نظرة موضوعية على النهضة العربية

بقلم / سعد السلمان

في خضم هذه الأحداث التي تعصف بالمنطقة وظهور الوعي العربي والذي انبثق جراء أنظمة جائرة وتعسفية كانت وبعضها ما تزال جاثمة على السلطة تعبث وتعيث فسادا وجورا في الشعوب سليبة الإرادة. نلاحظ جانب مهم جدا وهو معطل نوعا ما إلا وهو الجانب العقائدي واقصد به الجانب الإسلامي . فهو لم يكن يوما ما منصفا مع معاناة وتطلع الشعب العربية بل ربما ينظر له من جانب تثبيطي وإحباطي ، إي إن كنت تريد حرية حقيقية فأبتعد عن الجانب الإسلامي والتديني . وهذا بطبيعة الحال ناتج عن أمرين مهمين :

الأول : الجهات الحالية التي تمثل الاسلام . وهذه الجهات التزمت الصمت المطبق وهي ترى أبنائها يظلمون ويضطهدون من الحكام الجائرين وهم لا يحركون السكون كونهم متعلقين بالدنيا الزائلة الزائفة. وهذا اما الجبن والخشية في قلوب الضعاف منهم أو الخيانة المطلقة التي اتت من عمد والتآمر على الاسلام والشعب مع أجندة خارجية . وهذا واضح جدا في القيادات الشيعية خاصة كونها أخذت على عاتقها الجانب الحركي والثوري المستمد من أهل البيت عليهم السلام وخصوصا ثورة السبط الحسين عليه السلام . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شيئين مهمين
1- إن القيادات الكبرى كالمراجع والمجتهدين اخذوا على عاتقهم إسكات الشعوب وإخماد حسهم الانتفاضي وهذا بدورة نتيجة الوصول من بعضهم إلى منصب الاجتهاد والاعلمية بصورة غير صحيحة أي ما معناه (الاغتصاب) وهذا الاغتصاب يؤدي إلى أضرار سلبية جمة كون القائد غير مؤهل للعمل والقيادة الفعلية وان أفعاله كلها اتت من تفكيره الشخصي لا من الاستنباط من التراث الإسلامي الأصيل كون المجتهد عمله الأول والأخير هو الاستنباط . والامام الصادق يقول (ما من امة ولت أمرها إلى غير الأعلم حتى ذهب أمرهم إلى سفال حتى يعودوا إلى ما تركوا) وهذا بديهي جدا .
2- المتنفعون والمتملقون كالخطباء واللأمة. والحاشيات هذه لها الدور الرئيسي في التلاعب في المصير للأمة فمثلا البعض يرى فلان المعتمد أو الوكيل أو الخطيب مثاله الأروع لنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا مرآة للمرجع أو الجهد الدينية العليا التي ينتسب لها وهذا الأخير أيضا تراه متشبث بمنصبه الدوني ولا يريد إن يحرك الناس لقضية ما فما من حركة إلا وستظهر حقيقته وحقيقة مرجعه أو جهته سواء كانت صائبة أو خائبة . لذا تراهم يحولون دون أي نهضة حقيقة للأمة . بل بالعكس يؤدون عملا جوهريا في إمرار مشاريع استكبارية واستعمارية كالانتخابات والدستور والسكوت – كما قلنا – عما يجري في المنطقة .
وهذا الأمر كله لابد إن ينجلي فما حصيلة الأحداث وتراكم الايديولوجبات سيظهر بالتالي الواقع الصحيح وبالتي فأن المجتمع سيصاب بنوبة الصدمة من الإتباع الأعمى العاطفي والعنجهي لهكذا حركات لأنها كما قلنا لم تنصف الأمة يوما ما فربما هناك أشياء غابت عن أذهان الكثيرين فالتبعية والمنسوبية والرشى والأعراق والحقد والضغينة والجهل والنفاق والجبن ... الخ
وطبيعي فالأمة تبحث دائما عن العدالة والاستقلال والعيش بالهناء والرفاهية وسيرون الأخطاء الجسيمة التي صدرت من هذه الجهة لأن الإمام علي عليه السلام يقول (ما من احد اخفى امرئ فسيظهره الله اما فلتة من فلتلت لسانه أو في أفعاله )

الثاني : اللاوعي والجهل المطبق من الأمة بابتعادها عن جوهر الدين وتمسكهم بالقشور منه فالدين الإسلامي إنما جاء وقد حرر الشعوب من الاستكبار والظلم والحيف فهو دين الحريات وهو دين السماحة وهو الدين الأصيل الذي يريد لكل فرد إن يهنئ بالدنيا هذه كونه إنسانا أفضل ما خلق الله تعالى فلا ريب ا ن يأتي بأطروحة ونظرية تامة وكاملة وشاملة تكفل للجميع حقوقهم بغض النظر للأعتقاد . أيضا هناك ملازمة لهذا الأمر وهي الأخلاق والصفات العربية المعروفة والمبادئ فالكثير قد تركها ولبس لباس الدخلاء الذين يريدون النيل منهم والكيد لهم لكنهم فضلوا إن يخنعوا ويخضعوا فبدلا من الانقياد إلى الضمير الحي فأماتوه بكل وقاحة وراحوا يقلدون الغرب ويعتبرنهم ملاكا أو خلق مثالي يتوقون إلى إن يصبحوا مثلهم . لذا فالوعي العربي قد غاب في كثير من الأمور وبغياب الوعي فقدت الإرادة والعزيمة.
ولكن الآن وخاصة في عام 2011 بدأت حركات التغيير تنمو في الأذهان وهذا بطبيعة الحال ملازم للوعي النوعي لكل بلد والوعي الكلي الوطن العربي لتحرره من التكبر والديكتاتورية المقيتة وأيضا التخلي وترك المزيفين من المتدينين والليراليبن كونهم اثبتوا فعلا إنهم فاشلون لأنهم تخلوا عن إرادة الأمة في حال نهضتها وثورتها بوجه الطواغيت وتجردوا منهم من ذي قبل وتركوهم يعيشون الذل والهوان وهم منعمون بالأموال من الحقوق الشرعية والواجهة من إتباعهم المطايا والبهائم .

إذن إنا أقولها إن أرادت الشعوب العربية والإسلامية إن تتحرر من الطواغيت والمستكبرين فعليهم إن يتجردوا من الكذابين والمزيفين والمنافقين من الواجهات الإسلامية والقيادات الفاشلة وعليهم إن يبحثوا عن الحقيقة الصحيحة التي تضمن لهم التخلص من كل قوى الطغيان والاستبداد وهذا كلها مرهون بالتخلي عن العاطفة والعصبية والعمى في إتباع المشهور والشائع من الفاشلين .