قراءة في بحث المصطلح القرآني والثقافة الوافدة
المؤلف هوارية لولاسي ويبدو الاسم اسم أنثى والله أعلم من الجزائر والبحث يدور حول استبدال الناس أو بالأحرى الأنظمة الحاكمة مصطلحات وهى تسميات القرآن بتسميات أخرى أطلقت عليها الباحثة وافدة وفى الحقيقة أنها ليست وافدة وإنما مقصودة من قبل تلك الأنظمة لصرف الناس عن الإسلام من خلال ألفاظ في ظاهرها تبدو في بداياتها لا عداء بينها وبين الإسلام في الغالب ولكن بعد مدة يتبين المدقق أنها حرب على الإسلام
وقد استهلت الباحثة بحثها بتقرير عدم حرمة استبدال المصطلحات فقالت:
"لا ضير من استعمال المصطلحات الوافدة واستئناسها في المجالات العلمية أو القانونية أو السياسية أو غيرها وقد أشار المفسرون إلى اشتمال القران على ألفاظ غير عربية من الطور العبرية والمشكاة الحبشية والقسطاس الرومية ... وقد شاع بين الفقهاء عبارة تعكس ذهنية منفتحة على ثقافات الأمم أو هي جملة لا مشاحة في الاصطلاح.
إذن لا ضير من استعمال المصطلحات الوافدة ولا التوقف أمامها موقف المتعصب للغة القوم على أن تدخل المادة في معاجم اللغة بعد أن ينظر في مداليلها وإيحاءاتها فان بدت منسجمة مع ثقافتنا ومبادئنا الدينية فلا غضاضة في أخذها واستخدامها، أما إذا كانت عكس ذلك فالواجب رفضها لأنها تختلف أو لا عن الأجواء التي نعيشها وهي غريبة كونها ولدت في أجواء غريبة عن معتقدنا, وعن قيمنا, وعاداتنا, وتقاليدنا، وعلي سبيل المثال المصطلح الشائع بيننا الاستعمار, بينما عندنا في الخطاب الإسلامي أدق الدلالات لحقيقة الاستعمار, وهو الاستضعاف.
وعليه فالبديل نسج, أو تخريج, أو نحت مصطلحات بوحي من واقعنا, وفكرنا وتراثنا, ولا مانع أن دخل المصطلح الأجنبي ثقافتنا, على أن نلبسه ثوب الشرعية ونجرده من مضمونه الفكري, المنافي لقيمنا, وفكرنا وثقافتنا."
وما قالته هوارية هنا يعكس جهلا والأخطاء في المقدمة هى :
الأول الإباحة الشاملة في بداية الكلام " إذن لا ضير من استعمال المصطلحات الوافدة ولا التوقف أمامها موقف المتعصب" وهو ما يتناقض اشتراطها عدم غرابة المصطلحات في قولها" أما إذا كانت عكس ذلك فالواجب رفضها لأنها تختلف أو لا عن الأجواء التي نعيشها وهي غريبة كونها ولدت في أجواء غريبة عن معتقدنا"
الثانى أن المصطلح سمته خطاب إسلامى والمصطلحات مرتبطة باللغة وليس بالدين إلا إذا حملت معنى يراد من خلفه اقصاء الإسلام ومثاله الشهير في أنظمة بلادنا مصطلح الديمقراطية بديلا عند البعض للشورى وهو ليس مصطلح لغوى وإنما نظام يقصى حكم الله ويضع مكانه حكم الشعب الذى هو حكم الطغمة الحاكمة وهو يؤسس لفرقة المسلمين مخالفا وجوب اعتصامهم وهو اتحادهم على حبل الله كما قال تعالى:
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"

وقد ناقش تلك المسألة الصادق النيهوم في كتابه محنة ثقافة مزورة
والباحثة ترى أن استعمال القرآن لكلمات يظن أنها من خارج اللغة العربية هى مرونة لادخال أى مصطلح أجنبى فتقول:
"ولو أن القرآن أبدى مرونة اتجاه المصطلحات الوافدة، إلا أننا نؤكد على أولوية استخدام المصطلحات القرآنية في أعلامنا، وجامعاتنا وحياتنا بكل أبعادها، فهو كلام الله أولا والذي ألجم فصحاء العرب وأنه بشهادة العدو، يعلو ولا يعلى عليه"
وهذا الكلام هو خطأ فادح يتعارض مع كون كل رسول أرسل بلسان قومه فتلك الكلمات هى عربية وإن كانت موجودة في لغات أخرى فهو من باب المشترك اللغوى بين لغتين أو اكثر وفى هذا قال تعالى :
" وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم"
وتحدثت عن وجوب نشر التسميات القرآنية في عصرنا بديلا لطغيان للعجمة فقالت:
"ثانيا هو تطويع للسان العربي الذي بدأت تدخله العجمة، وتضيع بعض من سماته النطقية واستخلاف المصطلح الأجنبي، واستحواذه على الألسن، حيث أصبح الناطق باللغة العربية لا يمت بصلة إلى الحضارة، والمدنية، وأن النطق باللغات الأجنبية امتياز وتقدم, منطلقين من موقع عقدة نفسية، والانبهار بحضارة الآخر. فمهمة أصحاب الفكر والثقافة، الترويج للمصطلحات القرآنية، واستخدامها في محاوراتهم، ومواعظهم وخطبهم، وقداسة القرآن لا تكمن في كلماته حتى لا نحركها ونستخرجها, بل القداسة تكمن في تأويله."
وكان على الباحثة أن تفرق بين العجمة وبين المصطلحات الكفرية فنحن كمسلمين لا نرفض أن يسمى كل قوم لهم لغة غير العربية بأسماء من لغاتهم شرط أن تحمل نفس المعنى العربى في القرآن لأن الله لم يقل بمحو اللغات الأخرى وإنما جعل اختلاف الألسنة وهى اللغات آية من آيات قدرته فقال :
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
إذا المرفوض هو المصطلحات الكفرية مثل الديمقراطية الحزبية حرية الرأى حقوق المثليين حقوق الشواذ العلاقة الحب بمعنى الزنى
وضربت الباحثة مثال على رفض بعض الفقهاء فى عصرنا استعمال كلمة الكافرين فى مخاطبة النصارى فقالت:
"لذلك لا ضرر من استعمال بعض المصطلحات الواردة في الكتاب والسنة, وقد لا تفهم المصطلحات القرآنية الفهم الدقيق، وعليه قد تستعمل في غير مدلولها أحيانا، فلقد رفض بعض الفقهاء استعمال كلمة الكافرين عند مخاطبة المسيحيين ومحاورتهم، فحمل إنكار ذات الله مع أنهم ليسوا بذلك والقرآن العظيم يخاطب بألطف العبارات وهي أهل الكتاب، فأما الموارد التي نعتهم فيها بالكفر، فلم تكن في مورد المخاطبة، بل في تصحيح معتقدهم الذي ينسبون فيه بنوة المسيح إلى الله، والكافرون عادة هم المشركون، وليس أهل الكتاب."
وهذا الرفض هو رفض مخالف لكتاب فنحن عند النصارى وعند غيرهم كفار ومن ثم لا ضير في استعمال الكلمة لأن الله وصفهم بعضها في موضوع متعددة مثل :

" إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين"
ومثل:
"ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب أن ينزل عليكم من خير"
وتحدثت الباحثة عن عقدة يسمونها عقدة الخواجه وهى عقدة المغلوب وكونها لابد من القضاء عليها فقالت:
"والعقدة المتداولة هي الاندهاش, والانبهار بالآخر على أساس انه الأكثر فهما وامتلاكا للمادة والقوة، وانطلاقا من عقدة نقص, وزعزعة الثقة بالنفس.
وفي عرف المغالطة أن القرآن استنفذ طاقته المعرفية, وفقد كفاءته وصار ينتمي إلى ثقافة الماضي (فالنص له دوال إشارية ودلالية, قد تفقد قدرتها على الإشعاع, ولكنها لا تموت أبدا, إذ تظل لها القدرة على القيام بوظيفة الشاهد التاريخي...)
ومصطلحات القرآن لن تموت ما دام القرآن بين أظهرنا, ولان هذا الدين اختار لبقائه لغة تصلح لكل جيل, ولكل زمن, وذات بعد إنساني, وهي موكلة لخدمة خليفة الله في الأرض."
وتحدثت الباحثة عن أن ثقافة الغرب فرضت نفسها علينا فقالت:
"المصطلح العربي وثقافة التقليد :
الثقافة الغربية فرضت نفسها على وطننا العربي ليس من باب نشر العلوم ومد العون للأخر, بل هي نوع من التسلط الثقافي, وفرضت لغتها من خلال ما تعرضه من تقنيات علمية, وحصرت اللغة العربية في مجال الفقه, والشعر, والأدب, وكأنها لا تصلح أن تكون لغة علم, وطب, وهندسة, لافتقارها في اعتقادهم إلى المصطلحات التقنية المعاصرة, والغريب أن من يشتغل بالاشتقاق والتوالد يؤمن بقصور العربية في مواكبة العصر والانفتاح, وطأطأة الرأس أمام الإبادة الثقافية, وقد أدرجت هذه الكلمة مجال الخطاب حوالي 1970 للدلالة على عملية مثاقفة مفروضة على ثقافة من لدن ثقافة أخرى أقوى والإبادة الثقافية عادة ما تقوم بها الدول المسيطرة صناعيا أو الغازية أو المعولمة, وقد تجد لمصطلح الإبادة الثقافية ما يقابلها من مصطلح الثقافة الغالبة, التي أبادت الثقافة المغلوبة, ورجوعا إلى أول استعمال لهذا المصطلح سنة م بأمريكا خلال حربها مع الهنود الحمر .
إن السيطرة الثقافية لها جذور في التاريخ, تعود إلى عصر الاسكندر الأكبر, فقد سعى إلى نشر الثقافة اليونانية في العالم, وهذا النوع من العولمة السابقة لا تزال جذورها تضرب بعمقها إلى يومنا هذا باسم العولمة الحديثة, قد تختلف في وسائلها وطرقها لكنها لا تختلف في جوهرها"
وهذا الكلام خطأ فادح فالغرب لم يفرض علينا شىء فحتى إن كان هذا حدث في فترة الاحتلال فالذى حدث هو أن الأنظمة التى جاءت بعد الاحتلال هى من فرضت تلك الثقافة فقد كان بيدهم منع تلك الثقافة من الوجود والعششة في بلادنا ولكنهم لم يريدوا وما زال من أتى بعدهم يفرض تلك الثقافة فحتى من يسمونهم التيار الإسلامى وبعضهم يسيطر على بعض الجامعات يسيرون على درب سابقيهم ويترجموا بدلا من العودة لكتاب الله
وتطالب الباحثة بالعودة إلى معانى القرآن فتقول:
"من واجبنا إن نستخرج الطاقات الثقافية المخزونة بل وتهذيبها أيضا, وعلينا أن نكون جديرين باستخراجها, وإلا ستبقى دفينة, ولن نستفيد منها, ونبقى في درك الانحطاط المعنوي والفكري, ونظل نستهلك الثقافة المعلبة, والتي تأتي من الغرب فنفتحها ونسخنها ونتناولها ونتقبل طعمها.
جميل أن نتثاقف والأجمل أن تكون بنية التعرف على الغير, والاستفادة من طاقاته الثقافية, وعندنا وسائل متعددة من اجل ذلك (الجامعة العربية, مجمع اللغة, مجلس التعريب السفارات, بعثات التعاون مع الدول العربية من جهة ومن جهة أخرى نتعرف على الجانب الشرقي مثل الصين, اليابان, الهند فضلا عن الأتراك والفرس)."
وتحدثت عن القصور في التعرف على ثقافات غير الغربية فقالت:
"ماذا نعرف عن ثقافة هذا العالم ؟ لماذا لا يهتم إعلامنا بما يحدث هناك, وماذا ترجم لهم أو عنهم ؟ لماذا لا نعرف عن آسيا إلا تسونا مي ؟ هذا من جانب المثاقفة أما جانب التثاقف الذي يخص داخل التراب الوطني فنحن نملك المسارح, ودور الثقافة والفنون, وعندنا صناعات , ونشاطات ثقافية, وجمعيات أدبية وإعلام الذي أصبح وسيلة ترفيه لا توجيه وتعليم, ضف إلى ذلك جهود الترجمة والتعريب لعلوم الغرب السائرة في بلاد المشرق وهي تهدف إلى إنشاء مراكز للبحوث والتنسيق مع مختلف الدوريات من أجل التكامل العربي علميا, اقتصاديا, وثقافيا..."
وهذا الكلام منها هو بيان لوجه من وجوه القصور وكان عليها أن تحدد المراد فالتعرف على ثقافة الآخر المختلف دينيا الغرض منها هو :
نقدها واستخدام النقد في دعوة الغير للإسلام
وتحدثت عن وحدة اللغة والمعرفة فقالت:
"وحدة اللغة ووحدة المعرفة :
جاءت النظرية النونية المشتقة من الآية (ن والقلم وما يسطرون) كما يطلق عليها اسم نظرية وحدة المعرفة .
هذه النظرية لم تكن حصيلة فكر منفرد متفرد وإنما هي حصيلة دراسات متلاحقة لعلماء ولغات وحضارات, وللسلف اليد الطولى في تطوير علم اللغة من خلال ما صنفوه خدمة للإسلام والقرآن الحكيم ومدارسته وتبيان محكمه من متشابهه وناسخه من منسوخه, وعامه من خاصه, وحوا ميمه وقراءاته وما قدموه من خلافات مدرسية ومذهبية ونظريات كان لها الفضل في إحياء الدروس اللغوية, ونخص بالذكر في مجال البلاغة والإعجاز, إمام البلاغة عبد القاهر الجرجاني في كتابيه أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز, الذي استفادت منه النظرية المعاصرة في علم اللغة.
إن مصطلحات القرآن الحكيم تحوي رموزا وإشارات, لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم الذين طهرهم المولى وفتح قلوبهم للعلم (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) .
إن نظرية وحدة المعرفة تنطلق من وحدة الوجود أو عالم الإنسان الواحد, ومنه جاءت الأديان وهي ذات حقيقة واحدة وهي معرفة الإله.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فوحدة المعرفة ووحدة الوجود, ووحدة عالم اللسان المتمثلة في البيان (الرحمن خلق الإنسان علمه البيان) صحيح أن الاختلاف في الألسن وأنظمة الأصوات ودلالاتها, لكنها لا تعني اختلاف الإنسان (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) فكان الاصطلاح بين العلماء على البيان.
يحيل البحث عن وحدة المصطلحات إلى وحدة الإنسان, فهذا علم الأنثروبولوجيا العلم الذي يبحث في أصل الإنسان, وتقاليده, وعاداته وأديانه ورسومه وثقافته وأجناسه, كشف عن وحدة البشر بفعل الانتشار الثقافي من جهة ووحدة العقل البشري الذي كان قد أشار إليه القرآن سلفا (يا أيها الناس, اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة, وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء)"
والنظرية التى تسميها الباحثة وحدة المعرفة هى نظرية وليست حقيقة لأنها غير موجودة فالمعارف تكون حسب كل دين أى حضارة فكل حضارة لها معارف خاصة بها ولا يوجد ما يسمى بالوحدة المعرفية بين بلاد العالم سوى في المنتجات التقنية وإن كان هناك بلاد تختلف في أنها لا تستعمل نفس المنتجات التقنية فما زال هناك بشر ليس معهم جوالات ولا عندهم تلفازات أو ثلاجات
وتحدثت عن نظريات العلامات في اللغة فقالت:
إن علم اللغة الحديث يبحث في اللغة تحت نظرية العلامات وهو يقرر أن هدفها (وظيفي هو الاتصال وهو ضرورة ملازمة للإنسان) والاصطلاح لا يكون إلا في وسط الجماعة, وامتياز البشر عن سائر المخلوقات باللغة أو القلم الذي هو سلاح العلم والمعرفة (يرفع الله اللذين آمنوا منكم واللذين أوتوا العلم درجات)
قد يقال أن للحيوان لغته ولكنها في الحقيقة ليست لغة بالمفهوم المنطوق, بل هي إشارات لا ترقى إلى مستوى لغة البشر (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون)والإنسان بما كرمه الله تعالى, وجعله سيدا في الأرض, ووهبه لغة التخاطب بمداليلها, وحروفها, وأصواتها ضف إلى ذلك العقل أداة التفكير, والجسد أداة تنفيذ اللغة."
وهذا الكىم خاطىء فالله لم يميز الإنسان باللغة وإنما كل نوع من انواع الخلق له لغة أى لغات أى نطق خاص به كما قال تعالى:
" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم"
فالتسبيح يتم بمعرفة أحكام الله وهى كلمات
وكما قال تعالى :
" أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء"
وعادت الباحثة للنظرية النونية المزعومة فقالت :
"النظرية النونية هي عالمية, لأن النظريات تقوم على فكر موحد والقاعدة التي ارتكزت عليها النظرية النونية, هي الفكر الإسلامي العظيم, ومنهج النظرية دلالته الوحدة والتوحيد, في أصول الكلمات, والأسماء, وجذور المفردات, والمقاطع النغمية المنحدرة عن أصل واحد (وعلم آدم الأسماء كلها) فشهادة القرآن أن الإنسان إلى مرجعية موحدة وإلى أصل واحد, وإلى ثقافة أم, تفرعت منها الثقافات الأخرى, وإلى لغة واحدة, هي لغة القرآن, فهذه العبرية لها جذور من العربية وكل لغات العالم تتوحد في جذورها, لكن الواهم الضيق الأفق لا ينظر إ? إلى ظاهر العلامات, لا يتعداها إلى المدلول والمعلوم وهو كتاب الله الحكيم, الذي جمع فيه جذور الأديان, والمعتقدات, والمعارف والفنون والآداب."
وتحدثت عن وجة المصطلحات في النظرية فقالت:
وحدة المصطلحات في ضوء النظرية النونية :
إن تعدد الألسن واللغات, حسب المناطق والظروف المكانية والزمانية, وتباين التجارب الإنسانية, كما أن لارتباط الأشخاص والاتصال فيما بينهم حدوث تلاقح فكري واستيراد وتوريد الثقافات, يؤدي إلى التثاقف عند ذلك تتشكل اللغات, وتتعدد الألسن, وتنشق وتتشقق, لكن الجوهر يبقى في البيان, فالبحث عن اللغة يكون بواسطة اللغة, والبحث عن البيان يكون بالبيان نفسه. ولو تتبعت مصطلح اللغة في القرآن الكريم تجده دلالة على اللسان (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) (وهو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني) (ألم نجعل له عينين, ولسانا وشفتين) (واحلل عقدة من لساني, يفقهوا قولي) وآيات أخر جميعها تتحد في دلالة واحدة هي البيان.
كما أن للغة جانب من اللغو وهو خلاف البيان (والذين هم عن اللغو معرضون ) وهي اللغة الفارغة من محتوى الدلالة, كذلك نجد مادة اللغا الصوت, أو لغو الطير وتعني أصواتها وتتشابه اللغة دلالة وصوتا مع سائر اللغات تدل على logie اللاتينية التي تدل على النظم وlogo و******** , la langue منها المنطق.
ويمكن التفاهم مع جميع البشر, وهذا ما يسعى إليه علم اللغة الحديث (ومن سوء الاصطلاحات وفهمها يحصل سوء الفهم والاختلاف) وهذا تفسير الفجوة الموجودة بين البشر سواء الذين ينتمون إلى ثقافة واحدة أو مخالفة."
وهذا الكلام كله لا أساس له فوحدة المصطلحات وهم نظرا لاختلاف الدين سواء سموه مذهبا أو دستورا أو غير هذا ولو فكرت الباحثة مثلا في أنظمة الحكم في الغرب مثلا لوجدن اختلافا بينا بين الملكى والجمهورى وداخل الجمهورى مثلا نجد النظام الأمريكى ليس فيه حكومة كالحكومة في فرنسا وإنما يوجد يسمى ما يسمى بالإدارة ومثلا نجد دستور مكتوب في أمريكا وفى بريطانيا دستورى شفوى ومن ثم تختلف المصطلحات بينهما وحتى النظام القضائى مختلف ففى بريطانيا لا يوجد ما يسمى نظام المحلفين بينما هذا أساسى في أمريكا
وتحدثت عن كون القرآن فيه نقد كل الأديان فقالت:
"إن القرآن الحكيم جمعت فيه جذور الأديان والعقائد والمعارف الإلهية, وما دام الإله واحد والكتاب - القرآن - موحد, والرسالات السابقة دعت إلى التوحيد, أو إلى الكلمة الواحدة التي دعى إليها المولى تعالى (قل يا أهل الكتاب, تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم, ألا نعبد إلا الله, ولا نشرك به شيئا, ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)من هنا تظهر وحدة الأديان ووحدة الجذور ووحدة المنشأ, ووحدة المآل, وقد بلغ الدين وحدته وكماله بالقرآن الحكيم والرسول العظيم.
ومن أجل إن نتعرف على وحدة اللغة من خلال القرآن الحكيم, نؤسس لدلالات مصطلح (الدين) وما له من روابط وعلاقات ووحدة أصوات أساسها حرف الدال والنون.
فقولهم دان فلان يدين دينا, استقرض وصار عليه دين فهو دائن, ورجل مديون, كثر ما عليه من الدين, والدين الجزاء والمكافأة, ويقال دانه أي جازاه. والشائع بيننا كما تدين تدان, أي كما تجازي تجازى, والدين في الأصل العبادة والعبودية لله الديان, ودان له أي أطاعه.
ونافلة القول إن دلالات الدين هي الخضوع والالتزام والعبادة والجزاء, ونظير هذه المعاني جاءت في مختلف اللغات واللهجات, فكلمة داد بالفارسية تعني القاضي ونجد بالفرنسية Dieu وبالإنجليزية Godوفي الإسبانية Dios وفي اليونانية Zeus بإبدال الدال بالزاي, والدين Dette وGood الجواد وهذا ما يؤكد خلود كلمة دين, وكل الكلمات التي مرت احتفظت بحرف الدال كصوت شائع مشترك بينها, ومثلها كلمة ديوان الفارسية التي تدل على التسجيل والتدوين, وجاء في سورة الفاتحة (مالك يوم الدين) وهو يوم المعاد حيث تعرض كل الأعمال.
والظاهر أن المصطلحات والاشتقاقات العربية لها دلالات مختلفة, ومتعددة في ثقافات الشعوب ولغاتها, وأغلبها يكون متشابها صوتا ودلالة, وهذا لا يعني إلا شيئا واحدا هو أن اللغات كلها من أصل واحد, ولأن البشر من أصل واحد وكون واحد واله واحد."
وهذا الكلام الذى ذكرته لا علاقة له بالقرآن فالمشترك اللغوى بين اللغات لا يدل على وحدة المصطلح فالقاضى هنا غير القاضى هناك فالقاضى عندنا يحكم بحكم الله بينما القضاة عندهم يحكمون بأحكام البشر التى وضعها البشر وحتى في النظام القضائى الأمريكى يأخذ القاضى برأى الجمهور كهيئة المحلفين في الحكم فإن حكموا ببراءة المتهم حكم بحكمهم حتى وإن كانت الجريمة ظاهرة واضحة والمتهم معترف بها بينما في فرنسا أو غيرها لا يوجد هذا