قال تعالى (( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أ

َوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّاللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَايَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ))الزمر3


قال تعالى ((أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ))

قال تعالى ((وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَالاَيَضُرُّهُمْ وَلاَيَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءشُفَعَاؤُنَاعِندَاللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَالاَيَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَفِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّايُشْرِكُونَ))



*دعاء غير الله شرك

 قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا [الجن20]. وقال:
وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [القصص87]
. وقال:
 ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا [غافر12]. وقال:
 فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت29].
وقال: قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام40].
فهذه الآيات تدل على أن دعاء غير الله شرك. وقال:
 وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ [النحل 86]. فهؤلاء المشركون كانوا يدعون بشرا مثلهم كما قال تعالى:
 إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم [الأعراف194]. وهؤلاء البشر يتبرءون منهم. فتأمل كيف وصف الله دعاء غيره بالشرك. وموضوع الآيات كان الدعاء
*دعاء غير الله كفر

فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولو كره الكافرون [غافر14]. فالكافرون يكرهون أن يدعى الله وحده. وقال:
حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ [الانعام130]. قارنها بهذه الآية:
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ 73 مِن دُونِ اللَّهِ قالوا ضلوا عنا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِين . والآية الثانية: أين ما أين ما كنتم تدعون من دون الله[غافر73]. الآية الأولى: كنتم تشركون.
 وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ الى أن قال:
 وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ [الرعد 14].
1. أهل البيت يلجئون ويوصون باللّجاءة إلى الله وحده:
لم يكن أعلام أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم يلجئون في دعائهم إلا إلى الله وحده، وكانوا ينهون مَن حولهم عن سؤال غير الله، وهذه بعض أقوالهم:

النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلّم):
1.أورد الطّوسيّ في (أماليه) عن الفضيل بن يسار، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد حاجة، فإذا هو بالفضل بن العباس. قال: فقال: احملوا هذا الغلام خلفي. قال: فاعتنق رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده من خلفه على الغلام، ثم قال: ( يا غلام، خفِ الله تجده أمامك، يا غلام خف الله يكفك ما سواه، وإذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، ولو أنّ جميع الخلائق اجتمعوا على أن يصرفوا عنك شيئا قد قدّر لك لم يستطيعوا، واعلم أّن النّصر مع الصبر، وأّن الفرج مع الكرب، وأنّ اليسر مع العسر، وكلّ ما هو آت قريب. إنّ الله يقول: (ولو أنّ قلوب عبادي اجتمعت على قلب أشقى عبد لي ما نقصني ذلك من سلطاني جناح بعوضة، ولو أنّ قلوب عبادي اجتمعت على قلب أسعد عبد لي ما زاد ذلك إلا مثل إبرة جاء بها عبد من عبادي فغمسها في بحر، وذلك أنّ عطائي كلام، وعدتي كلام، وإنما أقول للشيء كن فيكون)). (أمالي الطّوسي: ص536).

عليّ المرتضى (رضي الله عنه):
2. في (الكافي) عن أَبي الحسن الرّضَا (عليه السلام) أَنّ أَمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كان يقول: "طوبى لمن أخلص للهِ العبادةَ والدّعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناهُ ولم ينسَ ذكر اللهِ بما تسمعُ أذناهُ ولم يحزُنْ صدرَهُ بما أعطي غيرُه". (الكافي: 02/16. كتاب الإيمان والكفر. باب الإخلاص. رواية رقم 03).

عليّ السجّاد (عليه رحمة الله):
3. كان من دعائه كما في (الصّحيفة السجّادية): "اللّهمّ اجعلني أصول بك عند الضّرورة وأَسأَلك عند الحاجة، وأَتضرّع إليك عند المسكنة، ولا تفتنّي بالاستعانة بغيْرك إذا اضطررت، ولا بالخضوع لسؤال غيرك إذا افتقرت، ولا بالتّضرّع إلى من دونك إذا رهبت فأستحقّ بذلك خذلانك ومنعك وإعراضك يا أَرحم الرّاحمين". (الصّحيفة: دعاء 20: دعاؤه في مكارم الأخلاق).

الإمام الباقر (عليه رحمة الله):
4. كان من دعائه (عليه رحمة الله): " استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها، واعتصمت بحبل الله المتين وأعوذ بالله من شرّ فسقة العرب والعجم وشرّ فسقة الجنّ والإنس، ربي الله ربي الله ربي الله، آمنت بالله توكّلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا، حسبي الله ونعم الوكيل. اللهمّ من أصبح وله حاجة إلى مخلوق فإنّ حاجتي ورغبتي إليك وحدك لا شريك لك" (مصباح المتهجّد: ص179).
5.وكان من دعائه (عليه السّلام) عقيب صلاة الليل:
"... اللهمّ لك الحمد يا ربّ أنت نور السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت قوام السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت جمال السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت زين السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت صريخ المستصرخين فلك الحمد، وأنت غياث المستغيثين فلك الحمد، وأنت مجيب دعوة المضطرّين فلك الحمد، وأنت أرحم الرّاحمين الرّحمن الرّحيم فلك الحمد، اللهمّ بك تنزل كل حاجة فلك الحمد، وبك يا إلهي أنزلت حوائجي الليلة فاقضها يا قاضي حوائج السائلين... " (مصباح المتهجّد: 164).
6.وكان من وصاياه لأبنائه: " يا بنيّ من كتم بلاء ابتلي به من النّاس وشكا ذلك إلى الله عز وجلّ كَان حقا على الله أن يعافيه من ذلك البلاء ". (بحار الأنوار: 90/286).

جعفر الصّادق (عليه رحمة الله):
7. في (الكافي) أنّ الصّادق (عليه السّلام) كان يقول عند العلّة: "اللهمّ إنّك عيّرت أقواما فقلت: { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً }، فيا من لا يملك كشف ضرّي ولا تحويله عني أحد غيره، صلّ على محمد وآل محمد، واكشف ضرّي وحوّله إلى من يدعو معك إلها آخر لا إله غيرك". (الكافي: 02/564. باب الدعاء للعلل والأمراض: رواية 01).
8. وفي (بحار الأنوار) أنّ الصّادق (عليه السّلام) كان يدعو فيقول: "اللّهمّ إنّي أصبحت لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا ولا حياة ولا موتًا ولا نشورًا، قد ذلّ مصرعي، واستكان مضجعي، وظهر ضرّي، وانقطع عذري، وقلّ ناصري، وأسلمني أهلي ووالدي وولدي بعد قيام حجّتك عليّ، وظهور براهينك عندي، ووضوح أدلّتك لي. اللهمّ وقد أعيت الحيل، وتغلّقت الطرق، وضاقت المذاهب، ودرست الآمال إلا منك، وانقطع الرّجاء إلا من جهتك." (بحار الأنوار: 83/317).
9. وفي (الكافي) عن يعقوب بن سالم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السّلام) فقال له العلاء بن كامل: إنّ فلانا يفعل بي ويفعل، فإن رأيت أن تدعو الله عز وجلّ، فقال: "هذا ضعف بك، قل: اللهمّ إنّك تكفي من كلّ شيء ولا يكفى منك شيء، فاكفني أمر فلان بم شئت وكيف شئت و[من] حيث شئت وأنّى شئت". (الكافي: 02/512. باب الدّعاء على العدوّ: رواية 04).
10.وفي (الكافي) عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا خفت أمرا فقل: " اللهمّ إنّك لا يكفي منك أحد وأنت تكفي من كل أحد من خلقك فاكفني كذا وكذا ".
وفي حديث آخر قال: تقول: " يا كافيا من كل شيء ولا يكفي منك شيء في السماوات والأرض اكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة، وصلّى الله على محمّد وآله ". (الكافي: 02/557).

الحسن العسكريّ (عليه رحمة الله):
11.عن الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام) في قول الله (عز وجل): " بسم الله الرحمن الرحيم " قال: الله هو الذي يتألّـه إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق وعند انقطاع الرجاء من كل من دونه وتقطع الأسباب من جميع من سواه. تقول: " بسم الله " أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له، المغيث إذا استغيث، والمجيب إذا دعي، وهو ما قال رجل للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله دُلني على الله ما هو، فقد أكثر علي المجادلون وحيّروني. فقال له: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم. قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغ************؟ قال: نعم. قال: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال الصادق عليه السلام: "فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث". (معاني الأخبار: 01/16، بحار الأنوار: 03/41).

بعض ولد الحسين (رضي الله عنه):
12.في (الكافي) عن الحسين بن علوان قال: كنّا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلانا، فقال: إذًا والله لا تُسعف حاجتك ولا يَبلغك أملك ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله؟ قال: "إنّ أبا عبد الله (عليه السّلام) حدّثني أنّه قرأ في بعض الكتب أنّ الله تبارك وتعالى يقول: وعزّتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل [من الناس] غيري باليأس، ولأكسونّه ثوب المذلّة عند الناس، ولأنحينّه من قربي، ولأبعدنّه من فضلي، أيؤمِّل غيري في الشّدائد والشّدائد بيدي؟!، ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني؟! فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟! ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاء ه منّي؟! جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقَته نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلا مِن بعد إذني، فمالي أراه لاهيا عنّي، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني ردّه وسأل غيري؛ أ فيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أُسأل فلا أجيب سائلي؟! أبخيل أنا فيبخّلني عبدي؟، أوليس الجود والكرم لي؟! أوليس العفو والرحمة بيدي؟! أوليس أنا محلّ الآمال؟! فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري، فلوا أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعا ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟!، فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني". (الكافي: 02/66. باب التفويض إلى الله والتوكل عليه: رواية 07).

وفي رواية (الكافي) عن سعيد بن عبد الرحمن قال: كنت مع موسى بن عبد الله بينبع وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض ولد الحسين: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت: موسى بن عبد الله، فقال: إذا لا تقضى حاجتك ثم لا تنجح طلبتك، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأني قد وجدت في بعض كتب آبائي أن الله عز وجل يقول -ثم ذكر مثله- فقلت: يا ابن رسول الله أمْل علي، فأملاه علي، فقلت: لا والله ما أسأله حاجة بعدها. (الكافي: 02/66-67. باب التفويض إلى الله والتوكل عليه: رواية 07 و08).

وفي رواية (أمالي الطّوسيّ) عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن جدّه ياسين بن محمد، عن أبيه محمّد بن عجلان، قال: أصابتني فاقة شديدة ولا صديق لمضيق، ولزمني دين ثقيل وغريم يلجّ باقتضائه، فتوجّهت نحو دار الحسن بن زيد، وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه، وشعر بذلك من حالي محمّد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وكان بيني وبينه قديم معرفة، فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمّل لكشف ما نزل بك؟ قلت: الحسن بن زيد. فقال: إذن لا تقضى حاجتك ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر على ذلك، وهو أجود الأجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فإنّي سمعت ابن عمي جعفر بن محمّد يحدّث عن أبيه عن جدّه، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه: "وعزّتي وجلالي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل غيري بالإياس، ولأكسونّه ثوب المذلّة في النّاس، ولأبعدنّه من فرَجي وفضلي، أيؤمّل عبدي في الشدائد غيري، أو يرجو سواي؟ وأنا الغنيّ الجواد، بيدي مفاتيح الأبواب، وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني، ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فما لي أراه بأمله معرضا عنّي؟، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني، فأعرض عنّي ولم يسألني وسأل في نائبته غيري! وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة، أفأسال فلا أجيب؟ كلا، أو ليس الجود والكرم لي، أو ليس الدنيا والآخرة بيدي، فلو أنّ أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤس لمن عصاني ولم يراقبني".
فقلت: يا ابن رسول الله، أعد عليّ هذا الحديث، فأعاده ثلاثا فقلت: لا والله لا سألت أحدا بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني برزق وفضل من عنده. (الأمالي: ص584).

2. أهل البيت يرغّبون في التوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته وبالأعمال الصّالحة، وينفون التوسّل بالمخلوقين:

علي المرتضى (رضي الله عنه):
1. يقول علي (رضي الله عنه) كما في (نهج البلاغة): "إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله، فإنّه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة، وإقامة الصّلاة فإنّها الملّة، وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنّه جُنّة من العقاب، وحجّ البيت واعتماره فإنّهما ينفيان الفقر ويرحضان الذّنب، وصلة الرّحم فإنّها مثراة في المال ومنسأة في الأجل، وصدقة السرّ فإنّها تكفّر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السّوء، وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان". (نهج البلاغة: بَابُ المخُتَْارِ مِنْ خُطب مولانا أمير المؤُمِنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وأوامره ونواهيه وكلامه الجاري مجرى الخطب والمواعظ في المقامات المحضورة والمواقف المذكورة والخطوب الواردة. خطبة رقم 109: ومن خطبة له (عليه السّلام) في أركان الدين).
2. ويقول (رضي الله عنه) موصيا ولده الحسن (رضي الله عنه) كما في (نهج البلاغة): " واعلم أنّ الّذي بيده خزائن السّماوات والأرض قد أذن لك في الدّعاء وتكفّل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة، ولم يعاجلك بالنّقمة، ولم يعيّرك بالإنابة ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدّد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرّحمة. بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة، وحسب سيّئتك واحدة، وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب. فإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم نجواك. فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار وصحّة الأبدان وسعة الأرزاق.
ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته. فلا يقنّطنّك إبطاء إجابته، فإنّ العطيّة على قدر النّيّة. وربّما أخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل وأجزل لعطاء الآمل. وربّما سألت الشّيء فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك. فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته. فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله و ينفى عنك وباله. فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له. ". (نهج البلاغة: باب المختار من كتب أمير المؤمنين (عليه السّلام) ورسائله إلى أعدائه وأمراء بلاده ويدخل في ذلك ما اختير من عهوده إلى عمّاله ووصاياه لأهله وأصحابه: وصية [31]: ومن وصيّته (عليه السلام) للحسن بن علي (عليه السلام)، كتبها إليه بـ "حاضرين" عند انصرافه من صفّين).

الإمام السجّاد (عليه رحمة الله):
3.في (بحار الأنوار) عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يصلّي عامّة ليلته في شهر رمضان، فإذا كان السّحر دعا بهذا الدعاء:
" إلهي لا تؤدّبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك، لا الذي أحسن استغني عن عونك ورحمتك، ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب - حتى ينقطع النفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت. الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري، بغير شفيع فيقضي لي حاجتي،والحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي لا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني، والحمد لله الذي تحبّب إلى وهو غنيّ عني، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي، فربّي أحمد شيء عندي، وأحق بحمدي. اللهمّ إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة، وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة، وللملهوفين بمرصد إغاثة، وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا عن منع الباخلين، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، وأنّ الراحل إليك قريب المسافة، وأنك لا تحجب عن خلقك ولكن تحجبهم الأعمال السيئة دونك، وقد قصدت إليك بطلبتى، وتوجهت إليك بحاجتي وجعلت بك استغاثتي، وبدعائك توسلي، من غير استحقاق لاستماعك مني، ولا استيجاب لعفوك عني، بل لثقتي بكرمك، وسكوني إلى صدق وعدك، ولجائي إلى الإيمان بتوحيدك، وثقتي بمعرفتك مني: أن لا رب لي غيرك، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق: { وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمَا }، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية وأنت المنان بالعطايا على أهل مملكتك، والعائد عليهم بتحنن رأفتك، اللهم ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا، ونوهت باسمي كبيرا، يا من رباني في الدنيا بإحسانه وبفضله ونعمه، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه، معرفتي يا مولاي دليلي عليك، وحبي لك شفيعي إليك، وأنا واثق من دليلي بدلالتك، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك، أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت عفوك طمعت، فان غفرت فخير راحم، وإن عذبت فغير ظالم. حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي، فصل على محمد وآل محمد، وحقق رجائي، واسمع ندائي، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج". (بحار الأنوار: 95/82-83).
4. وكان من دعائه (عليه رحمة الله) كما في (الصّحيفة السجّادية): " إلهي استشفعت بك إليك، واستجرت بك منك، أتيتك طامعا في إحسانك، راغبا في امتنانك، مستسقيا وابل طولك مستمطرا غمام فضلك، طالبا مرضاتك، قاصدا جنابك، واردا شريعة رفدك، ملتمسا سني الخيرات من عندك، وافدا إلى حضرة جمالك، مريدا وجهك، طارقا بابك، مستكينا لعظمتك وجلالك، فافعل بي ما أنت أهله من المغفرة والرحمة، ولا تفعل بي ما أنا أهله من العذاب والنقمة برحمتك يا أرحم الراحمين". (الصّحيفة: دعاء 73: المناجاة الخامسة: مناجاة الراغبين).
5. ومن دعائه أيضا كما في (الصّحيفة) دائما: "ووسيلتي إليك التّوحيد، وذريعتي أَنّي لم أُشرك بك شيئاً، ولم أَتّخذ معك إلهاً، وقد فررت إليك بنفسي، وإليك مفرّ المسيء، ومفزع المضيّع لحظّ نفسه، ...". (الصّحيفة: دعاء 49: وكان من دعائه (عليه السلام) في دفاع كيد الأعداء وردّ بأسهم).
6. ومن وصيته عليه رحمة الله لأبنائه كما في (الكافي): عن ابن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام قال لابنه: "يا بَنِيّ من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضّأ وليسبغ الوضوء، ثم يصلّي ركعتين أو أربع ركعات ثم يقول في آخرهنّ: "يا موضع كلّ شكوى، ويا سامع كلّ نجوى، وشاهد كل ملاء، وعالم كلّ خفية، ويا دافع ما يشاء من بلية، ويا خليل إبراهيم، ويا نجي موسى، ويا مصطفي محمد (صلى الله عليه وآله) أدعوك دعاء من اشتدّت فاقته وقلّت حيلته وضعفت قوته، دعاء الغريق الغريب المضطرّ الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين"، فإنّه لا يدعو به أحد إلا كشف الله عنه إن شاء الله". (الكافي: 02/560. باب الدعاء للكرب والهم والحزن والخوف: رواية 15).

الإمام الباقر (عليه رحمة الله):
7. في (مكارم الأخلاق) للطّبرسيّ عن أبي عبيدة الحذاء قال: كنت مع الباقر (عليه السّلام) فضلّ بعيري، فقال (عليه السّلام): صلّ ركعتين ثم قل كما أقول: " اللهمّ رادّ الضالّة، هاديا من الضّلالة ردّ عليّ ضالّتي فإنّها من فضلك وعطائك " ثم قال (عليه السّلام): يا أبا عبيدة تعال فاركب، فركبت مع أبي جعفر (عليه السّلام) فلمّا سرنا إذا سواد على الطريق، فقال (عليه السّلام): " يا أبا عبيدة هذا بعيرك " فإذا هو بعيري. (مكارم الأخلاق: 259-260).

3. أهل البيت والدّعاء:
كان أعلام أهل البيت رضوان الله عليهم يؤكّدون على أنّ الدّعاء هو العبادة، ويحذّرون من دعاء غير الله ويصْدعون بأنّ سؤال غيره سبحانه شرك.

علي المرتضى (رضي الله عنه) يقول أنّ الدّعاء من أفضل القربات:
1. في (الكافي) عن ابن القداح عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): (أحَبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ في الأرض الدّعاء، وأفضل العبادة العفاف)، قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) رجلا دَعّاء. (الكافي: 02/467. كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء والحث عليه. رواية 08).

الإمام زين العابدين يقول أنّ الدّعاء عبادة:
2. كان من دعائه (عليه السّلام) في وداع شهر رمضان: " ... وأنت الذي دللتهم بقولك من غيبك وترغيبك الذي فيه حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم ولم تعه أسماعهم، ولم تلحقه أوهامهم، فقلتَ: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }، وقلتَ { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }، وقلتَ: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }، فسمّيت دعاءك عبادة وتركه استكبارا، وتوعّدت على تركه دخول جهنم داخرين... " (الصّحيفة السجّادية: الدعاء 45).

الإمام الصّادق (عليه رحمة الله) يقول أنّ الدّعاء هو العبادة:
3. في (الكافي) عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: { إِنَّ الذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين } قال: "هو الدّعاء، وأفضل العبادة الدّعاء". قلت: { إنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيم }؟ قال: الأوّاه هو الدّعّاء". (الكافي: 02/466).
4. وفي (الكافي) عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: "ادع ولا تقل: قد فرغ من الأمر؛ فإنّ الدّعاء هو العبادة، إنّ الله عزّ وجلّ يقول: { إِنَّ الذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين } وقال: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ". (الكافي: 02/467).
5. في (الكافي) أيضا عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أي العبادة أفضل؟ فقال: "ما من شيء أفضل عند الله عزّ وجلّ من أن يُسأل ويطلب ممّا عنده، وما أحد أبغض إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده" (الكافي: 02/466).
6. وفي (الكافي) أيضا عن سيف التمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "عليكم بالدعاء؛ فإنّكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إنّ صاحب الصّغار هو صاحب الكبار". (الكافي: 02/467).
7. وفي (الكافي) أيضا عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إن الله عزّ وجلّ كره إلحاح النّاس بعضهم على بعض في المسألة وأحبّ ذلك لنفسه، إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ أن يسأل ويطلب ما عنده". (الكافي: 02/475).

الإمام الصّادق (عليه رحمة الله) يقول أنّ دعاء غير الله شرك:
8. في (وسائل الشّيعة) عن عباس بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: قلت له: إنّ هؤلاء العوام يزعمون أنّ الشّرك أخفى من دبيب النّمل في الليلة الظّلماء على المسح الأسود؟، فقال: " لا يكون العبد مشركا حتى يصلّي لغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يدعو لغير الله عزّ وجلّ ". (الخصال: 01/143، وسائل الشيعة: 28/341. رواية رقم 09 تحت باب (جملة ممّا يثبت به الكفر والارتداد)).

الإمام الكاظم (عليه رحمة الله) يوصي بدعاء الله وحده:
9. عن أبي ولاد قال: قال أبو الحسن موسى (عليه السّلام): "ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عزّ وجلّ الدّعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكا، وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدّعاء إلا كان ذلك البلاء طويلا، فإذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجلّ". (الكافي: 02/471).

4. أهل البيت وتحريم نسبة جلب النّفع ودفع الضرّ إلى غير الله:
في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله عزّ وجلّ { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونْ } قال: "هو قول الرجل: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي، ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه". قلت: فيقول ماذا؟ يقول: لولا أنْ منّ الله عليّ بفلان لهلكت، قال: "نعم، لا بأس بهذا أو نحوه". (وسائل الشّيعة: 05/255).

5. أهل البيت وتحريم الحلف بغير الله:
1. في (الكافي) عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنّ المنصور قال له: رُفع إليّ أنّ مولاك المعلى بن خنيس يدعو إليك، ويجمع لك الأموال، فقال: والله ما كان، فقال: لا أرضى منك إلا بالطلاق والعتاق والهدي والمشي، فقال: أبالأنداد من دون الله تأمرني أن أحلف؟! إنّه من لم يرضَ بالله فليس من الله في شيء".(الكافي: 06/446، وسائل الشيعة: 23/231).
2. وفي (من لا يحضره الفقيه) عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث المناهي أنّه نهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: من حلف بغير الله فليس من الله في شيء، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله عز وجلّ، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها كفارة يمين ، فمن شاء برّ ، ومن شاء فجر، ونهى أن يقول الرّجل للرجل: لا وحياتك، وحياة فلان. (من لا يحضره الفقيه: 4/7، وسائل الشيعة: 23/259).


6. أهل البيت وتحريم البناء على القبور:
كان أعلام أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم ينهون أشدّ النّهي عن البناء على القبور عامّة وعن البناء على قبورهم خاصّة، على عكس ما يقرّره علماء الشّيعة من أنّ النّهي عن البناء على القبور متعلّق بما سوى قبور الأنبياء والأئمّة:

النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله):
1. في (من لا يحضره الفقيه) أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإنّ الله عزّ وجلّ لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). (من لا يحضره الفقيه: 01/178. باب التعزية والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم: رواية رقم 532)..
2. وفي (وسائل الشّيعة) عن يونس ببن ظبيان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه". (وسائل الشّيعة: 03/210. باب كراهة البناء على القبر في غير قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) والجلوس عليه وتجصيصه وتطيينه: رواية رقم 02).
3. في (كنز الفوائد) للكراجكي عن أسد بن إبراهيم السّلمي والحسين بن محمد الصيرفي معا، عن أبي بكر المفيد الجرجراني، عن ابن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ( لاتتّخذوا قبري عيدا، ولاتتخذوا قبوركم مساجدكم، ولا بيوتكم قبورا ) ". (مستدرك الوسائل: 02/287).
4. وفي (فقه الرّضا) للصّدوق: " فلمّا أن فرغ من غسله وكفنه أتاه العباس فقال: يا علي إنّ الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي (صلى الله عليه وآله) في بقيع المصلى وأن يؤمّهم رجل منهم، فخرج علي (عليه السّلام) إلى النّاس فقال: يا أيها الناس أ ما تعلمون أنذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمامنا حيا وميّتا وهل تعلمون أنّه (صلى الله عليه وآله) لعن من جعل القبور مصلّى، ولعن من يجعل مع الله إلها، ولعن من كسر رباعيته وشقّ لثته". (فقه الرضا: ص188-189).

علي المرتضى (رضي الله عنه):
5. في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هدم القبور وكسر الصّور". (وسائل الشّيعة: 03/211: تحت (باب كراهة البناء على القبر في غير قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم السّلام والجلوس عليه وتجصيصه وتطيينه): رواية رقم 06).
6. في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السذلام): "بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة فقال: (لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبرا إلا سوّيته، ولا كلبا إلا قتلته)". (وسائل الشيعة: 03/209: تحت (باب عدم جواز نبش القبور ولا تسنيمها، وحكم دفن ميتين في قبر)، رواية رقم: 02).
7. وفي (من لا يحضره الفقيه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " من جدّد قبراً، أو مثّل مثالاً فقد خرج من الإسلام ": (من لا يحضره الفقيه: 01/189. باب النوادر: رواية رقم 579).

الإمام الصّادق (عليه رحمة الله):
8. في (من لا يحضره الفقيه) عن الصّادق (عليه السّلام) أنّه سأله سماعة بن مهران عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها، فقال: " أمّا زيارة القبور فلا بأس بها، ولا يُنبى عندها مساجد ". (من لا يحضره الفقيه: 01/178. باب التعزية والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم: رواية 531).

الإمام موسى الكاظم (عليه رحمة الله):
9. في (وسائل الشّيعة) عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولاتطيينه". (وسائل الشّيعة: 03/210. باب كراهة البناء على القبر في غير قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) والجلوس عليه وتجصيصه وتطيينه: رواية رقم: 01).

الردّ على شبهة أنّ هذا النّهي خاصّ بغير قبور الأئمّة:
وصية النبيّ المصطفى (صلى الله عليه وآله):
1. في (الكافي) عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنه قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسلم لِعلي (عليه السلام): (يا علي، ادفنّي في هذا المكان، وارفع قبري من الأرض أربع أصابع، ورشّ عليه من الماء). (الكافي: 01/450. باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ووفاته: رواية 36).

وصية الإمام الباقر (عليه رحمة الله):
2. في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: "إنّ أبي قال لي ذات يوم في مرضه: إذا أنا متُ فغسّلني وكفني، وارفع قبري أربع أصابع ورشّه بالماء". (وسائل الشّيعة: 03/193 باب استحباب تربيع القبر ورفعه أربع أصابع إلى شبر. رواية رقم 06).

وصية الإمام الكاظم (عليه رحمة الله):
3. في (وسائل الشّيعة) عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال: "إذا حُملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرجات". (وسائل الشيعة: 03/195. باب استحباب تربيع القبر ورفعه أربع أصابع إلى شبر: رواية 11).

أنظر وتفكر ؟؟؟!.

منقول بتصرف