موقف عرب العراق من الاحتلال الفارسي
بقلم كاظم المسعودي
منذ الأيام الأولى للاحتلال الفارسي عبر العراقيون عن رفضهم له عندما ثارت بابل مؤكدة فشل رهان كورش على احتوائها ، وتحت الاحتلال الفرثي أيضا ، ولعل العرب وبنجاحهم في تأسيس أمارة كرخ ميسان تعبير عن تلك الحالة ، ومما عزز تلك الحالة تدفق عرب شبه جزيرة العرب نحو العراق ، وخاصة الانتشار الواسع للأزد وفي القرن الرابع الميلادي أصبحت هذه القبائل تشكل تهديدا للدولة الساسانية وذلك في عصر سابور ذي الأكتاف ، حيث دفعه ذلك على القيام بحملة لإبادة العرب وتشتيتهم في العراق فأشتبك مع أياد وبكر وقضاعة ، وأستمر هذا الصراع حتى شمل الحيرة في زمن النعمان بن المنذر – 1 –
وكانت مدن مدينة النهرين (كربلاء ) جزءا من هذه الحملة ، وكان لأياد أديرة في سواد العراق ومنها أديرة في مدينة سورا التابعة لمدينة النهرين .
وكانت أهم المعارك التي حصلت بين سابور ذي الأكتاف وأياد في دير أياد الذي تحول أسمه إلى دير الجماجم بعد رفع رؤوس القتلى الفرس على الأعمدة – 2- .
أما في الحيرة فقد ألقى كسرى القبض على النعمان بن المنذر وسجنه وبذلك انتهى حكم المناذرة في الحيرة ، وعين مكانه رجلا من طي اسمه إياس بن قبيصة .
لقد أدى زوال أسرة المناذرة إلى خسران الساسانيين الواسطة المهمة التي كانت تقف أمام عرب الجزيرة ومنعهم من الاعتداء على الإمبراطورية الساسانية ، فلما زال هذا الحاجز وقفت القبائل العربية وجها لوجه أمام الساسانيين ولم تعد هناك قوة عربية تصدهم ، فأخذوا يقومون بالغزوات أطراف الحدود العراقية ، وساعدهم على ذلك الاضطراب الداخلي والحروب المتعددة والفتن والمنافسات على العرش وضعف الأكاسرة ، فتوغل بعضهم إلى داخل العراق .
ولعل أهم هذه الحروب هي حرب ذي قار التي وقعت بين الفرس والعرب وخاصة بني شيبان ، وذلك عقب زوال أسرة المناذرة من الحيرة ، وكنتيجة مباشرة لها ، لان النعمان بن المنذر أودع سلاحه عند هاني بن مسعود الشيباني فأراد كسرى استرجاعه بالقوة ولكن هاني رفض ونشب القتال بينهما وكانت النتيجة انكسار الجيش ا لفارسي – 3 –
ورغم صغر القوة الفارسية التي اشتبكت في القتال إلا أن أهميتها كبيرة فهي ثاني اصطدام مسلح مباشر بين العرب والفرس تنتصر فيها القبائل العربية في العراق على الجيش الفارسي ، وعلى اثر هذه المعركة أقصى الفرس إياس بن قبيصة عن حكم الحيرة وعينوا عليها حاكما فارسيا يحكمها بصورة مباشرة – 4- .
إلا أن هذا لم يؤد إلى تحسين العلاقة بين الفرس وعرب العراق حتى جاء خالد بن الوليد (رضي الله عنه ) عام 12هـ إلى العراق فهاجم الحيرة وتمكن من تحريرها بعد مقاومة بسيطة ، وفرض عليها مبلغا من المال تؤديه إلى المسلمين .
المراجع: –
-1- حضارة العراق / ج5 ص11 بحث بقلم الدكتور نزار ألحديثي .
-2- المصدر نفسه / ص9
-3- الطبري ج2 ص147 ، الأغاني ج2 ص131 ، ابن الأثير ج1 ص196 – 197 .ومحاضرات في تاريخ العرب الدكتور صالح احمد العلي ص68 .
-4- الدكتور صالح العلي – نفس المصدر ص69 .