، وهو الشافي سبحانه وحده لا شريك له ..
يتذكر أن الله هو الرحيم بعباده فلا يعقد الأمل بغيره {وإذا مرضت فهو يشفين}، {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}.
الله أكبر .. يقولها المتكبر المتسلط، فيعلم أن الله أكبر وأعظم وأقوى، فيخاف الله ويرجع .. جاء النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى أبي مسعود - رضي الله عنه - وهو يؤدب غلاما له، فناداه من خلفه وقال: «يا أبا مسعود أعلم أن الله أقدر عليك منك عليه»، فقال أبو مسعود: هو حر لوجه الله .. الله أكبر، يرددها المظلوم فيقوى بها على الظالم .. ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
أيها الإخوة في الله ..
يزداد الله أكبر في هذه العشر وفي غيرها بفهم وعزم وتدبر وتأثير ..
الله أكبر .. سلاح ما أعظمه، وعقيدة ما أصلبها، وخير ما أكثره وأوفره!!
فما قيل: الله أكبر، في ضيق إلا اتسع، ولا كربة إلا انفرجت، ولا شدة إلا زالت، ولا مصيبة إلى جبرت.
هي فسحة للقلوب، ونور للصدور، فما أجمل أيام العشر بها .. تصفو النفوس بترديدها وتسمو القلوب بتدبرها.
وإن دعينا إلى نظم وحضارات، ووصفت بالعلو والمكانة والرفعة، قلنا: الله أكبر وأعلى وأجل .. قال أبو سفيان يوم أحد: أعل هبل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - قولوا: «الله أعلى وأجل» ..
فلنقابل كل دعوة تدعونا للتخلي عن ديننا، أو تصف الكافرين بالتقدم والعلو والازدهار، أن الله أكبر وأعلى وأجل ..
فهل تتغير قلوبنا بالتكبير في هذه العشر،
فتنشرح الصدور بالقرآن، والذكر، والتكبير، والتسبيح، والتهليل ..
وتسعد النفوس بالصيام، والصدقة، والبذل، والإحسان؟!"
وكل هذا الكلام يدل على فهم خاطىء للتكبير فالتكبير ليس مجرد قول الله اكبر ولا هو مجرد أن يعرف قائله أن الله قادر عليه فالله أكبر معناها :
طاعة حكم الله لأنه الخالق فهذا هو التكبير فمعنى قوله " ولتكبروا الله على ما هداكم" هو :
ولتطيعوا الله بما أنزل عليكم