الباشا نوري سعيد و سلة النومي حامض do.php?img=16213
الباشا نوري السعيد الله يرحمه . كان في لبنان يحضر احد المؤتمرات السياسية و مر بأسواق بيروت فشاهد احد الباعة يبيعون النومي الحامض ، في موسم لم تنزل فيه الحمضيات بعد في العراق . وعرف عن ابو صباح حبه لأكل الفواكه كسائر المواطنين العراقيين. فخطر له ان يشتري كمية من هذا النومي الحامض و يأخذها معه الى بغداد. وهو ما فعله بالضبط. ملأ له الفاكهاني سلة من الليمون حامض اللبناني. و دفع ثمنها و اصطحبها معه في الطيارة. نزلت به طائرة الخطوط الجوية العراقية في مطار بغداد الذي كان يسمى في تلك الأيام بأسم مطار المثنى. انزلوا امتعته و نقلوها الى مأمور الكمرك ليفتشها كسائر امتعة المسافرين. ما أن بدأ بتفتيشها حتى لاحظ سلة الليمون الحامض. قال ما هذا ؟ هذه السلة ممنوع دخولها. ممنوع استيراد الحمضيات الى العراق. قالوا له هذه السلة لرئيس الوزراء. قال و شنو يعني؟ ممنوع استيراد الحمضيات من الخارج. نادى على الفراش : " تعال يا ولد. خذ هذا النومي الحامض و اتلفه حالا." اسرعوا الى نوري السعيد ليخبروه بما ينوي عليه مأمور الكمرك بليمونه الحامض. فهرع رئيس الوزراء بنفسه الى غرفة التفتيش لينقذ ما جاء به و تحمل كلفته و عناءه. سأل الموظف بكل أدب ، ابني ليش تريد تمنع دخول هذا النومي. فأخبره المأمور بأن لديه تعليمات صارمة بمنع أي فاكهة من الحمضيات من دخول العراق ، و يشمل ذلك النومي الحامض. ثم شرح مأمور الكمرك لرئيس الحكومة السبب في هذا المنع. وهو ان الحمضيات في سوريا و لبنان و الأردن و غيرها من بلدان الشرق الوسط قد ابتليت بالحشرة المعروفة بالمن الدقيقي التي تؤدي الى تدمير الفواكه و موت اشجارها. و حرصا على مصلحة المزارعين و اصحاب البساتين في العراق قررت مديرية الزراعة العامة منع دخول أي فواكه حمضية من الخارج. قرار معقول طبعا. و لكن نوري السعيد اجاب على الموظف قائلا ان ما جاء به من النومي الحاض لا يتجاوز بضعة كيلوغرامات للأستعمال الشخصي. لن تذهب الى السوق ولا تختلط بالفواكه الحمضية العراقية. وعده نوري السعيد بأن يستهلك ما جاء به في بيته في خلال أيام قليلة ثم يحرق كل قشورها و نفاياتها. و لكن مأمور الكمرك لم يلن او يذعن لقول رئيس الوزراء . اجابه قائلا: " آسف باشا. التعليمات عندي صريحة . و المسألة مهمة يتوقف عليها مصير البرتقال و الليمون العراقي. لا استطيع ان اسثني أي احد."لم يستطع نوري السعيد غير ان يستسلم لقرار هذا الموظف الصغير الذي كان بأمكانه ان يطرده من وظيفته بشخطة قلم. و لكنه بدلا من ذلك، شكره على حرصه في التمسك بتعليماته و بأوامر الحكومة و خرج من غرفة التفتيش لا يلوي على شيء، آسفا على ضياع النوميات التي حلم بعصيرها. خرج الى سيارته وهو يسمع مأمور الكمرك ينادي مرة ثانية على "الفراش : " يا ولد انت هنا. جيب بطل نفط و احرق هالسلة النومي مال الباشا .

ديوةخانةالخاتون