كيف ولماذا نكتب عن أنسابنا

[طلال العكيلي]

كيف ولماذا نكتب عن أنسابنا

كيف ولماذا نكتب عن أنسابنا

لقد سبقـني البعض بالتـأكــيد مـِمَـن كـَتـَب حول هذا الموضوع، ولأهـمـية هذه المـسألة أُدلـي هـنـا برأيـي حول ذلك ، فــَـاقولُ بعدَ الاتـكال على الله :ـــ

أنـتـشرت في هذه الايام الكتابة حول موضوعة الانساب ، وهذه بحد ذاتها ظاهرة جيدة تـنـّمُ عن وعـيّ من جانب أبـنائـنا بأهـمـية صـِلة الرحم ورغبـتهم في معرفة المزيد عن أنساب قبائلهم وصلـتها بقبائل العرب الاخرى، فعلينا ان نـُـشجـِّـع هذه الظاهرة وندعـمها . ونـقول هنا لماذا نكتب عن انسابنا وكيف نكتب عنها ؟ وبالطبع فإن التفاخر بقبائلنا وتأريخ أجدادنا هو غرض من ضمن أغراض أخرى نكتب من أجلها أنسابنا ،فمن حقنا ان نفخر بتأريخنا ، ولكن بأي تأريخ نفاخر ، وقبل الاجابة على ذلك لابد من مدخل للموضوع ، اذ ان الكتابة في الانساب هي نوع من أنواع السرد التأريخي ، فالانساب والتأريخ مرتبطان معا ً ،وما دامت الحالة هذه فيجب علينا ان نكتب الانساب بتجرد وبطريقة علمية وفنية بحتة ، فإذا أردنا أن نفاخر فإننا نفتخر أولاً بمواقف قبائلنا وأجدادنا من الدعوة المحمدية وطريقة اسلامهم ودورهم في نشر هذا الدين وجهادهم في سبيل الله ضد المشركين وتركهم لديارهم وأوطانهم بعد أن خرجوا مجاهدين تحت رايات الاسلام فاتحين بلدانا كان يسود فيها الظلم والجور فحكموا بين أهلها بالعدل والقسطاط ومبددين عنهم الظلمات التي كانوا يعيشون فيها بأنوار الاسلام ومبادئه الانسانية السمحة والعظيمة فحرروهم من عبودية العقل والجسد ، هذا ما نفاخر به أولاً ، وإن تكلمنا عن الفترة التي سبقت ظهور الاسلام ــ وهي الفترة الجاهلية ــ ، فإننا نفاخر أيضاً بأنسابنا وتأريخ قبائلنا ، ولكن ليس بمطلق هذا التأريخ ، بل نفاخر بما حبى الله به العرب وقبائلهم من مكارم الاخلاق وحميد الصفات ، فقد خاطب الله رسوله الاكرم (محمد بن عبد الله) الهاشمي العربي (ص) قائلاً له : ((وَإنـَّـكَ لـَـعـَـلـَى خـُـلـُق ٍعـَـظـِـيم ٍ)) ــ سورة القلم الاية 4 ــ فإن كانت هذه صفة رسولنا الاكرم (ص)وهو من أوسط بـيت في العرب فلا بد ان تكون هذه صفة أ ُمته ، وإن لم تكن هذه صفتهم جميعاً فهي بلا شك صفة لأغلبـيتهم وللكثيرين منهم ، فبهذا نفتخر . كما ان الله سبحانه وتعالى خاطب أمة العرب قائلاً لهم : ((كـُـنـتـُـمْ خـَـيـرأ ُمةٍ أ ُخـْـر ِجَـتْ لـِـلـناس ِتـَأ ْمـُرونَ بـِـالمـَـعـْـرُوف ِوتـَـنـْـهـونَ عـَن ِ المـُـنـْـكر ِ)) ــ سورة آل عمران ، الاية 110))،فإن كان الجليل قد ذكر العرب على هذه الصفة ، فهذا ما نفتخر به أيضاً ، وإن أردنا أن نتكلم عن صفات العرب ومكارم أخلاقهم فلن يسع ذلك هذا الموضع ، فهم أهل نخوة واباء، وهم أهل شجاعة وإقدام ،وهم ذوو شدة بأس وقوة ، وهم أصحاب جود وكرم ، فهم راعين لذمة الجار ومانعينه من أي عوز أو أذى حتى وإن كلفهم ذلك خوض الحروب ، يحمون الضعيف وينتصرون للمظلوم من ظالمه ، يـُجيرون من يلتجأ إليهم حتى وان كان طالبه ملك جبار أو قبـيلة قوية الشوكة فيذبون عنه ولايسلمونه أبداً ، ويكرمون ضيفهم ولا يمسكون عنه شيئاً مهما غلا ثمنه ويتبارون في الكرم الى حد الجود بكل ما يملكون عن طيب خاطر ، يتمسكون بعهودهم ومواثيقهم ويترفعون عن طبع الغدر والغادرين ، ويهون لديهم الموت في سبيل كرامتهم وعرضهم ، ويبذلون دمائهم رخيصة دفاعاً عن أهلهم وقبـيلتهم ، وهم أهل عـِـلم وأدب وشعر حتى أحتسبوا ذلك من مكملات شخصية الفرسان والروؤساء ، يحفظون تأريخهم وأيامهم وأنسابهم ويحرصون على أن لايدخل في نسبهم من كان لئـيم الحسب لكي لا تـشوب أنسابهم شائبة ، أصحاب اباء وعزة نفس فلا يـُـطأطؤن روؤسهم لأحد حتى أستـنـكفوا طاعة الملوك والدول ، وكانوا يحرصون على أسم قبـيلتـهم وسمعتها وشرفها ولم يقبلوا بـينهم من يـُـسيء ُ الى ذلك حتى انهم خلعوا مـِـن ابنائهم مـَن آثر حياة الصعلكة وإيذاء الغير ،وكان من شدة بأسهم ما صبروا به على تحمل المشاق من كثرة الترحال والتـنـقـل بحثاً عن الماء والكلأ وسعياً وراء رزقهم ،فأفتخروا بمظاهر الخشونة والرجولة والقوة ونبذوا مظاهر الضعف والذلة والاستكانة ، وكانوا يـُـمجدون مواقـف البـطولة والشجاعة فامتدحوا في شعرهم حتى عدوهم إن أتصف بذلك فكل هذه هي بعض صفات العرب وهذا غيض من فيض مكارم اخلاقهم ، فبهذا نـُـفاخرُ أيضاً .

ـــــ للموضوع بقية .. يـُـتــبــــــــــــع ــــــ

المصدر: منتديات عراق الخير والمحبة - من قسم: منتدى العشائر والقبائل العراقية