اكتسب الإنسان المصرى خصائصه من الفأس والنهر، فمن الفأس تعلم الصبر والجلد، ومن النهر تعلم الصفاء والنقاء، وفيهما معاً وجد حكمته الضائعة، ومنهما معاً عرف قيمة الحياة ومعنى العمل، فعلم الإنسان المصرى العالم معنى الانتماء، والسؤال هنا هل تغيرت خصائص الإنسان المصرى؟ وهل كان لثورات الربيع العربى دورا فى طمس ملامح الشخصية المصرية؟

يقول الدكتور صلاح هاشم خبير التنمية البشرية لـ "اليوم السابع": "لا شك أن لثورة يناير دورا كبيرا فى إعادة تشكيل العقل المصرى، فحولته من إنسان صانع للحياة عاشق لها، إلى شخص يخرج فى مظاهرات فقط ليموت، ومن شخصية بانية للحضارات إلى معول مدمر لكل بناء".

يضيف: "كان للحرق الذى طال كثيرًا من مؤسسات الدولة، خاصة أثناء اندلاع ثورة يناير وأثناء حكم المجلس العسكرى دلالات نفسية شديدة.. تتجاوز النظريات النفسية القديمة، وتحتاج إلى نظريات حديثة تفسر التغيرات التى طرأت على الشخصية المصرية، وتعزل هذه العوامل مجتمعة عن نظرية المؤامرة، وكيف تمكنت من تحريك العقل المصرى نحو هدم حضارته والانسياق حيث اللاتاريخ واللاحضارة؟!".

فتشير الإحصاءات والتقارير إلى ارتفاع معدلات الجريمة فى مصر منذ قيام الثورة، وبنسبة 200% عما قبلها، مما يجعلنا نتساءل ثانية هل الديمقراطية وجبة دسمة لا تقوى أمعاء المصريين على هضمها؟ وكم عام تحتاجها مصر لتعديل سلوكيات أبنائها واستعادة طبائعهم المسالمة؟ وهل يمكن أن يعود الشعب إلى سلوكه المنضبط دون قوة رادعة قادرة على تحقيق الضبط المجتمعى وإعادة تنظيم الحياة الإنسانية؟ وهل يسمح المتآمرون بعودة هيبة الدولة واستعادة قوتها للقضاء على الفوضى، التى وجدوا أنفسهم من خلالها وحققوا من خلالها بطولاتهم الورقية.

ينهى "هاشم" حديثه قائلا "بأى تفسير نعلل قرأتنا للإحصاءات التى تشير أن 40% من المحيطين بالسيدات اللاتى يتعرضن للتحرش لا يتدخلون، بينما يتظاهر 11% منهم بأنهم لم يلحظوا شيئا، فماذا صنعت الثورة بنخوة الرجال وأين ذهبت مروءتهم؟ وكيف لنا أن نتهكن بنجاح الثورة و73% من المصريين لا يشعرون بالأمان، منهم 78% من الشباب؟ وكيف لنا أن نتكهن بنجاح ثورة و82.6% من السيدات يفتقدن الإحساس بالأمن؟ وكيف لنا أن نؤمن بثورة تسببت فى تكدس أرصدة الدموع فى أحداق الأبرياء.



أكثر...