العراق يعيد كتابة تاريخه متجاهلاً الغزو الاميركي وعهد الرئيس صدام حسين

الأربعاء يونيو 30 2010
العراق يعيد كتابة تاريخه متجاهلاً الغزو الاميركي وعهد الرئيس صدام حسين iraq306.jpg
العراق...وقوف على الاطلال

بغداد، نيويورك - العراق يعيد كتابة تاريخه متجاهلاً الغزو الاميركي وعهد الرئيس صدام حسين alqudslogo2.gif -
كتب الصحافي تيم أرانجو تقريرا في صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية اليوم الاربعاء تقريرا جاء فيه انه "خلال العنف الطائفي الذي جرى هنا، رأت مي عبد الوهاب بعينيها الجثث المتناثرة في أرجاء ساحة المدرسة التي تديرها حاليا.
إلا أن مي لا يُسمح لها بتعليم طالباتها اي شيء عن الغزو الأميركي للعراق أو عن حكومة صدام حسين التي أطاح بها الغزو.

وقال السيدة عبد الوهاب التي تدير مدرسة ثانوية في بغداد تعلمت هي نفسها فيها، لكنها مثل أناس كثيرين ليست في عجلة لإعادة تقييم نظام صدام من الناحية الأكاديمية: "كلاهما ليس موجودا في المنهج".

وأضافت: "ظل مسيطرا طيلة 35 عاما.
وإذا اضافوه إلى التاريخ في غضون 35 عاما، فستكون الإضافة سريعة أكثر من اللازم. نحن لا نريد أن نسمع عنه".
خلال أكثر من ثلاثة عقود تحت دكتاتورية صدام حسين، كان التعليم، وخصوصا تعليم التاريخ، أداة دعاية عقائدية لبث أفكار حزب البعث وآلية للترويج لمبادئ صدام.

وبعد مرور سبع سنوات على الحرب، تعرقلت مهمة استعادة كتابة تاريخ العراق لطلاب مدارسه بسبب العوامل السياسية والمخاوف من الوقوع في اختلافات طائفية، وهي اختلافات كثيرا ما تتحول إلى دامية في هذا البلد.

وقال غازي مطلق، المسؤول الحكومي عن تغيير المناهج المدرسية العراقية لتنسجم مع مجتمع ديموقراطي: "نحاول استبعاد المواضيع الحساسة.
وعلى سبيل المثال أحداث العام 2003 والغزو.
بعض العراقيين يسمونه عملية الحرية. والبعض الآخر يعتبرونه احتلالا. ولذلك لا نتعامل مع هذا الموضوع".

في العام 2008 بدأت الحكومة العراقية تعديل المناهج تحت اشراف منظمة الـ"يونيسك".
وهي عملية ستستمر حتى العام 2012.

العراق يعيد كتابة تاريخه متجاهلاً الغزو الاميركي وعهد الرئيس صدام حسين r232583_930782.jpg
الرئيس الراحل صدام حسين


وقال محمد الجاهري، مساعد مدير المناهج بوزارة التربية: "المشكلة الرئيسة هي مع الطوائف. كل طائفة تريد حذف ما لا توافق عليه.
وسنحاول التعامل مع هذه المشكلة وحلها خلال الأعوام المقبلة".

وكان الجواهري يشير إلى منهج التربية الإسلامية،
وهو مزيج من التاريخ والتعاليم الدينية، يتم تدريسه في لمدارس الحكومية ويخضع حاليا للتغيير.

وأضاف: "على سبيل المثال الصلاة. الشيعة يسبلون أياديهم والسنة يضعون يدا فوق الأخرى.
والسؤال هو ما هي الطريقة التي تُدرج بها في المنهاج؟".

جواب واضح - تعليم الاثنتين- الا أن ذلك ليس سهلا في بلاد عانت كثيرا من الاقتتال الطائفي الأخير.

وأضاف الجواهري: "مجتمعنا حتى الآن لم يحصل على هذا النوع من تعددية الآراء".

في أحد كتب التاريخ الحالية للصفوف الثانوية تم التعامل مع الإطاحة بنظام صدام - وأشير فقط إليه على أنه "النظام السابق" أو "الدكتاتور".

ويقارن النص القمع السياسي، والاحتجاجات وعدم الرضا في أوساط الشعب العراقي قبل انقلاب 1958 على العهد الملكي برد الفعل الشعبي على جرائم نظام صدام حسين، بدءا باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الأكراد عام 1988 إلى قمع الانتفاضة الشيعية بعنف عام 1991 بعد حرب الخليج عام 1991.

ويقول النص: "شهدت المدن العراقية مظاهرات وعدم استقرار وتمردا على السلطات في العراق"،
وذلك في وصف الأوضاع التي سبقت انقلاب 1958.

ثم يضيف النص: "وهذا بالضبط ما حدث في العراق خلال عهد الدكتاتور".

ولا يرد أي ذكر في المنهج للغزو الأميركي.

وعند التطرق للحرب في الصفوف المدرسية، يغيُر بعض المعلمين الموضوع.
لكن غيرهم يرون أن هناك حاجة لتشجيع النقاش، حتى مع تجاوز حدود ما يُطلب منهم تدريسه.

العراق يعيد كتابة تاريخه متجاهلاً الغزو الاميركي وعهد الرئيس صدام حسين saddamimg05_0.jpg
سقوط بغداد



وقالت وسن محمود، وهي معلمة في مدرسة الأحرار للبنات في بغداد: "أحيانا نجد أن الدخول في نقاش حول الحرب ضروري.
وعندما اتطرق للغزو الأميركي أقول أنه احتلال وليس تحريرا".

حذام حسين، التي تدرس التاريخ الأوروبي الحديث، قالت :"كلما كان هناك نقاش حول الاستعمار، أذكر الغزو الأميركي.
نتحدث عن الاستعمار الفرنسي والاستعمار البريطاني، فماذا لا نتحدث عن الاستعمار الأميركي؟"

تاريخ العراق الثقافي يعود لآلاف السنين، وتمتد أراضيه على الكثير من مناطق ما بين النهرين القديمة.
لكن ذاكرته التاريخية تخيم عليها غيوم اضطراباته.

وقال محمد كامل، رئيس دائرة التاريخ في جامعة المستنصرية ببغداد :"حذفوا أي ذكر لعهد صدام في كتب التاريخ،
لكن النتيجة أن كتب التاريخ أصبحت أسوأ من السابق".

وقال كامل إنه حتى على المستوى الجامعي، فإن صدام حسين وحزب البعث ليسا جزءا من التاريخ.

وربما كان التاريخ العراقي خلال القرن العشرين الذي تم تدريسه تحت نظام صدام حسين دعاية صرفة- حيث تصدرت صورته كل كتاب-
فإن بعض المعلمين يقولون إن التاريخ القديم الذي كان يعلم في السابق كان أعمق بكثير من ذلك الذي يتم تعليمه في المنهاج الجديد.

وباسم الحساسية والتعددية الثقافية- والابتعاد المتعمد عن القومية العربية التي كانت تعلم في السابق-
فقد تم تكثيف التاريخ القديم وإضافة مواضيع جديدة.

ويفضل الإسلاميون التركيز على تاريخ المنطقة بعد بعثة النبي محمد عليه السلام في القرن السابع الميلادي.

وقالت هذام حسين: "كنا ندرس حضاراتنا القديمة في العراق. أريد أن أتحدث عن ما بين النهرين، مهد الحضارة. ومصر وسوريا.
الآن قاموا بإضافة البوذية والهندوسية. ما علاقة هذا بنا؟"

وأشارت حسين مباعدة بين إبهامها وسبابتها لتظهر سماكة كتاب التاريخ القديم في الماضي.

أما الكتاب الجديد، الذي يمتد من الغزو المغولي لبغداد في عام 1258 وحتى الحاضر، فيقع في 96 صفحة.

وكان التاريخ تحت نظام صدام حسين تابعا لقوى الدولة. وفي ديمقراطية العراق الفتية، فإن رواية الماضي تبدو منوطة بالسياسة بشكل مختلف.

وقال المطلق، وهو المسؤول عن الخطط الدراسية حول "دمقرطة" العراق، إن هدف وزارة التعليم كان "جعل منهاج التاريخ أداة لتوحيد الشعب العراقي".