تاريخ بعلبك ، مدينة الشمس baalbeck_heliopolis.


يستطيع المتتبع والزائر لمدينة بعلبك اللبنانية، أن يشاهد الكنوز التاريخية ذات الطابع الروماني التي تميزت بها هذه المدينة عن سائر الدول والمدن السياحية في الشرق الأوسط، وتقع بعلبك على بعد 85 كلم الى الشرق من بيروت، ممتدة في أحضان سهل البقاع الشمالي، وقد شكلت في الماضي محطة رئيسية على مفترق عدد من طرق القوافل القديمة التي كانت تصل الساحل المتوسطي بالبر الشامي وشمال سورية بشمال فلسطين، كما استفادت عبر تاريخها الطويل من هذا الموقع المميز لتصبح محطة تجارية هامة ومحجاً دينياً مرموقاً، وقد حول الرومان مزاراتها المتواضعة الى قبلة تستقطب الحجاج من جميع مناطق الامبراطورية الرومانية.

اشتهرت بعلبك بوفرة محاصيلها الزراعية نتيجة لامتداد أراضيها وغزارة مياه نهر الليطاني الذي يرويها، واتت تسميتها من تركيب كلمتي ''بعل'' وتعني ''رب'' و''بك'' وترمز للبقاع، كما كانت تسمى ''هيليوبوليس'' (أي مدينة الشمس) عند الرومان، وسميت بالقلعة أيام الأُمويين العرب.

مستعمرة رومانية
أصبحت بعلبك في عام 47 ق.م. مستعمرة رومانية بأمر من يوليوس قيصر، والموقع المختار لبناء أكبر الهياكل الرومانية كمعبد باخوس التي عكست ثروة وقوة الامبراطورية الرومانية، وقد استمرت عمليات البناء أكثر من مئتي عام واشرف عليها اباطرة رومانيون مختلفون، وهناك اختلاف حول الزمن الذي بنيت فيه قلعة بعلبك العظيمة، ويقال إنها تعود الى عصر سليمان الحكيم، وأول ما عرف من تاريخها الصحيح زمن استيلاء يوليوس قيصر عليها في أواسط القرن الأول قبل الميلاد، ودخل الرومان المدينة عام 16 ق.م في عهد الامبراطور اغسطس وخلفوا وراءهم الآثار التي اكسبت بعلبك شهرتها العالمية.

تعتبر هياكل بعلبك من أكثر الآثار الرومانية المحافظ عليها رغم مرور مئات السنين وتعرضها للسرقة والحروب والزلازل، خاصة عام 1759 عندما دمر زلزال قوي قسماً كبيراً من المدينة، الا أن علماء الآثار، وأكثرهم من الألمان والفرنسيين واللبنانيين، استطاعوا ترميم الهياكل واعادتها تقريباً مثلما كانت. وتضم قلعة بعلبك معابد جوبيتر وفينوس وباخوس التي كانت مخصصة قديماً للطقوس الدينية كتقديم الذبائح للآلهة، اما اليوم فيمكن التوقف عند ضخامة هذه الهياكل وروعة هندستها، وتبلغ استدارة القلعة مايقارب 5 كلم، وهي تحتوي على احجار يصل قياسها الى عشرين متراً، كما تضم ستة اعمدة عملاقة لا تزال صامدة وهي اساس روعة المكان ومصدر أهميته الكبيرة، ويرجح ان هذه الاحجار استقدمت منحوتة من روما بسبب طابعها الغربي وجمعت في بعلبك.

الفتح العربي

حول الفتح العربي لمدينة بعلبك عام 636 للميلاد هياكـــــــل المدينة الى قلعة، وهو الاســــم الذي ما زالت تحمله حتي اليوم، وتوالى الزمــــن على بعلبــــك، فانتقلت من أيـــــدي الأمويين الى العباسيين فالطولونيين والفاطميين والأيوبيين، الى أن نهبها المغول واســـــتردها منهم المماليك عام 1260 للميلاد، فعرفت في أيامهم فترة عز ورخاء.

بعلبك المعاصرة
أقام البعلبكيون على مدار السنين أبنيتهم السكنية والتجارية والرسمية حول قلعتهم الأثرية، كما حولوا محيطها الى غوطة من البساتين التي ترويها مياه نبع رأس العين، وشيدوا حولها الفنادق والمطاعم والمقاهي ودور التسلية والمنتديات الفنية والثقافية، وامتد العمران في بعلبك بكل اتجاه، بحيث وصل الى القرى المجاورة.

الجامع الكبير
يقع الجامع الكبير عند مدخل القلعة لجهة الشرق، وقد شيد من أعمدة الجرانيت ومن حجارة المعابد الرومانية، ويعود تاريخ انشائه الى العهد الأموي في أواخر القرن السابع أو في بدايات القرن الثامن بعد الميلاد، ويتألف من بهو مربع يحيط به رواق ويتوسطه حوض ماء، كان في ما مضى مقببا، وتتألف قاعة الصلاة فيه من ثلاثة صفوف من الأعمدة.

نبع رأس العين
يقع نبع رأس العين الى الجنوب الشرقي من المدينة، تروي مياهه أحياء المدينة، الى جانب ''نبع اللجوج'' الشهير في بعلبك منذ العصور القديمة، وتشهد على أهميته الحيوية بالنسبة للمدينة، الآثار التي خلفتها الحقب الرومانية والإسلامية على جوانبه . ومنها بقايا مزار روماني صغير وبعض المداميك التي كانت تشكل جزءا من التجهيزات التي أقيمت لضبط مخارج المياه، وعلى مقربة من النبع أطلال جامع من عهد المماليك بني عام 1277 للميلاد، ويطلق عليه مسجد رأس الإمام الحسين بن علي


تاريخ بعلبك ، مدينة الشمس baalbeck.98807.jpg