قراءة فى خطبة حماية الشريعة
ملقى الخطبة سعود الشريم وهى تدور حول وجوب حماية المسلمين لشريعتهم بتطبيقها والدفاع عنها وفى هذا قال:
"أيها الناس، إنَّ المسلمين بحكمِ شريعتِهم ونصوصِها الناصعَة الصريحة لمطالبون عند الله بالتمسُّك بها والعَضِّ عليها بالنواجذ وحمايةِ جنابها عن أن يُخدَشَ أو يُثلَم، أو أن تتسَلَّل إليها أيدي العابثين لِواذًا، يقلِّبون نصوصَها وثوابتَها، ويتلاعبون بأحكامها ومسلَّماتها كيفَ شاؤوا، على حين غفلةٍ عن استشعار هيبَة القرآنِ في النفوس، وإبّانِ غيابٍ غيرِ قليل لما يَزعُه الله بالسّلطان من القوّة والتأديب؛ لأنّ مَن أمنِ العقوبةَ أساء الأدَب، ومَن عَدِم النورَ والهداية تخبَّط في دياجير الظّلَم، ولا عاصمَ حينئذٍ من أمر الانزلاق بعدَ الله إلا بالتمسُّك بوصيّة المصطفَى حيث يقول: ((عليكم بسنّتي وسنّةِ الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلّ محدثةٍ بدعة)) رواه أحمد."
الحديث باطل لمعارضته كتاب الله فالمطلوب طاعة كتاب الله وليس السنة سنة الراشدين كما قال تعالى :
" وأطيعوا الله"
وقال:
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
والخلفاء لم يمل عليهم وحى
والخطأ الثانى علم النبى(ص) بالغيب وهو وجود خلفاء راشدين بعده وهو لا يعلم الغيب كما قال الله على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
وتحدث عن وجوب شدة المسلمين فى تطبيق دينهم فقال :
"عبادَ الله، إنَّ للمسلمين شدّةً في دينهم وقوّةً في إيمانهم، يباهون بهما من عداهم من أهلِ المِلَل، وإنّ في عقيدتهم ونصوصِ الوحيين عندهم أوثقَ العُرى لارتباط بعضِهم ببعض ودفاعِ بعضهم عن بعض تحت جامعة الإسلام الحقَّة.
وإنّ مما رسَخ في نفوس المسلمين أنَّ في الإيمان بالله وما جاء به رسوله على وجه الانقياد والتسليم كفالةً لسعادة الدارين، وأنّ من حُرِم ذلك التمسُّكَ والانقياد فقد حُرِم التوفيقَ والسعادة، ولقد صدق رسول الله إذ يقول: ((ذاقَ طعم الإيمان، من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً)) رواه مسلم.
إنه لا طعمَ بلا إيمان، ولا إيمانَ بلا رضًا بشريعة الله ورسوله ، وبلا عملٍ بها في جميع شؤونِ الحياة بلا استثناء."
وتحدث مرة أخرى عن وجوب تطبيق المسلمين للشرع فقال :
"إنّ المسلمين جميعًا مأمورون ببذل كلِّ ما مِن شأنه المحافظةُ على شريعَتهم الغرّاء عن أن يزلُّوا بتهميشها بعد ثبوتهم عليها، ويذوقوا السوءَ بما صَدّوا عنها، كما أنه في الوقتِ نفسه إن لم يقوموا بالحمايةِ عن حَوزة الشريعة فإنهم سيأثمون جميعًا، إن لم يقُم بهذا الفرض الكفائيّ مَن يكفي في ترسيخ تحكيم الشريعة وصَدِّ الأيدي العابثة بها بين الحين والآخر."
وتحدث عن المرض الذى دخل فى نفوس البعض من عدم صلاحية الشرع حتى تجرأ الحكام والمنافقون على تطبيق القوانين الوضعية فى بلاد المسلمين فقال :
"أيها المسلمون، إنّ المدلهمَّاتِ الحثيثةَ والخطوبَ التي اعترَت حِياضَ المسلمين وقوَّضت روابطَهم استطاعت أن تكوِّن في أنفسهم شيئًا من الذُّعر والفَرَق اللَّذين أفرزَا في نفوس بعضِ المسلمين إحساسًا بالانهيار وتردُّدًا في القناعات ببعض الجوانب في الشريعة واستحياءً في التمسُّك بالدِّين والاعتزاز بالشريعة الحيَّة، بل لقد تعدّى الأمر إلى أكثرَ من ذلك حيث نبتت نابتةٌ تريد عزوَ أسبابِ الانهيار والضعفِ لدى المسلمين إلى ما يحملون في أنفسِهم من تطبيقٍ لشريعةِ الإسلام في عصرِ العَولمة وتصارُع الحضارات، فأخذوا يُلفِّقون التُّهمَ لعقيدة الأمّة ولأصالتها وعالمية رسالتها، ورأوا أنَّ في تطبيق الشريعة على ما عهِده المسلمون في القديم والحديث مانعًا من تعانُق الحضاراتِ ونوعَ تخلُّفٍ ورَجعية لا تُرضي شعوبَ الكفر ودُوَله، والتي لن ترضَى عن أمَّتنا حتى تتَّبع مِلّتهم، فلا تسألوا حينئذٍ ـ عبادَ الله ـ عن البدء في النَّقضِ للعُرى والتشكيك في المسلَّمات والأصول وتعميم الفوضىَ في المرجعيّة الشرعية والتشويش في إثارة مراجعاتٍ وتبديل القناعات بأنّ ما كان حرامًا بالأمس يُمكن أن يكونَ اليومَ حلالاً، وما كان بالأمس اعتزازًا فخرًا يُمكن أن يكونَ اليومَ خِواءً وانكسارًا."
وتحدث عن أن الكل أصبح يتكلم فى الشرع متناسين دور أهل الذكر فقال :
"لقد اختلطت مصادِر التقرير في صفوف المتحدِّثين حتى تحوّل الصَّحفيُّ فقيهًا ومرجعيةً دينية تضَع المعايير للمصيب والمخطئ كيفما اتّفق، وانقلَب السياسيّ مشرِّعًا والعامِّي ناقِدًا، وفُقِدت المرجعيّة الشرعيّة بعد تهميشها بين أوساطِ الناس، وذلك كلُّه بسببِ بُعد العلماء وغياب قُوّةِ السلطان وترفُّع الوُضَعاء والجهّال والمتفيهقين؛ ليُبرِزَ لنا الواقعُ المرير صورةً جليّةً من الوصف النبويّ الكريم لِما يكون في آخر الزَّمان على حدِّ قول المصطفى : ((إنَّ الله لا ينزع العلمَ من الناس انتزاعًا، ولكن يقبض العلماء، فيُرفَع العلمُ معهم، ويبقى في الناس رؤساء جهّال، يفتونهم بغير علم، فيَضلّون ويُضلّون)) خرّجاه في الصحيحين وهذا لفظ مسلم، وعلى حدِّ قول النبي في الحديث الآخر: ((إنها ستأتي على الناس سِنون خدّاعة، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذّب الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطِق فيها الرُّويبضة))، قيل: وما الرويبضة؟ قال: ((السفيه يتكلَّم في أمر العامّة)) رواه أحمد."
والحديث الأول باطل فالعلم لا يرفع وإنما باق كما قال تعالى :
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
والحديث الثانى باطل لأنه ينسب للنبى(ص) العلم بالغيب وهو ما يناقض قوله تعالى على لسانه(ص):
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
وتحدث عما يثار حاليا فى وسائل الاعلام من انتقاد الشرع وهو كلام يجب أن يسئل عنه الحكام فلا أحد يظهر فى تلك الوسائل إلا بأمر منهم وهم من يأتون بهؤلاء العملاء ليشغلوا الناس عما يعمله الحكام من المصائب وفى هذا قال :
"عبادَ الله، إننا لنُشاهد في هذه الآونة تأثُّرَ كثيرٍ من الناس بكثرةِ المطارحات والمجادلات التي تمسُّ أصولاً في الدين ومسلَّمات، وذلك من خلالِ المطارحات المتكرّرة عبرَ وسائلَ متعدّدة، كالفضائيات المرئية أو الصحافة المقروءة أو الإذاعة المسموعة أو عبرَ منتدياتٍ وندوات نشيطةٍ في هذا المجال.
وإن تعجَب ـ أيها المسلم ـ فعجبٌ ما يظنّه أصحابُ تلك المطارحات مِن أنهم أتَوا للأمة بما لم يأتِ به الأوّلون، وأنهم بذلك قد فاقوا السلفَ الكرام، اغترارًا بما رأَوه من حركةٍ إعلامية تنشِّط مثل هذه المجادلات والمحاورات، وتنوِّع أساليبَ التأويل والصَّرف لمعاني النصوصِ الشرعية وضربِ بعضها ببعض وتقديمِ العقل والتعايُش العالمي والمصلحة الدَّولية والوطنية على النصّ الشرعيّ. وإنما أُتي بعضُ هؤلاء الذين يُدلون بهذا الطَّرح من خِلال الإعجابِ بطريقتهم؛ حيث ظنّوا أنها خيرٌ من طريقة السلف؛ لأن طريقةَ السلف في زعمهم هي مجرّدُ الإيمان بألفاظِ القرآن والحديث من غيرِ فقهٍ ولا فَهم لمراد الله ورسوله منها، واعتقدوا أنهم بمنزلة الأمِّيِّين الذين قال الله فيهم: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ " وأنَّ طريقةَ هؤلاء المتفيهقين هي استخراجُ معاني النصوص وصرفُها عن حقائقها التي فهِمها السلف الصالح بأنواع المجازات وغرائب اللُّغات ومستنكَر التأويلات، فهذا الظنُّ الفاسِد أوجَب حال المتشبِّثين به أن يكون مضمونه نبذ الكتاب والسنة وأقوالِ الصحابة والتابعين وراءَ ظهورهم، فكانت النتيجة الحاصِلة بفِعلهم إثارةَ الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم. ونتج من هذا المنطلق دعواتٌ وشِعارات لاقت رجعَ الصدَى في غيرِ ما قطر إسلاميّ وعربيّ عمّا يُسمَّى بالعولمة الثقافية المعرِفيّة التي مفادُها تهميش هَيمَنة الشريعة الإسلامية وحجبُ الثقَة عنها لتتلاقَح المعارف والثقافاتُ دون قيودٍ ولا حدود، حاملين خلالَها شعاراتِ التجديد والإصلاح وتطوير الشريعة وتصحيح الخطاب الدينيّ وإصلاحه ونشر ذلك كلِّه عمّا يُسمَّى بالجمود النصِّي، والواقعُ أن البلاءَ لا يكمن خطرُه في تلك الشِّعارات المرفوعة فحسب، وإنما يكمُن أيضًا في الرؤى والمضامين، وقديمًا قيل: تحت الرّغوةِ اللبنُ الصَّريح."
ونسب الرجل هذا الضعف إلى ضعف أهل الذكر وتهميشهم فقال :
"ثم إنّه ما صار الذي صَار إلا بضَعف الهيمنةِ العلمية الموثوقةِ والمرجعية الشرعيّة النزيهة، ولسانُ حال المرجعيّة المهمَّشَة وسطَ هذه الزّوابع والشِّعارات والمتنكِّبة يردِّد قولَ القائل:
وكان بنو عمِّي يقولون: مرحبًا فلمّا رَأوني مفلِسًا ماتَ مَرحبُ
ورحِم الله ابنَ القيم وهو يصفُ مثلَ هذه الحال بقوله: "فلو رأيتَ ما يُحرِّف إليه المحرِّفون أحسنَ الكلام وأبينَه وأفصحَه وأحقَّه بكلِّ هدًى وبيان وعلم مِن المعاني الباطلة والتأويلات الفاسِدة لكِدتَ تقضي من ذلك عجبًا وتتَّخذ في الأرض سَربًا، فتارةً تعجَب، وتارة تَغضب، وتارة تبكِي، وتارة تضحَك، وتارةً تتوجَّع بما نزل بالإسلام وحلّ بساحةِ الوحي" انتهى كلامه رحمه الله."
والتهميش هو بسبب الحكام وبسبب أن أهل الذكر صار معظمهم تحت أقدام الحكام وأما من وقف أمامهم فقد سجن أو أعدم
وطالب الرجل القوم بحماية الشرع فقال :
"وبعد: أيها المسلمون، فإنّ الواجبَ على الولاةِ والعلماء والدّعاة أن يكونوا حماةً لجناب الشريعة، وأن يتصدّوا لكلِّ غارةٍ على حِماها، وأن يقِفوا في وجوهِ العابثين بها وبأحكامها وثوابِتها، وبيان الحقّ لهم ودعوتهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالتي هي أحسَن، كما أنه لا ينبغي أن يتسلّل شيءٌ من التهوينِ مِن شأنِ أولئك، أو أن يقال: إنَّ الردَّ عليهم والتصدِّي لهم فيه نوعُ تنزُّل وإعطاءٌ للشَّخص أكثر من حقِّه؛ فإنّ الدفاعَ عن الشريعة أعمّ من أن يُحَدَّ بشخص دون آخر؛ إذِ الحقّ هو الضّالّة التي ينشدُها المؤمن، وللإمام عثمان الدارمي كلامٌ حولَ هذا يقول فيه: "وقد كان من مضَى من السَّلف يكرَهون الحوضَ في هذا وما أشبَهه، وقد كانوا رُزِقوا العافيةَ منهم، وابتُلينا بهم عند دروس الإسلام وذهابِ العلماء، فلم نجد بدًّا من أن نردّ ما أتوا به من الباطل بالحقّ"، ولأبي الحسَن الأشعريّ كلامٌ جيِّد في معرض ردّه على الجبّائي المعتزلي، يقول فيه: "ورأيتُ الجبائي ألّف في تفسيرِ القرآن كتابًا أوّلَه على خلافِ ما أنزل الله عزّ وجلّ، وما روى في كتابه حرفًا عن أحدِ المفسِّرين، ولولا أنه استغوَى بكتابه كثيرًا من العوامّ واستزلّ به عن الحقّ كثيرًا من الطّغام لم يكن للتّشاغُل به وجه". ويتحدّث ابن القيّم عن الوقوف في وجوه المحرّفين والعابثِين بنصوص الشريعة والحاطّين من هيبتها قائلاً: "فكشفُ عوراتِ هؤلاء وبيان فضائحِهم وفساد قواعدهم من أفضلِ الجهاد في سبيل الله، وقد قال النبي(ص) لحسّان بن ثابت: ((إنَّ روحَ القدُس لا يزال يؤيِّدك ما نافحتَ عن الله ورسوله))".
ألا فاتّقوا الله معاشرَ المسلمين، واحفظوا شِرعةَ الله ومنهاجه في واقعِ حياتكم، وذودوا عن حِماهما، فلا نجاةَ لسفينةِ الإسلام الماخِرة إلاّ بالتمسُّك بهما على وجهِ الانقياد والتسليم والتعظيم والطاعة، فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ"
وهذا الكلام عن خلافات الفرق لا لزوم له فهى مع أنها محرفة وموضوعة من قبل الكفار إلا أنها لا يجب ألا تذكر لأن الحق هو فى كتاب الله وليس مع رجال معينين ولذا قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وتحدث عن وجوب طاعة الله فى الوحى المنزل على خاتم النبيين(ص) فقال :
"فاتقوا الله أيّها المسلمون، واعلموا أنّ الدين عند الله الإسلام، وأنّ الله جلّ وعلا يقول: وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " وقد أمرنا الله سبحانه أن نخلِصَ طاعتَنا لله ولرسوله ولورثةِ الأنبياء مِن العلماء الربانيين حيث يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ""
وتحدث الرجل عن وجوب رد المور إلى أهل الذكر فقال :
"وإنّ مِن صحَّة الإيمان تعظيمَ الشريعة واحترامها لأنها من الله ورسوله ، فلا يجوز العبثُ بها ولا الاعتداء على مسلَّماتها ولا الخوضُ فيها بغير عِلم لأنّ الله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "والمعنى: لا تقولوا خلافَ قول الله وقول رسوله ، ولا تفتاتوا عليهما بشيء، ولا تقضوا أمرًا دونَ الله ورسوله من شرائعِ دينكم.
ويشتدُّ الأمرُ تأكيدًا ـ عبادَ الله ـ حينما تأتي الملمّات وتحُلّ الفِتن والبلايا كما قال تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً "
وبالقطع أهل الذكر الذين قصدهم الله ليس أحد منهم موجود حاليا إلا عدد نادر لأن المعظم إما تابع للحكام والبعض الأخر يريد أن يشتهر مخالفا والقلة النادرة تحاول أن تصلح ما أفسده علماء السلطان والكفار
وتحدث عن السلف الصالح ووجوب الاقتداء بهم فقال:
"إنه بمثلِ هذا سار السلفُ الصالح، فكُتب لهم التوفيقُ والتمكين، وما ذاك إلاّ لتعظيمهم لنصوص الوحيين والأخذ بها وعدم التقديم بينها، فقد صحَّ عن أبي حنيفةَ ومالك والشافعيّ وأحمد رحمهم الله قولُ كلِّ واحدٍ منهم ما مفادُه: إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي، وقد جاء رجل للشافعيّ فسأله مسألةً فقال: قضَى رسول الله كذا وكذا، فقال الرجل للشافعيّ: ما تقول أنت؟ فقال: سبحان الله! تراني في كنيسة؟! تراني في بيعة؟! ترى على وسطي زنّارًا؟! أقول: قضى رسول الله كذا وكذا وأنت تقول لي: ما قولُك أنت؟!
فالواجبُ على كلِّ مسلم كمالُ التسليم لشريعةِ الله والانقياد لما فيها وتلقِّي ذلك بالقبولِ والتصديق دونَ معارَضتها بخيالٍ باطلٍ ولو سمّاه الناس معقولاً أو مصلحةً أو ضغطًا حضاريًّا. كما لا يجوز لأحدٍ أن يحمِّل الشريعةَ شبهةً أو شكًّا أو يقدِّم عليها آراءَ الرجال وزُبالةَ أذهانهم، فلا يصحّ إلاّ التحكيم والانقياد والتسليم والإذعان للشريعة، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا "
وبالقطع ليس المطلوب من المسلم الاقتداء بالرجال وإنما الاقتداء بالهدى المنزل على الرسل(ص) كما قال تعالى :
"قل فبهداهم اقتده"