هجرة الكنعانيين إلى بلاد الشام
أن نسب الكنعانيين يعود إلى حام بن نوح وليس إلى سام ، كما ذكر ذلك بعض الكتاب أما كتابة التوراة فهي أقدم من ذلك ، لأن أكثر الكتاب يهدفون إلى إرجاع الكنعانيين إلى سام بن نوح ، رغم أن سام أخو حام ولكن علم الأنساب يدرس كل فخذ على حده .
ذكر الدكتور صالح العلي (1) عن قول بارتون حول اللغة الحامية وقال ( وقد درس بارتون اللغة الحامية وقارنها بالسامية فوجدها تشترك في بعض الكلمات والصيغ واستنتج أن الساميين والحاميين كانوا منحدرين من أصل واحد تفرعوا منه ، وادعى أن النسب منطقة ملائمة لسكنى الأصل هي شرق أفريقيا ، في منطقة الصومال وأرتيريا ، حيث يسهل عبور الساميين إلى بلاد العرب من باب المندب وكذلك الانتشار في أفريقيا مما اكتسب هذين الإقليمين بعض الصفات اللغوية والجسمية المتشابهة ) .
ونناقش رأي بارتون حول أصلهم ومكانهم وهجرتهم ونحددها بالنقاط التالية :-
1- أننا نتفق معه بان الساميين والحاميين كانوا منحدرين من أصل واحد تفرعوا منه ، وهذا القول ورد في التوراة قبل رأيه بألفين وخمسمائة سنه تقريبا .
2- أما السكن الأصلي فأني لاأتفق معه حيث عد الصومال وارتيريا ولو عاد بارتون قليلا إلى التوراة وعلم الآثار ودرس ملحمة كلكامش حول سفينة نوح (ع) لعلم أن نوح وأولاده قد نزلوا بابل بعد الطوفان ،وإنهم تكاثروا فيها واخذوا اللغة الآرامية ، ثم انتشروا في العراق والوطن العربي ووصلوا إلى أفريقيا وأوربا واسيا يعني سكن الأصل هو بابل ومدنها وليس الصومال أو أرتيريا .
3- ويعتقد أيضا أنتشار العرب في بلاد العرب عبر باب المندب وقد بنى رأيه في هذه الهجرة على نظريته في الأصل من الصومال وارتيريا ، ولكن الحقائق التاريخية لاتؤيد هذه النظرية بل حصل العكس ، إن هجرة الساميين والحاميين من بلاد العرب ( الجزيرة العربية ، واليمن ) عبر باب المندب إلى أرتيريا والصومال ، وهذا هو الصواب وليس ماذهب إليه بارتون .
ويعتقد الدكتور احمد سوسة (2):- ( أن الكنعانيين هم ا لجماعة الثانية من الهجرات الكبرى التي نزحت من جزيرة العرب إلى الهلال الخصيب ، ويعتقد العلماء أنهم جاءوا إلى بلاد الشام مع الاموريين من أصل واحد ، وقد سماهم اليونان بعدئذ بالفينيقيين ، كما كان يعتقد بان تسمية بلاد كنعان تسمية سامية بمعنى الأرض الواطئة لتمييزها عن المنطقة الجبلية اللبنانية المجاورة ، ولكن رأي الباحثين حديثا يميل إلى اشتقاق اسم ( كنعان ) من أصل غير سامي حيث يرون أن اشتقاقه من كلمة حورية تعني الصبغ القرمزي ، وكذلك الاصطلاح اليوناني فينيقيا يعني الأحمر الأرجواني ، وهو الصبغ الذي كان الكنعانيون يصنعونه ويتاجرون به ، وصارت كلمة ( فينيقي ) تستعمل مرادفة لكلمة كنعاني منذ القرن الثاني عشر ق .م وكان اسم بلاد كنعان يطلق في مبدأ الأمر على الساحل والقسم الغربي من فلسطين ؛ ثم تم استعماله بعدئذ بحيث يشمل قسما كبيرا من سوريا وأطلق على كل فلسطين أيضا ) .
كانت المستوطنات الكنعانية منقسمة إلى دويلات صغيرة محصنة على غرار دويلات المدن في وادي الرافدين ، وكانت هذه الدويلات في نزاع وحروب فيما بينها في الغالب ثم اضطرت إلى التمركز بعدئذ في سفوح جبل لبنان للاحتماء بها وهكذا نشأت أهم،المدن الكنعانية في سفوح الجبال مثل طرابلس وبترونا وجبيل وبيروت وصيد وصور وعرفة في الجنوب من غزة وعسقلان في الساحل وكانت السيطرة الفرعونية على الساحل الفينيقي قد دامت من (2400 – 1200ق.م ) . وقد اشتهرت بصناعة السفن ، واختراع الأبجدية الهجائية في العالم ، ويرى الباحثين أن أصل موطنهم البحرين (3) وهاجروا إلى وادي الفرات ثم انزاحوا إلى لبنان حيث استقروا على الساحل في ا لمنطقة التي عرفت باسمهم .
أما اليبوسيون فأنهم قبيلة من القبائل الكنعانية سكنوا الجبال حول أورشليم وأمر الاسرائليون بإهلاكهم (4) واتحدوا مع جملة ملوك غير أنهم انهزموا أمام يشوع وقتل ملكهم ادوتي صادق (5)
المراجع
1- محاضرات في تاريخ العرب ج1 ص8 .
2- تاريخ حضارة وادي الرافدين ج2 ص406
3- الدكتور حسن عبد العزيز – الفينيقيون وإسهاماتهم – مجلة الدائرة السعودية – العدد الرابع السنة الخامسة عام 1980 م .
4- التوراة – سفر التثنية (1 : 7 و 20 :17 )
5- التوراة – سفر يشوع ( 11 : 1 -9 )