بسم الله الرحمن الرحيم

قام بوضع الاسئله فريح بن ضافي بن نصير الرويلي
وتمت الاجابه عليها من قبل الباحث التاريخي ومدرس الخرائط الاستاذ /
( ابن الصحراء ) الاشجعي
.


س1- هل بإمكانكم في البداية إعطاءنا مقدمة كتوطئة وتمهيد لحديثنا عن معركة ذي قار التاريخية ؟

ج1/في أواخر العصر الجاهلي وقبيل انتشار نور الإسلام بقليل كان هناك دولتين عظيمتين بأوج ما بلغاه من قوة واتساع تحف أطراف شبه الجزيرة العربية وهما دولة الفرس ودولة الروم . في حين أن شبه الجزيرة العربية كانت بها قبائل متناحرة وتكاد تخلو من وجود دول عدى بعض الإمارات الصغيرة كإمارة الاكيدر السكوني الكندي في دومة الجندل . وكانت هناك دولتين عربيتين صغيرتين أوجدتهما الدولتين العظميين كنطاق حاجز عن اعتداءات تلك القبائل وهما دولة المناذرة بسواد العراق من قبل الفرس ودولة الغساسنة بأطراف الشام الشرقية من فبل الروم . فكانت دولة الروم تسيطر على بلاد الشام في أقصى اتساع لها في الوقت التي كانت دولة الفرس تسيطر على كامل العراق حيث كانت دولتهم في اشد قوتها وعنفوانها . وكانت عاصمتهم هي المدائن وهي بقرب موقع مدينة بغداد الحالية .

وكانت قبيلة بني بكر بن وائل إحدى القبائل العربية القريبة شيء ما إلى العراق حيث تحفها من جهة العراق أختها قبيلة عنزة ابن أسد بينما كانتا قبيلتي طي وبني أسد ابن خزيمة هما الأقرب لسواد العراق في حين أن قبيلة أياد دخلت العراق و سوادة . وقد ذكر الاخنس بن شهاب ألتغلبي عن بني بكر في ذكر منازل القبائل فقال :

وبكر لها بر العراق وان تشأ*** يحل دونها من اليمامة حاجب

وقال مقّاس وهو ( لقب ) و اسمه مسهر بن عمرو العائذي :

تمنيت بكرا بالعراق مقيمة*** و أنى لنا بكر بأكناف عرعر

ومما قال الاخنس في ذكر المنازل عن إياد قال :

و غارت إياد بالسواد ودونها ***برازيق عجم تبتغي من تضارب

وكانت قبيلة بني بكر في مجال حركتها و تجوالها في المرباع و المقيظ تجتال بين الصمان مرباعا مرورا باللبّة والحجرة إلى المقيظ على قراقر صيفا . وكان هذا ديدنها ***على مدار السنة في تلك الفترة .


س2- نود أن تذكر لنا المواقع و الأماكن الجغرافية والتاريخية التي لها علاقة بموقعة ذي قار . وتوضح لنا بعض المعاني التي تفيدنا ببناء تصور كامل وواضح للمعركة ؟

ج2/
1-ذي قار ( معنى ذي قار أو ذو قور أي به قور جمع قارة و القارة اصغر من التل الصغير وتكون من الكثان الجيري وذي قار كما هو معروف بأكثر المراجع العربية بأنه وادي متعرج رأسه بالسماوة ومصبه بسواد العراق وهو معروف لدينا بالشمال وادي ابالقور وهو احد وديان عنزة فيما يعرف بالوديان والتي منها وابتداء من الأعلى وادي الغدف ووادي عامق ووادي الأبيض ووادي المرى ووادي بدنه ووادي عرعر ووادي الهلالي ووادي سويف ووادي ابالقور )
2-السماوه ( منطقة واسعة [تمثل جزء كبير من شمال المملكة العربية السعودية ] فهي تمتد من قرب تيماء باتجاه الشرق إلى الجوف إلى عرعر ومن ثم تمتد شمالا إلى العراق والشام وجزئها الشمالي يعرف لدى البادية بالحماد . وتعتبر حرة الحرة هي مركزها ).
3-قراقر ( منهل بالسماوة وهو عبارة عن منهل مقيظ تجتمع البادية حوله أيام الصيف باعتباره المورد الأساسي لإبلهم و مواشيهم ). وفي هذه الجزئية من الموضوع قد يقول احد بان منهل قراقر من مناهل كلب بن وبره فأقول له إن كلب بن وبره انساحت في بلاد الشام ولم يبقى منها إلا القليل - يتواردون هم وبني بكر - لدرجة أنهم في العصر الأموي و بحكم المصاهرة و المناصرة و صلوا إلى البقاع في لبنان إذ كان يسمى بقاع كلب و لا زال الكثير منهم ببلاد الشام إلى ألان .
4-الحنو ( جبل ضخم ومرتفع بالسماوة بالقرب من منهل قراقر من جهة الشرق ويقع بين محافظة طريف من منطقة الحدود الشمالية و محافظة القريات من منطقة الجوف . ويوم الحنو احد ايام البسوس بين بكر وتغلب ).
5-زرود ( منهل يقع شرق مدينة حائل المعروفة وهو في طرف النفود على الطريق عندما تكون سائرا من الصمان باتجاه الشمال الغربي إلى الحجرة و اللبه ثم إلى الحرة و قراقر ).
6-الجبيات ( جمع جبيه ومنها جبية النظيم و جبية الخفية وتقع باللّبه و الجبيات احدى المرباعين مرباع الصمان و مرباع اللّبه

معركة ذي قار وعلاقتها بالدّحّه (معلومات جديده) 54d9822e6789bac5ac7c

معركة ذي قار وعلاقتها بالدّحّه (معلومات جديده) 2b8d7d17b4d658bc2c83


س3- في نظرك ما هي الأسباب التي أدت إلى وقوع معركة ذي قار ؟ وهل كان لاختيار الموقع أسباب معينه ؟

ج3/
الصراع من أهم السمات الطبيعية التي تتسم بها المجتمعات البشرية فالحراك الاجتماعي والنمو والتطور ينتج عنه صراع تتكون بسببه مجتمعات وتضمحل أخرى وتتكون كيانات سياسية وتنقرض أخرى . فهذه طبيعة الحياة البشرية . وبالمناسبة فلقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى تكون الدول وان هذه الدول تبلغ عمر معين ثم تهرم وتنتهي . والصراع عادة إما أن يكون من اجل البقاء أو من اجل القضاء أي إن طبيعة الصراع إما للدفاع عن حقوق أو لسلب حقوق . ودائما الصراع من اجل البقاء والدفاع عن الحقوق يتميز بالجلَد والصبر والثبات والروح المعنوية العالية ( إما أن تكون أو لا تكون . ومهما يكن سبب الصراع فانه لا يعدو أن يتأثر بهذين العاملين وهما
1- السمه الطبيعية للمجتمعات البشرية . 2- نوع الصراع .
ومعركة ذي قار هي نتيجة لهذين العاملين في حقيقتها .
و السبب الرئيس لمعركة ذي قار هو أن ملك الفرس كسرى ابرويز بن هرمز طلب من النعمان بن المنذر ابنته الحرقة واسمها هند ليزوجها لأحد أبنائه . فاستشار النعمان أهله وذويه وخاصته . فأبت هند و أمها كما رفضت أسرته ذلك الذي يعتبرونه غير متكافئ لا من ناحية الديانة ولا النسب . كما أن أسلوب الطلب به نوع من فرض القوه . فعندما شعر النعمان بان كسرى سيأخذ الموقف بالقوة - خاصة عندما أرسل كسرى بطلب النعمان - لأنه تأخر بالرد عليه فأرسل عائلته وماله وسلاحه - قبل التوجه إلى كسرى - إلى القبائل العربية المجاورة كوديعة . فأرسلهم إلى قبيلتي بني أسد ابن خزيمه وقبيلة طي فاعتذروا لقربهم من متناول يد كسرى . ثم أرسلهم إلى قبيلة ابعدقليلا ما وهي قبيلة بني بكر ابن وائل فأرسلهم إلي بني شيبان منهم وهم بأطراف الصمان . فاستقبلتهم حجيجة تصغير حجاه واسمها صفيه بنت ثعلبه ابن همام بن مرة من بني ذهل ابن شيبان .


قال محمد بن الإمام عبدا لله بن منصور بن حمزة من أئمة اليمن 594-614هـ قال قصيده طويلة منها:

وهم يوم ذي قار جلوا عن وجوههم *** شأبيب مزن ودقة متصوب
ومنها :

أجاروا ابنة النعمان من أن ينالها *** فتى ليس إلا بالأسنة يخطب
أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوهم *** وقد ثار نقع تحته الموت أشهب
أجارت على كسرى حجيجة وائل *** يقينا وقد كانت حجيجة تغضب



فعندما ذهب النعمان إلى كسرى فسأله عن أهله فقال ذهبوا إلى البادية . غضب غضبا شديدا فسجنه بخانقين ثم فيما بعد قتله تحت أقدام الفيله . فعلم كسرى أن النعمان أرسلهم إلى بني شيبان فأرسل إليهم أن يسلموا مالديهم . فأخفوهم و أنكروا أنهم لديهم . إلا أن رسل كسرى أيقنوا أن تركة النعمان و أهله لديهم وذلك من خلال كلام هانئ بن مسعود حيث قال ( إن الذي بلغكم باطل وما عندي شيء من ذلك وان ما قيل فهو احد أمرين إما أنني رجل مكذوب عليه و إما أنني رجل استودع أمانه فحق عليه أن يردها إلى صاحبها . فابلغوا الملك انه لا ينبغي أن يأخذ بقول عدوا أو حاسد ).
فلما بلغ كسرى رد هانئ ابن مسعود . أرسل إليهم سريّة وهم على (زرود )المنهل المعروف و باءت بالفشل ثم أرسل سرية للمرة الثانية وهم بالجبيات باللّبه و أيضا باءت بالفشل . فغضب غضبا شديدا ومن شدة حنقه عبَر الفرات إلى الحيرة و أقام في قصر الخورنق و دعى ما لديه من وجهاء العرب الموالين واخذ يسألهم ويستشيرهم عن كيفية تأديب هذه القبيلة والتي يعتبرها في نظره مارقة ومتمردة فأقنعوه بأنه لا داعي لان يذهب بنفسه و إنما يرسل لهم جيشا ليكفوه في تأديبهم إذا اجتمعوا بالمقيظ حول منهل قراقر . و أن ينتظر هو في مكانه حتى تنتهي مهمة هذا الجيش .

4- حبذا لو أعطيتنا فكرة عن الاستعدادات
والتحضيرات التي تمت من فبل الطرفين قبل بداية المعركة ؟