قراءة فى كتاب ساعات الليل غنائم مفقودة
الكتاب من إعداد القسم العلمي بدار ابن خزيمة وهو يدور حول قيام الليل وفى المقدمة قال :
"وبعد:
فإليك أخي .. نافلة من نوافل العبادات الجليلة .. بها تكفر السيئات مهما عظمت .. وبها تقضى الحاجات مهما تعثرت .. وبها يستجاب الدعاء .. ويزول المرض والداء .. وترفع الدرجات في دار الجزاء .. نافلة لا يلازمها إلا الصالحون؛ فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم .. تلك النافلة هي: قيام الليل.
وقد كان رسول الله (ص)يحث أصحابه على القيام ويبين لهم فضله وثوابه في الدنيا والآخرة؛ تحريضا لهم على نيل بركاته والظفر بحسناته
قال (ص)«عليكم بقيام الليل، فإنه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن الجسد» [رواه الترمذي والحاكم]"
والحديث المستدل به هنا لا يتفق مع القرآن فى جزئية أن قيام الليل يشفى أمراض الجسم فالشفاء من امراض الجسد سببه هو التداوى عند الأطباء وهو يتعارض مع حديث أخر يقول أن القيام يجب المرض كتورم الأقدام وهو :
" كان النبى(ص)يقوم الليل حتى تتورم قدماه"
وتحدث القسم عن فوائد قيام الليل فقال :
فما هي فضائل القيام، وما أسباب التوفيق إليه؟
** ثمرات قيام الليل **
ثمراته: دعوة تستجاب وذنب يغفر ومسألة تقضى وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن وتحصيل للسكينة ونيل الطمأنينة واكتساب الحسنات ورفعة الدرجات والظفر بالنظارة والحلاوة والمهابة وطرد الأدواء من الجسد.
أخي .. فمن منا مستغن عن مغفرة الله وفضله .. ومن منا لا تضطره الحاجة .. ومن منا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليل لله!"
وقطعا الفائدة المتحققة هى زيادة علم المسلم من خلال قراءة القرآن وأيضا غفران الذنوب حيث يمحو العمل الصالح وهو الحسنة كل السيئات كما قال تعالى:
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
وذكر القسم الروايات التالية:
"وإليك أخي توجيهات نبوية تحضك على نيل هذا الخير:
فعن عمرو بن عبسة أنه سمع رسول الله (ص)يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الليلة فكن». [رواه الترمذي وحسنه]."
والحديث خاطئ فالقرب من الله متحقق بطاعة المسلم له فى كل وقت والحديث يتناقض مع حديث أخر هو " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" ثم قال:
"وعن أبي أمامة الباهلي قال: قيل: يا رسول الله! أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات». [رواه الترمذي وحسنه]."
والحديث خاطىء فالدعاء مسموع فى كل وقت لأنه الله يسمع كل شىء كما قال تعالى :
" إنه سميع قريب"
وأما الاستجابة إذا كانت بمعنى السمع فهى متوقفة على ما قدر الله فى مشيئته فى لوح القدر ثم قال :
"وعن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له». [رواه البخاري ومسلم].
والخطأ نزول الله للسماء وهو يخالف أن الله ليس جسم حتى ينزل مكان كما أن نزوله فى مكان هو السماء الدنيا هنا يعنى أنه يشبه خلقه فى الأفعال والصفات وهو ما يخالف قوله "ليس كمثله شىء "كما أن الله يغفر فى غير ذلك من الأيام وهو خارج الكون فما الحاجة إلى نزوله – وهو لا ينزل – فى تلك الأيام إذا كان ما يفعله فى هذه الأيام يفعله باستمرار
وتقبل الدعاء فى الثلث الأخير يتعارض مع كونه نصف الليل ألأخر فى الحديث التالى الذى ذكره القسم وهو:
"وعن عثمان بن أبي العاص عن النبي (ص)قال: «تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشارا». [رواه الترمذي وحسنه]."
والخطأ الغفران عدا للزانية والعشار وهو كلام لا يمكن صدور للنبى0ص) فهو لا يساوى الزانى والزانية كما لا يساوى العشار والعشارة وهم جامعو الضرائب
ويكررون خطأ النزول والثلث الأخر فيقولون:
"** فيا ذا الحاجة **
ها هو الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة .. يقترب منك .. ويعرض عليك رحمته واستجابته .. وعطفه ومودته .. ويناديك نداء حنونا مشفقا: هل من مكروب فيفرج عنه! فأين أنت من هذا
العرض السخي!
قم أيها المكروب .. في ثلث الليل الأخير .. وقل: لبيك وسعديك .. أنا يا مولاي المكروب وفرجك دوائي .. وأنا المهموم وكشفك سنائي .. وأنا الفقير وعطاؤك غنائي ..
وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي ..
قم .. وأحسن الوضوء .. ثم أقم ركعات خاشعة .. أظهر فيها لله ذلك واستكانتك .. وأطلعه على نية الخير والرجاء في قلبك .. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار .. ولا تبيت فيه نية سوء .. ثم تضرع وابتهل إلى ربك شاكيا إليه كربك .. راجيا منه الفرج .. وتيقن أنك موعود بالاستجابة .. فلا تعجل ولا تدع الإنابة .. فإن الله قد وعدك إن دعوته أجابك، فقال سبحانه: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}، ثم وعدك أنه أقرب إليك في الثلث الأخير، فتم لك وعدان، والله جل وعلا لا يخلف الميعاد.
أتهزء بالدعاء وتزدريه ... ولا تدري ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن ... لها أمد وللأمد انقضاء
قم يا ذا الحاجة .. ولا تستكبر عن السؤال .. فقد دعاك مولاك إلى التعبد له بالدعاء فقال سبحانه: {واسألوا الله من فضله} .. وخير وقت تسأله فيه هو ثلث الليل الأخير.
قم .. ولا تيأس مهما اشتد اضطرارك .. فربك قدير لا يعجزه شيء، وإنما أمره إذا قضى شيئا أن يقول له كن فيكون .. وتذكر أنه سبحانه من جميل رحمته قد حرم عليك سوء الظن به، كما حرم عليك اليأس من رحمته، فقال سبحانه: {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
قم .. وأحسن الظن بربك .. وتحنن إليه بجميل أوصافه .. وسعة رحمته .. وجميل عفوه .. وعظيم عطفه ورأفته .. فحاجتك ستقضى .. وكربك سيزول .. وليلك سيفجر .. فلا تيأس واطلب في محاريب القيام الفرج!"
وتحدث القسم عن الذنوب فقال :
"* ويا صاحب الذنب **
قد جاءتك فرصة الغفران .. تعرض كل ليلة .. بل هي أمامك كل حين ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلى الظفر والنيل.
فعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري عن النبي (ص)قال: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها». [رواه مسلم].
وقد تقدم في الحديث أن الله جل وعلا ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له». [رواه البخاري ومسلم].
ويد الله سبحانه مبسوطة للمستغفرين بالليل والنهار .. ولكن استغفار الليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله جل وعلا المستغفرين بالليل فقال سبحانه: {والمستغفرين بالأسحار}.
وذلك لأن الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سببا لتعظيم الله له .. وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول .. لا سيما مع مناسبة نزول المولى جل وعلا إلى سماء الدنيا وقربه من المستغفرين .. فلا شك أن لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين وابتهالات"
قطعا الاستغفار مطلوب عند الذنب فى أى وقت ولا ينتظر الإنسان حتى الثلث الأخر والقرب من الله يكون متحقق بالطاعة ومنها الاستغفار للذنب وليس بعض الطاعة يقرب لله أكثر من الأخر عدا الجهاد والقرب ليس قربا مكانيا وإنما هو اختلاف درجة الثواب
والاستغفار من الذنب بإخلاص هو الدعاء الوحيد الذى يستجيب الله لأنه تعهد بذلك فقال :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما:
وأما بقية الأدعية فمتوقفة على المكتوب فى لوح القدر
وتحدث القوم عن المبتهلين فقالوا:
"المبتهلين.
فيا من أسرف على نفسه بالذنوب .. حتى ضاقت بها نفسه .. وشق عليها طلب العفو والغفران .. لما يراه من نفسه في نفسه من عظيم العيوب .. وكبائر السيئات ..
قم لربك في ركعتين خاشعتين .. فقد عرض عليك بهما الغفران .. فقال لك: «من يستغفرني فأغفر له».
قم واهمس في سجودك بخضوع وخشوع؛ تقول: «أستغفرك اللهم وأتوب إليك .. رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين .. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .. اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم."
وتحدثوا عن صاحب النعمة مع أن كل الناس لله نعم عليهم فقالوا:
"** ويا صاحب النعمة **
أقبل على ربك بالليل وأد حق الشكر له؛ فإن قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟!
تأمل في رسول الله لما قام حتى تفطرت قدماه، فقلنا: يا رسول الله مالك؟ أما غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا». [رواه البخاري]"
ففي هذا الحديث دلالة قوية على أن قيام الليل من أعظم وسائل الشكر على النعم .. ومن منا لم ينعم الله عليه!! فنعمه سبحانه تلوح في الآفاق .. وتظهر علينا في كل صغيرة وكبيرة؛ في رزقنا وعافيتنا وأولادنا وحياتنا بكل مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر .. ولذلك فإن حق شكرها واجب علينا لزاما في كل وقت وحين، وأحق الناس بالزيادة في النعمة هم أهل الشكر .. وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم وينزل إلى السماء الدنيا .. ولذلك كان رسول الله (ص)يعلل قيامه ويقول: «أفلا أكون عبدا شكورا»؛ أي: أفلا أشكر الله عز وجل.
فقم - أخي - ليلك .. بنية ذكر الله .. ونية الاستغفار .. ونية الشكر .. تبسط لك النعم .. ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك وبيتك وكافة شأنك."
والحديث به خطأ وهو القيام حتى أذية الجسم وهو ما منعه الله بقوله :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
وتحدث القوم عن الحور العين وكأنهن غنيمة كما تبين الروايات ولكنهن فى الحقيقة زوجات الدنيا فلا أحد يدخل الجنة إلا المسلمين والمسلمات والكفار قد يحتجون على الله بان أدخل من لم يعمل للجنة الجنة وهو الحور العين فى المفهوم الخاطىء الشائع حاليا وهو ما يناقض أن من فى الجنة سكنها بعمله كما قال تعالى:
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
وفى طلاب الحور قالوا:
** ويا طالب الحور **
قم في ظلمة السحر .. وأحي ليلك بالقرآن والذكر .. والتبتل والاستغفار .. فإن ذاك هو مهر الحور العين في الجنة.
فإن الجزاء عند الله من جنس العمل .. فما يجزي به الله المتهجدين في الليل كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة؛ فإن المتهجد قد ترك لذة النوم بالليل، ولذة التمتع بالأزواج، ترك لحافه وفراشه طلبا لما عند الله عز وجل، فعوضه الله خيرا لما تركه، وكان الجزاء الحور العين، ويا نعم الجزاء.
يقول (ص)«ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها».
يا خاطب الحور الحسان وطالبا
لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلب
جعلت السعي منك لها على الأجفان
أو كنت تدري أين مسكنها
بذلت ما تحوي من الأزمان
فيا أسير شهوات الدنيا، ويا صاحب الطرف المعذب الذي ينطلق وراء كل غانية وتحتها الداء العضال.
يمم وجهك - يا أخي مثلما يمم المتهجدون إلى خيام تبدو فيها عرائس الجنان .. جمالهن أخاذ .. وحسنهن يبهر .. وعذوبتهن تسحر .. ودودات قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس من قبل ولا جان.
تيقظ لساعات من الليل يا فتى
لعلك تحظى في الجنان بحورها
فتنعم في دار يدوم نعيمها
محمد فيها والخليل يزورها
فقم فتيقظ ساعة بعد ساعة
عساك توفى ما بقي من مهورها
كان بعض السلف يحيي الليل صلاة فتكاسل عن ذلك فأتاه آت في منامه فقال له: قد كنت يا فلان تدأب في الخطبة، ما الذي قصر بك عن ذلك؟ قال: وما ذاك؟ قال: كنت تقوم من الليل؛ أوما علمت أن المتهجد إذا قام إلى التهجد قالت الملائكة: قد قام الخاطب إلى خطيبته!!"
والحديث المستدل به على الحور العين ليس فيه أى دليل على كونهن من غير النساء فى الدنيا فهو يتحدث عن نساء الجنة
وتحدثوا عن المعينات على قيام الليل فقالوا :
"** ما يعينك على القيام **
* أولا: أقلل من الطعام؛ فإن كثرة الطعام مجلبة للنوم، ولا يخف
قيام الليل إلا على من قل طعامه، ولقد بين رسول الله (ص)حدود الشبع وآدابه فقال: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه». [رواه أحمد والترمذي، وهو في صحيح الجامع برقم: 5550].
"
الخطأ وصف البطن بكونها شر وعاء والشر والخير إنما يصدران من الإنسان نفسه وليس من البطن ومن ثم لا يصح وصف البطن بكونها شر وعاء عند الامتلاء والله يحاسب الإنسان ككل وليس على بطنه فقط
ثم قالوا:
قال عون بن عبد الله: «كان قيم لبني إسرائيل يقوم عليهم إذا أفطروا فيقول: لا تأكلوا كثيرا؛ فإن أكلتم كثيرا نمتم كثيرا، وإن نمتم كثيرا صليتم قليلا».
وقال عبد الواحد بن زيد: «من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرته في دينه من قبل بطنه فذاك رجل من العابدين أعمى».
وقال وهب بن منبه: «ليس من بني آدم أحب إلى الشيطان من الأكول النوام».
وقال سفيان الثوري: «عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل».
وجدت الجوع يطرده رغيب***وملء الكف من ماء الفرات
وقل الطعم عون للمصلي***وكثر الطعم عون للسبات
* ثانيا: الاستعانة بالقيلولة: فإن رسول الله (ص)قد وجه إلى الاستعانة بها ومخالفة الشياطين بها، فقال: «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل». [رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 2647].
الحديث به خطأ يخالف القرآن وهو أن الشياطين بعضهم إنس كما قال تعالى :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
والإنس يقيلون ثم قالوا:
"ومر الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا، قال: «إني لأرى ليلهم ليل سوء».
وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: «القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمة للفؤاد، مقواة على قيام الليل».
* ثالثا: الاقتصاد في الكد نهارا: والمقصود به عدم إتعاب النفس من لا ضرورة منه، ولا مصلحة راجحة، كفضول الأعمال والأقوال والخلطة ونحوها، أما ما يستعديه الكسب والحياة من الضروريات ولا غنى للمرأ عن الكد لأجله فيقتصد فيه بحسب ما تتحقق به المصالح.
* رابعا: اجتناب المعاصي وتركها: فالمعصية تقعس عن الطاعة، وتوجب التشاغل عن العبادات، وتحرم المؤمن التوفيق إلى النوافل والفضائل، ولذلك تواتر عن السلف القول بأن المعاصي تحرم العبد من القيام.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري؛ فما بالي لا أقوم؟ فقال: «ذنوبك قيدتك».
وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته. قيل: وما هو؟ قال: رأيت رجلا يبكي، فقلت في نفسي: «هذا مراء».
وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ فقال: لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف».
* خامسا: سلامة القلب من الأحقاد على المسلمين ومن البدع وفضول هموم الدنيا؛ فإن ذلك يشغل القلب ويضغط عليه فلا يكاد يهتم بشيء سواه.
* سادسا: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل؛ فإنه إذا
تفكر أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره.
* سابعا: أن يقف المسلم على فضائل القيام وثمراته فإنها تهيج الشوق وتعلي الهمة وتحيي في النفس طمعا في رضوان الله وثوابه، وقد تقدم ذكر أهمها.
* ثامنا: وهو أشرف البواعث: حب الله وقوة الإيمان؛ لأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج به ربه ومطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحب الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة؛ فتحمله لذة المناجاة للحبيب على طول القيام."
قطعا قيام الليل متوقف على مشيئة الإنسان وأما المعينات فتختلف من مسلم لأخر حسب ظروف كل واحد