دولة ميسان
بقلم كاظم المسعودي
حصلت هجرة مهمة وكبيرة للآراميين من بابل إلى جنوب العراق وتمكنت من تشكيل دولة قوية سميت بدولة ميسان ، تقع دولة ميسان في دلتا دجلة والفرات ، ويمكن اعتبار حدودها كما يلي :-
من الشرق :- نهر الكارون
ومن الشمال :- عند مفترق دجلة ونهر سيلاس عند مدينة أقامية
ومن الغرب :- هضبة الجزيرة
ومن الجنوب :- الخليج العربي
كما عرف عنها بأنها من الدول التي خلفت المملكة السلوقية اثر انحلالها (1) ، فميسان دولة سامية والاسم القديم لميسان هو ( خار اكس ) ولم تعرف باسم ميسان ألا في القرن الأول الميلادي ،وتشير المراجع أن الأسكندر المقدوني بنى هذه المدينة عام (324 ق.م ) على مرتفع صناعي عند ملتقى نهر الكارون بنهر دجلة العوراء ( نهر شط العرب الحالي ) بعد عودته من الهند لإدراكه دور الخليج العربي التجاري والملاحي بين الشرق والغرب . كما يذكر أحد الصينيين ويدعى ( كايفنك ) عندما زارها في نهاية القرن الأول الميلادي وبالتحديد عام 97 ميلادي من أن هذه المدينة محاطة بالماء من كل مكان وتتصل بالبر في الزاوية الشمالية الغربية ومحيطها 13 ميلا (2) ، ويذكر الملك جوبا الثاني ملك ( مورينانيا) أن ميسان تبعد 50 ميلا عن البحر ، وأنها لعبة دورا بارزا في الأحداث السياسية والاقتصادية في العراق خلال منتصف القرن الثاني ق.م إلى الربع الأول من القرن الثالث للميلاد (3) ، كما وردت في الترجمة الآرامية للنص الإغريقي بصيغة ( ميش ) ومعنى الاسم بالآرامية ( المدينة المسؤورة) وذلك بسبب السدود العظيمة التي بنيت حولها لتقيها مياه الفيضانات ، أما تسميتها البابلية بــ ( ميسان ) ومعناها ( ماء القمر ) ، وقد استولت دولة ميسان على إقليم عيلام ودحر ملكها في سنة 129 ق.م .
ومن المسكوكات الميسانية المؤرخة في ( 8 – 9 م) وما بعدها نرى إن الميسانيين استعملوا الخط الآرامي كما استعملوا اللهجة الآرامية ، ثم ظهر الخط المندائي في هذه المنطقة، كما خضعت للاحتلال الفارسي الساساني حتى صدر الإسلام ، وبقيت هذه الدولة في العصر الإسلامي حتى سنة 741 هــ ، حيث كانت من المناطق المهمة لسك النقود ومدخل للبضائع الهندية والعربية إلى دول الهلال الخصيب ، وهي التي تمون البصرة وتوابعها بالحبوب والمواد المالية الهامة ، وفي زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رض ) ولى عليها النعمان بن عدي وأطلق عليها اسمها الأخر وهو ((الفرات )) كما جلب لها الحجاج بن يوسف الهنود والجواميس وعاشوا في أهوارها .
أما الآن فتسمى (العمارة ) أو ( ميسان ) ، تقع في جنوب العراق وهي من اغنى محافظات العراق والعالم لما تحتويه من مخزون هائل من النفط ، كذلك تحتوى على مادة الزئبق الباهظة الثمن وقد نهب الكثير من هذه المادة عند احتلال العراق ، علما إن سكانها من أفقر سكان العالم .
المراجع
1- فؤاد سفر – التنقيبات في الحضر – مجلة سومر- م8 عام 1952 ص48
2- جبار عبدالله الجويبراوي – تاريخ ميسان وعشائر العمارة ص13
3- المصد نفسة ص 76 .