"حلاق الصحة أو الأنفار" مهنة جار عليها الزمن، واختفت مع تقلبات العصر وتطوره، بل أصبح لا يعرفها سوى كبار السن أو المتابعين للأفلام القديمة، فقليلا ما نرى الآن مشهد لشيخ عجوز يحمل حقيبته ويتجول فى الشوارع متجها إلى المقاهى والمحال، باحثا عن "روس" أو "أنفار" كما تذكر بلغة الحلاقين، سعيا وراء رزقه وقوت يومه.

ولكن وسط هذا الاختفاء للمهنة قرر "ماهر يوسف" أن يعيد إحياءها، ويعود لمهنته الأصلية مرة أخرى، رافعا شعار من فات قديمه تاه، متحديا كل التطورات التى اكتسحت مجال الحلاقة، من ماكينات وشفرات، مكتفيا بحقيبته الصغيرة وما بها من معدات قليلة تختزل فى مجرد أحجام مختلفة للأمواس.

يحكى "ماهر يوسف" لـ"اليوم السابع" عن مهنته كحلاق صحة وسبب رجوعه إليها الآن مرة أخرى بعد توقف استمر أكثر من خمس سنوات قائلا: "كنت أعمل كحلاق للصحة من حوالى 30 سنة، بعد نزولى من الصعيد واستقرارى فى مصر، واستمريت فى المهنة دى لغاية ما أولادى كبروا، واتعلموا وحسيت إنى أديت الدور المطلوب منى على أكمل وجه، علشان كده قررت أستقيل من عملى من حوالى 5 سنين، لأنه كان مرهق جدا وبيتطلب منى التواجد فى الشوارع بشكل دائم.

يتابع، و"فعلا عملت فرشة بقالة صغيرة تحت منزلى وقولت استرزق منه عيش"، ويصمت قليلا ثم يبتسم ابتسامة ساخرة ويقول، "لكن الظاهر اللى جرب الشقا ميقدرش يستغنى عنه، رجعت لشغلتى اللى بلاقى فيها نفسى، ببقى فى قمة سعادتى لما يجيلى واحد شعره منكوش مش متساوى وأنا اظبطه وأسويه، ويا سلام بقى لو كانت دقنه طويلة وأنا أحلقهاله وأخليه على سنجة عشرة.

أما عن الفرق بينه وبين الحلاق الذى يمتلك محل فيقول، "الفرق الوحيد أنه عنده محل واقف فيه وزباينه بتجيله لحد عنده، إنما أنا بشيل محلى "مشيرا إلى حقيبته الصغيرة ومعداته العتيقة" وأتنقل من شارع إلى شارع أدور على زباينى، كمان الأجرة أنا رغم إنى بتعب أكتر لأنى ببذل مجهود فى التنقل، إلا إنى باخد أجرة النصف تقريبا، لكن نفس المستوى الحرفى إذا ماكنش أعلى".

ولهذه الأسباب يرجع "ماهر" انقراض هذه المهنة من الشوارع المصرية، على الرغم من إقبال الناس عليها خاصة فى الأحياء الشعبية بسبب قلة التكلفة التى لا تتعدى 5 جنيهات للرأس الواحدة على حد قوله.



أكثر...