نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بعض أخبار آبائه وأجداده:

واسم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، محمد، وقد تقدم ذكر ولادته في ملك كرى أنوشروان، وهو محمد بن عبد الله، ويكنى عبد الله أبا قثم، وقيل: أبا محمد، وقيل: أبا أحمد بن عبد المطلب. وكان عبد الله أصغر ولد أبيه، فكان هو عبد الله وأبو طالب، واسمه عبد مناف، والزبير، وعبد الكعبة، عاتكة، وأميمة، وبرة ولد عبد المطلب، أمهم جميعهم فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة.
وكان عبد المطلب نذر حين لقي من قريش العنت في حفر زمزم، كما نذكره، لئن ولد له عشرة نفر وبلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة لله تعالى. فلما بلغوا عشرة وعرف أنهم سيمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه وقالوا: كيف نصنع؟ قال: يأخذ كل رجل منكم قدحاً ثم يكتب فيه اسمه. ففعلوا وأتوه بالقداح، فدخلوا على هبل في جوف الكعبة، وكان أعظم أصنامهم، وهو على بئر يجمع فيه ما يهدى إلى الكعبة.
وكان عند هبل سبعة أقداح، فيكل قدح كتاب، فقدح فيه العقل، إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة، وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوه يضرب به، فإن خرج نعم عملوا به، وقدح فيه لا، فإذا أرادوا أمراً ضربوا به، فإذا خرج لا لم يعملوا ذلك الأمر، وقدح فيه منكم، وقدح فيه ملصق، وقدح فيه من غيركم، وقدح فيه المياه. إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح فحيث ما خرج عملوه به؛ وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاماً ينكحوا جاريةً أو يدفنوا ميتاً أو شكوا في نسب أحد منهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور فأعطوه صاحب القداح الذي يضربها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا، فأخرج الحق فيه. ثم يقولون لصاحب القداح: اضرب، فيضرب، فإن خرج عليه منكم كان وسيطاً، وإن خرج عليه من غيركم كان حليفاً، وإن خرج عليه شيء سوى هذا مما يعملون به، فإن خرج نعم عملوا به، وإن خرج لا أخروه عامهم ذلك حتى يأتوه به مرة أخرى، ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح.
وقال عبد المطلب لصاحب القداح: اضر على بني هؤلاء بقداحهم هذه. وأخبره بنذره الذي نذر، وكان عبد الله أصغر بني أبيه وأحبهم إليه. فلما أخذ صاحب القداح يضرب قام عبد المطلب يدعو الله تعالى، ثم ضرب صاحب القداح، فخرج قدح عل عبد الله. فأخذ عبد المطلب بيده ثم أقبل إلى إساف ونائلة، وهما الصنمان اللذان ينحر الناس عندهما. فقامت قريش من أنديتها، فقالوا: ما تريد؟ قال: أذبحه، فقالت قريش وبنوه: والله لا تذبحه أبداً حتى تعذر فيه، لئن فعلت هذا لا يزال الرجل منا يأتي بإبنه حتى يذبحه. فقال له المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم: والله لا تذبحه حتى تعذر فيه، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه. وقالت له قريش وبنوه: لا تفعل وانطلق إلى كاهنة بالحجر فسلها فإن أمرتك بذبحه ذبحته، فإن أمرتك بما لك وله فيه فرجٌ قبلته.
فانطلقوا إليها، وهي بخيبر، فقص عليها عبد المطلب خبره، فقالت لهم: ارجعوا اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله، فرجعوا عنها. ثم غدوا عليها فقالت لهم: نعم، قد جاءني الخبر، فكم الدية فيكم؟ قالوا: عشر من الإبل، وكانت كذلك. قالت: ارجعوا إلى بلادكم وقربوا عشراً من الإبل واضربوا عليها وعليه بالقداح فإن خرج على صاحبكم فزيدوا عشراً حتى يرضى ربكم. وإن خرجت على الإبل فانحروها فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم.
فخرجوا حتى أتوا مكة، فلما أجمعوا لذلك قام عبد المطلب يدعو الله ثم قربوا عبد الله وعشراً من الإبل، فخرجت القداح على عبد الله، فزادوا عشراً، فخرجت القداح على عبد الله. فما برحوا يزيدون عشراً وتخرج القداح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة، ثم ضربوا فخرجت القداح على الإبل. فقال من حضر: قد رضي ربك يا عبد المطلب. فقال عبد المطلب: لا والله حتى أضرب ثلاث مرات. فضربوا ثلاثاً، فخرجت القداح على الإبل، فنحرت ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا سبع.
وأما تزويج عبد الله بن عبد المطلب بآمنة ابنة وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لما فرغ عبد المطلب من الإبل انصرف بإبنه عبد الله وهو آخذ بيده فمر على أم قتال ابنة نوفل بن أسد أخت ورقة بن نوفل، وهي عند البيت، فقالت له حين نظرت إليه والى وجهه: أين تذهب يا عبد الله؟ فقال: مع أبي. قالت: لك عندي مثل الذي نحر عنك أبوك من الإبل وقع علي الآن. قال: إن معي أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه.
فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة، وهو سيد بني زهرة، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب، وهي لبرة بنت عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، وبرة لأم حبيب بنت أسد بن عبد العزي بن قصي، وأم حبيب لبرة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
فدخل عبد الله عليها حين ملكها مكانها فوقع عليها فحملت بمحمد صلى الله عليه ولم، ثم خرج من عندها حتى أتى المرأة التي عرضت عليه نفسها بالأمس فقال لها: مالك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت بالأمس؟ فقالت: فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة.
وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل أنه كائن لهذه الأمة نبي من بني إسماعيل.
وقيل: إن عبد المطلب خرج بإبنه عبد الله ليزوجه فمر به على كاهنة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر متهودة من أهل تبالة فرأت في وجهه نوراً وقالت له: يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال لها:
أما الحرام فالممات دونه

والحلّ لا حلّ فأستبينه

فكيف بالأمر الذي تبغينه

ثم قال لها: أنا مع أبي ولا أقدر أن أفارقه. فمضى فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة. فأقام عندها ثلاثاً ثم انصرف، فمر بالخثعمية فدعته نفسهإلى ما دعته إليه، فقال لها: هل لك فيما كنت أردت؟ فقالت؟ يا فتى ما أنا بصاحبة ريبةٍ ولكني رأيت في وجهك نوراً فأردت أن يكون لي فأبى الله إلا أن يجعله حيث أراد، فما صنعت بعدي؟ قال: زوجني أبي آمنة بنت وهب. قالت فاطمة بنت مر:
إنّي رأيت مخيلةً لمعت ** فتلألأت بحناتم القطر

فلمأتها نوراً يضيء له ** ما حوله كإضاءة البدر

فرجوته فخراً أبوء به ** ما كلّ قادح زنده يوري

لله ما زهريّة سلبت ** ثوبيك ما استلبت وما تدري

وقالت أيضاً في ذلك:
بني هاشمٍ قد غادرت من أخيكم ** أمينة إذ للباه تعتركان

كما غادر المصباح عند خموده ** فتائل قد بلّت له بدهان

فما كلّ ما يحوي الفتى من تلاده ** لعزمٍ ولا ما فاته لتوان

فأجمل إذا طالبت أمراً فإنّه ** سيكفيكه جدّان يعتلجان

سيكفيكه إمّا يدٌ مقفعلّةٌ ** وإمّا يدٌ مبسوطةٌ ببنان

ولّما حوت منه أمينة ما حوت ** حوت منه فخراً ما لذلك ثان

وقيل: إن الذي اجتاز بها غير هذا، والله أعلم.
قال الزهري: أرسل عبد المطلب ابنه عبد الله إلى المدينة يمتار لهم تمراً فمات بالمدينة. وقيل: بل كان في الشام فأقبل في عير قريش فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها ودفن في دار النابغة الجعدي وله خمس وعشرون سنة، وقيل: ثمان وعشرون سنة، وتوفي قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عايذ بن عمران بالذال المعجمة، والياء تحتها نقطتان، وعبيد بفتح العين، وكسر الباء الموحدة. وعويج بفتح العين، وكسر الواو، وآخره جيم.
.ابن عبد المطلب:

واسمه شيبة، سمي بذلك لأنه كان في رأسه لما ولد شيبة، وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجية النجارية، ويكنى أبا الحارث، وإنما قيل له عبد المطلب لأن أباه هاشماً شخص في تجارة إلى الشام، فلما قدم المدينة نزل على عمرو بن لبيد الخزرجي من بني النجار، فرأى ابنته سلمى فأعجبته فتزوجها. وشرط أبوها أن لا تلد ولداً إلا في أهلها، ثم مضى هاشم لوجهه وعاد من الشام فبنى بها في أهلها ثم حملها إلى مكة فحملت. فلما أثقلت ردها إلى أهلها ومضى إلى الشام فمات بغزة.
فولدت له سلمى عبد المطلب، فمكث بالمدينة سبع سنين. ثم إن رجلاً من بني الحارث بن عبد مناف مر بالمدينة فإذا غلمان ينتضلون، فجعل شيبة إذا أصاب قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء. فقال له الحارثي: من أنت؟ قال: أنا ابن هاشم بن عبد مناف. فلما أتى الحارثي مكة قال للمطلب، وهو بالحجر: يا أبا الحارث تعلم أني وجدت غلماناً بيثرب وفيهم ابن أخيك ولا يحسن ترك مثله. فقال المطلب: لا أرجع إلى أهلي حتى آتي به. فأعطاه الحارثي ناقةً فركبها وقدم المدينة عشاء فرأى غلماناً يضربون كرة فعرف ابن أخيه فسأل عنه فأخبر به، فأخذه وأركبه على عجز الناقة. وقيل: بل أخذه بإذن أمه، وسار إلى مكة فقدمها ضحوة والناس في مجالسهم فجعلوا يقولون له: من هذا وراءك؟ فيقول: هذا عبدي. حتى أدخله منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم. فقالت: من هذا الذي معك؟ قال: عبد لي. واشترى له حلةً فلبسها ثم خرج به العشي فجلس إلى مجلس بني عبد مناف فأعلمهم أنه ابن أخيه، فكان بعد ذلك يطوف بمكة فيقال: هذا عبد المطلب، لقوله هذا عبدي.
ثم أوقفه المطلب على ملك أبيه فسلمه إليه. فعرض له نوفل بن عبد مناف، وهو عمه الآخر، بعد موت المطلب، في ركح له، وهو الفناء، فأخذه، فمشى عبد المطلب إلى رجالات قريش وسألهم النصرة على عمه، فقالوا له: ما ندخل بينك وبين عمك. فكتب إلى أخواله من بني النجار يصف لهم حاله، فخرج أبو أسعد بن عدس النجاري في ثمانين راكباً حتى أتى الأبطح، فخرج عبد المطلب يتلقاه، فقال له: المنزل يا خال! قال: حتى ألقى نوفلاً. وأقبل حتى وقف على رأسه في الحجر مع مشايخ قريش، فسل سيفه ثم قال: ورب هذه البنية لتردن على ابن أختنا ركحة أو لأملأن منك السيف! قال: فإني ورب هذه البنية أرد عليه ركحه، فأشهد عليه من حضر ثم قال لعبد المطلب: المنزل يا ابن أختي. فأقام عنده ثلاثاً، فاعتمروا وانصرفوا.
فدعا ذلك عبد المطلب إلى الحلف، فدعا بشر بن عمرو وورقاء بن فلان ورجالاً من رجالات خزاعة فحالفهم في الكعبة وكتبوا كتاباً. وكان إلى عبد المطلب السقاية والرفادة، وشرف في قومه وعظم شأنه. ثم إنه حفر زمزم، وهي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، التي أسقاه الله تعالى منها، فدفنتها جرهم، وقد تقدم ذكر ذلك.

سبب حفر بئر زمزم:

وكان سبب حفره إياها أنه قال: بينا أنا نائم بالحجر إذ أتاني آتٍ فقال: احفر طيبة. قال: قلت: وما طيبة؟ قال: ثم ذهب، فرجعت الغد إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر برة. قال: قلت: وما برة؟ قال: ثم ذهب عني، قال: فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال: قلت: وما المضنونة؟ قال: فذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر زمزم، إنك إن حفرتها لا تندم. فقلت: وما زمزم؟ قال تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبداً ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، مثل نعام جافل لم يقسم، ينذر فيها ناذر لمنعم، يكون ميراثاً وعقداً محكم، ليس كبعض ما قد تعلم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل.
فلما بين له شأنها ودل على موضعها وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث ليس له ولد غيره، فحفر بين إساف ونائلة في الموضع الذي تنحر فيه قريش لأصنامها، وقد رأى الغراب ينقر هناك. فلما بدا له الطوي كبر، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: إنها بئر أبينا إسماعيل، وإن لنا فيها حقاً فأشركنا معك. قال: ما أنا بفاعل، هذا أمر خصصت به دونكم. قالوا: فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم. قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم؛ وكانت بمشارف الشام.
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة، فطلبوا الماء ممن معهم من قريش فلم يسقوهم. فقال لأصحابه: ماذا ترون؟ فقالوا: رأينا تبعٌ لرأيك فمرنا بما شئت. قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه حفرة، فكلما مات واحد واراه أصحابه حتى يكون آخركم موتاً قد وارى الجميع، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب. قالوا: نعم ما رأيت. ففعلوا ما أمرهم به.
ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب في الأرض ونبتغي لأنفسنا لعجزٌ. فارتحلوا ومن معه من قبائل قريش ينظرون إليهم، ثم ركب عبد المطلب، فلما انبعثت به راحلته انفجرت من تحت خفها عينٌ عذبة من ماء، فكبر وكبر أصحابه وشربوا وملأوا أسقيتهم، ثم دعا القبائل من قريش فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله. فقال أصحابه: لا نسقيهم لأنهم لم يسقونا. فلم يسمع منهم وقال: فنحن إذاً مثلهم! فجاء أولئك القرشيون فشربوا وملأوا أسقيتهم وقالوا: قد والله قضى الله لك علينا يا عبد المطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبداً، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشداً.
فرجعوا إليه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبينها.
فلما فرغ من حفرها وجد الغزالين اللذين دفنتهما جرهم فيها، وهما من ذهب، ووجد فيها أسيافاً قلعية وأدراعاً. فقالت له قريش: يا عبد! المطلب لنا معك في هذا شركٌ وحقّ. قال: لا ولكن هلم إلى أمر نصفٍ بيني وبينكم، نضرب عليها بالقداح. فقالوا: فكيف تصنع؟ قال: أجعل للكعبة قدحين ولكم قدحين وله قدحين، فمن خرج قداحه على شيء أخذه، ومن تخلف قداحه فلا شيء له. قالوا: أنصفت. ففعلوا ذلك وضربت القداح عند هبل فخرج قدحا الكعبة على الغزالين، وخرج قدحا عبد المطلب على الأسياف والأدراع، ولم يخرج لقريش شيء من القداح. فضرب عبد المطلب الأسياف باباً للكعبة وجعل فيه الغزالين صفائح من ذهب، فكان أول ذهب حليت به الكعبة. وقيل: بل بقيا في الكعبة وسرقا، على ما نذكره.
وأقبل الناس والحجاج على بئر زمزم تبركاً بها ورغبة فيها، واعرضوا عما سواها من الأبيار. ولما رأى عبد المطلب تظاهر قريش عليه نذر الله تعالى: إن يرزقه عشرة من الولدان يبلغون أن يمنعوه ويذبوا عنه نحر أحدهم قرباناً لله تعالى.
وقد ذكر النذر في إسم عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم.
وعبد المطلب أول من خضب بالوسمة، وهو السواد، لأن الشيب أسرع إليه.
وكان لعبد المطلب جار يهودي يقال له أذينة يتجر وله مال كثير، فغاظ ذلك حر بن أمية، وكان نديم عبد المطلب، فأغرى به فتياناً من قريش ليقتلوه ويأخذوا ماله، فقتله عامر بن عبد مناف بن عبد الدار وصخر بن عمرو ابن كعب التيمي جد أبي بكر، رضي الله عنه، فلم يعرف عبد المطلب قاتليه، فلم يزل يبحث حتى عرفهما، وإذا هما قد استجارا بحرب بن أمية، فأتى حرباً ولامه وطلبهما منه. فأخفاهما، فتغالظا في القول حتى تنافرا إلى النجاشي ملك الحبشة، فلم يدخل بينهما، فجعلا بينهما نفيل بن عبد العزي العدوي جد عمر بن الخطاب. فقال لحرب: يا أبا عمرو أتنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم وسامة، وأعظم منك هامة، وأقل منك ملامة؛ وأكثر منك ولداً، وأجزل منك صفداً، وأطول منك مدداً؛ وإني لأقول هذا وإنك لبعيد الغضب، رفيع الصوت في العرب؛ جلد المريرة، لحبل العشيرة، ولكنك نافرت منفراً؛ فغضب حرب وقال: من إنتكاس الزمان أن جعلت حكماً. فترك عبد المطلب منادمة حرب ونادم عبدالله بن جدعان التيمي، وأخذ من حرب مائة ناقة فدفعها إلى ابن عم اليهودي وارتجع ماله إلا شيئاً هلك فغرمه من ماله.
وهو أول من تحنث بحراء، فكان إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع الشهر.
وتوفي وله مائة وعشرون سنة، وكان قد عمي. وقبل غير ذلك.
.ابن هاشم:

واسم هاشم عمرو، وكنيته أبو نضلة، وإنما قيل له هاشم لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة وأطعمه. قال ابن الكلبي: كان هاشم أكبر ولد عبد مناف، والمطلب أصغرهم، أمه عاتكة بنت مرة السلمية، ونوفل، وأمه واقدة، وعبد شمس، فسادوا كلهم، وكان يقال لهم المجبرون. وهم أول من أخذ لقريش العصم، فانتشروا من الحرم؛ أخذ لهم هاشم خيلا من الروم وغسان بالشام، وأخذ لهم عبد شمس خيلاً من النجاشي بالحبشة، وأخذ لهم نوفل خيلاً من الأكاسرة بالعراق، وأخذ لهم المطلب خيلاً من حمير باليمن، فاختلفت قريش بهذا السبب إلى هذه النواحي، فجبر الله بهم قريشاً.
وقيل: إن عبد شمس وهاشماً تؤامان، وإن أحدهما ولد قبل الآخر وإصبع له ملتصقة بجبهة صاحبه فنحيت، فسال الدم، فقيل يكون بينهما دم. وولي هاشم بعد أبيه عبد مناف ما كان إليه من السقاية والرفادة، فحسده أمية بن عبد شمس على رياسته وإطعامه، فتكلف أن يصنع صنيع هاشم، فعجز عنه، فشمت به ناس من قريش، فغضب ونال من هاشم ودعاه إلى المنافرة، فكره هاشم ذلك لسنة وقدره، فلم تدعه قريش حتى نافره على خمسين ناقة والجلاء عن مكة عشر سنين، فرضي أمية وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي، وهو جد عمرو بن الحمق، ومنزله بعسفان، وكان مع أمية همهمة بن عبد العزى الفهري، وكانت ابنته عند أمية، فقال الكاهن: والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من منجد وغاثر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منه وآخر، وأبو همهمة بذلك خابر. فقضى لهاشم بالغلبة، وأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها، وغاب أمية عن مكة بالشام عشر سنين. فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية.
وكان يقال لهاشم والمطلب البدران لجمالهما.
ومات هاشم بغزة وله عشرون سنة، وقيل: خمس وعشرون سنة، وهو أول من مات من بني عبد مناف ثم مات عبد شمس بمكة فقبر بأجياد. ثم مات نوفل بسلمان من طريق العراق.
ثم مات المطلب بردمان من أرض اليمن.
وكانت الرفادة والسقاية بعد هاشم إلى أخيه المطلب لصغر ابنه عبد المطلب بن هاشم.
؟؟
.ابن عبد مناف:

واسمه المغيرة، وكنيته أبو عبد شمس، وكان يقال له القمر لجماله، وكانت أمه حين ولدته دفعته إلى مناف، صنم بمكة، تديناً بذلك، فغلب عليه عبد مناف.
وكان عبد مناف وعبد العزي وعبد الدار بنو قصي إخوةً، أمهم حبى ابنة حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة، وهو الذي عقد الحلف بين قريش والأحابيش، والأحابيش بنو الحارث بن عبد مناف بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة، وبنو الهون من خزيمة. وكان قصي يقول: ولد لي أربعة بنين فسميت ابنين بإلهي، وهما عبد مناف وعبد العزي، وواحداً بداري، وهو عبد الدار، وواحداً بي، وهو عبد قصي.
حليل بضم الحاء المهملة، وفتح اللام الأولى. وحبشية بضم الحاء.
.ابن قصي:

واسمه زيد، وكنيته أبو المغيرة، وإنما قيل له قصي لأن ربيعة بن حرام ابن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة بن سعد بن زيد تزوج أمه فاطمة ابنة سعد ابن سيل، واسمه جبر بن جمالة بن عوف، وهي أيضاً أم أخيه زهرة، ونقلها إلى بلاد عذرة من مشارف الشام وحملت معها قصياً لصغره، وتخلف زهرة في قومه لكبره، فولدت أمه فاطمة لربيعة بن حرام رزاح بن ربيعة، فهو أخو قصي لأمه. وكان لربيعة ثلاثة نفر من امرأة أخرى، وهم حن بن ربيعة ومحمود وجلهمة، وقيل: إن حناً كان أخاً قصي لأمه. فشب زيد في حجر ربيعة فسمي قصياً لبعده عن دار قومه، وكان قصي ينتمي إلى ربيعة إلى أن كبر، وكان بينه وبين رجل من قضاعة شيء، فعيره القضاعي بالغربة، فرجع قصي إلى أمه وسألها عما قال، فقالت له: يا بني أنت أكرم منه نفساً وأباً، أنت ابن كلاب بن مرة وقوم بمكة عند البيت الحرام.
فصبر حتى دخل الشهر الحرام وخرج مع حاج قضاعة حتى قدم مكة وأقام مع أخيه زهرة، ثم خطب إلى حليل بن حبشية الخزاعي ابنته حبى، فزوجه، وحليل يومئذ يلي الكعبة. فولدت أولاده: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزي، وعبد قصي، وكثر ماله وعظم شرفه.
وهلك حليل وأوصى بولاية البيت لابنته حبى، فقالت: إني لا أقدر على فتح الباب وإغلاقه، فجعل فتح الباب وإغلاقه إلى ابنه المحترش، وهو أبو غبشان. فاشترى قصي منه ولاية البيت بزق خمر وبعود، فضربت به العرب المثل فقالت: أخسر صفقة من أبي غبشان.
فلما رأت ذلك خزاعة كثروا على قصي، فاستنصر أخاه رزاحاً، فحضر هو وإخوته الثلاثة فيمن تبعه من قضاعة إلى نصرته، ومع قصي قومه بنو النضر، وتهيأ لحرب خزاعة وبني بكر، وخرجت إليهم خزاعة فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكثرت القتلى في الفريقين والجراح، ثم تداعوا إلى الصلح على أن يحكموا بينهم عمرو بن عوف بن كعب بن ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، فقضى بينهم بأن قصياً أولى بالبيت ومكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه من خزاعة وبني بكر موضوع فيشدخه تحت قدميه، وأن كل دم أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وبني كنانة ففي ذلك الدية مؤداة، فسمي بعمرو الشداخ بما شدخ من الدماء وما وضع منها. فولي قصي البيت وأمر مكة.
وقيل: إن حليل بن حبشية أوصى قصياً بذلك وقال: أنت أحق بولاية البيت من خزاعة. فجمع قومه وأرسل إلى أخيه يستنصره، فحضر في قضاعة في الموسم وخرجوا إلى عرفات وفرغوا من الحج ونزلوا منىً وقصي مجمعٌ على حربهم، وإنما ينتظر فراغ الناس من حجهم.
فلما نزلوا منىً ولم يبق إلا الصدر، وكانت صوفة تدفع بالناس من عرفات وتجيزهم إذا تفرقوا من منىً، إذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار، ورجل من صوفة يرمي للناس لا يرمون حتى يرمي، فإذا فرغوا من منىً أخذت صوفة بناحيتي العقبة وحبسوا الناس، فقالوا: أجيزي صوفة، فإذا نفرت صوفة ومضت خلي سبيل الناس فانطلقوا بعدهم. فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل، قد عرفت لها العرب ذلك، فهو دين في أنفسهم، فأتاهم قصي ومن معه من قومه ومن قضاعة فمنعهم وقال: نحن أولى بهذا منكم. فقاتلوه وقاتلهم قتالاً شديداً، فانهزمت صوفة وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم وأنحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة. فلما إنحازوا عنه بادأهم فقاتلهم، فكثر القتل في الفريقين وأجلى خزاعة عن البيت، وجمع قصيٌّ قومه إلى مكة من الشعاب والأودية والجبال، فسمي مجمعاً، ونزل بني بغيض بن عامر بن لؤي وبني تيم الأدرم بن غالب بن فهر وبني محارب بن فهر وبني الحارث بن فهر، إلا بني هلال بن أهيب رهط أبي عبيدة بن الجراح وإلا رهط عياض بن غنم، بظواهر مكة، فسموا قريش الظواهر، وتسمى سائر بطون قريشٍ قريش البطاح، وكانت قريش الظواهر تغير وتغزو، وتسمى قريش البطاح الضب للزومها الحرم.
فلما ترك قصي قريشاً بمكة وما حولها ملكوه عليهم. فكان أول ولد كعب بن لؤي أصاب ملكاً أطاعه به قومه، وكان إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء، فحاز شرف قريش كله، وقسم مكة أرباعاً بين قومه، فبنوا المساكن واستأذنوه في قطع الشجر، فمنعهم، فبنوا والشجر في منازلهم، ثم إنهم قطعوه بعد موته.
وتيمنت قريش بأمره فما تنكح امرأة ولا رجل إلا في داره، ولا يتشاورون في أمر ينزل بهم إلا في داره، ولا يعقدون لواء للحرب إلا في داره، يعقده بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع إلا في داره، وكان أمره في قومه كالدين المتبع في حياته وبعد موته. فاتخذ دار الندوة وبابها في المسجد، وفيها كانت قريش تقضي أمورها.
فلما كبر قصي ورق، وكان ولده عبد الدار أكبر ولده، وكان ضعيفاً، وكان عبد مناف قد ساد في حياة أبيه وكذلك إخوته، قال قصي لعبد الدار: والله لألحقنك بهم! فأعطاه دار الندوة والحجابة، وهي حجابة الكعبة، واللواء، وهو كان يعقد لقريش ألويتهم، والسقاية، كان يسقي الحاج، والرفادة، وهي خرج تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب فيصنع منه طعاماً للحاج يأكله الفقراء، وكان قصي قد قال لقومه: إنكم جيران الله وأهل بيته، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام الحج. ففعلوا فكانوا يخرجون من أموالهم فيصنع به الطعام أيام منىً، فجرى الأمر على ذلك في الجاهلية والإسلام إلى الآن، فهو الطعام الذي يصنعه الخلفاء كل عام بمنىً.
فأما الحجابة فهي في ولده إلى الآن، وهم بنو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار.
وأما اللواء فلم يزل في ولده إلى أن جاء الإسلام، فقال بنو عبد الدار: يا رسول الله اجعل اللواء فينا. فقال: الإسلام أوسع من ذلك. فبطل.
وأما الرفادة والسقاية فإن بني عبد مناف بن قصي: عبد شمس، وهاشم، والمطلب، ونوفل، أجمعوا أن يأخذوها من بني عبد الدار لشرفهم عليهم وفضلهم، فتفرقت عند ذلك قريش، فكانت طائفة مع بني عبد مناف، وطائفة مع بني عبد الدار لا يرون تغيير ما فعله قصي، وكان صاحب أمر بني عبد الدار عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.
فكان بنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة وبنو الحارث بن فهر مع بني عبد مناف، وكان بنو مخزوم وبنو سهم وبنو جمح وبنو عدي مع بني عبد الدار، فتحالف كل قوم حلفاً مؤكداً، وأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيباً فوضعوها عند الكعبة وتحالفوا وجعلوا أيديهم في الطيب، فسموا المطيبين. وتعاقد بنو عبد الدار ومن معهم وتحالفوا فسموا الأحلاف، وتعبوا للقتال، ثم تداعوا إلى الصلح على أ، يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة، فرضوا بذلك وتحاجز الناس عن الحر واقترعوا عليها، فصارت لهاشم بن عبد مناف، ثم بعده للمطلب بن عبد مناف، ثم لأبي طالب بن عبد المطلب، ولم يكن له مال فادان من أخيه العباس بن عبد المطلب بن عبد مناف مالاً فأنفقه، ثم عجز عن الأدلاء فأعطى العباس السقاية والرفادة عوضاً عن دينه، فوليها، ثم ابنه عبد الله، ثم علي بن عبد الله، ثم محمد بن علي، ثم داود بن علي بن سليمان بن علي، ثم وليها المنصور وصار يليها الخلفاء.
وأما دار الندوة فلم تزل لعبد الدار، ثم لولده حتى باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار من معاوية فجعلها دار الإمارة بمكة، وهي الآن في الحرم معروفة مشهورة.
ثم هلك قصي فأقام أمره في قومه من بعده ولده، وكان قصي لا يخالف سيرته وأمره، ولما مات دفن بالحجون، فكانوا يزورون قبره ويعظمونه. وحفر بمكة بئراً سماها العجول، وهي أول بئر حفرتها قريش بمكة.
سيل بفتح السين المهمة، والياء المثناة التحتية. وحرام بفتح الحاء والراء المهملتين. ورزاح بكسر الراء، وفتح الزاي، وبعد الألف حاء مهملة. وحبى بضم الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحدة. وملكان بكسر الميم، وسكون اللام. وأما ملكان بن حزم بن ريان، وملكان بن عباد بن عياض، فهما بفتح الميم واللام.
.ابن كلاب:

ويكنى أبا زهرة، وأم كلاب هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك، وله أخوان لأبيه من غير أمه، وهما تيم ويقظة، أمهما أسماء بنت جارية البارقية، وقيل: يقظة لهند بنت سرير أم كلاب. يقظة بالياء تحتها نقطتان، وبفتح القاف والظاء المعجمة.
.ابن مرة:

ويكنى أبا يقظة، وأم مرة محشية ابنة شيبان بن محارب بن فهر، وأخواه لأبيه وأمه هصيص وعدي، وقيل: أم عدي رقاش بنت ركبة بن نائلة بن كعب بن حرب بن تميم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان. هصيص بضم الهاء، وفتح الصاد المهملة بعدها ياء تحتها نقطتان، وصاد ثانية.
.ابن كعب:

ويكنى أبا هصيص، وأم كعب ماوية ابنة كعب بن القين بن جسر القضاعية، وله أخوان لأبيه وأمه، أحدهما عامر، والآخر سامة، ولهم من أبيه أخ كان يقال له عوف، أمه الباردة ابنة عوف بن غنم بن عبد الله بن غطفان، وانتمى ولده إلى غطفان، وكان خرج مع أمه الباردة إلى غطفان، فتزوجها سعد بن ذبيان، فتبناه سعد.
ولكعب أيضاً أخوان من غير أمه، أحدهما خزيمة، وهو عائذة قريش، وعائذة أمه، وهي ابنة الحمس بن قحافة من خثعم، والآخر سعد، ويقال له بنانة، وبنانة أمه، فأهل البادية منهم في بني سعد بن همام في بني شيبان ابن ثعلبة، والحاضرة ينتمون إلى قريش.
وكان كعب عظيم القدر عند العرب، فلهذا أرخوا لموته إلى عام الفيل، ثم أرخوا بالفيل، وكان يخطب الناس أيام الحج، وخطبته مشهورة يخبر فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم.
جسر بفتح الجيم، وسكون السين المهملة، وآخره راء.
.ابن لؤي:

ويكنى أبا كعب، وأم لؤي عاتكة ابنة يخلد بن النضر بن كنانة، وهي أولى العواتك اللواتي ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قريش. وله أخوان، أحدهما تيم الأدرم، والدرم نقصان في الذقن، قيل: إنه كان ناقص اللحي؛ والآخر قيس، ولم يبق منهم أحد، وآخر من مات منهم في زمن خالد بن عبد الله القسري، فبقي ميراثه لا يدرى من يستحقه. وقيل: إن أمهم سلمى بنت عمرو بن ربيعة، وهو يحيى بن حارثة الخزاعي.
يخلد بفتح الياء تحتها نقطتان، وسكون الخاء المعجمة، وبعد اللام دال مهملة.
.ابن غالب:

ويكنى أبا تيم، وأم غالب ليلى ابنة الحارث بن تيم بن سعد بن هذيل، وإخوته من أبيه وأمه: الحارث ومحارب وأسد وعوف وجون وذئب، وكانت محارب والحارث من قريش الظواهر، فدخلت الحارث الأبطح.
.ابن فهر:

ويكنى أبا غالب، وفهر هو جماع قريش، في قول هشام، وأمه جندلة بنت عامر بن الحارث بن مضاض الجرهمي، وقيل غير ذلك. وكان فهر رئيس الناس بمكة، وكان حسان فيما قيل أقبل من اليمن مع حمير وغيرهم يريد أن ينقل أحجار الكعبة إلى اليمن، فنزل بنخلة، فاجتمع قريش وكنانة وخزيمة وأسد وجذام وغيرهم، ورئيسهم فهر بن مالك، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وأسر حسان وانهزمت حمير وبقي حسان بمكة ثلاث سنين، وافتدى نفسه وخرج فمات بين مكة واليمن.
.ابن مالك:

وكنيته أبو الحارث، وأمه عاتكة بنت عدوان، وهو الحارث بن قيس عيلان، ولقبها عكرشة، وقيل غير ذلك.
وقيل: إن النضر بن كنانة كان اسمه قريشاً. وقيل: لما جمعهم قصي قيل لهم قريش، والتقرش التجمع. وقيل: لما ملك قصي الحرم وفعل أفعالاً جميلة قيل له القرشي، وهو أول من سمي به، وهو من الإجتماع أيضاً، أي لإجتماع خصال الخير فيه، وقد قيل في تسمية قريش قريشاً أقوال كثيرة لا حاجة إلى ذكرها.
وقصي أول من أحدث وقود النار بالمزدلفة، وكانت توقد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعده.
.ابن النضر:

يكنى أبا يخلد، كني بإبنه يخلد، واسم النضر قيس، وإنما قيل له النضر لجماله، وأمه برة ابنة مر بن أد بن طابخة أخت تميم بن مر، وإخوته لأبيه وأمه نصير ومالك وملكان وعامر والحارث وعمرو وسعد وعوف وغنم ومخزمة وجرول وغزوان وجدال، وأخوهم لأبيهم عبد مناة، وأمه فكيهة، وهي الذفراء، ابنة هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وأخو عبد مناة لأمه علي بن مسعود بن مازن الغساني، وكان قد حضن أولاد أخيه عبد مناة فنسبوا إليه، فقيل لبني عبد مناة بنو علي، وإياهم عنى الشاعر بقوله:
لله درّ بني عل ** يٍّ أيّمٍ منهم وناكح

وقيل: تزوج امرأة عبد مناة فولدت له وحضن بني عبد مناة فغلب على نسبهم، ثم وثب مالك بن كنانة على علي بن مسعود فقتله، فواراه أسد بن خزيمة.
.ابن كنانة:

ويكنى أبا النضر، وأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس عيلان، وقيل: هند ابنة عمرو بن قيس. وإخوته لأبيه أسد وأسدة، ويقال: إنه أبو جذام والهون، وأمهم برة بنت مر، وهي أم النضر، خلف عليها بعد أبيه.
.ابن خزيمة:

ويكنى أبا أسد، وأمه سلمى ابنة أسلم بن الحاف بن قضاعة، وأخوه لأمه تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف، وأخو خزيمة لأبيه وأمه هذيل، وقيل: أمهما سلمى بنت أسد بن ربيعة.
وخزيمة هو الذي نصب هبل على الكعبة، فكان يقال هبل خزيمة.
أسلم، بضم اللام.

يتبع .................