لنقارن بين الحكومتين !




سامر الجوهر


بصبر وثبات على الموقف الصلب استطاع المصريون ان يزيلوا طاغوت مصر الذي جثم على صدور الشرفاء هناك لعشرات السنين من خلال تظاهرات سلمية تفوح منها ريح الاخوة والشجاعة والاصرار على التغيير , كانت انطلاقتها من التكنلوجية الحديثة التي بحقيقة هي الطريق والسلاح الذي يقصم ظهور الطغاة في كل العالم وهو ( النت ) السلاح الذي استطاع ان يصرع عمالقة الظلم ويجعلهم كالفئران في جحورها .
بأيام قلائل من الصبر والتضحية والثبات نجح المصريون بزوال عقود من التجبر والظلم الذي اهلكهم وادمى قلوبهم فهم رجال ونعم الرجال في طريقة حضارية متطورة اجبروا اللا "مبارك" ان يرحل ويفر بعد ان ضاقت عليه ارض كنانة .
فلنتعلم منهم كيف التلاحم والاصرار والطموح لتغير واقع فاسد منحط ... فنفس الطريقة الان باشر العراقيون ونراهم يناشدون اخوتهم واهلهم لينتفضوا على ظلم الطغاة في عراق الحضارات من خلال الانترنت عموما والفيس بوك بالخصوص .

فأذا قارنا بين حكومة مصر التي سقطت تحت اقدام الثوار وحكومة العراق المنهارة الان نرى الفروق الشاسعة بين الاثنين لان مصر لم تتعرض للإسقاط نظام قبل سنوات قلائل ليسهل ذلك على المنتفضين لينهالوا ضربا على حكومة حديثة الولادة بعد سقوط نظام سابق عليها فكلنا يعلم ما لسيطرة مبارك وحكومته واستقرارها واستقلالها على العكس من العراق الذي يحمل في احشاءه حكومة منهارة حديثة الولادة معوقة يترأسها عملاء لا يهمهم سوى مصالحهم والدول التي يعملون لها .

نرى في حكومة مصر الاستخبارات والمؤسسات الامنية الفاعلة القوية التي تستطيع ان تنهي اي غضب يتولد على ارض مصر وبكل الوسائل على العكس من حكومة العراق الذي يمتاز بمؤسسات مشلولة تحمل اسما فقط لا غير والتفجيرات والاغتيالات والاختراقات خير شاهد على ما اقول .
حكومة مصر لم يصل بها الحال في ظلم شعبها الى القتل الجماعي وتجويعهم لحد تأتي البطاقة التموينية خالية حتى من الصابون ! ولم يكن هناك انعدام للكهرباء ليصبح خير وسيلة للإبادة جماعية لكل فئات الشعب من شيوخ واطفال ورجال ونساء ... كما موجود في العراق من كوارث تنتج عن الانعدام التام للطاقة الكهربائية في الصيف اللاهب والشتاءالقارس.
مصر لم يكن فيها وجود نهرين كدجلة والفرات وهناك هلاك حقيقي للثروات الحيوانية والزراعية فيها كما في العراق الذي صار صحراء قاحلة على ضفاف النهرين ... حتى جاعت الاف العوائل التي كان مصدرها الزرع والصيد .

مصر لم يكن شعبها فريسة ميليشيات مجندة من قبل رموز السلطة جعلت من الطب العدلي في كل المحافظات يضج بالجثث والاجساد المغدورة والرؤوس التي ذُبحت بسكاكين الاجندة التي تناطحت على الكراسي ليصبح الشعب المحروم هو الخاسر الوحيد .

مصر لم يهجرها مثقفيها واصحاب العقول النيرة فيها نتيجة تهميشهم واغتيالهم واختطافهم بغية تفريغ ساحتها من العلم والتطور وعلى كافة المستويات ... كما حدث في العراق من اقصاء وقتل لكل الكوادر العلمية التي كان عليها ان تتصدى لمسك زمام السلطة لتنهض بالعراق وتقفز به في حضارة التطور والحداثة بدل من ان يمسك زمام الامور الهمج الرعاع الذي لا يستطيعون ان يكتبوا اسمائهم بصورة صحيحة كالضباط الدمج وغيرهم من الذين قضوا اغلب عمرهم في القتل والتصفية والوحشية الهمجية الفتاكة ...

حكومة مصر لم تجلس على ارض ممتلئة بالنفط والزئبق واليورانيوم والحديد و... وشعبها يفتقر للقمة العيش البسيطة ليسد بها جوعه القاتل , ولم يكن شبابها يأن من البطالة المميتة للكرامات كما الان في العراق في ظل حكومة يتزعمها من يحن على شركات اسياده ليطرد الشباب العراقي من المؤسسات ويوظف مكانه ابناء الشركات المسماة بالاستثمارية التي تحتضن الغرباء الذين يعملون من اجل مصالح بلدانهم على حساب العراقيين ومن ثرواتهم وبرواتب شبابنا .

حكومة مصر لم تجعل من ارضها ساحة لتصفية حسابات بين دول كبرى وضخمة لها ثقلها العسكري والميليشياتي والاعلامي والاستخباراتي كما يحدث الان في العراق الذي جعلوه مرتعا ومأوى للتقاتل والتصارع الدولي وعلى كل الاصعدة سواء العسكري ام العقائدي ام السياسي ام الاعلامي ...

سجون حكومة مصر لحد الان لم يُسجل فيها انتهاكات كالتي حدثت في العراق والتي انتهك بها المجرمون كرامات واعراض العراقيين والعراقيات كالاغتصاب والتعذيب البشع وتثقيب الرؤوس وسلخ الجلود و ... وامام انظار الجميع وفي رابعة النهار وتحت استخفاف كبير من لدن زعماء وقادة واعضاء الكتل السياسية بتلك الدماء والاعراض والكرامات !
حكومة مصر لم يصل بها الحال لتنسف كل ثوابت شعبها وتقتل وتغتصب في المساجد والحسينيات وتهدم وتفجر بيوت الله على المصلين بدعاوى واهية اغلبها بلا مبرر اصلا !

حكومة مصر لم تكن مهزوزة قبل الانتفاضة والثورة ومهدودة الاركان كما الان في العراق الذي تترأسه حكومة هي غير مقتنعة بنفسها قادرة لإدارة ناحية فضلا عن بلد كامل كالعراق ! محتوية على شخصيات كضباط جيش وشرطة ومدراء وقضاة وحقوقيين وغيرهم كلهم غاضبون على الحكومة البالية حاملين هموم شعبهم بين اضلعهم ينتظرون اول شرارة لينقضوا على منبع الفساد من زعماء ورؤساء وبرلمانيين ...

حكومة مصر لم تكن مفككة متصارعة فيما بينها كحكومة العراق التي اصبحت ضعيفة جدا تنهار في اول صولة من قبل احرار البلد وابناءه المثقفين الشرفاء الذي قرروا ان يزيلوا براثن العمالة والخسة من ارض تحمل على سطحها رجال قلوبهم اصلب واقوى من الحجارة والحديد على الطغاة , وهي حاضنة لأجساد طاهرة رفضت الظلم والضيم وعلى مر العصور من الجسد الطاهر لأدم مرورا بنوح وهود صالح الى اهل البيت والاصحاب الاجلاء عليهم الصلاة والسلام .

ولا اريد ان اسرد اكثر مما ذكرت لان القارئ يعلم ويعرف اكثر واكثر من ذلك , فأذا الحكومة المصرية لم تفعل بشعبها ما فعلته بنا الحكومة العراقية وقرر شعبها الحر ان ينتفض ويسقط تلك الزمرة العفنة ... فماذا يتحتم علينا نحن ان نفعل بهؤلاء الخونة المرتزقة الجبناء ؟!

بالاولى نحن من يصول على المالكي وشركاءه جراء ما فعلوه بنا وبأطفالنا واعراضنا من ظلم وتعدٍ وانتهاك ... وان شاء الله سيكون ذلك في الايام اقلائل المقبلة التي ستشهد تغيير شامل واجتثاث حقيقي لكل بؤر الفساد والافساد وبالخصوص يوم 25 شباط الذي سيكون بداية لشروق شمس جديد على العراقيين بعد عتمة التجبر والتسلط الحيواني البربري الوحشي ...

فيا اخوتي واحبتي لنضع اليد باليد وننهض سوية لقلع اشجار الخبث والنفاق فوالله هم اضعف من الضعف نفسه ولا تغرنكم التصريحات الرنانة الفارغة التي يطلقها قادة الحكومة واعضاء البرلمان فهي ناتجة من انهيار واحساس بالوهن وفقدان التوازن عندهم نتيجة ما شاهدوه في النت والواقع الذي هشم رؤوسهم وسحق انوفهم ... فهيا معا لتحشيد كل طاقاتنا من اجل عراقنا الحبيب وثرواته وحضاراته ... من اجل كراماته وصون مقدساته والحفاظ على مبادئه ... من اجل ابتسامة اطفالنا وشرف فتياتنا واخواتنا وامهاتنا ... من اجل مستقبل شبابنا وطلابنا واولادنا واحفادنا ... لننقش لهم منهجا يسيرون به عند الشدائد والنوائب ... لنكتب لهم تاريخا عريقا حافلا بالبطولات والوقفات الرجولية الجهادية ...

فهاهم الحكام الان بان لكم ضعفهم وهشاشة سطوتهم فمجرد ان تلقوا ضربات خفيفة من لدن احرار العراق ارتعدت فرائصهم وارتجفت قلوبهم وبادروا بقرارات كاشفة عن هزالة وضعهم واعلنوا عن منح اموال على اساس البطاقة التموينية اضافة الى الاعلان عن وظائف شاغرة وكل ذلك من اجل امتصاص الغضب الجماهيري معتقدين ان تلك العطاءات قد تجلب لهم نفعا وتخمد النار التي اتقدت ولا تنطفئ الا بزوالهم وكأنهم لا يعلمون ان المطلب الوحيد للجماهير الغاضبة هو ازالتهم عن كراسي الحكم والقرار وسنبقى ننادي ونكرر النداء ونثبت على ذلك الى ان تُنكس راياتهم وتقمع كل ظلاماتهم ولا مطلب لنا سواه وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .