من 30 عاما كانت "فايزة" و"سوسن" و"عفاف" يقضين فترة الخدمة العامة فى تجاذب أطراف الحديث وقراءة مجلات "صباح الخير" و"روزاليوسف" و"المصور" فى إحدى غرف الجمعيات الخيرية، وإلى اليوم لا تزال "زيزى" و"هدير" و"رحاب" يضيعن الوقت بسماع الأغانى عبر سماعات "الهاند فرى" أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعى عن طريق "الموبايل" فى حجرات المدارس ومراكز الشباب اللاتى يقضين فيها سنة الخدمة العامة، بينما لم يحرك الزمن ساكنا فى القانون رقم 76 لسنة 1973 المعروف باسم قانون الخدمة العامة، بما فى ذلك الـ 4 جنيه "الراتب الشهرى"!!.

"ده ذل والله".. هكذا علقت "زينب محمد" خريجة كلية خدمة اجتماعية، دفعة 2013، التى بدأت من ثلاثة أسابيع فى أداء خدمتها العامة بأحد مراكز الشباب، وتروى قصتها منذ صدور قرار من دكتور أحمد البرعى وزير التضامن الاجتماعى بتكليف خريجى الكليات والمعاهد العليا دفعة 2013 بأداء سنة الخدمة العامة من الفتيات والشباب الذين حصلوا على إعفاء من أداء الخدمة العسكرية: "بعد ما سمعت بالقرار وعرفت إنه إجبارى ولازم أخد شهادة أنى قضيت الخدمة العامة، لم أقدم فى أى وظيفة روحت إدارة الشئون الاجتماعية اللى أنا تابعة ليها فى المرج وعرفت المكان اللى هقضى فيها سنة التكليف وطلع مركز شباب عزبة النخل وطبعا عرفت هناك موضوع الـ 4 جنيه مرتب بس مكنتش ناوية أروح وامرمط نفسى عشان آخد 4 جنيه بس موظفة الشئون قالتلى لازم آجى أخدهم كل شهر لأنهم عهدة ومسئولية عليهم!".

"زينب" تذهب مرة كل أسبوع لمركز الشباب وتقضى هناك ساعة واحدة ليتسنى لها أن تقيد حضورها وانصرافها وهذا هو كل ما تفعله، ويلزمها لتثبت أنها قضت الخدمة العامة، "بروح مبعملش أى حاجة خالص، بقعد فى غرفة الموظفين وأسمع حكاوى الستات لمدة ساعة وأروح، وآخر مرة رحت صاحب المركز قالى أروح أحضر ندوات تبع المركز عشان أسلى نفسى".

أما "هدير أحمد" خريجة كلية الآداب قسم إعلام بجامعة عين شمس، اتبعت نفس الخطوات من الذهاب لمكتب الشئون الاجتماعية ومعرفة مكان التكليف إلا أنها تنظر للأمر بطريقة مختلفة: "مش مضايقة من الـ 4 جنيه مع أنهم مش متناسبين طبعا مع الوقت اللى إحنا فيه لكن كفاية بالنسبة لى التجربة والخبرة اللى ممكن استفاد منها بعد كده لما أقدم على وظيفة".

"هدير" تم تكليفها منذ أسبوعين كأخصائية إعلام فى مدرسة أبطال بورسعيد الابتدائية الحاصلة على الجودة على مستوى مدارس الزاوية الحمراء، تتحدث عما تفعله فى الغرفة التى خصصتها لها المدرسة: "بروح 3 أيام فى الأسبوع وليا أوضة خاصة بيا هناك ومكتب وأنا المسئولة عن نشاط الصحافة فى المدرسة، بتابع الطلبة الموهوبين اللى بيكتبوا قصص أو شعر وبعرفهم أساسيات الصحافة اللى درستها فى الكلية بطرق مبسطة تناسب سنهم".

بينما علق الدكتور يسرى العزباوى، الخبير السياسى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، على نصوص القانون الصامدة فى وجه الزمن بقوله: لدينا كثير من القوانين المليئة بالعوار، والتى لا جدوى من ورائها وتعيق طموح الشباب ولابد من إعادة النظر فيها".

مضيفا: "فإن كان لابد من هذا القانون فعلى الأقل يتم تعديل نصوصه وأماكن التكليفات ليتحول من مجرد إجراءات شكلية وبيروقراطية لخدمة حقيقية يقدمها الشباب فى المستشفيات ومراكز رعاية الشباب وغيرها من الأماكن، وأن يكون محفزا للشباب حتى لو برواتب رمزية ولكن ليس بـ 4 جنيهات عفا عليهم الزمن".



أكثر...