العراق مهد الإنسان الأول
لماذا أربعة أدوار ؟!!!
ولأأثبات هذه الدراسة فلابد من ذكر الأسباب التي دفعتنا إلى تصحيح النظريات الكثيرة حول الأدوار الإنسانية وأصل العروق البشرية وتطورها عبر العصور ، كما لابد لنا من تحديد الأخطاء التي أوردها العلماء والمؤرخون عن العصر الإنساني ، وأن نضع هذه الدراسة بصيغة مقبولة من قبل ذوي الاختصاص ، لابد من الأخذ بعين الاعتبار كافة العصور الجليدية والتطورات الجغرافية وغيرها، كما أخذنا بعين الاعتبار الروايات الدينية لقصة الخلق وتطوره .
1- إن روايات الخليقة التي ظهرت في العراق القديم تشابه الروايات التي ظهرت في الهند وفي أوربا وفي أمريكا وغيرها ، في مضامينها مع بعض التغيرات الطفيفة .
2- إن الروايات الدينية كافة تؤكد خلق ادم وحواء، وان السلالات البشرية والعروق البشرية المنتشرة هي من صلبهما .
3- أن تاريخ فيضان نوح (ع) والذي حدد من قبل بعض المؤرخين العراقيين عام 3850 ق .م والذي تم فيه تحويل نهر الفرات التوراتي الرابع إلى النهر البابلي وهو فيضان نوح (ع) ، كما حدد من بعض الخبراء بــ 3000 سنة قبل الميلاد ، ورغم قناعتنا بأن تاريخه أبعد من ذلك بألف سنة .
4- أن علماء الأنساب في إنحاء العالم كافة تقريبا يحددون السلالات البشرية من سام وحام ويافث ، وهؤلاء هم أولاد نوح (ع) ، وإذا أردنا الاعتماد على هذا الرأي يعني أن أكثر سكان العالم قد خلقوا بعد فيضان نوح (ع) وهذا التاريخ لايتفق مع وجود الإنسان القديم الذي وجد قبل هذا التاريخ بأكثر من نصف مليون سنة تقريبا .
5- أن مجتمعات العبيد والمصريين والهنود ووسط العراق وشماله كانت موجودة قبل طوفان نوح (ع) ، كما أنها شكلت دول ذات حضارة وأن آثارها تؤكد ذلك .
6- أذن ادم وحواء قد عاشا بأرض الجزيرة العربية و وسط العراق وعلى نهر الفرات القديم بعد تكوين البحيرات الثلاث ( الحبانية والرزازة وبحر النجف ) .
7- أن تقسيم العصور الجليدية التي أوردها العلماء لايمكن أن تنسحب على الواقع التاريخي للإنسان ، أضافه إلى ذلك فان هذه التقسيمات هي في حد ذاتها اجتهادية فلسفية وليس ما يثبتها من الأدلة الأثرية المادية ، ولهذا لايمكننا الاعتماد عليها في دراستنا حول أصل الإنسان وتاريخ نشوئه وتطوره .
8- أن تقسيم العصر الإنساني إلى ثلاث أعصر وهي العصر الحجري والعصر البرونزي والعصر الحديدي ، هذا التقسيم أيضا لايمكن الاعتماد عليه في دراسة الأدوار الإنسانية ، حيث لايزال الإنسان يقوم بصناعة الأدوات الحجرية وكذلك البرونز ، وأن هذه الاعصر تصلح لدراسة تطور الأدوات المنزلية وليس الاعصر الإنسانية .
9- إهمال تكون وتكاثر الساميين والحاميين واليافثيين في وسط العراق من قبل كافة المؤرخين رغم أنهم ولدوا في وسط العراق وهاجروا إلى البقاع المختلفة . ولكننا نرى يذكرون فقط هجرة الساميين من الجزيرة العربية واليمن إلى العراق ، ويعدون الجزيرة العربية هي مهد الساميين ، لهذا فقد حددنا الهجرات لأولاد نوح الأولى من العراق إلى إنحاء العالم وثم ذكرنا الهجرات الثانية المعاكسة من الجزيرة العربية واليمن إلى العراق قبل الإسلام بقليل ، وذلك للتمييز بين الهجرات .
10- ونسترشد بقول الأمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) عن أصل قريش وموطنها قال (( من كان سائلا عن نسبتنا ، فأنا نبط من كوثي )) (1) وهذا القول يدل على أن سكان الجزيرة العربية أصلهم في وسط العراق وهم من الأنباط .
11- أن تحديد التاريخ بين أدم ونوح (ع) من قبل التوراة والرسالات السماوية بثلاثة آلاف عام قد تم الطعن في هذا التاريخ من قبل المؤرخين ، وفعلا ورد ذلك ولكن يرجع المؤرخون إلى السنين الطويلة للملوك الذين حكموا قبل الطوفان في العراق ، حيث نرى إن ثمانية ملوك حكموا مدة ربع مليون سنة (2) ، لذلك لايمكننا من الناحية الأثرية أن نتمكن من معرفة حسابهم للسنين السابقة لهذا فان زمن ثلاث آلاف سنة لايمكن أن نفهمها بنسبة لحساب التوراة ويجوز أن يكون صحيحا بالنسبة إلى حسابات الأوائل ، ولكن بالنسبة إلينا لايمكن الاعتماد عليه أذا اعتبرنا إن السنة القديمة تساوي السنة الحالية .
كما نعلم أن جميع المؤرخين والأثاريين يعملون أن أصل ضبط التاريخ يعود إلى كتابة الحوادث التاريخية أو حكم السلالات البشرية أو إلى تاريخ الحضارات ، ولكن الإنسان قبل بدأ الكتابة لايمكن مطلقا أن يحدد تاريخ ، حيث أن ضبط التاريخ جاء بعد تطور الكتابه المقطعية وثم الرمزية ، لهذا لايمكننا أن نعتمد على أي تاريخ كان سابقا لظهور الكتابة .
أن هذه الأدلة التي قدمناها للقارئ الكريم ، تأكد لنا أثبات العصور الإنسانية الأربعة وهي :-
1- الدور الأول ( دور أولاد ادم وهجرتهم إلى البقاع المختلفة )
2- الدور الثاني (دور نوح وأولاده وهجرتهم إلى البقاع المختلفة )
3- الدور الثالث (العزلة الجغرافية )
4- الدور الرابع (دور الاختلاط )
وكل دور من هذه الأدوار فيه بحث تفصيلي .
المراجع
(1) – المسعودي – مروج الذهب ج1 ص194 عن مارواه ابن سيرين عن عبيدة السلماني عنه ، وهذا القول منه ومن ابن عباس ( رض الله عنه ) إلى الردع عن الطعن في الأنساب .
(2) طه باقر – مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص 299 .