الضيافة والكرم
أولاً: معنى الضيافة
هو إكرام الضيف وإيوائه وتقديم ما يحتاج إليه. والضيف إذا اقبل استقبل كأمير كما يقول اهل البادية (الضيف إن أقبل أمير وإن قعد أسير وإن قام شاعر).
الكرم ليس في المال فقط، بل أعز الكرم؛ هو كرم الوجه وطلاقته، وحسن ابتسامته، ولطف العبارة، وجميل القول، وبديع المنزلة في جبر الخواطر. قال ﷺ: (إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ)، رواه البزار وحسنه الألباني في صحيح الترغيب 2661.
ثانياً: الفرق بين الكرم والجود والتبذير
قال الامام عليٌّ رضي الله عنه: السَّخاء ما كان ابتداءً، فأمَّا ما كان عن مسألة فحياء،
وقال أبو هلال العسكري في الفرق بين الجواد والكريم: أنَّ الجَوَاد هو الذي يعطي مع السُّؤال والكريم: الذي يعطي مِن غير سؤال وقيل بالعكس.
قال الجرجاني -رحمه الله-في تعريف الكرم: هو الإعطاء بسهولة، أما التبذير فقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله-في تعريفه: التبذير إنفاق المال في غير حقه.
ثالثاً: اول من ضيّف الضيف
قال ﷺ: (كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ) اخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (6/201) وحسنه الالباني.
قال الامام الغزالي في الإحياء: كان إبراهيم الخليل عليه السلام إذا أراد الأكل خرج ميلا، أو ميلين يلتمس من يأكل معه فبصدق نيته دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا، وهو أول من بنى دار الضيافة، وجعل لها بابين كما أخرجه العسكري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله وسع على خليله في المال، والخدم فاتخذ بيتا للضيافة له بابان، يدخل الغريب من أحدهما ويخرج من الآخر وجعل في ذلك البيت كسوة الشتاء والصيف، ومائدة منصوبة عليها طعام فيأكل الضيف ويلبس إن كان عريانا.
رابعاً: حكم الضيافة
قال ابن عثيمين: اكرام الضيف من العبادات وليس من العادات قال عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه) اهـ.
يجب على المضيف أن يكرم ضيفه، ويقوم بحقه، ويدل على ذلك قوله ﷺ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ) قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ) رواه البخاري (5673) ومسلم (48. (قوله: (جائزته يوم وليلة) قال الخطابي: يريد أنه يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له من بِر، وألطاف، ويقدِّم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته، ولا يزيد على عادته، وما كان بعد الثلاث: فهو صدقة، ومعروف، إن شاء فعل، وإن شاء ترك . والضيف الذي يجب إكرامه، وله حق على المضيف، هو الضيف المسافر المجتاز وليس المقيم، وهو القادم من بلد آخر. وهي اوجب على اهل القرى من الامصار لأن الأمصار بها مطاعم وفنادق.
خامساً: آداب المضيّف
1. أن ينوي في قيامه بالضيافة فعل السنة وأداء حق أخيه، لا المباهاة والمفاخرة.
2. خدمة الأضياف بنفسه؛ كما قام إبراهيم -عليه السلام- بخدمة الأضياف بنفسه قال تعالى: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ *فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ﴾ [الذاريات: 26، 27]، وبوَّب عليه البخاري فقال: (باب: إكرام الضيف، وخدمته إياه بنفسه) وهو ابلغ في اكرام الضيف.
3. الا يستخدم الضيف لأنها من خوارم المروءة.
4. البدء بتقديم الضيافة للأكبر (سناً او مقاماً) ثم الأيمن فالأيمن، وإذا كانوا متساوين فيبدأ بالأيمن، لقوله ﷺ عندما سقى قوم قال:(ابْدَءُوا بِالْكَبِيرِ). رواه أبو يعلى وصححه الهيثمي، وثبت عن الصحابة كان الصحابة إذا دخلوا بدأوا بالنبي ﷺ ثم عن يمينه.
5. لا يتكلف فوق طاقته ذكر الامام الغزالي أن رجلاً دعا علياً رضي الله عنه فقال: أجيبك على ثلاث شرائط لا تدخل من السوق شيئا، ولا تدخر ما في البيت، ولا تجحف عيالك.
6. الترحيب بالضيف، وحسن استقباله، والبشاشة في وجهه، سُئل الأوزاعي: ما إكرام الضيف؟ قال: طلاقة الوجه، وطيب الكلام.
7. تهيئة البيت لاستقبال الضيوف إن حضروا: فقد قال النبي ﷺ:(فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان) رواه مسلم.
8. تعجيل الطعام، وتقديمه بدون سؤال الضيف لأن ذلك من إكرام الضيف، حديث حاتم الأصم: العجلة من الشيطان إلا في خمسة فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب، قال الثوري: إذا زارك أخوك فلا تقل له أتأكل؟ أو أأقدم إليك؟ ولكن قدم فإن أكل وإلا فارفع.
9. يشرع الذبح والنحر للضيف فتلك عادة حسنة وهي سنة ابراهيم عليه السلام ولو كان الضيف شخصا واحدا، وأن يحرص على عدم إفساد الطعام اما بتخزينه او توزيعه.
10. ألا يقوم من الاكل قبل ان يشبع ضيفه حتى لا يحرج ضيفه.
11. وكذا من السنة تشييع الضيف إلى باب الدار قال الشعبي: من تمام زيارة الزائر؛ أن تمشى معه إلى باب الدار، وتأخذ بركابه.
سادساً: آداب الضيّف
1. عدم إطالة البقاء عند الضيّف، في رواية مسلم (ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يؤثمه) معناه: لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد الثلاث حتى لا يحرجه.
2. ألا يحتقر ما يقدم إليه من طعام، (ما عَابَ النبيُّ ﷺ طَعَامًا قَطُّ؛ إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وإلَّا تَرَكَهُ) رواه البخاري.
3. ان يلزم الموضع الذي يشير إليه صاحب البيت بالجلوس وليتذكر الضيف اسير المعزب.
4. الدعاء للمضيّف، ومن ذلك ما ثبت عن رسول الله ﷺ قال: (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم). رواه مسلم
5. التأدب بالآداب العامة مثل: غض البصر، وترك السؤال عما لا يعنيه، وعدم الإضرار بمنزل المضيف، ونحو ذلك.
6. ان يشكر المضيف. فمَنْ لم يشكر الناس لم يشكر الله كما قال ﷺ في حديث احمد وأبو داود.
7. عدم الاكثار من الزيارة وقد ورد بالحديث (زر غبا تزدد حُبا) اخرجه ابن حبان وحسنه الالباني في صحيح الترغيب 2585.

بقلم

Ammar Alani