تفترش الشوارع باللون الأحمر، يعد الحبيبة أفضل الكلمات والرسائل ليتبادلوها معا، اليوم 4 نوفمبر عيد الحب المصرى، ولكن بالنسبة للسياسة المصرية بعد الثورة، فالقادة لا يحتاجون عيد حب للتعبير عن مشاعرهم للشعب عبر الوسائل الرومانسية، والتى بدأها الرئيس المعزول محمد مرسى، واستمرت حتى بعد 30 يونيو ورددها الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وحتى أخذتها المعارضة لتعارض على طريقة الحبيبة.

عقب المرحلة الانتقالية التى تلت ثورة 25 يناير تحت قيادة المجلس العسكرى، استقبلت مصر الرئيس المعزول محمد مرسى، وترقب الجميع كيف سيظهر ويتحدث الرئيس، ليستهل أول خطاباته بلهجة رومانسية تحت شعار أحبتى وأهلى وعشريتى، وحتى مع البحث عن حلول لمشكلة سد النهضة وتحويل مجرى النيل الأزرق، صرح مرسى لقناة العربية: "سنزيد مياه النيل بالدعاء والحب"، وعن المشاكل الداخلية كانت دائما عبارته ومفرداته تتحدث عن وجوب أن نحضن بعض، بعيدا عن عالم الحلول السياسية والواقعية.

على الرغم من الفروق الكبيرة بين خطابات الرئيس المعزول محمد مرسى، وخطابات القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الفتاح السيسى، إلا أن خطابات الأخير لم تخلوا أيضا من اللهجة الرومانسية وظهرت هذه اللهجة بوضوح أكبر، فى خطاب الفريق خلال احتفالات نصر أكتوبر بكلمات مثل "أنتو متعرفوش أنكم نور عنينا ولا أيه"، و"تفتكروا أن العلاقة بين الجيش والشعب حد ممكن يدخل بينها"، و"ماتكسروش بخاطر مصر".

المعارضة والتأييد السياسى لم يخلوا أيضا من الجانب العاطفى، فى خطابات الشعر ووسائل التعبير عن حب كل من السيسى ومرسى، واستخدام وسائل مثل الشيكولاتة والقلوب، وفى المعارضة والنقض السياسى قدم باسم يوسف عبر برنامجه "البرنامج" شخصية "جماهير" التى تمثل سيدة تتحدث لأسامة منير عن مشاكلها العاطفية، بينما تحمل عبارتها انتقادات سياسية، فى فقرة بعنوان "أنا والبرنامج وهواك".

ومن جانبه أكد الدكتور مصطفى علوى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ورئيس المركز الدولى للدراسات السياسة والقانون والرأى العام، أن السبب فى ظهور هذا النوع من الخطاب العاطفى هو أن مصر تمر الآن بأزمة متعددة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومطلوب من السياسى أن يبحث عن أفضل الطرق للتواصل مع الشعب الذى عاش مراحل طويلة من الجفاء.

وأشار "علوى" إلى أن الخطاب العاطفى يجب أن يكون له حدود، ويتماشى مع البحث عن حلول للمشاكل الكامنة فى الدولة، واتخاذ القرارات المناسبة لها، موضحا أنه أحد أبرز النماذج التى أجادت فن الخطاب العاطفى كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى كان خطابة يقوم على تعبئة الشعب ليس المصرى فقط، وإنما العربى أيضا.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة الزقازيق، إن لجوء السياسيين للهجة العاطفية، يأتى فى ظل لحظات تغيب فيها المعلومات والأفكار والتحليلات، فيحتاج السياسى خلالها لتعويض هذا الغياب بالاعتماد على الجوانب العاطفية.

ونوه "عبد الله"، أنه فى عهد مرسى انقسم الخطاب العاطفى إلى مرحلتين، مرحلة أولى عقد الشعب المصرى خلالها الآمال عليه، وحاول تصديق لهجته العاطفية، وفى المرحلة التالية رفض الشعب جميع خطاباته وأساليبه، أما فى المرحلة الحالية، انقسم الشعب إلى مجموعة تتقبل كل ما يقوله الفريق "السيسى" من لهجة عاطفية بالترحاب والقبول، وأخرى تتقبلها بالرفض والسخرية.







أكثر...