إغتيال عرفات / اسعد العزوني تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

كان مقتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ضرورة ملحة ل”تعديل” المسار في المنطقة ،وتغييبه عن صنع القرار فيها ،لأنه كان مصدر إزعاج لصناع القرار في الإقليم وفي الغرب بصورة عامة. ولهذا قرر “المجلس الحاكم” الخفي التخلص منه، ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي النائم في غيبوبته ،بقوله أنه لا بد من قتل العجوزين، وهما بطبيعة الحال شارون وعرفات،لكن الإسرائيليين كانوا رحيمين برئيس وزرائهم ،وإتبعوا التوراة التي تحرم قتل النفس اليهودية،لكن الزعيم الراحل عرفات لم يجد من يرحمه وجيء له بسم البولونيوم. ليس شرطا أن يأتي شارون أو رئيس الموساد آنذاك، ويضعا السم لعرفات بنفسيهما ،فهناك وكلاء وما أكثرهم فرختهم أوسلو وكان عرفات يستمريء إهانتهم ،وهم متبرعون مستفيدون من تغييبه ظنا منهم أن إسرائيل ستتوجهم ملوكا على الضفة وغزة. حصل ما حصل ،وكان لابد من تنفيذ القرار المتخذ من حكومةالعالم الخفية،لكن الأسئلةالصعبة ما تزال تضرب الزوايا الحادة في العقل وتطلب إجابة ،لأن الإجابات المطلوبة تعد أهم من فحوصات وتقارير الروس والسويسريين على حد سواء ،ومن هذه الأسئلة:لماذا وفي هذه المرة بالذات لم يتم إبلاغ الطبيب الأردني الخاص لياسر عرفات د.أشرف الكردي بمرضه منذ البدايات؟ولماذا طلب من فريق طبي تونسي وآخر مصري بالقدوم إلى رام الله لمتابعة الحالة؟ولماذا ماطلت إسرائيل بالسماح بنقله إلى باريس؟ولماذا لم تعلن السلطات الفرنسية عن السبب الحقيقي لموت عرفات؟وما سر الصراع الذي نشب فجأة بين أرملته سهى عرفات وقيادةالسلطة الفلسطينية؟ولماذا دفن جثمانه تحت جنح الظلام ،وهو زعيم شعبه وشاغل الدنيا ؟ وهل صحيح ما أشيع أن جثمانه دفن في الإسمنت المانع لتسرب الأشعةالسمية؟وما سر التقرير الذي طلبته السلطة من موسكو حول أسباب الوفاة على ألا يرد فيه ما يغضب إسرائيل؟ هكذا سارت الأمور بالنسبة لعرفات مما يؤكد اليقين الجنائي في قتله ،ظنا من المخططين والمنفذين والساكتين عن الحق ،والذين سهلوا تنفيذ العملية أن الذاكرة ستنسى هذه الجريمة ،ربما إنطلاقا من المثل العربي الدارج “الحي أبقى من الميت”. لكن ما حدث هو أنه تمت قراءة هذا المثل بالشقلوب وتبين أن الميت أبقى من الحي،وبقيت الذكرى ناقوسا يدق صبح مساء رغم الحراسةالمكثفةعلى القبر والمحاولات اللامحدودة لشطبه من الذاكرة. وبغض النظر عن نوايا أرملته ،فإن ما قامت به بالتعامل مع قناة الجزيرة لفتح الملف مجددا ،أولنقل إقاء هذا الملف مشرعا للجميع كي يقض مضاجع نومهم،فإنه جرى تحريك الراكد وكأن الجريمة نفذت للتو،فمقتل زعيم يختلف بطبيعة الحال عن تنفيذ حكم الإعدام بعميل،وهكذا برزت القضية مجددا وطالب الجميع بكشف الحقائق وإظهار القتلة وتنفيذ حكم الإعدام فيهم. كان موقف السلطة الفلسطينية من تقرير الجزيرة غير مريح ،ولم يلب طموحات الشعب الفلسطيني المكلوم بفقدان زعيمه،ورأينا حربا شعواء بين السلطة وقناة الجزيرة ،ولم يكن لها سوى سبب واحد،وهو أن الجزيرة قربتنا من غرفة نوم القاتل،وهذا ما لا يرده القاتل أو القتلة الذين يراقبون كل حركة تصدر من هذا الملف. قبل أيام وفي خضم أجواء الذكرى التاسعة لفقدانه ،فتح الملف مجددا بتقرير سويسري يجزم إلى حد بعيد أن الوفاة جاءت بسم البولونيوم الذي لا ينتج إلا في المفاعلات النووية ،وليس مفاعل ديمونا عن عرفات ببعيد.      

إغتيال عرفات / اسعد العزوني تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...