بقلم د. علي عبدالفتاح‏
من سلبيات البدع:
يتناقل العوام من (الموالين والمحبين) ، أو لنسلِّمَ - جدلًا - من (الشيعة) فكرةً عمليةً تتصل - بلا حياءٍ - بفاجعة الإمام عليٍّ (عليه السلام) ، وهي (المشتهاية) ، وبها يؤكدون أنه (عليه السلام) قد (اشتهى) في اليوم الثاني من ضربة (عبدالشيطان بن ملجم) (تمن ماش وروبة) أو (رزًّا مخلوطًا بحب الماش مع اللبن الرائب)... وعلى أساس هذه الفكرة أو البدعة صار العوام يطبخون هذا الطعام ، ويردفونه باللبن الرائب ، مخصصًا لليوم (العشرين) من شهر رمضان المبارك ، باسم (مشتهاية الإمام علي (عليه السلام) ...)) !!!
وبجهد البحث العلمي الموضوعي لم أجد لهذا الخبر رواية صحيحة السند يعتمد عليها ، ولا رواية آحاد ، ولا أدنى خبر يوحي بها. وأنا أقطع أنه بدعة وأكذوبة يراد بها أحدُ شيئين:
1- الحط من شأن الإمام (عليه السلام) ، وبيان أنه مشغول ببطنه وشهوته للطعام وهو في أعسر أحواله الصحية!!! والواقع أنه (عليه السلام) كان مشغولًا بوصية أبنائه بمنظومةٍ من القيم والمثل الأخلاقية الشرعية...
2- رواج بيع (الرز والماش واللبن) في هذا الوقت الزمني لأغراض الكسب المادي التجاري... فلربما كسدت تجارة (الماش) عند بعضهم ، فاستشار ، فابتُدِعَ له بهذه الفرية!!
جاء في كتاب (الكافي / ج8-ص163) عن الإمام ابي عبدالله الصادق (عليه السلام) أنه ذكر طرفًا من زهد الإمام علي (عليه السلام) ، ومنه: ((وما كان قوته إلا الخل والزيت وحلواه التمر))
وقد ورد ذكر كلمة (الماش) مرة واحدة فقط ، في كتاب (الكافي) أيضًا (ج6/ص344) تحت عنوان: (باب الماش) عن بعض الرواة أنه قال : ((شكا رجل إلى أبي الحسن عليه السلام البهق فأمره أن يطبخ الماش ويتحساه ويجعله في طعامه)). فلو كان لـ(الماش) شأنٌ في يومَي جرح الإمام علي (عليه السلام) لذكره الثقة الكليني...!!!
أقول: لقد كانت الدنيا وحلالُها ومباحاتُها وطيباتُها مبذولة بأمر الله تعالى بين يدي مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) ، يأخذون ما يشاؤون منها ... ولكنهم أولياءُ الله الزاهدون الذين كانوا ومايزالون النموذج الفرد في الزهد ونبذ الدنيا وما فيها... فكيف نريد من الإمام عليٍّ (عليه السلام) أن يكون نهِمًا طالبًا لأصناف الطعام محبًا للدنيا ، وهو المثال الإلهي للزهد والتقوى ؟!؟! نعم هم (عليهم السلام) جميعًا كانوا يقدمون الخيرات للسائلين ، ويؤثرونهم على أنفسهم.
وختامًا أقول: لو عرضنا المسألة على ميدان الفقه لكانت الإجابةُ: نعم لا بأس بإعداد الطعام - أي طعام كان (تمن ماش ولبن) أو غيره - قربة لله تعالى ، وتوزيعه ، إظهارًا للمشاركة بعملٍ مستحبٍ باسم وليٍّ من أولياء الله تعالى. من دون الجرأة المحبطة للأجر التي تجعل منه سنة مفتراةً على الإمام (عليه السلام).

منقوول من الفيس بوك