تحتفل منظمة الصحة العالمية يوم 20 نوفمبر باليوم العالمى لمرضى الانسداد الرئوى المزمن 2013 تحت شعار "لم يفت الأوان"، ويهدف الغرض من الاحتفال إلى نشر الوعى الصحى والتعريف بهذا المرض وخفض معدلات الإصابة به، حيث يوجد حاليا ما يناهز 64 مليون نسمة يعانون مرض الانسداد الرئوى المزمن، فهناك عدة عوامل تزيد من فرصة الإصابة بالمرض، منها: التدخين، وتلوث الهواء داخل المبانى وخارجها، والتعرض للغبار والمواد الكيميائية فى أماكن العمل.. وتتوقّع منظمة الصحة العالمية أن يصبح هذا المرض ثالث أسباب الوفاة الرئيسية فى شتى أنحاء العالم بحلول عام 2030.

ومرض الرئة الانسدادى المزمن هو مرض رئوى يتسم بانسداد مزمن يحول دون تدفق الهواء من الرئتين، علما بأن هناك نقصا فى تشخيص هذا المرض الرئوى الذى يعرقل عملية التنفس العادية ويتهدد حياة المصابين به إذ لا يمكن الشفاء منه بشكل تام.

ولم يعد هناك استخدام لمصطلحى "التهاب القصبات المزمن، والانتفاخ الرئوى"، حيث أدرجا الآن فى عملية تشخيص هذا المرض، وأكثر أعراض هذا المرض شيوعا ضيق التنفس أو الحاجة إلى استنشاق الهواء، وإفراز البلغم بشكل غير عادى (وجود مزيج من اللعاب والمخاط فى المسلك الهوائى)، والسعال المزمن.. وقد تصبح الأنشطة اليومية مثل صعود عدد قليل من الدرجات أو حمل حقيبة أمرا بالغ الصعوبة كلما اشتد المرض.. ويتم تأكيد تشخيص مرض الرئة الانسدادى المزمن من خلال اختبار بسيط يدعى "قياس التنفس"، وهو اختبار يقيس عمق التنفس لدى الشخص وسرعة دخول الهواء إلى رئتيه وخروجه منهما، وغالبا ما يشخص المرض لدى أولئك الذين يبلغون من العمر 40 عاما أو يزيد نظرا لبطء تطوره.

يذكر أن مرض الرئة الانسدادى المزمن من الأمراض التى لا يمكن الشفاء منها، غير أن أشكال العلاج المختلفة كفيلة بالسيطرة على الأعراض وتحسين نوعية حياة المصابين به.. فيمكن أن تسهم الأدوية التى تساعد على توسيع المسالك الهوائية الرئيسية، مثلا فى الحد من ضيق التنفس، وكان مرض الرئة الانسدادى المزمن فى وقت من الأوقات أكثر انتشارا لدى الرجال، غير أنه أصبح يصيب الرجال والنساء سواء بسواء تقريبا وذلك بسبب زيادة استخدام التبغ من قبل النساء فى البلدان ذات الدخل المرتفع، وزيادة مخاطر التعرض لتلوث الهواء داخل المبانى الناجم عن استخدام الوقود الصلب لأغراض الطهى والتدفئة على سبيل المثال فى البلدان المنخفضة الدخل، التعرض لتلوث الهواء الخارجى، التعرض للغبار والمواد الكيميائية فى مكان العمل (التعرض للأبخرة والمواد المهيجة والأدخنة)، التعرض باستمرار أثناء مرحلة الطفولة لأنواع العدوى التى تصيب الجهاز التنفسى السفلى.

ومن المتوقّع أن يزيد العدد الإجمالى للوفيات الناجمة عن هذا المرض بنسبة تفوق 30% فى السنوات العشر القادمة إذا لم تتخذ إجراءات فورية للحد من عوامل الاختطار ذات الصلة ولا سيما تعاطى التبغ، وتحدث قرابة 90% من الوفيات الناجمة عن هذا المرض فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، علما بأن تلك البلدان لا تضمن تنفيذ الاستراتيجيات الفعالة للوقاية من الأمراض ومكافحتها أو لا تضمن إتاحتها للناس بشكل مستدام.

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بهذا المرض يناهز حاليا 64 مليون نسمة، وأظهرت نتائج دراسة حديثة أجرتها شركة (جلاكسو سميث كلاين) للأدوية، إصابة أكثر من 13 مليون شخص فى الشرق الأوسط وأفريقيا بمرض الانسداد الرئوى المزمن الناجم عن تدخين السجائر.. وأشارت الدراسة الإقليمية الأولى من نوعها التى شملت أكثر من 60 ألف شخص فى 11 دولة بالمنطقة إلى أن معدل تفشى المرض يبلغ 6ر3% فى الفئة العمرية من عمر 40 عاما فأكثر، أى ما يعادل تقريبا معدل انتشار مرض الربو أو الفشل المزمن فى عضلة القلب، وأعلى عشر مرات من نسبة انتشار مرض الصرع فى نفس الفئة العمرية.

وأوضح الدكتور جورج خياط رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية بالعاصمة بيروت أن معدل تفشى المرض فى لبنان يبلغ 3ر5%، مشيرا إلى أن هذه الدراسة تدق ناقوس الخطر وتدعو إلى تحسين الوقاية والتشخيص وأسلوب العلاج وزيادة التوعية بالمرض، حيث أظهرت الدراسة أن أقل من ثلث المرضى تم تشخيصه أو بدأ العلاج اللازم، فى حين أظهرت الدراسة أن معدل تفشى المرض فى السعودية يصل إلى 4ر2% فى السكان من عمر 40 عاما فما فوق.. وتوصلت الدراسة إلى أن 30% من المرضى ليسوا متأكدين من السبب الكامن وراء إصابتهم بالمرض، بينما أنكر 50% معرفتهم بأن التدخين سبب محتمل، وما يبعث على القلق أكثر وأكثر أن 65% من هؤلاء المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض الانسداد الرئوى المزمن ما زالوا يدخنون بصفة منتظمة.

وإلى الآن تظل المعلومات المتوفرة عن تفشى مرض الانسداد الرئوى المزمن فى الشرق الأوسط وأفريقيا محدودة، وأيضا نجد أن حجم العبء المرضى الفعلى فى هذه المنطقة لا يزال محدودا إلى حد بعيد. كما أظهرت الدراسة أن نسبة الحالات التى تخضع للعلاج وفقا للخطوط التوجيهية العلاجية الحالية تقل عن 10%، كما أن العبء الصحى الاقتصادى لمواجهة هذا المرض ضخم بحق، إذ أظهرت الدراسة أن مرض الانسداد الرئوى لمزمن يتسبب فى إجمالى 1000 استشارة طبية، و190 ترددا على استقبال الطوارئ، و175 حالة دخول بالمستشفى كل ساعة فى الـ11 دولة التى أجريت فيها.

ومن المتوقع أن تزداد حالات العجز والوفيات بسبب الانسداد الرئوى المزمن فى الدول النامية خلال العقود القادمة، بسبب تزايد معدلات التدخين الذى يعد أحد أشهر مخاطر الإصابة بالمرض.

يشار إلى أن الانسداد الرئوى المزمن يطلق على عدد من الحالات منها الالتهاب المزمن بالشعب الهوائية وانتفاخ الرئة، وهو يسبب ضيقا فى ممرات الهواء بالرئة مما يزيد صعوبة تحرك الهواء من وإلى الرئة، وعادة ما تبدأ أعراض الانسداد الرئوى المزمن بالكحة التى تصبح تدريجيا مستديمة أكثر وأكثر، ومع الوقت قد يعانى المريض من صعوبة أو ضيق بالتنفس حتى بدون بذل مجهود، كما أن المصابين بهذا المرض عرضة للإصابة بعدوى صدرية أكثر من غيرهم مما قد يجعل الأعراض تتفاقم على المدى القصير.

وتعمل منظمة الصحة العالمية لمكافحة مرض الرئة الانسدادى المزمن ضمن مجمل الأنشطة الرامية إلى توقى الأمراض المزمنة ومكافحتها، والأغراض التى تنشدها المنظمة فى هذا المجال هى إذكاء الوعى بوباء الأمراض المزمنة العالمى، تهيئة بيئات صحية للفئات الفقيرة والمحرومة بوجه خاص، تقليص عوامل الاختطار الشائعة المرتبطة بالأمراض المزمنة، مثل تعاطى التبغ وإتباع نظام غذائى غير صحى والخمول البدنى، تجنب الوفيات المبكرة وما يمكن توقيه من حالات العجز الناجمة عن الأمراض المزمنة الرئيسية.

وقد تم وضع اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ استجابة لاتخاذ وباء التبغ أبعادا عالمية وبغرض حماية مليارات من الناس من الأضرار الناجمة عن التعرض للتبغ.. وتلك الاتفاقية هى أول معاهدة دولية تم التفاوض بشأنها تحت رعاية منظمة الصحة العالمية، علما بأن أكثر من 167 بلدا قد صادقت عليها.

كما تتولى منظمة الصحة العالمية قيادة التحالف العالمى لمكافحة الأمراض التنفسية المزمنة، وهو تحالف تطوعى قائم بين منظمات ومؤسسات ووكالات وطنية ودولية تسعى إلى تحقيق المرمى المشترك المتمثل فى التخفيف من العبء العالمى الناجم عن الأمراض التنفسية المزمنة. ويتطلع هذا التحالف إلى رؤية عالم يتمكن جميع سكانه من التنفس بدون صعوبة، وهو يركز تحديدا على احتياجات البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل والفئات السكانية المستضعفة.



أكثر...