جثة الامير عبد الاله تناوب عليها الاوباش وطافت اجزاؤها معظم شوارع بغداد. do.php?img=14944
من احداث 14 تموز
تصايح الجمهور المشاغب.. فلنعلق الجثة
وجلبت الحبال الغليظة وربطت بشرفة فندق الكرخ وبعد دقائق كانت جثة الامير ترتفع معلقة في الهواء. فصعد اليها حملة السكاكين والسواطير فبتر الذكر وفصلت الرجلان من الركبتين وقطع الكفان من الرسغين والقيت الى مجموعات من الفتيان والشبان الذين سرعان ما تلاقفوها وانطلقوا مهرولين بالاجزاء المبتورة عبر الشوارع والازقة متجهين نحو الرصافة في صخب ولعب وضحك كأنهم في ساحة كرة القدم وتقدم شاب في مقتبل العمر من الجثة المعلقة عرف فيما بعد انه ابن احد القواد العسكريين الذين اعدموا بعد حوادث 1941 وناولته الجماهير مسدساً ليطلق النار على الميت الا ان الشاب امتنع عن القيام بعمل كهذا.
وبقيت الجثة معلقة في مكانها زهاء العشرين دقفيقة وتعالت الصرخات انزلوها ولنكمل سحلها عبر الشوارع وانزلت الجثة وبوشر بالسحل ثانية وعبروا بها جسر المامون متجهين نحو شارع الرشيد كان يغص بالناس وبالمتفرجين من الشرفات والنوافذ. وفي شارع الرشيد اصبحت الجثة هدفاً للحجارة وبدت طلائع الموكب الوحشي المرعب وهي تسير على لحن(نشيد الله اكبر) الذي كان يملأ الاسماع من الراديوات المنتشرة في مقاهي واماكن الشارع.
كان الوجه قد تهشم تماماً وقد مر احد الحبال من بين الاسنان وشق الفم والوجنة اليمنى وانكسر الفك وتدلى على جانب الوجه وارتفع الوجه الى الاعلى فبانت الاسنان البيضاء في الوجه المشقوق وبدت العينان مفتوحتين وهما تنظران نظرة الميت الجامدة ولم يبق من ملامح عبد الاله الا الجبين الواسع وبعض الشعر الاسود الذي تعفر بتراب الشارع.
وبالقرب من وزارة الدفاع كانت جمهرة الساحلين اربعة فتيان لا يتجاوز عمر الواحد منهم الخمسة عشرة عاماً يبدو عليهم كأنهم تلاميذ مدرسة متوسطة يتبعهم صبية صغار حفاة الاقدام قذور الملابس كلما تعب واحد من السحل سلم الحبل لبديل من اولئك الاطفال والفتيان.
وعلى مسافة اربعة امتار من الجثة المسحولة كان يسير موكب غوغاء بغداد واوباشها. واغلقت النساء الشبابيك وهن يبعدن اطفالهن عن التطلع على هذا المنظر الذي تجمد الاطراف لهول بشاعته.
واخيراً وصل الموكب امام البوابة الخارجية لمبنى وزارة الدفاع حيث وقف حشد كبير من الضباط والمراتب من مختلف وحدات بغداد لتقديم التهئنة والتأييد للثورة وللعقيد عبد اللطيف الدراجي الذي احتل وزارة الدفاع.
ولم يتحرك اي من الضباط او الجنود من اماكنهم للتطلع على ذلك المنظر المقزز للميت المقطع الاوصال بل لبثوا في اماكنهم وقد ارتفعت ابصارهم وهم يحاولون النظر من بعيد.
وصلت الجثة الممزقة امام وزارة الدفاع حيث يوجد قبالتها مقهى كبير والى جانب المقهى يقوم بناء قديم من طابقين وصعد احدهم متسلقاً العمود الكهربائي المجاور للبناء، وعلق حبلاً في شرفة الطابق الاول حيث وقفت في تلك الشرفة بعض النسوة والاطفال يتفرجن على الشارع وادليت الحبال وربطت بها حبال الجثة وتصايح الواقفون... ارفعوها … وبعد لحظات كانت الجثة ترتفع ثانية معلقة في الهواء وقد اندلقت امعاؤها وتسلق عمود النور المجاور شاب يحمل سكيناً بيده وطعن الجثة بالظهر عدة طعنات ثم اعمل سكينة في الدبر وراتح يقطع اللحم صاعداً الى فوق باتجاه الرأس. ومن الشارع جلبت عصا طويلة بيضاء ادخلت في الجثة ودفعت بها دفعاً والضباط والمراتب ينظرون اليها دون ان يتحركوا من اماكنهم رغم ان علامات امتعاض من هذه المناظر الوحشية كانت ترتسم على وجوههم جميعاً.
وكانت خاتمة المطاف لجثة الامير عبد الاله ان تناوب عليهاالاوباش وطافت اجزاؤها معظم شوارع بغداد. اما ما تبقى منها الى مساء ذلك اليوم فقد صبت عليها صفائح البترول ثم حملت البقايا المحترقة والقيت في نهر دجلة كما ابتلع نهر دجلة كما ابتلع نهر دجلة الاطراف التي كانت مبعثرة هنا وهناك

منقول دون تدخل للامانة