على من نذرف الدموع / إسماعيل الجنابي تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

اعتاد العراقيون بشكل خاص وبعض الدول العربية والإسلامية بشكل عام ان يحيوا ذكرى استشهاد سبط رسولنا الكريم ( محمد ) عليهما افضل الصلاة والسلام في عاشوراء ، حيث واقعة الطف التي انتصر فيها الدم الحر على السيف الظالم ، ومنذ ذلك التاريخ الذي خرج فيه أبا عبدالله طالبا العدل في امة جده قائلاً ( أني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وأبي علي بن ابي طالب ) هنا نرى ان الإمام الحسين يؤكد على أن هذه المفاهيم حق أنزله الله على رسوله وهو يشهد أنها حق، وقد آمن بها الأولون من الصحابة ولا شك ان شهادة الإمام الحسين في هذا الميدان لها ثقلها في ميزان الأعمال وعند المؤمنين، لأنها شهادة من إمام عصره وسليل بيت النبوة ووارث علم النبي (صلى الله عليه وآله واصحابه) هذه اعظم مدرسة يمكن ان ننهل منها نحن العراقيين في ظل الأوضاع المأساوية التي نمر بها . اذا كانت عاشوراء تأتي في العام مرة واحدة ، فأيامنا كلها عاشوراء ، واذا كنا نبكي على الحسين في ذكرى استشهاده ، فانه يبكينا على مدار السنة ، لأنه يعلم كما نحن نعلم ان روحه الطاهرة صعدت الى بارئها مخلدة في جنانه ، اما ارواحنا فأنها تزهق بطريقة لا يمكن ان يتخيلها حتى الذين قتلوا الحسين واستباحوا دمه الطاهر . الحسين ( عليه السلام ) لا يحتاج من العراقيين هذا البكاء حتى نخلد ذكراه بدموعنا التي نذرفها ، ولا من دمائنا التي ننزفها ،بل الاقتداء به في رفض الظلم .. ومقاومة الانحراف ونصرة الحق لان أيامنا ومقاتلنا التي نعيشها اشد وطأة من مقاتل الحسين واهل بيته الذين قتلوا بحد السيف ، واذا بقي من الحسين جثمانه الطاهر فان ضحايا العراقيين ببقايا جثامين نتيجة الة الحرب القذرة والبشعة التي تفرم عظامه ولحمه اذا ما قلنا كثيرا ما حولته الى رماد . لا نريد القول ان سيدنا الحسين لو كان يعلم ان امة جده سيصبح حالها كما هو الحال في العراق الجريح لما خرج ،وان ثورته التي حاربت الظلم والجور قد تحولت من بعده الى فساد وظلم وخنوع. الإمام الحسين الذي خرجَ ثائراً بوجه الظلم والطغيان،عُرفَ بانه مدرسةُ الحياةِ الكريمةِ.. ورمزُ المسلم القرآنيْ وقدوةُ الأخلاقِ الإنسانيةِ وقيَمُها ومقياسُ الحقِ والتضحية والشجاعة . كان أبا عبد الله نزيها وعفيفاً حين اصطف بجانب الفقراء ولم يقبل أن يقايض دينه بدنيا مزيّنة بالجواهر والعقيق، ومتبرجه بالترف والبذخ ، واذا كانت وجاهة الأرض تشترى بالمال كما يعتقد الساسة في العراق ، فأن وجاهة سيد الشهداء جاءته من رب الأرض والسماء، فأصبح رمزاً واماماً لكل المسلمين في الصدق والمروءة والإخلاص . ان الحسين ثورة يامن تتحكمون ظلماً بالبلاد والعباد ، فثوروا على أنفسكم أولا ،وطهّروا قلوبكم واغسلوا ضمائركم بمبادئ الحسين ، آنذاك تجدونه واقفا عند باب الجنة يستقبلكم مع جده وابيه شافعا لكم عند الله تعالى يوم الحشر العظيم . كاتب وصحافـــي

على من نذرف الدموع / إسماعيل الجنابي تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...