أرسلت (هاء) إلى افتح قلبك تقول:

أنا آنسة عمرى 30 سنة, جامعية, من أسرة متوسطة, وأعمل فى عمل محترم والحمد لله, أنا بطبعى شخصية هادئة وخجولة, كما أنى نشأت فى بيئة محافظة بعض الشىء , كل هذا لم يجعل لى تجارب سابقة مع أى شخص, خاصة وأنى كنت أتعمد أن أبتعد عن الآخرين, وأن أصنع من حولى حاجزا وهميا يحمينى من أى شخص عابث, أو أى علاقة عابرة, أضيفى حضرتك إلى هذا أنى معقدة من فكرة الارتباط والزواج من كثرة الزيجات الفاشلة من حولى, ومن كثرة أمثلة الزوجات اللواتى يعشن زيجات تعيسة جدا، ويرضون بذلك خوفا من الانفصال وتبعاته... باختصار كنت حريصة على أن أكون صعبة المنال بالنسبة لأى شخص, لكنى فى نفس الوقت كنت أحلم بالإنسان الذى يقتحم هذه الدائرة التى صنعتها حولى, ليعرفنى على حقيقتى وليفهم أنى لست بتلك الصورة الجامدة التى أبدو عليها فعلا.

وقد حدث, وجدته من 3 سنوات, قابلته فى الشغل, كان فى مهمة عمل من القاهرة, بقى فى محافظتنا فترة حتى أنهاها ثم عاد إلى القاهرة مرة أخرى, تواصلنا كثيرا فى تلك الفترة, عن طريق النت والتليفون, وتقاربنا جدا, بشكل طبيعى جدا أنا لم أعتده من قبل, فأنا وجدت نفسى أثق به وأرتاح له، الشىء الذى لم يحدث مع شخص غيره من قبل, حتى مع هؤلاء الذين كانوا يتقدمون لخطبتى.

حدث أكثر من موقف فى هذه الفترة جعلنى أطمئن له, وأشعر بأنى سأكون فى أمان معه, كان هو الشخص الأول والوحيد فى حياتى الذى جعلنى أهتم به, وبعد عام من تعارفنا طلب منى مقابلة أهلى ليطلب يدى رسميا, فرحت جدا بهذا الخبر, لكن أهلى لم يتركونى أكمل فرحتى, فقد رفضوه لسببين, الأول أنه من القاهرة، وهم لا يريدونى أن أبتعد عنهم, والثانى لأنه أصغر منى بـ 4 سنوات, وهو الأمر الذى لم أعرفه إلا عندما تقدم لى.

هو لم يستسلم ولم يقبل بالهزيمة من أول جولة, وظل يحاول معى ومع أهلى كثيرا, حتى اقتنع والدى أخيرا بأنه فعلا شخص جدير بالاحترام والتقدير, وأنه جاد ومخلص, وأنه عقله أكبر من سنه، وبالتالى لا خوف من كونه أصغر منى, زالت أولى العقبات بموافقة أبى, ولكن أمى لم تقبل أبدا, ورفضت بعدى عنها رفضا تاما, وبقى الوضع على ما هو عليه على أمل أن تغير أمى رأيها فى يوم ما, حتى حدث ومرضت أمى واكتشفنا أنها تعانى من جلطة, وأنه لا يجب عليها أن تغضب أو تنفعل لأى سبب من الأسباب, فما كان منها إلا أنها طلبت منى أن أنسى هذا الموضوع، وأن أقطع صلتى بهذا الشخص حتى ترتاح وتتعافى...
أطعتها وأنا كلى ألم وحزن, فنحن متفاهمان جدا, أشعر وكأنه بيننا (كيميا) كما يقولون, كما أشعر أنى لن أجد هذا الإحساس مجددا مع أى شخص, لكن وبالرغم من ذلك طلبت منه أن نبتعد, وقلت له أن يبدو أنه مفيش نصيب.

هو كشخص مستعد وجاهز للزواج فى أى وقت, لدية شقته بالقاهرة, ولديه الإمكانيات لتجهيزها, لهذا فهو قادر على الارتباط بغيرى فى أى وقت, لكنه لم يفعل, تمسك بى بشكل أنا
نفسى لم أكن أتوقعه, طلب نقله من فرع الشركة بالقاهرة إلى فرعها بمحافظتنا, ولم يخبرنى بذلك إلا بعد أن نفذ بالفعل, وقبل أن يعيش بمفرده هنا تاركا أهله هناك عله يقرب المسافات بيننا, بل والأكثر من ذلك أنه يخطط لبيع شقته بالقاهرة ليستبدلها بأخرى هنا, حتى تطمئن أمى وتوافق على ارتباطنا... فعل الكثير حقا, وأثبت بكل الطرق أنه يريدنى بصدق.

قال لى إنه متمسك بى, وأنه سيحاول مرارا وتكرارا مع أهلى حتى ننول رضاهم, لكنه أخبرنى أن أهله معترضين على خطوة نقله تلك, وأنهم سيعترضون أكثر بكل تأكيد عندما يعرفون بنيته فى بيع شقته بالقاهرة, لكنه قال لى إنه كفيل بحل كل تلك الخلافات, وأنه سيسوى الأمور, لكن الأمر سيأخذ وقتا بكل تأكيد, لهذا فهو لن يطلب منى سوى وعد بأنى له, وأنى سأنتظره حتى يستطيع من إنهاء كل تلك العقبات.

أرسل إليكى الآن لأن هناك الكثيرون ممن يقولون لى أن ما أنتظره سراب, وأنى فى الثلاثين من عمرى دون زواج, وأن كل عريس أرفضه هو فرصه لن تتكرر بعد الثلاثين... كلهم يؤكدون لى أن الأمر أكبر من أن يحل, لا أمى ستوافق, ولا أهله سيوافقون على خطته, ولن أجنى من كل هذا سوى المزيد من السنوات الضائعة.

وأمى تريدنى أن أتزوج لكى (تفرح) حتى وإن كنت أنا نفسى غير فرحه بهذا الزواج الذى سيكون تقليديا وعاديا وغير مرضى بالنسبة لى, فأنا لم أكن أحلم يوما بمجرد الزواج, لقد كنت أنتظر الشخص الذى يجعلنى أشعر بأنى أريد الزواج منه هو بالذات.

ماذا أفعل؟... هل أخبره بأن الأمر انتهى عند هذا الحد, وأقبل بأول عريس يطلبنى للزواج؟, أم أتمسك به وأنتظره وليكن ما يكون؟... هل أريح والدتى حتى لو ظلمت نفسى ومن أحب؟, أم استمر واخسرها هى؟؟؟..

وإليك (هاء) أقول:

عجبا لنا نحن البشر... نعتاد فعل الأشياء حتى ننسى لماذا كنا نفعلها؟, وماذا كنا نريد منها من الأساس؟.

هكذا أصبحنا نتزوج.. نتزوج لأننا اعتدنا أن نتزوج, ولأنه من المفروض أن نتزوج, ولأن كل الناس تتزوج...
متناسين تماما أن الزواج لم يشرع إلا للود والرحمة, وللألفة والسكن...لا لأنه (سؤال إجبارى) يجب على كل منا أن يجيب عنه حتى ولو كنا لا نفقه عنه شيئا.

يا حبيبتى إن ما تتحدثين عنه من تفاهم وتناغم و(كيميا) عملة نادرة, بل فى غاية الندرة فى زمننا هذا, أتعرفين... لو كنتى أصغر من ذلك بعشر سنوات لكنت شككت فى مشاعرك, لأن كثيرون هم من يتوهمون الحب والتفاهم فى تلك السن الصغيرة, ولو كنتى عرفتيه بمفردك دون أن يدخل والدك فى الصورة لكنت ظننت أنك متحيزة لمن تحبين, ولو كان الرجل طلب يدك ثم انصرف عنك بعد رفض أهلك له بسهولة لكنت اعتقدت أنك أنت من تتصورين أنه يحبك ويتمسك بك, لكنه وفى الحقيقة أن شيئا من هذا لم يحدث, فأنت ناضجة بما فيه الكفاية لتفرقى بين التفاهم الحقيقى وبين الإعجاب العابر الزائف, كما أن والدك شاركك الرأى ووافق على الشخص، مما يدل على أنه شخص جدير بالاحترام فعلا, أضيفى إلى كل هذا تمسكه الشديد بك, والذى برهن عليه بدلا من المرة مرات...إذا فيم تفكرين بعد كل هذا؟؟؟.

آلاف بل ملايين الفتيات قبلك تزوجن وهن فى العشرينات, وفرحن أمهاتهن بالعريس (اللقطة) كما تحب الأمهات, لكن من منهن تشعر بأنها حقا تسكن إلى نصفها الثانى؟, من منهن ستختار نفس الشخص مرة أخرى لو عاد بها الزمان إلى الوراء؟...
أبدا لن أقول لك اغضبى والدتك, أو اخسريها, أو ضحى بعلاقتك بها, فبر الوالدين أولوية الأولويات فى الحياة, لكنى أيضا لن أقول لك ضحى بمثل هذا الشخص, ماذا تفعلين إذا؟..اصبرى , انتظرى لبعض الوقت عل محاولات هذا الإنسان تفلح, وحاولى أنت الأخرى معه, تمسكى به , وتقوى بحبه لك, واستعينى برضا والدك عنكما, واستمرى على موقفك, حتى وإن تطلب الأمر وقتا أكثر... أى شىء ستربحين فى مقابل خسارة شخص كهذا؟.

أى أم تتمنى سعادة وهناء ابنتها, صحيح كلنا نعتقد أننا نعرف مصلحة أولادنا أكثر منهم هم أنفسهم, لكننا فى مقابل إصرارهم على اختياراتهم لا بد لنا وأن نتراجع, ونرضى, ونتمنى لهم كل الخير فى هذه الاختيارات حتى وإن اختلفت مع ما كنا نريده ونخطط له.

والدتك تحتاج إلى معرفة أنك ابنتها التى تحبها وتتمنى رضاها دائما وأبدا, ولكنها أيضا تحتاج إلى معرفة أن موقفك ثابت وواضح وقوى, وأنك لن تتخلى عن الشخص الذى جعلك تشعرين معه بمشاعر لم تنتابك قط تجاه أى شخص أخر.

اصبرى. .اصبرى. ..اصبرى. ..فكما قالوا لا يضيع حق ورائه مطالب.

للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com




أكثر...