"الحارة النظيفة" ليس اسمًا لحملة أو مبادرة شبابية جديدة كما اعتدنا مؤخرًا، وليس مجرد اسمًا حركيًا متداولاً بين أهالى منطقة ما، يميزون به إحدى الحارات، بل هو الاسم الرسمى لـ"الحارة النظيفة" بمنطقة الدرب الأحمر فى القاهرة.

"اسم على مسمى" هذا هو أول ما يلفتك إليها، فهى بالفعل حارة نظيفة، هادئة وواسعة إلى حد كبير مقارنة بغيرها من الحارات، وأرضيتها المكسوة بـ"بلاط" نظيف جاف يجعلك تشعر بالبهجة لمجرد دخولك الحارة، فيشتعل فضولك بشأن قصة اسمها الذى تتأكد من كونه رسميًا بعد أن تشاهد اللافتة الزرقاء التى تحمل الاسم بالعربية والإنجليزية معًا.

بسمة عبد الله الشابة الثلاثينية البشوش التى تطل برأسها من أحد أبواب البيوت العتيقة المشبعة بروح مصر القديمة، تقول "من يوم ما طلعنا الدنيا وإحنا عارفين إن اسمها كده، وهى بجد اسمها كده.. لكن لو عايز تعرف الحكاية اطلع على أول الشارع، واسأل حد من الناس الكبار فى السن"، وتودعك بابتسامة بعد أن تدعوك بحرارة حقيقية لأن "تنورنا وتشرب حاجة".

تعمل بالنصيحة، وتخرج إلى شارع المحجر الذى تتفرع منه الحارة، يستوقفك الشعر الأبيض للمهندس نبيل راشد فتراه الشخص المناسب، تقرر أن تسأله عن قصة الحارة، يبتسم وهو يحكى لك "أنا كمان أول ما جيت المنطقة هنا من 20 سنة استغربت الاسم، وسألت الناس اللى ساكنين هنا وأصحاب المكان، وفوجئت بأن الاسم دا كان تريأة أصلاً عليها، لأنها كانت سيئة جدًا خاصة فى أيام الشتاء، لما الدنيا تمطر تبقى كلها طين وقاذورات"، ويضيف "مع بدء ظهور الوعى عند الناس قرورا الاهتمام بيها وتنظيفها، وساعد على كده إنهم بلطوا أرضيتها فبقت بالشكل دا".

ولكن حنفى جابر الذى يؤكد أنه يملك قرابة نصف الحارة ينفى هذه الحكاية، ويقول "الاسم إحنا توارثناه، إحنا طلعنا لقيناه، يعنى أنا عمرى 62 سنة ومن يوم ما وعيت على الدنيا، وهى اسمها الحارة النظيفة"، ويضيف " أصلاً الحارة كانت مملوكة لـ"أيتمش البجاشى" مملوك روسى، بعدها انتقلت للأوقاف اللى بدأت تبيعها وعيلتى اشترت بعضها، والاسم من زمان من أيام الإنجليز حتى أنا عندى خرائط قديمة من أيام الإنجليز بالاسم دا، وبالفرنساوى كمان"، ويتابع "لكن الكلام عن إنها اتسمت كده لعدم نظافتها دى إشاعات، إحنا كمصريين بنحب أوى نعمل حكاية ونتريأ عليها، أما هى زيها زى أى حارة، لكن بدأت نظافتها تبقى ملحوظة بعد ما اتبلطت، وكمان بعد ما بدأت تتبنى فيها عماير جديدة".







أكثر...